يشعر جهاز الشاباك الإسرائيلي بالقلق من أن عددًا متزايدًا من الإسرائيليين باتوا على استعداد للتعاون مع عملاء إيرانيين ينشطون على مواقع التواصل، بهدف الحصول على الأموال بشكل أساسي.

وقال الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، يوسي ملمان في مقال له بصحيفة "هآرتس"، إن الطالب، إدين داباس، محتجز لدى الجهات الأمنية، بعد اتهامه بالتواصل مع عميل استخبارات إيراني.

 

واعتقل داباس، الذي يملك شقة بالقرب من تل أبيب، في الخامس من آب/ أغسطس. تقول محاميته، شيرا نير، إنه كان مصدوماً عندما رأى المحققين وضباط الشرطة يطرقون بابه. لقد اتهموه بارتكاب جرائم خطيرة، بما في ذلك التجسس، والتواصل مع عميل أجنبي، وتوجيه تهديدات، قبل أن يأخذوه لاستجواب طويل. 

وبعد أسبوعين، قدم مكتب الادعاء في المنطقة المركزية لائحة اتهام ضد داباس في محكمة اللد.
معلومات عن داباس.

أخبر داباس، البالغ من العمر 30 عامًا، محققيه بأنه طالب في علم النفس. وخدم في دور غير قتالي خلال خدمته العسكرية، وكان يكسب بعض المال من تقديم خدمات التدليك.

قالت محاميته إنه ينتمي لعائلة عادية، وهو ما أكده مكتب الادعاء، وتعمل والدته في روضة أطفال، ويعمل والده في مجال اللوجستيات في أحد المستشفيات.

ووفقا للاعترافات، كان داباس على دراية تامة بأنه كان يحافظ على علاقات مع ممثل للاستخبارات الإيرانية، والذي قدم نفسه على هذا النحو. وفي لغة الاستخبارات، يُعرف هذا الأسلوب في التجنيد باسم "التجنيد المباشر" أو "النهج المباشر".


حتى وقت قريب، كانت معظم جهود الاستخبارات الإيرانية لتجنيد عملاء في إسرائيل من أجل جمع المعلومات أو تنفيذ أعمال تخريب تعتمد على الخداع، كان الإسرائيليون القلائل الذين استجابوا لاتصالات الاستخبارات الإيرانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي إما أبرياء أو مغرر بهم. غالبًا ما كان المجندون يسرقون ملفات تعريف أو ينتحلون هويات آخرين.

يقول ملمان: "هذا حدث لي شخصيًا. قبل ثلاث سنوات، انتحل أحد عملاء الاستخبارات الإيرانية شخصية البروفيسور أوليفر ترينيرت، رئيس مركز الدراسات الأمنية في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ. دعا هذا المنتحل كلاً من وزير الدفاع السابق موشيه يعلون، وسفير إسرائيل السابق في الولايات المتحدة البروفيسور إيتامار رابينوفيتش، وخبير إيران أوري جولدبيرج من جامعة رايخمان، إضافة إليّ، إلى مؤتمر دولي في سويسرا. كان الهدف غير واضح: هل كان لقتلنا؟ أم ربما فقط لاختطافنا؟".

أضاف ملمان: "كان سلوك المجند المنتحل غير احترافي، مما أثار شكوكي بسرعة، وأدى إلى إبلاغي الشاباك. بعد ستة أشهر، أعلن الشاباك رسميًا أنه أحبط شبكة استخبارات إيرانية أخرى تعمل ضد إسرائيل".

تذكر لائحة الاتهام أيضًا أن المجند أخبر داباس أن الدفع الموعود سيتم تحويله لاحقًا عبر العملات الرقمية، وطلب العميل الإيراني، الذي طلب لاحقًا أن يُدعى "أنتوني"، من داباس عبر تطبيق تلغرام، مشيرًا إلى أنه يتحدث العربية والفارسية والإنجليزية وقليلًا من العبرية. وشجّع داباس على الكتابة بالعبرية، مدعيًا أن ذلك سيسهل عليه العملية. وكان انطباع داباس أن الإنجليزية لدى الإيراني كانت بسيطة.

المهمات التي كلف بها داباس
تقول لائحة الاتهام إن المهمة الأولى التي كُلف بها داباس كانت إنشاء ملصق يحمل بصمة يد حمراء بالدماء مع نقش "كن على الجانب الصحيح من التاريخ"، والتقاط صورة له. 

يُزعم أن داباس نفذ المهمة وسافر بسيارته في منتصف الليل مع والدته إلى بتاح تكفا، حيث التقط صورة للملصق وأرسلها إلى المشرف عليه كدليل على عرضها في مكان عام.

وتنص اللائحة على أن ملصقًا يدعو إلى انقلاب عسكري في إسرائيل قد عُلّق أيضًا في عدة مواقع في مناسبات مختلفة. تم احتجاز والدته للاستجواب للاشتباه في مساعدتها في عملية تهدد الأمن القومي، ولكن في النهاية قررت السلطات عدم توجيه لائحة اتهام ضدها.

من بين المهام الأخرى التي كُلّف بها داباس شراء دمية وقطع رأسها، ثم طلاء الرأس المقطوع باللون الأحمر لمحاكاة الدم، ووضعه بالقرب من منزل موظف في وزارة "الدفاع".

يُزعم أيضا أن داباس اتبع التعليمات لكنه وضع رأس الدمية المقطوع بالقرب من مدخل مبنى والده. التقط صورة لها وأرسلها إلى المسؤول عنه، موضحًا أن الموظف قد انتقل إلى مكان آخر، وأنه، بدافع إصراره وتفانيه في المهمة، قد وجد العنوان الجديد وسلمه للعميل.

كما أمره "أنتوني" بإشعال النار في سيارة، لكن داباس لم ينفذ هذه المهمة. ولضمان الحصول على المال، بحث عن صورة لسيارة محترقة على الإنترنت وأرسلها إلى المسؤول عنه كدليل على التزامه.

كما رفض داباس مقترحات العميل لإحراق صناديق القمامة، وتحطيم زجاج السيارات، وتشويه إشارات المرور، وتعليق دمية كبيرة على جسر.


كما طُلب من داباس نشر إعلان وظيفة في مكان عام وتوجيه المتقدمين إلى الموقع الإلكتروني الإيراني. وفقًا للائحة الاتهام، أنشأ داباس 2200 ملف تعريف وهمي وربطهم بموقع مخصص بناءً على طلب الاستخبارات الإيرانية.

كما طُلب منه شراء قفازات، وشعر مستعار، وهاتف يحتوي على بطاقة SIM لاستخدامها في اتصالات سرية مستقبلية. 

من جانبه، اشتكى داباس لـ"أنتوني" من أن المبالغ المالية المقترحة غير كافية وطلب المزيد. في المجمل، وحتى لحظة اعتقاله، حصل داباس على عملات رقمية بقيمة 12000 دولار، والتي تم مصادرتها عند اعتقاله.

وصفت محاميته، داباس بأنه شاب مهووس بالمال وليس لديه دوافع أيديولوجية ولم يكن ينوي التجسس لصالح إيران. وذكرت أن هدفه الوحيد كان خداع العميل واستخلاص أكبر قدر ممكن من المال. كدليل على ذلك، أشارت إلى أنه لم يشعل النار في السيارة ولم يضع رأس الدمية المقطوع في العنوان المحدد.

قررت الشاباك ومكتب الادعاء في المنطقة المركزية في النهاية سحب تهمة التجسس، وبدلاً من ذلك تم اتهامه "فقط" بالتواصل مع عميل أجنبي، وهي جريمة تصل عقوبتها القصوى إلى 15 عامًا في السجن. كما وُجهت له تهمة حيازة مخدرات محظورة، بما في ذلك الحشيش والكوكايين، بكميات تفوق الحد القانوني المسموح به للاستخدام الشخصي في حالة الحشيش.

يقول ملمان، إن تنوع المهام التي كلفت بها الاستخبارات الإيرانية يشير إلى أن بعضها كان "مهام وهمية"، وهي مهام غير مهمة نسبيًا مصممة لاختبار استعداده للتعاون. بينما تمثل المهام الأخرى جهودًا استخباراتية إيرانية لزيادة الوعي وتنفيذ عمليات التأثير في إسرائيل، تهدف إلى زيادة الفوضى والانقسامات في المجتمع الإسرائيلي، بالتوازي مع تنفيذ عمليات عنيفة".

