لماذا يبقى الدولار الأمريكي الخيار الأمثل لربطه بالريال العماني؟
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
تستند هيمنة الدولار الأمريكي على سلة عملات الاحتياطي لدى البنوك المركزية حتى الوقت الحالي، إلى عوامل عديدة أهمها حجم الاقتصاد الأمريكي، والتطور الكبير للأسواق المالية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكون الدولار الأمريكي هو العملة الأكثر قابلية للتحويل، وارتباط أسعار صرف عدد كبير من العملات الأخرى بالدولار الأمريكي، واستمرار النفوذ السياسي والتفوق العسكري الكبيرين للولايات المتحدة، واستمرار تسعير النفط والغاز والذهب بالدولار الأمريكي، وتوجه أغلب الدول النامية والصاعدة إلى الاقتراض الخارجي بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى أن ما يقارب 64% من حجم أدوات الدين الدولية القائمة بنهاية سبتمبر 2023 مقومة بالدولار الأمريكي.
وأشارت «ورقة سياسات الاقتصادية» الصادرة عن البنك المركزي العماني أن نظام سعر الصرف الثابت القائم على ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي هو النظام الأنسب لسلطنة عمان، وأن الجانب الأكبر من الأصول الأجنبية التي يحوزها البنك المركزي العماني ينبغي أن تظل مقومة بالدولار الأمريكي؛ لتدعيم استقرار سعر الصرف والاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد وهو ما أكدت عليه جميع التقارير والتقييمات الخاصة بسلطنة عمان الصادرة في السنوات الأخيرة من صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الائتماني الرئيسة على صحة التوجه وعلى ضرورة استمراره.
5 أسس محورية
وكشفت ورقة سياسات اقتصادية صادرة من موقع البنك المركزي العماني عن أن هذه القناعة تستند إلى 5 أسس محورية: هي هيمنـة قطـاع الهيدروكربونـات فـي الناتـج المحلـي الإجمالي والإيرادات الحكومية والاعتماد الكبير للاقتصاد العماني على صادرات النفــط والغــاز اللذين يتم تسعيرهما بالدولار الأمريكي في الأسواق العالمية، وهيمنة الدولار الأمريكي باعتبارها العملة الأكثر استخدامًا في احتياطات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية، وتسوية معاملات التجارة الدولية، والاستثمارات العابرة للحدود، وإصدار أدوات الدين الدولية، وعمليات أسواق الصرف الأجنبي، والاستقرار الكبير لسعر الصرف الثابت للريال العماني أمام الدولار الأمريكي منذ عام 1986، ما أدى إلى تدني مخاطر سعر الصرف في حدود مقبولة في أوقات الأزمات الحادة، وكفــاءة نظام سعر الصرف الثابت للريال العماني أمام الدولار الأمريكي في أداء دوره كركيزة اسمية موثوقة؛ للحفاظ على استقرار الأسعار والاستقرار المالي بسلطنة عمان على مدار العقود الماضية. وتركز معظم التجارة السلعية لسلطنة عمان مع شركاء تجاريين ترتبط عملاتهم بالدولار الأمريكي أو تستخدم بنوكهم المركزية الدولار الأمريكي باعتبارها عملة ارتكاز، فعلى أقل تقدير ما يزيد عن 60% من واردات سلطنة عمان تأتي من دول ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي كعملة ربط أو عملة ارتكاز.
وأشارت إلى أنه رغم الهيمنة الكبـرى لهيمنـة الـدولار الأمريكـي فـي النظـام الاقتصـادي العالمـي كأسـاس لربـط الريـال العماني بـه، إلا أنهـا ليسـت هـي الاعتبار الوحيـد الذي يســتند إليه هذا القرار الإستراتيجي. فحتى في حالة تراجع هذه الهيمنة وفقا لأحد أو بعض المعايير المسـتخدمة لقياسـها، فـإن اسـتمرار تسـعير النفـط والغـاز، سـواء فـي السـوق الآنية أو فـي عقـود المسـتقبليات بالدولار الأمريكي، تزامنا مـع اسـتمرار الاعتماد الكبيـر للاقتصاد العماني علـى الصـادرات النفطية، يظـل هو العنصر الحاكم. إضافة لذلـك، فــإن الأسس الثلاثة الأخرى التي تعبر عن عوامل راسخة على مدار عقود ولا يتوقع لها أن تتغيـر على الأقل في المدى المتوسـط.
نظام سعر الصرف
ولفتت ورقة سياسات اقتصادية إلى أن البنك المركزي العماني يرى أن تبني ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي كنظام سعر الصرف يظل هو الخيار الأمثل لسلطنة عمان، كما أكدت كافة التقارير الدولية في تقييمها لأداء الاقتصاد العماني في السنوات الأخيرة. حتى في ظل التطـورات الجيواقتصادية والجيوسياســية والتقنيــة الأخيرة، وهــو الأمر المتوقـع أن يسـتمر فـي المسـتقبل المنظـور.
