تستند هيمنة الدولار الأمريكي على سلة عملات الاحتياطي لدى البنوك المركزية حتى الوقت الحالي، إلى عوامل عديدة أهمها حجم الاقتصاد الأمريكي، والتطور الكبير للأسواق المالية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكون الدولار الأمريكي هو العملة الأكثر قابلية للتحويل، وارتباط أسعار صرف عدد كبير من العملات الأخرى بالدولار الأمريكي، واستمرار النفوذ السياسي والتفوق العسكري الكبيرين للولايات المتحدة، واستمرار تسعير النفط والغاز والذهب بالدولار الأمريكي، وتوجه أغلب الدول النامية والصاعدة إلى الاقتراض الخارجي بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى أن ما يقارب 64% من حجم أدوات الدين الدولية القائمة بنهاية سبتمبر 2023 مقومة بالدولار الأمريكي.

وأشارت «ورقة سياسات الاقتصادية» الصادرة عن البنك المركزي العماني أن نظام سعر الصرف الثابت القائم على ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي هو النظام الأنسب لسلطنة عمان، وأن الجانب الأكبر من الأصول الأجنبية التي يحوزها البنك المركزي العماني ينبغي أن تظل مقومة بالدولار الأمريكي؛ لتدعيم استقرار سعر الصرف والاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد وهو ما أكدت عليه جميع التقارير والتقييمات الخاصة بسلطنة عمان الصادرة في السنوات الأخيرة من صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الائتماني الرئيسة على صحة التوجه وعلى ضرورة استمراره.

5 أسس محورية

وكشفت ورقة سياسات اقتصادية صادرة من موقع البنك المركزي العماني عن أن هذه القناعة تستند إلى 5 أسس محورية: هي هيمنـة قطـاع الهيدروكربونـات فـي الناتـج المحلـي الإجمالي والإيرادات الحكومية والاعتماد الكبير للاقتصاد العماني على صادرات النفــط والغــاز اللذين يتم تسعيرهما بالدولار الأمريكي في الأسواق العالمية، وهيمنة الدولار الأمريكي باعتبارها العملة الأكثر استخدامًا في احتياطات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية، وتسوية معاملات التجارة الدولية، والاستثمارات العابرة للحدود، وإصدار أدوات الدين الدولية، وعمليات أسواق الصرف الأجنبي، والاستقرار الكبير لسعر الصرف الثابت للريال العماني أمام الدولار الأمريكي منذ عام 1986، ما أدى إلى تدني مخاطر سعر الصرف في حدود مقبولة في أوقات الأزمات الحادة، وكفــاءة نظام سعر الصرف الثابت للريال العماني أمام الدولار الأمريكي في أداء دوره كركيزة اسمية موثوقة؛ للحفاظ على استقرار الأسعار والاستقرار المالي بسلطنة عمان على مدار العقود الماضية. وتركز معظم التجارة السلعية لسلطنة عمان مع شركاء تجاريين ترتبط عملاتهم بالدولار الأمريكي أو تستخدم بنوكهم المركزية الدولار الأمريكي باعتبارها عملة ارتكاز، فعلى أقل تقدير ما يزيد عن 60% من واردات سلطنة عمان تأتي من دول ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي كعملة ربط أو عملة ارتكاز.

وأشارت إلى أنه رغم الهيمنة الكبـرى لهيمنـة الـدولار الأمريكـي فـي النظـام الاقتصـادي العالمـي كأسـاس لربـط الريـال العماني بـه، إلا أنهـا ليسـت هـي الاعتبار الوحيـد الذي يســتند إليه هذا القرار الإستراتيجي. فحتى في حالة تراجع هذه الهيمنة وفقا لأحد أو بعض المعايير المسـتخدمة لقياسـها، فـإن اسـتمرار تسـعير النفـط والغـاز، سـواء فـي السـوق الآنية أو فـي عقـود المسـتقبليات بالدولار الأمريكي، تزامنا مـع اسـتمرار الاعتماد الكبيـر للاقتصاد العماني علـى الصـادرات النفطية، يظـل هو العنصر الحاكم. إضافة لذلـك، فــإن الأسس الثلاثة الأخرى التي تعبر عن عوامل راسخة على مدار عقود ولا يتوقع لها أن تتغيـر على الأقل في المدى المتوسـط.

نظام سعر الصرف

ولفتت ورقة سياسات اقتصادية إلى أن البنك المركزي العماني يرى أن تبني ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي كنظام سعر الصرف يظل هو الخيار الأمثل لسلطنة عمان، كما أكدت كافة التقارير الدولية في تقييمها لأداء الاقتصاد العماني في السنوات الأخيرة. حتى في ظل التطـورات الجيواقتصادية والجيوسياســية والتقنيــة الأخيرة، وهــو الأمر المتوقـع أن يسـتمر فـي المسـتقبل المنظـور.