وينبع مصدر القلق الأساسي لوحدات مكافحة التجسس التابعة للشاباك أن عددًا متزايدًا من الإسرائيليين أصبحوا على استعداد للتعاون مع كيانات إيرانية عن علم، خاصةً من أجل الحصول على مكاسب مالية.

في كانون الثاني/ يناير 2022، اعتقل الشاباك أربع نساء وزوج إحداهن، بعد أن حصلوا على مكافآت مالية وتلقوا توجيهات طويلة الأمد من عميل إيراني.

وفي تموز/ يوليو 2024، تم اعتقال إليميلخ شتيرن، وهو شاب حسيدي يبلغ من العمر 21 عامًا من بيت شيمش بالقرب من القدس، لاتهامه بتنفيذ مهام مشابهة لتلك التي كُلف بها داباس. كانت الاستخبارات الإيرانية قد كلفته بإشعال النار في سيارة خلال مظاهرة، وارتكاب عمليات إحراق في الغابات، وطعن دمية قبل وضعها بالقرب من منزل ديفيد نوسباوم، رئيس بعثة إسرائيل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، المكلفة بمراقبة البرنامج النووي الإيراني.

قبل عدة سنوات، رصد الشاباك نمطًا من الأنشطة التي ينفذها عملاء إيرانيون تشمل حملات تأثير وترهيب في إسرائيل. ويعتمدون بشكل رئيسي على منصات التواصل الاجتماعي (تلغرام، واتساب، فيسبوك، إنستغرام، وX المعروف سابقًا بتويتر) لتجنيد الإسرائيليين لتنفيذ هذه المهام وجمع المعلومات الاستخباراتية.

وعادة ما يتواصل ضباط الاستخبارات الإيرانية مع الإسرائيليين باللغات العبرية والعربية والإنجليزية، متظاهرين بأنهم وكلاء عقارات، أو محترفي تسويق، أو بائعو طائرات مسيّرة، أو مقدمو خدمات توصيل. 

وفقًا للشاباك، فإن منشورات العملاء الإيرانيين مصممة لجعل الإسرائيليين هم من يبدأون الاتصال، بدلاً من أن يتصل بهم العملاء مباشرة. وهذا هو السبب في أن الإسرائيليين لا يشعرون بالشك في البداية، حيث يتم استدراجهم للمشاركة في مهام معينة دون علمهم بالطرف الحقيقي وراء ذلك.

ومع مرور الوقت، تتعمق العلاقة مع من يستجيب لهذه الاستفسارات التي تبدو بريئة في البداية.

وكما تظهر تاريخ العمليات الاستخباراتية حول العالم، بمجرد وقوع الفرد في فخ التجنيد وتعرضه للخطر، يصبح عرضة للابتزاز، ويجد نفسه في مسار لا رجعة فيه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الشاباك إيرانيين إيران الشاباك دولة الاحتلال تجنيد عملاء صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاستخبارات الإیرانیة فی إسرائیل بالقرب من

إقرأ أيضاً:

لماذا يثير التعاون بين إيران وأرمينيا قلق إسرائيل؟

ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن التعاون الاقتصادي والعسكري بين إيران وأرمينيا يثير قلق إسرائيل لأنه يكثف التهديد.

وأشارت معاريف إلى إعلان إيران عن تعاون اقتصادي مع أرمينيا، بالإضافة إلى أنباء عن صفقة أسلحة سرية بين البلدين بقيمة نصف مليار دولار، وهذا ما جعلهم في إسرائيل يعربون عن قلقهم لأن أرمينيا – بحسب الصحيفة - تعمل كمركز لنقل المعدات العسكرية من إيران إلى حزب الله.

 

ضربات قاسية لحزب الله.. نصرالله في مأزقhttps://t.co/faR483MdI8 pic.twitter.com/CFCmNFLXTu

— 24.ae (@20fourMedia) September 13, 2024  التعاون الاقتصادي

وأعلنت إيران في الآونة الأخيرة عن تعاون اقتصادي واسع النطاق مع أرمينيا بقيمة 3 مليارات دولار، وهو الأمر الذي أثار قلق المسؤولين في الجهاز الأمني الإسرائيلي. ونقلت معاريف عن وكالة الأنباء الأرمينية نقلاً عن تصريح سفير إيران بأرمينيا مهدي سبحاني، أن "إيران ملتزمة بتعميق العلاقات مع أرمينيا ومصممة على الاستفادة من كامل الإمكانات المتاحة بين البلدين".

