د. عايدة نصيف تكتب: المواطنة واحترام القانون
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
تسعى مصر اليوم نحو بناء «الجمهورية الجديدة»، التى تعكس رؤية شاملة لإعادة هيكلة المجتمع وتنميته من مختلف النواحى، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفى قلب هذه الرؤية يأتى مفهوم المواطنة كعامل رئيسى ومحورى فى تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الوحدة الوطنية، وترسيخ الشعور بالانتماء لدى جميع أبناء الشعب، منطلقة من بنود دستورية حول مفهوم المواطنة، ومن الوثيقة المهمة ألا وهى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى تتفق مع المعايير والمواثيق الدولية، لذلك أصبح تعزيز المواطنة أمراً ضرورياً لنجاح مسيرة الجمهورية الجديدة، فالمواطنة ليست مجرد علاقة قانونية بين المواطن والدولة، وإنما هى حالة من الاندماج الفعلى بين الفرد ومجتمعه، تشمل الالتزام بالحقوق والواجبات والمشاركة الفعالة فى الحياة العامة، وفى الجمهورية الجديدة تسعى الدولة إلى تعزيز هذه العلاقة من خلال تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، والاهتمام بالفئات المهمشة، والالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص.
وتقوم الجمهورية الجديدة على أسس الديمقراطية واحترام القانون، حيث يتمكن المواطن من ممارسة حقوقه السياسية والمدنية، وفى الوقت نفسه يكون ملزماً بأداء واجباته تجاه الدولة والمجتمع، والمواطنة فى هذه الحالة تصبح ليست فقط حقاً، بل مسئولية يضطلع بها كل فرد فى المجتمع.
ولتحقيق المواطنة الحقيقية فى الجمهورية الجديدة تقوم الدولة المصرية بتنفيذ عدد من السياسات التى تهدف إلى تعزيز هذا المفهوم على مختلف المستويات، ومن بين هذه السياسات تعزيز التعليم، فالتعليم هو الأساس الذى تُبنى عليه أى أمة قوية، وتولى مصر فى ظل الجمهورية الجديدة أهمية قصوى لتطوير منظومة التعليم، ليس فقط من الناحية الأكاديمية، بل أيضاً من حيث تعزيز قيم المواطنة والانتماء، وتسعى الدولة إلى غرس قيم التسامح والاحترام وقبول الآخر فى نفوس الأطفال والشباب منذ الصغر، وأيضاً تحقيق العدالة الاجتماعية، حيث تعمل الدولة على تقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية من خلال سياسات الدعم والمشروعات القومية التى تستهدف المناطق الأكثر احتياجاً، ويسهم تحقيق العدالة الاجتماعية فى خلق شعور بالانتماء لدى المواطنين، حيث يشعر كل فرد بأن له دوراً فى بناء الوطن وأن الدولة تهتم به وباحتياجاته.
ونجد أيضاً المشاركة السياسية، حيث توفر الدولة مساحة واسعة للمشاركة السياسية من خلال تشجيع المواطنين على الانخراط فى الحياة السياسية، سواء عبر الانضمام للأحزاب السياسية أو المشاركة فى الانتخابات، كما تسعى إلى تعزيز دور المرأة والشباب والأقباط وتمكينهم فى العملية السياسية، مما يعكس التزام الدولة بتوسيع دائرة المشاركة ودمج جميع شرائح المجتمع فى صنع القرار، وتسعى الدولة المصرية، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، إلى تعزيز حقوق الإنسان، وأن يكون احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية جزءاً لا يتجزأ من مفهوم المواطنة.
كما تسعى الدولة إلى تعزيز حقوق الأفراد فى العيش بكرامة، والمشاركة فى الحياة العامة، وتحاول جاهدة توفير فرص متساوية للجميع، كما تعمل الدولة على حماية حقوق الفئات الأكثر ضعفاً، مثل الأطفال والنساء وذوى الاحتياجات الخاصة.
