منصور خالد: أهدى طُرق الرجل في البحث هي التي يتَجنّبُ 3-3
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
قبل أن تقع هذه الحرب استدعتها أقلام مثل منصور خالد بثقافة لم تتمثل لقواعد البحث في شعواء المعارضة أو تزكية النفس.
رأينا كيف قصر منصور قصر عمل الألته على أبناء جبال النوبة كجماعة مستحقَرة لأنها كانت نهباً قديماً للنِّخاسة. ولم يثبت هذا بالبحث. فجاءت الدراسات المستجَدَّة بما وسّع نطاق من خدموا الألته فوضح شمولها غير النوبة.
ويغري ما جاء عند سكنجا بدراسة الألته كي نبلغ تاريخاً اجتماعياً كاشفاً نافعاً يتجاوز منصور الذي كم ضَيَّق واسعاً! فواضح من مكاتبات الإداريين الإنجليز حول هذه المهنة العصيبة أنها ممّا تحكَمت فيه سياسات استعمارية للعمل والأجر والثقافة والإدارة. فـــالألته عملٌ مأجور لم يسبق في البلاد. فلم يفرضه الإنجليز سُخْرة حتى. مع أن السخرة كانت ضرباً معتمداً في الخدمة للمستعمرين تجلت في تعبيد الطرق وتنقية القنوات في جنوب البلاد وشمالها كما سنرى في فصلٍ قادم من هذا الكتاب (. . . ومنصور خالد).
وليس واضحاً في المكاتبات أن الإنجليز قصدوا النوبة بتلك الخدمة بإغراءٍ من منزلتهم الدنيا في التراتب الاجتماعي كما اعتقد منصور. فقد كانت الألته معروضة في سوق العمل لمن يأخذها. وقد رأينا أن النوبة لم يكونوا وحدهم فيها بل جمعت أشتاتاً من السودانيين. ولجذب العاملين للخدمة فيها جعلها الإنجليز المهنة الأعلى أجراً. فقد حصل العامل بين 120 إلى 170 قرشاً في الشهر. وهذا أعلى بكثير من أجر المياومين الآخرين. وبلغ أجر المياوم فيها ثلاثين قرشاً خلال الأزمة الاقتصادية في 1929.وتحاشاها كثير من العمال مع ذلك وقبلوا بأجر تراوح بين ثلاثة إلى أربعة قروش في اليوم للخدمة في غير الألته. وعليه فالنظر في الألته كعمل مأجور في سياق استعماري حداثي هو الخطة المثلى للعلم بهذا الجانب من تاريخنا الاجتماعي. وهذا التعريف الحسُن بالمسألة هو ما يسمِّيه منصور ب "تسوير المسألة" أي تحديدها. فتعريف مسألة البحث على وجهها الحق هو أول عتبة في طريق فهمها بشكل ناجز. فالتشخيص كما يعرف كل طبيب هو أسُّ العلاج.
من جهة أخري ستنبهم علينا خدمة الألته إذا لم نقرأها على خلفية سياسة المناطق المقفولة تلك التي زعم الإنجليز تبنيها للحفاظ على ثقافات "زنج" السودان من تأثيرات الثقافة العربية الإسلامية الشمالية. وكان رائد هذه السياسة، وعُرفت ب "سياسة النوبة" في مديرية كردفان ومديرها آي جى جيلان (1928-1932). وقامت هذه السياسة على "كرتنة" النوبة في جبالهم وحجبهم عن الهجرة للشمال. واستخدم الإنجليز "الكَشَّة" لحمل النوبة المهاجرة حملاً لإخلاء الخرطوم. ولكن سرعان ما تغلَّب منطق العمل المأجور على الثقافة. فعلى اتّفاق مدير مديرية الخرطوم مع سياسة النوبة إلا أنه كان الأعلى صوتاً في الاحتجاج على "كشة" النوبة. فقد صارت خدمتهم في الألته، في مقتضى سوق العمل، ماسَّة لا يسُدُّ مَسَدَّهم أحدٌ. وحذّر مفتش الصحة، من جهة أخرى، أنه لو توقّف وفود الجنوبيين والنوبة إلى الخرطوم فسينهار النظام الصحي. وسادت البراجماتية على الثقافة. وتوقَّفت الحكومة عن "كَشَّة" النوبة. وقَبِل بذلك حتى جيلان، واضع السياسة، وفوَّض الأمر لمدير الخرطوم مع التذكير ألا يشجع النوبة على البقاء في الخرطوم ما وسعه بالبحث عن بدائل للعمل بغير النوبة. ولكنه قَبِل مع ذلك أن يبقى بالخرطوم النوبة المنبتُّون (the detirblized) ممن لا رباط قبلي حي لهم بالجبال ما لم يكونوا نواة استيطان لنوبة طازجين من الجبال. واستمر الإنجليز مع ذلك على سياسة عدم تشجيع لا الجنوبيين ولا النوبة للوفود الى الخرطوم.