التعاون العسكري

ونقلت معاريف عن مصادر إسرائيلية، أن مصدر القلق الرئيسي ينبع من الدور المتزايد لأرمينيا كمنطقة عبور للبضائع والأسلحة الإيرانية التي يتم إرسالها بشكل رئيسي إلى سوريا ولبنان، وأفاد معهد "ألما" الإسرائيلي للدراسات، أن أرمينيا تعمل كمحور مركزي لنقل المعدات العسكرية من إيران إلى حزب الله، وهو الأمر الذي يزيد من حدة التهديد لإسرائيل على الجبهة الشمالية. 

صفقة أسلحة سرية

وأفادت الصحيفة أنه تم الإبلاغ عن صفقة أسلحة سرية بقيمة نصف مليار دولار بين إيران وأرمينيا، وبحسب موقع "إيران إنترناشيونال"، كجزء من الصفقة، ستقوم إيران بتزويد أرمينيا بطائرات بدون طيار وأنظمة صواريخ دفاع جوي متطورة، ووفقاً لمصادر أمريكية وإسرائيلية، فقد استخدمت أرمينيا بالفعل هذه الطائرات بدون طيار في عدة صراعات مع أذربيجان "الحليف الوثيق لإسرائيل".

تحذيرات إسرائيلية

وحذر عضو الكنيست الإسرائيلي، شيمون موشياشفيلي، وزارة الخارجية من أن صفقة الأسلحة تشمل أيضاً التعاون الاستخباراتي وإنشاء قواعد إيرانية في أرمينيا، مشيراً إلى أن إيران قد تستخدم هذا لتقويض العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل وأذربيجان، ودعا إسرائيل إلى زيادة مراقبة التقارب بين أرمينيا وإيران، ودراسة التداعيات الأمنية لهذا التعاون على الاستقرار الإقليمي.
 إلى ذلك، تم الإبلاغ عن زيادة في الحوادث التي تستهدف اليهود في أرمينيا، حيث تعرض الكنيس اليهودي الوحيد في البلاد لهجوم أربع مرات على الأقل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ونفذ بعض الهجمات نشطاء من الجناح الشاب لحركة "ASALA"، الذين أعلنوا دعمهم لحماس وحزب الله وتعهدوا بـ"مواصلة القتال ضد الصهيونية". 

"غطرسة" الجيش الإسرائيلي وضعته في مأزقhttps://t.co/2xzfyS5Ygo pic.twitter.com/IGj2PlMp5W

— 24.ae (@20fourMedia) September 16, 2024  التوتر بين حزب الله وإسرائيل

وجدير بالذكر آن الأسابيع الأخيرة شهدت تصعيداً حاداً على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بين الجيش الإسرائيلي وتنظيم "حزب الله" اللبناني، وهذا التوتر، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، في طريقة إلى التحول لحرب واسعة بين حزب الله وإسرائيل قد تجر المنطقة إلى حرب شاملة.

مقالات مشابهة

  • أكسيوس: أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قدرت أن حزب الله قد يرد بهجوم كبير
  • موقع إسرائيلي: مقتل 4 عسكريين إسرائيليين بـ كمين كبير نفذته فصائل المقاومة في غزة
  • كيف قامت إسرائيل بتفجير أجهزة اتصال حزب الله؟.. أخصائي يُجيب
  • أخصائي تطوير تكنولوجي يوضح كيف قامت إسرائيل بتفجير أجهزة اتصال حزب الله؟
  • عاجل: إصابة المئات من عناصر حزب الله إصابات بالغة بانفجار أجهزة الاتصالات التي يحملونها.. اختراق أمني كبير
  • صورة: "الشاباك" يزعم إحباط هجوم لحزب الله على مسؤول إسرائيلي كبير
  • لماذا يثير التعاون بين إيران وأرمينيا قلق إسرائيل؟
  • إعلان أردني رسمي بشأن ‘‘ماهر الجازي’’ منفذ عملية معبر اللنبي التي أودت بحياة 3 إسرائيليين
  • رئيس الاستخبارات السعودية السابق: المملكة تشعر بخيبة أمل من إيران مع تزايد تهديد الحوثيين
  • حماس: تجنيد جيش الاحتلال طالبي اللجوء الأفارقة للقتال بغزة تأكيدٌ على عمق الأزمة الأخلاقية التي يعيشها