وبنـاء علـى ذلـك، فـإن هيـكل العـملات الحالـي بمحفظـة الأصول الأجنبيـة لدى البنـك المركزي العماني والـذي يسـيطر عليـه الدولار الأمريكي مـع تمثيـل ملائم للعـملات الرئيسـة الأخرى يوفر قدرا كافيا مـن التنويـع، ويعـد مناسـبا فـي الوقـت الحالـي. كمـا أن القواعـد الحاكمـة للاستثمار بالبنـك المركزي العماني تتيح قدرا وافيا مـن المرونـة فـي هيـكل العـملات بمحفظـة الأصـول الأجنبيـة بمـا لا يتعـارض مـع متطلبات نظـام سـعر الصـرف الثابـت، وهـو مـا يمكّن البنـك المركـزي مـن التوجـه نحـو قـدر أكبـر مـن تنويـع العـملات بمحفظـة أصولـه الأجنبيـة إذا مـا اقتضـت الظـروف المتغيـرة ذلـك، مـع الحفـاظ علـى اسـتحواذ الدولار الأمريكي على الحصة الغالبة في هذه المحفظة.
وأكدت ورقة سياسات اقتصادية أنه بالرغم من التحديـات الجيوسياســية الماثلــة، وصعــود مجموعــة البريكــس وتوســعاتها الأخيــرة وتأثيراتهــا علــى الاتفاقيات التجاريـة الثنائيـة، والرغبـة فـي الانتقـال مـن القطـب الواحـد إلـى عالـم متعـدد الأقطـاب، وتزايـد التشـتت الجغرافي الاقتصادي فـإن هيمنـة الـدولار الأمريكي علـى سـلة عـملات الاحتياطي للبنـوك المركزيـة حـول العالـم، واحتفاظــه بمركــزه باعتباره العملــة الأكثر استخداما فــي النظــام المالــي العالمــي والتجــارة والاستثمار الدولييــن لعقــود طويلـة، تسـتند إلـى أسـس صلبـة لا يتوقـع أن تتغيـر بشـكل ملمـوس فـي المـدى المتوسـط.
وأوصت ورقة سياسات اقتصادية أنها لا تتوقع في الوقت الحالــي أو فــي الأجل المتوســط حــدوث تغييــرات جوهريــة فــي تكويــن عملات الاحتياطي لــدى البنــوك المركزيــة أو تراجـع ملمـوس فـي هيمنة الدولار في الاقتصاد العالمي وهو الرأي الذي اتفقت عليه أغلب الدراسات والتحليلات الصادرة حديثا التي تناولت الموضوع على الأقل حتى عام 2040.
اسـتدامة الاستقرار النقـدي والمالـي
كما رأت ورقة سياسات اقتصادية أنه فــي ظــل الهيــكل الحالــي للاقتصاد العماني واعتمــاده الكبيــر علــى صــادرات النفــط والغــاز(اللذيـن يتـم تسـعيرهما بالـدولار الأمريكي فـي الأسواق العالمية) في الوقـت الراهـن، والمتوقـع أن يسـتمر فـي المـدى المتوسـط، يؤكـد البنـك المركـزي العمانـي أن سـلطنة عمان مسـتمرة فـي المسـتقبل المنظـور فـي تبنـي نظـام سـعر الصـرف الثابـت مـن خلال ربـط الريـال العماني بالـدولار الأمريكي. وطالمـا ظـل الريـال العمانـي مرتبطـا بالـدولار الأمريكي، يتطلـب الحفـاظ علـى نجـاح هـذا الربـط والثقـة الدوليـة فيـه واسـتدامة الاستقرار النقـدي والمالـي أن يظــل الجانــب الأكبــر مــن محفظــة الأصــول الأجنبيــة لــدى البنــك المركــزي العماني مقوما بالــدولار الأمريكــي، مع قدر كاف لتنويـع العـملات تحكمـه اعتبـارات إدارة المخاطـر وتعظيـم العوائـد علـى الاستثمارات في هذه المحفظة.
وخلصت ورقة سياسات اقتصادية إلى أن البنـك المركـزي العمانـي مسـتمر فـي المراقبـة بشـكل حصيـف، وبمنهـج اسـتباقي للغيـوم التــي تلــوح فــي الأفــق وســط أجــواء كثيفــة مــن عــدم اليقيــن تكتنــف الاتجاهات العامــة الاقتصاديــة والماليــة حــول العالـم، إلـى جانـب التطـورات الجغرافية السياسـية والتقنيـة. فهنـاك مجـال واسـع لحـدوث مزيـد مـن التحولات في المسـتقبل لا تـزال إرهاصاتهـا فـي طـور التكون، ومـن ثـم فـإن البنـك المركـزي حريـص علـى أن يكـون دائما مسـتعدًا لاتخاذ مـا يلـزم مـن إجـراءات وسياسـات احترازيـة للوقايـة مـن التبعـات الناجمـة عـن ديناميـات الجغرافيـا السياسـية والاقتصادية العالمية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: البنک المرکزی العمانی بالدولار الأمریکی الدولار الأمریکی البنـک المرکـزی سعر الصرف إلى أن
إقرأ أيضاً:
طهران ترسل عبر بغداد رسالة إيجابية الى واشنطن: الخيار العسكري مؤجل حاليا
بغداد اليوم- بغداد
كشف مصدر مطلع، اليوم الخميس (21 تشرين الثاني 2024)، عن رسالة إيرانية ذات مضامين إيجابية الى واشنطن عبر الوسطاء العراقيين.