ومتى "سوَّرنا" مسالة الألته والنوبة على هذا النحو فسدَت حُجّة منصور في الربط بين عمل النوبة هذا والرق الشمالي ومترتباته. فلم يأتِ النوبة للألتة كطائفة مستحقَرة ترسَّبت عن الرق. فقد جاءها سودانيون آخرون بعضهم لم يضرسهم الرق بنابه. كما جاء النوبة للمهنة المسيئة في ملابسات سوق العمل الذي فتحه الإنجليز على مصراعيه. وسيكون من المفيد أن ننظر إلى اختيار بعض النوبة العمل في الألته في مقتضى هذا السوق. فهل دفعهم لولوج هذا السوق حاجتهم للنقد لسداد ما عليهم للحكومة من جزية ودقنية فُرضت نقداً؟ وهل اضطرهم إلى هذه الشغلة حاجز من لغة، أو مؤهل، أو صلة نافذة حالت بينهم دون أشغال أخرى؟ فقد أوقفت بعض الجماعات السودانية بعض الخدمات على نفسها. مثل شغل الدَّريسة للرباطاب والمرمطونات للنوبيين. وكان هناك من بين هذه الجماعات من يـُجَنِّد لها من أهله. فواضح أن جبر الهجرة للعمل بالشمال (وفي مثل شغلة الألته) كان قوياً لم تصمد له حواجز سياسة جبال النوبة التي لم تُرد للنوبة أن يكونوا في الشمال أبداً.
ما جئنا به أعلاه هي طرائق البحث في التاريخ الاجتماعي على هدي كتاب منير. وكان حَرَيـَّاً بكتاب سكنجا المنير أن يُسعف منصور دون الترويج الأيديولوجي لعقائده التي قوامها "افتراضات وساوس، وشوائع ملهوجة، وثوابت مزعومة" كما اشتكي هو نفسه منها في شغل غيره.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
«خير أم شر؟».. تفسير رؤيا الرجل للذهب في المنام
يبحث الكثير عن تفسير رؤية الرجل للذهب في المنام، نظرًا لقيمته الكبيرة مما يثير الحيرة في نفوسهم، وفي هذا الشأن قام بتفسيره ابن سيرين.
وفي هذا الشأن تقدم الأسبوع للزوار والمتابعين كل ما يخص رؤيا الذهب في المنام وتفسير الأحلام وأهم نظرياته، ضمن خدمة يقدمها الموقع في مختلف المجالات على مدار اليوم.
تفسير رؤية الرجل للذهب في المنام لابن سيرين- يرى العالم بن سيرين أن الذهب للرجل علامة سيئة نظراً للونه الأصفر المكروه الذي يشير إلى المرض والحسد والحقد.
- رؤية الرجل وهو يحصل على الذهب في الحلم يشير إلى كثرة الهموم والأحزان التي يتعرض لها الرائي، كما أن ذلك يشير إلى وقوع العديد من الخسارات.
- الرجل إذا شاهد في حلمه أنه يحصل على الذهب فإن ذلك يشير إلى الوصول لمكانة عالية، بينما في حالة ضياعه أو فقدانه يكون ذلك علامة على نزول مكانته الاجتماعية بين الناس.
- الرائي إذا قام بأخذ وإعطاء الذهب للغير في منامه من الرؤيا التي تشير إلى كثرة الأعداء والخصوم حول صاحب المنام ويجب الحذر جيداً.
- الرجل الذي يرتدي قلادة مصنوعة من الذهب والفضة في منامه تعد دلالة على كثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقه وأنه يقوم بها على أكمل وجه.
رؤية خاتم الذهب في المنام- مشاهدة خاتم ذهب في المنام يشير إلى التعرض للقهر والظلم من المحيطين، كما أن ذلك يدل على الوقوع في كرب وضيق حال خلال الفترة المقبلة.
- رؤية الرجل لنفسه وهو يبيع كمية من الذهب في المنام من الأحلام التي تشير إلى فقدان الوظيفة وعلامة على الوقوع في خسائر مالية وتراكم بعض الديون.
- سرقة الذهب في حلم الرجل تشير إلى تحدث الآخرين عنه بالقول السيء، وعلامة على وجود شخص يحاول أن يشوه سمعته مع الغير.
- إذا كان الرجل يقوم بسرقة الذهب من شريكته في المنام يعني أنه سوف يمنحها بعض الهدايا باهظة الثمن، والأب الذي يسرق ذهب أبنائه في المنام من الأحلام التي تشير إلى وقوع خسائر مادية وعلامة على تراكم الديون.
- مشاهدة الرجل نفسه وهو يلبس دبلة شكلها جميلة في المنام يؤول إلى وصول هذا الشخص لكل ما يريده من غايات وعلامة على تطور أموره نحو الأفضل.
- الرائي المتزوج إذا كان يعمل في مجال التجارة وشاهد في منامه أنه يعثر على قطعة ذهبية على الأرض فإن ذلك يشير إلى عدم نجاح صفقاته التجارية ووقوع بعض الخسائر له، كما أن ذلك يرمز إلى تلوث سمعته بالظلم بين الناس.
اقرأ أيضاًرؤية الذهب في المنام.. .. تفسيرات كثيرة بين الخير والشر
«خير أم شر».. تفسير حلم الذهب في المنام