لا داعي للمزايدات باسم السلام
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
لا داعي للمزايدات باسم السلام:
بعد إندلاع الحرب السودانية، بل وقبلها، كانت الحيلة المفضلة لمتحور قحت/تقدم هي إتهام أي مخالف بانه من الكيزان أو من طابورهم الخامس. ونبح بهذه الفرية في الأسافير دجاج الدرجة الثالثة كما نبح بها كبار كتاب المتحور – وهم كبار فقط بمقاييس المتحور.
وكان قادة المتحور لا ينبسون ببنت شفة وهم يرون كتابهم يكذبون ويببهتون خصوم لا شك في وطنيتهم وديمقراطيتهم.
وبعد أن خف بريق كرت الكوزنة إتجه المتحور إلي إتهام صريح أو ضمني لأي مخالف بانه بوق حرب وعدو للسلام. فحتي من قال لا للحرب ونعم للسلام ثم شرع في فحص تفاصيل أولية وهامة لا يقوم سلام قابل للاستدامة بدونها يتم إتهامه بتأجيج الحرب.
في الخم علي إيقاع المتحور التفاصيل لا تهم لانها لن تكون في صالح تصوراته. مع أن أي قارئ يعرف إنه في القضايا المعقدة الشيطان دائما في التفاصيل.
ولا نعتقد إن مصير هذه الأكذوبة بإسم السلام سيكون أفضل من مصير أسطورة الكوزنة لاسباب عديدة منها:
+ أن محور تقدم يضم جماعات عسكرية مثل الحركة الشعبية/ الجيش الشعبي وغيره.
+ يضم المتحور شخصيات واحزاب عديدة حاربت أو تواجدت في معسكرات الحرب التي أشعلتها المعارضة ضد نظام البشير في تسعينات القرن الماضي.
+ أحزاب المتحور التي لم تحارب باركت الحرب وتحالفت مع أحزاب البندقية وضربت لها الدفوف وأطلقت الزغاريد.
+ طوال حكم البشير لم تدن مكونات المتحور العمل المسلح ولم تلق باللوم علي الحرب كمجرد بل حملت نظام البشير مسؤلية الحرب والانتهاكات التي نسبت إليه بالحق واحيانا بالباطل. ولكن اليوم تتم إدانة الحرب كمجرد بغرض التحلل من فضح الجنجويد بما يعادل جرمهم.
+ أن من يقوم بهذه الحرب وأفظع إنتهاكاتها هم الجنجويد الذين دخل متحور تقدم معهم في إتفاق سياسي في بداية هذا العام ولم يخرج المتحور من هذا الأتفاق حتي الآن رغم تراكم جرائم الحنجويد المروعة.
لا داعي للتزيد باسم السلام فالشعب له ذاكرة ليست سمكية.
نعم للسلام الذي يحفظ سيادة الدولة السودانية. لا للحرب. ولا للمزايدات الرخيصة.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
السلام هو الحل لليمن
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
يأتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطاقمه اليوم ليُجَرِّب المُجرَّب ويُعيد إنتاج الفشل في اليمن، معتقدًا بأنَّ الحرب والقتل والدمار هو ما سيدفع "أنصار الله" إلى رفع الراية البيضاء وإعلان الاستسلام.
ترامب يمثل الشخصية الأمريكية التي تعتقد بأنَّ العالم بجغرافياته ملك لأمريكا ومرتع لها، بالقوة الخشنة أو بالقوة الناعمة؛ فترامب- كأي أمريكي- يؤمن بأنَّهم العالم الجديد والعالم النموذجي الأخير للبشرية، ونهاية أمريكا تعني نهاية العالم ونهاية التاريخ. الشخصية الأمريكية شخصية نشأت وتكوَّنت من المُهمَّشين في أوروبا، تشكل المجتمع الأمريكي من عقليات تُعاني جذورها ونشأتها الأولى من أعراض الاضطهاد والقمع والتهميش، وبالنتيجة قيام وتشكُّل مجتمعٍ ذي ثقافة عنف مُتجذِّر وعنصرية مُتجددة، لم يستطع تهذيبها علم ولا تطور ولا انفتاح على العالم. العقل الأمريكي ذو بُعد واحد، لهذا يؤمن بأنَّ كل من ليس معه فهو بالضرورة ضده، وكل من يعاديه أو يقاومه فهو بالضرورة إرهابي وفق "البورد" السياسي الأمريكي، وكل من لا يشبهه فهو بالضرورة "مُتخلِّف".
لهذا ولغيره من الأسباب، نجد الأمريكي يتصرف خارج قناعات البشر وتجاربهم ومفاهيمهم، لأنه يعتقد بأنه مُتفَرِّد ورسول العناية الإلهية بلا منازع!
ما يفعله ترامب اليوم من فتح جبهات حروب مجانية في وقت يمكنه كسبها بالقوة الناعمة، يوحي بأن الرجل مبعوث العناية الإلهية، ولكن لتفتيت بلده والعبث بمكتسباتها وتوسيع دائرة الأعداء وتقليص دائرة الحلفاء والأصدقاء.
فبعد أن استَنزَفت أمريكا طاقاتها وطاقات حلفائها الأوروبيين في تبني قضية خاسرة تمثلت في قضية الحرب في أوكرانيا، عقد ترامب صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتسوية ملف أوكرانيا وكأنَّ شيئًا لم يكُن، مقابل ضغطه على الرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي للتوقيع على التنازل عن ثروات بلاده لأمريكا كتعويضٍ عن الدعم الأمريكي طيلة سنوات الحرب. وبهذا الموقف طعن ترامب شركاءه وحلفاءه الأوربيين في الظهر، وأعلن الحرب عليهم؛ مما دفع الأوربيين إلى التشبث بأوكرانيا وزيلينسكي لتعويض شيء من خسائرهم، تلك الخسائر التي أوصلت بعض اقتصادات أوروبا إلى حافة الإفلاس.
حقيقة ما يجمع الأمريكي والأوروبي هو تحالف الضرورة وليس القواسم المشتركة كعادة قواعد التحالف من جغرافيا وتاريخ ومصير مشترك؛ فمشروع مارشال الأمريكي بعد الحرب الأوروبية (العالمية) الثانية لإعمار أوروبا، كان يعني في حقيقته ومراميه السيطرة الأمريكية المُطلقة على أوروبا، وهذا ما تحقق بالفعل.
كان حريٌّ بترامب السعي إلى إغلاق الملفات المُلتهبة بدءًا من أوكرانيا وصولًا إلى إيران ومرورًا باليمن ولبنان وسوريا وغزة؛ فهذه الملفات كفيلة بتحقيق الريادة والصدارة له ولاقتصاد بلاده ودولاره؛ بل وكفيلة بتعطيل أو إبطاء التكتلات الاقتصادية الناشئة والتي تُهدد عرش بلاده وعملته بالأفول.
وكما حدث لأمريكا جراء تدخلها في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والذي جنت منه التموضُع المُريح في الشرق الأوسط، وتجفيف النفوذ الأوروبي إلى حد كبير. أمريكا والعالم اليوم يعانون من غياب الزعامات والساسة الحقيقيين؛ فبغياب الرئيس ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر يمكن القول بغياب آخر الزعماء وآخر الساسة الحقيقيين لأمريكا، فقد تعاقب عليها ثُلة من المُقامرين وضحايا وأتباع اللُوبيات الثلاثة المعروفة: السلاح والنفط والمال.
ما يحتاجه اليمن اليوم هو الهجوم عليه بالسلام، هذا السلام الذي سيجعل من اليمن واليمنيين ينهمكون في ثقافة السلام والإعمار إلى النخاع ولسنوات طويلة، أما خيار الحرب على اليمن، فسيُعيد اليمنيين واليمن- وكعهدهم التاريخي- مقبرةً للغُزاة، وجمهوريين صباحًا وملكيين في الليل.
قبل اللقاء.. إذا نفذت قوة الأرض، تبقى قوة السماء هي الفصل، فأمريكا تُريد والله فعّال لما يُريد.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر