عربي21:
2025-04-30@22:47:32 GMT

جابوتنسكي ملهم نتنياهو

تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT

يذهب محللون إلى أن نتنياهو لا يريد أن يتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، لأنه يعلم أن وقف الحرب يعني تشكيل لجنة تحقيق في إخفاق 7 أكتوبر، واحتمال تحميله المسؤولية أو جزءا منها عن ذلك، يضاف لذلك احتمال محاكمته بتهم الفساد التي تلاحقه منذ عدة سنوات، فيما يذهب آخرون إلى أنه يعرقل الاتفاق للحفاظ على ائتلاف حكومته اليميني.

إلا أن نتنياهو وجد في هجوم حماس، فرصة لتطبيق فكرة «الجدار الحديدي» للصهيوني الروسي المتطرف زئيف جابوتنسكي، التي وضعها قبل أكثر من 100 عام، إذ أطلق نتنياهو العنان للقوة الساحقة بحرب هائلة ومدمرة على قطاع غزة، ثم أتبعها بهجمات على عدد من مدن شمال الضفة الغربية ومخيماتها.

وكان قد ألقى خطابا في تجمع في تل أبيب في 3 آب/ أغسطس 2024، بمناسبة إحياء ذكرى جابوتنسكي، التي كان قد أقرها الكنيست كقانون في 2005، تناول فيه سياساته التي طالما كررها مئات المرات، إلا أن الجديد في ذلك الخطاب كان تشديده على دور التاريخ والجغرافيا، لترسيخ عقيدة أحقية اليهود بأرض فلسطين، حيث قال إن غزة، خان يونس، دير البلح، ورفح هي مناطق «جبل إفرايم» التوراتية، وقال «إن هذه المناطق التي يعمل فيها «جنودنا الأبطال» اليوم، هي الأرض التي عمل فيها أبطال القوة الصهيونية في بداية الحرب العالمية»، في إشارة لعهد جابوتنسكي.

وفي توظيفه لأحداث جرت قبل أكثر من مئة عام بربطها بما يجري اليوم قال، «إن جابوتنسكي كان في جبال إفرايم ورفح، للسيطرة عليها للدفاع عن إسرائيل من الجنوب»، وبإطلاقه هذا التصريح، فإنه يهدف لإظهار نفسه ممثلا للهوية اليهودية والصهيونية، والمستلهم لمعالم النهج الذي رسمه مؤسسو إسرائيل الأوائل، ويقدم نفسه وريثا لهؤلاء المؤسسين، وبما يميزه عن باقي القيادات الإسرائيلية الحالية، التي لا تملك المستوى نفسه من الامتداد التاريخي والأيديولوجي.

نتنياهو أعلن عشرات المرات، دون مواربة عن العقيدة العسكرية التي يؤمن بها وينفذها، إذ قال خلال الحفل نفسه، «كان جابوتنسكي يفهم الواقع، فإن لم نرد على أعدائنا الضربة بضربتين، فسنكون كالخراف التي تذهب إلى المذبح»، ووصف جابوتنسكي بأنه «أبو الصهيونية المحاربة»، وخاطب الرئيس الإسرائيلي اسحق هيرتسوغ الذي كان حاضرا في الحفل بقوله «سيدي الرئيس، إن مبدأ الحائط الحديدي يوجب أن يكون هناك وجود قويّ لجيشنا بوجه أعدائنا، وأنه لا يمكنهم قلعنا من أرضنا».

بالمجمل العام فإن رؤية جابوتنسكي، ارتكزت على ضرورة تنفيذ المشروع الصهيوني من خلال جدار حديدي يعجز الفلسطينيون والعرب عن هدمه، وهذه الرؤية لطالما شكلت إلهاما لنتنياهو طيلة وجوده على سدة الحكم على مدى عقدين من الزمن، كما أنه يؤمن بأن الضغط العسكري والسحق والتدمير، الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأمن لإسرائيل، وهذه السياسة هي عمليا التجسيد الحرفي لأفكار جابوتنسكي، التي تأثر بها نتنياهو.