وبنـاء علـى ذلـك، فـإن هيـكل العـملات الحالـي بمحفظـة الأصول الأجنبيـة لدى البنـك المركزي العماني والـذي يسـيطر عليـه الدولار الأمريكي مـع تمثيـل ملائم للعـملات الرئيسـة الأخرى يوفر قدرا كافيا مـن التنويـع، ويعـد مناسـبا فـي الوقـت الحالـي. كمـا أن القواعـد الحاكمـة للاستثمار بالبنـك المركزي العماني تتيح قدرا وافيا مـن المرونـة فـي هيـكل العـملات بمحفظـة الأصـول الأجنبيـة بمـا لا يتعـارض مـع متطلبات نظـام سـعر الصـرف الثابـت، وهـو مـا يمكّن البنـك المركـزي مـن التوجـه نحـو قـدر أكبـر مـن تنويـع العـملات بمحفظـة أصولـه الأجنبيـة إذا مـا اقتضـت الظـروف المتغيـرة ذلـك، مـع الحفـاظ علـى اسـتحواذ الدولار الأمريكي على الحصة الغالبة في هذه المحفظة.

وأكدت ورقة سياسات اقتصادية أنه بالرغم من التحديـات الجيوسياســية الماثلــة، وصعــود مجموعــة البريكــس وتوســعاتها الأخيــرة وتأثيراتهــا علــى الاتفاقيات التجاريـة الثنائيـة، والرغبـة فـي الانتقـال مـن القطـب الواحـد إلـى عالـم متعـدد الأقطـاب، وتزايـد التشـتت الجغرافي الاقتصادي فـإن هيمنـة الـدولار الأمريكي علـى سـلة عـملات الاحتياطي للبنـوك المركزيـة حـول العالـم، واحتفاظــه بمركــزه باعتباره العملــة الأكثر استخداما فــي النظــام المالــي العالمــي والتجــارة والاستثمار الدولييــن لعقــود طويلـة، تسـتند إلـى أسـس صلبـة لا يتوقـع أن تتغيـر بشـكل ملمـوس فـي المـدى المتوسـط.

وأوصت ورقة سياسات اقتصادية أنها لا تتوقع في الوقت الحالــي أو فــي الأجل المتوســط حــدوث تغييــرات جوهريــة فــي تكويــن عملات الاحتياطي لــدى البنــوك المركزيــة أو تراجـع ملمـوس فـي هيمنة الدولار في الاقتصاد العالمي وهو الرأي الذي اتفقت عليه أغلب الدراسات والتحليلات الصادرة حديثا التي تناولت الموضوع على الأقل حتى عام 2040.

اسـتدامة الاستقرار النقـدي والمالـي

كما رأت ورقة سياسات اقتصادية أنه فــي ظــل الهيــكل الحالــي للاقتصاد العماني واعتمــاده الكبيــر علــى صــادرات النفــط والغــاز(اللذيـن يتـم تسـعيرهما بالـدولار الأمريكي فـي الأسواق العالمية) في الوقـت الراهـن، والمتوقـع أن يسـتمر فـي المـدى المتوسـط، يؤكـد البنـك المركـزي العمانـي أن سـلطنة عمان مسـتمرة فـي المسـتقبل المنظـور فـي تبنـي نظـام سـعر الصـرف الثابـت مـن خلال ربـط الريـال العماني بالـدولار الأمريكي. وطالمـا ظـل الريـال العمانـي مرتبطـا بالـدولار الأمريكي، يتطلـب الحفـاظ علـى نجـاح هـذا الربـط والثقـة الدوليـة فيـه واسـتدامة الاستقرار النقـدي والمالـي أن يظــل الجانــب الأكبــر مــن محفظــة الأصــول الأجنبيــة لــدى البنــك المركــزي العماني مقوما بالــدولار الأمريكــي، مع قدر كاف لتنويـع العـملات تحكمـه اعتبـارات إدارة المخاطـر وتعظيـم العوائـد علـى الاستثمارات في هذه المحفظة.

وخلصت ورقة سياسات اقتصادية إلى أن البنـك المركـزي العمانـي مسـتمر فـي المراقبـة بشـكل حصيـف، وبمنهـج اسـتباقي للغيـوم التــي تلــوح فــي الأفــق وســط أجــواء كثيفــة مــن عــدم اليقيــن تكتنــف الاتجاهات العامــة الاقتصاديــة والماليــة حــول العالـم، إلـى جانـب التطـورات الجغرافية السياسـية والتقنيـة. فهنـاك مجـال واسـع لحـدوث مزيـد مـن التحولات في المسـتقبل لا تـزال إرهاصاتهـا فـي طـور التكون، ومـن ثـم فـإن البنـك المركـزي حريـص علـى أن يكـون دائما مسـتعدًا لاتخاذ مـا يلـزم مـن إجـراءات وسياسـات احترازيـة للوقايـة مـن التبعـات الناجمـة عـن ديناميـات الجغرافيـا السياسـية والاقتصادية العالمية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البنک المرکزی العمانی بالدولار الأمریکی الدولار الأمریکی البنـک المرکـزی سعر الصرف إلى أن