وقال المصدر في حديث لـ "بغداد اليوم"، إن "طهران ارسلت يوم امس عبر وسطاء عراقيين رسالة غير مباشرة الى امريكا حول رؤيتها الى حل الازمة والتصعيد الخطير في الشرق الأوسط، ابتداء من انهاء حرب الإبادة في غزة وجنوب لبنان، وايقاف القصف في بيروت والسعي الى خارطة طريق برؤية دولية".
وأضاف أن "الرسالة الايرانية حملت اشارات دبلوماسية في اغلب سطورها، ما يعني انها تريد الوصول الى حل ينهي الصراع القائم وفق رؤية محددة الابعاد مع الاشارة الى انها لا تريد الحرب الشاملة ولكنها ستنخرط بها اذا ما فرضت عليها بشكل مباشر".
وأشار الى أنه "يمكن الاستشعار بان الخيار العسكري الايراني على تل ابيب بالوقت الحالي بات مؤجلا في ظل مساعي دولية غير معلنة لمنع انفجار الشرق الاوسط، بالاضافة الى انتظار رؤية الرئيس امريكي الجديد وكيفية تعامله مع ملفات الشرق ووعوده بانهاء الحرب".
وبين المصدر أن "ايران بدأت تخفف من حدة خطابها نحو الدبلوماسية التي من خلالها يمكن الوصول الى حلول تسهم في إيقاف نزيف الدماء مع بيان موقف ثابت بانها لن تتخلى عن محور المقاومة".
ولعب العراق دور الوسيط في الحوار غير المباشر بين واشنطن وطهران، وساهم في منع تطور الأحداث إلى حرب شاملة كبرى إقليمية.
وفي شأن متصل، كشف مصدر مطلع، السبت (19 تشرين الأول 2024)، عن وصول رسالة أمريكية مقتضبة إلى طهران عبر وسطاء عراقيين تركز على ثلاث نقاط.
وقال المصدر في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن" رسالة أمريكية مقتضبة وصلت صباح اليوم الى وسطاء عراقيين في بغداد لنقلها الى ايران ركزت على ثلاث نقاط ابرزها انها تريد التهدئة وعدم تأزيم الموقف في الشرق الأوسط وان أي اعتداء يطال مصالحها سترد وانها لا تريد حربًا مباشرة مع طهران، وان تكف عن دعم حالة التوتر في لبنان وغيره".
وأضاف، ان" الرسالة لا جديد فيها وهي تكرار لرسائل أخرى مشابهة، لافتا الى ان" ايران ردت قبل أيام على رسالة أمريكية كانت مشابهة الى حد كبير باختصار وهي انها لن تتردد في الدفاع عن نفسها اذا ما تعرضت الى هجوم من قبل الكيان وانها ستعتبر من يوفر له الدعم والاسناد للكيان بانه مشارك بالاعتداء".
وأشار المصدر الى، ان" اغتيال السنوار غيّر من قواعد اللعبة في المنطقة ويبدو ان واشنطن قررت التأني في أي مباحثات غير مباشرة مع طهران بانتظار رد الكيان المحتل الذي يتوقع بانه لن يطول لكنها قلقة من انه قد يتجاوز خطوطًا حمراء تدفع الى المزيد من التوتر في منطقة باتت في وضع لا تحسد عليه".
وفي السياق ذاته، كشف مصدر مطلع، يوم الخميس (3 تشرين الأول 2024)، عن محتوى ثلاث رسائل أمريكية عاجلة عبر العراق الى ايران خلال اقل من نصف ساعة.
وقال المصدر في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن" واشنطن تراقب عن كثب قدرات إيران الصاروخية من خلال وسائل مختلفة وهي تبدي قلقًا من تنامي ملف تطويرها وصولا الى مرحلة فرط صوتية التي تشكل هاجس قلق بالنسبة لها لان قدرات الباتريوت وغيرها من منظومات الدفاع الجوي المتوفرة تكون اقل في اعتراضها".
وأضاف، ان"امريكا وجهت ثلاث رسائل عاجلة الى طهران عبر العراق خلال نصف ساعة، في مرحلة الاعداد للهجوم الصاروخي اول امس والذي تم تنفيذه من 5-6 قواعد إيرانية صوب اهداف في العمق الإسرائيلي وتضمنت الرسائل نقاطًا عدة تتمحور كلها في عبارة "لا تهاجموا قواعدنا العسكرية".
وأشار المصدر الى، إن" واشنطن كانت قلقة من ان تُهاجم قواعدها سواء من قبل ايران او الفصائل المقربة، مؤكدا بانها رغم ذلك استنفرت واتخذت كل الإجراءات الاحترازية تحسبا من أي تطورات متسارعة".