نتنياهو يعتبر أن قوة إسرائيل تنبع من جدار حديدي، بقوة عسكرية ساحقة تضمن البقاء للدولة اليهودية وتجبر العرب على قبولها، وترفض التنازل عن أي شبر من الأراضي في الضفة الغربية
ومن الواضح أن نتنياهو يعتبر أن قوة إسرائيل تنبع من جدار حديدي، بقوة عسكرية ساحقة تضمن البقاء للدولة اليهودية، وتجبر العرب على قبولها، كما أنه يطبق الفكر الجابوتنسكي بتكثيف الاستيطان ورفض التنازل عن أي شبر من الأراضي في الضفة الغربية التي يراها أرضا يهودية، أو من خلال سياسة التدمير والقوة الساحقة في قطاع غزة، بالإضافة إلى أن إدارة ظهره لاتفاقيات أوسلو، هو تطبيق لتحذير جابوتنسكي من «أن السلام مع العرب يؤشر على ضعف اليهود، ما سيؤدي بهم للتهلكة».

ولم يقتصر تأثر نتنياهو بنظرية الجدار الحديدي الجابوتنسكية، بل إن سياسة التطبيع مع الدول العربية، التي تعززت في عهده، وتجاوزت إقامة علاقات دبلوماسية إلى تعاون في مجالات مختلفة، إنما هي أيضا مستقاة من أفكار جابوتنسكي المبنية على تكوين قوة ساحقة لليهود، للقضاءعلى كل من يفكر في مواجهتهم، وتجبر العرب في نهاية المطاف على التخلي عن قادتهم الذين يتبنون نهج المقاومة، وتسليم القيادة لمن يصفهم «بالمعتدلين»، الذين يمكن لليهود التوافق معهم. 

وبتتبع سياسات نتنياهو منذ تشكيله حكومته لأول مرة عام 1996، وإمساكه بقرون الحكم في إسرائيل لمدة تزيد عن 15عاما متتالية منذ عام 2009 (باستثناء فترات قصيرة)، فإنه يعد نموذجا لما يعرف بـ»الواقعية الهجومية المتطرفة» وهي المدرسة السياسية نفسها للقوى العظمى التي تقوم على توازن القوى، وإلقاء التبعات على الآخرين. 

ويعتبر نتنياهو أن الفكر الصهيوني صاحب الفضل في الحفاظ على الهوية اليهودية، وأن التخلي عن مبادئ هذا الفكر بمثابة تفريط بأمن إسرائيل.. فالأمن بالنسبة له يفوق بأهميته أي مجال آخر كالاقتصاد أو السلام، وهو مرتبط بالأرض، وهذا يفسر رفضه مبدأ رابين ـ بيرس «الأرض مقابل السلام»، وبدلا من ذلك رفع شعار «السلام مقابل السلام».

وفي تكريسه لمبدأ «السلام مقابل السلام»، رفض التفاوض على الجولان باعتبارها تشكل العمق الاستراتيجي لإسرائيل، وكذلك ضم مدينة القدس بكاملها للسيادة الإسرائيلية، وحصل على اعتراف إدارة ترامب عام 2018 على كلا البندين السابقين.

كما أعلن آنذاك عن نيته ضم غور الأردن والضفة الغربية إلى إسرائيل للحفاظ على أمنها، إضافة إلى سعيه لضمان استمرار التفوق العسكري والتكنولوجي الإسرائيلي في المنطقة.

سياسة نتنياهو الحالية هي التطبيق العملي لفكر زئيف جابوتنسكي، الذي كان يرى ألا سبيل لأي حل سياسي أو سلمي بين إسرائيل والعرب، بل إن الحل الوحيد هو بإقامة جدار صلب عازل بين الدولة اليهودية المسيطرة على ضفتي نهر الأردن، والعرب الذين لا يشكلون شعبا أو أمة، بل مجرد سكان لا هوية لهم ولا حقوق في الأرض، وأن الخطر الأكبر على دولة إسرائيل الرضوخ لسياسة التوافق والتعايش مع العرب.

 وكان بنتسيون (الجابوتنسكي) والد نتنياهو قد صرح لصحيفة «معاريف» في 3/4/ 2009، «بأن العربي عدو في الجوهر لا يمكن من حيث شخصيته أن يتم التوافق معه، فوجوده يتمثل في الحرب المستمرة، ومن ثم لا سبيل لأي سلم معه»، ثم يضيف في المقابلة نفسها «أن حل الدولتين لا معنى له، فهذه الأرض ليست لشعبين، بل لشعب واحد هو الشعب اليهودي ولا يوجد شعب فلسطيني، ومن ثم لا يمكن إقامة دولة لأمة خيالية، وأن الحل الوحيد هو فرض سيطرة عسكرية شاملة». 

وتشكل هذه الأفكار جوهر الفكر السياسي لبنيامين نتنياهو، المرتكز على نظرة تشاؤمية لمستقبل الشرق الأوسط، الأمر الذي يفرض على إسرائيل الدفاع عن وجودها ومصالحها بالقوة والعنف، والرفض وبشدة أي حلول سلمية مع الفلسطينيين والعرب، وكذلك التحالف مع القوى اليمينية المتطرفة في الغرب على أساس مواجهة «الإرهاب»، حتى لو اقتضى الأمر التنسيق مع تيارات معادية للسامية.

إن «الصهيونية التنقيحية» التي أرسى أسسها زئيف جابوتنسكي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، هي نفسها سياسة حكومات نتنياهو منذ 2009 إلى اليوم، بحيث أصبحت إسرائيل دولة عنصرية تقوم على التمييز المؤسسي بين مكونات سكانها، وتقوم على الاستبداد العسكري، وتعتمد نظام الأبارتهايد وفق تعريف القانون الدولي. ومن هنا ندرك أن الائتلاف الحاكم حاليا في إسرائيل ليس نشازا، بل يعبر عن تحول داخلي طبيعي في الأيديولوجيا الصهيونية في نسختها الأكثر عنصرية وتشددا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو الجدار الحديدي جابوتنسكي نتنياهو دولة الاحتلال الجدار الحديدي جابوتنسكي مقالات مقالات مقالات تفاعلي سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

نهيان بن مبارك: «الشاهد» عمل واعٍ وتوثيق ملهم لمسيرة وطن

أجرى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، زيارة رسمية إلى مدينة «إكسبو دبي»، حيث اطّلع على أبرز المشاريع التطويرية الجارية ضمن المخطط الرئيسي الجديد للمدينة، ويهدف إلى ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للمستقبل، ونموذجاً رائداً للمدن الذكية المستدامة.
كان في استقباله ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، والرئيسة التنفيذية لسلطة مدينة «إكسبو دبي»، وعدد من كبار مسؤولي المدينة، حيث رافقت الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، في جولة شملت مرافق ومعالم بارزة، واستمع إلى شرح مفصل عن التحولات التي يشهدها الموقع بعد إسدال الستار على فعاليات «إكسبو 2020».
وخلال جولته الميدانية، قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان: «مدينة «إكسبو دبي» ليست مجرد موقع لمعرض عالمي سابق؛ بل نموذج للنهج الإماراتي في تحويل الإنجازات إلى منصات انطلاق نحو المستقبل. إنها تجسيد لرؤية قيادة حكيمة تؤمن بأن بناء الإنسان والمكان يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب».
ولفت إلى أن ما تحقق يُجسّد بوضوح التزام دولة الإمارات بالاستدامة، والابتكار، والتسامح، ويؤكد أن إرث «إكسبو 2020» لم يكن مجرد حدث عالمي ناجح؛ بل نقطة تحوّل استراتيجية نحو ترسيخ ما يمكن أن نُسميه «إرث المستقبل»، إرث ينبض بالحياة، ويخدم الأجيال، ويجعل دولة الإمارات منصةً عالميةً للأمل والطموح.
كما أشار إلى أن هذا الإنجاز الكبير ينعكس بالرؤية السديدة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يقود مسيرة الوطن بحكمة وشجاعة، ويرسّخ مكانة الإمارات نموذجاً تنموياً متقدّماً يوازن بين النمو الاقتصادي والبعد الإنساني.
وأشاد بالدور الريادي لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي أرسى قواعد النجاح لـ«إكسبو 2020»، ثم قاد هذا الإرث إلى مرحلة جديدة من البناء المستدام عبر مدينة «إكسبو».
وشدّد على أن الإمارات اليوم، تحت قيادة رشيدة تُجسد روح الاتحاد، تمضي بثقة نحو المستقبل.
وقال: ما نشهده في مدينة «إكسبو دبي» صورة ناصعة للعزم الوطني وروح الإمارات التي لا تعرف المستحيل.
وأشاد بكتاب «الشاهد»، وقال: «كتاب الشاهد ليس مجرد كتاب يُعرض صوراً أو يسرد أحداثاً؛ بل عمل وطني واعٍ، يجمع بين التوثيق التاريخي والرؤية الحضارية، ليشكل مرجعاً للأجيال القادمة، ومرآة صادقة تعكس القيم التي قامت عليها دولة الإمارات منذ التأسيس وحتى اليوم».
واختتم تصريحه بتأكيد أن الكتاب «شاهد حقيقي» على أن الإمارات، بقيادتها وشعبها، تسير على طريق التنمية الشاملة التي لا تفصل بين الإنجاز والهوية، ولا بين الحداثة والإنسانية.
وأعربت ريم الهاشمي، عن اعتزازها بزيارة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وقالت: «تشرفنا اليوم بزيارة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، رجل القيم والإنسانية، الذي كان دائماً نصيراً للمبادرات الوطنية والثقافية التي تجسد رسالة الإمارات في التسامح والتنمية والتواصل الحضاري. ونحن في مدينة «إكسبو دبي» نؤمن أن الإرث الحقيقي لإكسبو 2020 لا يُقاس بالبنى التحتية فقط؛ بل بالأثر الثقافي والإنساني العميق الذي تركه هذا الحدث التاريخي».
واختتمت بالقول: «نستلهم كل خطواتنا من توجيهات القيادة الرشيدة، ونعمل بكل عزم وإخلاص من أجل أن تبقى «إكسبو دبي» عنواناً للنهضة الإماراتية، ومنارة للتعاون الدولي». (وام)