إقرأ أيضاً:

“الاختيار الأمثل” من هيونداي.. خطوة على الطريق لتعزيز القيمة والتميز في ملكية السيارات

 

أعلنت شركة هيونداي موتور الشرق الأوسط وأفريقيا عن إطلاق حملتها الجديدة “الاختيار الأمثل”، التي تحتفل بروح التقدم والابتكار في عالم ملكية السيارات. تمثل هذه الحملة الطموحة، التي تشمل دول مجلس التعاون الخليجي، خطوة إستراتيجية تعزز مكانة هيونداي كشريك مثالي للمتعاملين، مما يربط تجربتهم على الطريق بالقيم التي يتحلى بها البطل، وهي العزيمة، والمرونة، والسعي المستمر نحو التميز.

تتمحور الحملة حول التزام هيونداي بتزويد المتعاملين بفهم شامل لإجمالي تكلفة الملكية، حيث تدرك العلامة التجارية أن امتلاك السيارة لا يقتصر على الشراء الأولي فحسب، بل يشمل التأكيد على الجودة، الموثوقية، والتحمل، ما يضمن تقديم قيمة استثنائية على المدى الطويل.

وفي تعليقه على إطلاق الحملة، قال السيد بريان بارك، رئيس هيونداي الشرق الأوسط وأفريقيا: “تم تصميم سيارات هيونداي لتواكب تحديات الطرق في دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها، من خلال توفير جودة وأداء لا مثيل لهما. في هيونداي، التميز والابتكار ليس مجرد شعار، بل هما المحرك الأساسي لنا. من خلال حملة (الاختيار الأمثل)، نؤكد التزامنا بتجاوز حدود الإبداع، ووضع معايير جديدة، وتمكين عملائنا من التقدم بثقة على الطريق وفي حياتهم اليومية. الحملة تعكس إيماننا الراسخ بأن الجودة، والمتانة، والقيمة هي الركائز الأساسية لتجربة ملكية استثنائية.”

تسعى حملة “الاختيار الأمثل” لوضع ملكية سيارات هيونداي في سياق رحلة مستمرة نحو التميز، مشابهة للطريق الذي يسلكه الرياضي البطل في سعيه لتحقيق أعلى مستويات الأداء. من اختيار المعدات عالية الجودة إلى الحفاظ على أفضل مستويات التحمل، تعكس كل خطوة التزام هيونداي بتقديم قيمة استثنائية لعملائها. من خلال دمج أحدث التقنيات، والصيانة المتخصصة، وقيمة إعادة البيع القوية، تقدم هيونداي تجربة ملكية شاملة تدفع التقدم وتحدد معايير جديدة للنجاح.

أكثر من مجرد حملة تسويقية، تعكس “الاختيار الأمثل” التزام هيونداي بتوفير حلول ذكية لعملائها فيما يتعلق باستثماراتهم في السيارات. من خلال التركيز على إجمالي تكلفة الملكية، تضمن هيونداي قيمة طويلة الأمد مدعومة بشبكة خدمة ما بعد البيع المتكاملة. ومع شبكة واسعة من الوكلاء ومراكز الخدمة، تواصل هيونداي الابتكار وتبني إرثاً من الثقة والجودة والتميز الذي يرافق عملاءها في كل رحلة.


مقالات مشابهة

  • لماذا ارتفع سعر الذهب اليوم الخميس 30 يناير 2025 رغم قرارالفيدرالي الأمريكي بتثبيت الفائدة؟
  • الرئيس العليمي يتحدث عن الخيار الأكثر ضمانًا لتحقيق السلام في اليمن وأهمية القرار الأمريكي الأخير ضد الحوثيين
  • سعر الذهب بالدولار اليوم الخميس 30 يناير 2025
  • “الاختيار الأمثل” من هيونداي.. خطوة على الطريق لتعزيز القيمة والتميز في ملكية السيارات
  • سعر الدولار الأمريكي اليوم الخميس 30 يناير
  • الدولار يستقر قبيل قرار المركزي الأمريكي
  • المفتي: التعاون بين المؤسسات الدينية والإعلامية السبيل الأمثل لتحقيق وعي متزن
  • سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه بالبنوك اليوم الثلاثاء 28 يناير 2025
  • سعر الدولار الأمريكي بالبنوك اليوم الثلاثاء 28-1-2025
  • الذهب يستقر وسط انتعاش الدولار قبيل اجتماع الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة