حريق كنيسة القيامة عام 1808 وعصيان الانكشارية
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
عام 1808م نشب حريق في كنيسة القيامة في القدس على إثره اندلعت خلافات بين الطوائف المسيحية من جهة، مردها صراع على النفوذ داخل الكنيسة، وبين المسلمين والمسيحيين من جهة أخرى، لكن سرعان ما عاد جو التسامح السائد في المدينة، والذي كان جزءا من السياسة العثمانية العامة. وأعيد بناء الكنيسة وانتهت أعمال الترميم عام 1810م.
في 30 سبتمبر/أيلول 1808م شب حريق في كنيسة القيامة أكل قبة الضريح المقدس "الروتوندا" وهي القبة الرئيسية للكنيسة، وقبة وسقف الكاثوليك، أما أشد الأضرار فوقعت في القسم الغربي من الكنيسة.
وبدأ الحريق في المنطقة المخصصة لطائفة الأرمن فاتُّهموا بالمسؤولية عن اشتعاله. ونصب رؤساء الطوائف المسيحية الخيام في ساحة الكنيسة لحراستها من النهب والاعتداءات. وتذكر بعض المصادر أن كبار علماء القدس المسلمين وأعيانها شاركوا في الحراسة، وكان بين هؤلاء مفتي الحنفية حسن أفندي الحسيني ونقيب الأشراف عمر أفندي الحسيني وغيرهما.
مشهد من داخل كنيسة القيامة في القدس (الجزيرة)طلب رؤساء الطائفة الأرثدوكسية من السلطان العثماني محمود الثاني أن يسمح لهم بترميم الكنيسة وإعادة بنائها، فحصلوا على فرمان يأذن لهم بذلك في أوائل سنة 1809م. ولما باشروا العمل في مايو/أيار من السنة نفسها عارضهم رؤساء طائفتي الأرمن والكاثوليك.
كما أنهم حرضوا بعض المسلمين على منع بناء الكنيسة، فتوقفت أعمال الترميم وسادت القدس أجواء مشحونة بالتوتر الطائفي وانفلات زمام الأمور من أيدي الحكام. وبعد مدة وجيزة، تغلب الأرثوذكس على المعارضة المحلية وحاولوا متابعة العمل في الكنيسة، لكن رجال الانكشارية (قوات مشاة وفرسان من النخبة في الجيش العثماني) اعترضوا العمال بسلاحهم ومنعوا استمرار العمل في الكنيسة على الرغم من فرمان السلطان وأوامره.
ولما حاولت الدولة التدخل ثانية وفرض استمرار أعمال الترميم أعلن جنود الانكشارية الثورة على المتسلم وطردوه من المدينة وسيطروا عليها وعلى قلعتها. وبعد أن أوقفوا أعمال الترميم بقوة السلاح، توجهوا إلى رؤساء الطائفة الأرثوذكسية ليتوسطوا لهم لدى والي الشام من أجل قبول مطالبهم المتمثلة في نقل الحامية العسكرية الموجودة في القلعة إلى خارج المدينة، وعزل متسلم اللواء مصطفى آغا، وتعيين آخر مكانه.
لم تستقطب حركة العصيان التي قادها الانكشارية تأييد الأغلبية، فأرسل والي الشام وطرابلس يوسف كنج باشا فرقة عسكرية بقيادة ضابط مغربي لإخماد العصيان.
الإصلاحات والتجديداتتجددت أعمال ترميم الكنيسة وإعادة بنائها في بداية عام 1810م، وانتهت في سبتمبر/أيلول من السنة نفسها.
وبعد يومين من فحص الكنيسة أعيد افتتاحها وعادت إلى طبيعتها ومهمتها بعد توقفها عامين منذ اندلاع الحريق فيها. وعاد جو التسامح الذي كان سائدا بين المسلمين والمسيحيين في المدينة، إذ لم ينجح الانكشارية في كسب تأييد العلماء والأعيان في عصيانهم.
وشارك المسلمون في إعادة افتتاح الكنيسة، كما شاركوا سابقا في حراستها بعد الحريق، واستفاد عدد من العائلات المقدسية ماديا من حماية أبنائها للمؤسسات المسيحية، ومن زيارة الحجاج للأماكن المقدسة وعلى رأسها كنيسة القيامة.
ومن بين الإصلاحات التي جرت على الكنيسة إقامة جدران على جانبي صحن الكنيسة الصليبي أو "الجوقة" لدعم الأقواس التالفة والقبة الجديدة أعلاه. وقد حولت هذه الجدران الصحن فعليا إلى كنيسة منفصلة داخل الكنيسة الأكبر.
وتحت القبة الجديدة "الروتوندا" بني الضريح ليحل محل القبة التالفة بسبب الحريق، والتي يرجع تاريخها إلى عام 1555م.
وأخيرا أقام الأرثوذوكس الدرج المؤدي إلى مصلى الجلجثة في الطابق العلوي، خلف البوابة الشرقية للكنيسة التي كانت مغلقة لفترة طويلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات کنیسة القیامة أعمال الترمیم
إقرأ أيضاً:
الكنيسة القبطية تحتفل بتذكار حبل القديسة حنة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الأحد، بتذكار حبل القديسة حنة، والدة القديسة مريم العذراء، القديسة حنة وزوجها القديس يواقيم هما من نسل داود، واشتهرا بتقواهما وإيمانهما العميق رغم سنوات طويلة من عدم الإنجاب.
بحسب التقليد الكنسي، كانت القديسة حنة تصلي بحرارة وتطلب من الله أن يرزقها طفلًا، ووعدت أن تقدم هذا الطفل لخدمته، استجاب الله لصلواتها ورزقت بطفلة وهي القديسة مريم.
تقول الروايات: إن القديسة حنة عندما وضعت ابنتها، أوفت بنذرها وكرستها لخدمة الهيكل وهي في الثالثة من عمرها، حيث تربت القديسة مريم في جو من الطهارة والنقاء.
القديسة حنة تعتبر نموذجًا للإيمان والصبر والثقة في وعود الله و حياتها تحمل معاني كثيرة من الإصرار على الصلاة والتسليم الكامل لإرادة الله، مما يجعلها مثالًا ملهمًا لجميع الأجيال.