وزير التسامح يزور المسابقة الوطنية لـ «مهارات الإمارات 2025»


زار الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، اليوم المسابقة الوطنية لـ«مهارات الإمارات 2025» وأكد خلال الزيارة، على أهمية التطوير المستدام والممنهج للكفاءات الوطنية الشابة، باعتبارها الركيزة الأساسية لمسيرة التنمية الشاملة والمورد الأهم الذي تضعه القيادة الرشيدة في صدارة أولوياتها.
وأشار إلى أن المسابقة تُعد منصة وطنية رائدة لاكتشاف ودعم المهارات الإماراتية وتحفيز الابتكار وترسيخ التميز في مختلف المجالات التقنية والمهنية بما يتماشى مع رؤية الدولة نحو اقتصاد معرفي قائم على المهارات المتقدمة. ورافق الشيخ نهيان بن مبارك، في جولته التفقدية الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير دولة والشيخ محمد بن نهيان آل نهيان والدكتور عبد الرحمن العور وزير الموارد البشرية والتوطين ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة وعلياء بنت عبد الله المزروعي وزيرة دولة لريادة الأعمال وغنام المزروعي، الأمين العام لمجلس تنافسية الكوادر الإماراتية والدكتور مبارك سعيد الشامسي، رئيس مجلس أمناء معهد التكنولوجيا التطبيقية، مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • شاهد: حرائق هائلة بالقدس - إسرائيل تطلب مساعدات دولية لإخمادها
  • إسرائيل.. ظرف مشبوه يصل إلى مكتب نتنياهو
  • نهيان بن مبارك: «الشاهد» عمل واعٍ وتوثيق ملهم لمسيرة وطن
  • إسرائيل.. موكب نتنياهو يتعرض لحادث سير في القدس
  • رئيس مجموعة ضغط يحذر من خطر نتنياهو على مستقبل إسرائيل
  • البرازيل تدعو لانسحاب إسرائيل من غزة وتشدد على دور "بريكس" في تسوية النزاعات
  • مندوب مصر أمام محكمة العدل: إسرائيل انتهكت كافة القوانين الدولية التي وقعت عليها
  • نهاية أم مخرج سياسي.. ماذا حول صفقة "إقرار بالذنب" التي اقترحها الرئيس الإسرائيلي بشان نتنياهو؟ "تفاصيل"
  • نتنياهو: إسرائيل ستسيطر على غزة عسكريا ولن تسمح للسلطة باستبدال حماس