وفى مقابل ما تقدمه الدولة لتعزيز المواطنة، فإن المواطن نفسه مطالب بالمشاركة الفعالة فى بناء الجمهورية الجديدة، فالمواطنة تعنى المسئولية والالتزام تجاه المجتمع والدولة، وهو ما يتطلب من الأفراد الالتزام بالقوانين، حيث إن ذلك أولى خطوات المواطنة الصالحة، فالمواطن فى الجمهورية الجديدة هو الذى يحترم النظام العام ويسهم فى تعزيز الاستقرار الاجتماعى، وأيضاً المشاركة المجتمعية، فالمواطن الفعال هو الذى يشارك فى الأنشطة المجتمعية ويسهم فى تحسين بيئته المحيطة، ويمكن أن تكون هذه المشاركة من خلال العمل التطوعى، أو المساهمة فى مبادرات التنمية المحلية.
بالإضافة إلى النقد البناء، فالمواطنة لا تعنى فقط الالتزام، بل تشمل أيضاً ممارسة النقد البنَّاء للحكومة والسياسات العامة، وعلى المواطن أن يمارس حقه فى التعبير عن رأيه بحرية، ولكن فى إطار من الاحترام والقواعد الديمقراطية.
ورغم الجهود المبذولة لتعزيز المواطنة، تواجه مصر عدة تحديات، من بينها انتشار بعض الأفكار المتطرفة أو المواقف السلبية، كما أن بعض المواطنين لا يزالون يشعرون بالتهميش، مما قد يعيق اندماجهم الكامل فى المجتمع. لذلك، تظل الحاجة ملحة لتعزيز قيم الحوار والتسامح والتكاتف الاجتماعى.
وفى النهاية، يمثل تعزيز المواطنة فى الجمهورية الجديدة ركيزة أساسية لبناء مصر قوية ومتقدمة، فالمواطنة ليست مجرد شعار يُرفع، بل هى عملية مستمرة من الالتزام المتبادل بين الدولة والمواطنين عبر تعزيز التعليم، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوسيع نطاق المشاركة السياسية، واحترام حقوق الإنسان، ويمكن لمصر أن تحقق أهدافها فى بناء مجتمع أكثر تماسكاً واستقراراً
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حقوق الإنسان الحرية الأحزاب فى الجمهوریة الجدیدة تعزیز المواطنة حقوق الإنسان تسعى الدولة إلى تعزیز من خلال
إقرأ أيضاً:
قرارات لتكتل الأحزاب والمكونات السياسية في اليمن لمرحلة ما بعد اسقاط انقلاب الحوثيين واستعادة صنعاء
اقر المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، تشكيل لجنة من ذوي المعرفة الخبرة تتولى إعداد تصور شامل لمرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب الحوثي، يشمل إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز مسار السلام الشامل والدائم، وضمان مشاركة وطنية واسعة لا تستثني أحدًا في صياغة مستقبل البلاد.
وعقد المجلس الأعلى للتكتل الوطني يوم الأحد، اجتماعًا هامًا برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رئيس التكتل، خُصص لمناقشة مستجدات المشهد الوطني وتحديد خطوات العمل للمرحلة المقبلة.
وخلال الاجتماع، أقرّ المجلس استمرار اللقاءات مع القوى الإقليمية والدولية ذات العلاقة الفاعلة في الأزمة اليمنية خلال الأيام القادمة، بهدف حشد الدعم الدولي لخيار استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي، والتأكيد على الالتزام بالحل المستند إلى المرجعيات الثلاث المتوافق عليها.
وتناول الاجتماع بقلق بالغ تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والخدمية في المناطق المحررة، محذرًا من تبعات استمرار انهيار سعر صرف الريال، وما يحدثه من آثار خطيرة على المستوى المعيشي واستقرار وسلام المجتمع. وشدد المجلس على ضرورة اضطلاع الحكومة بمسؤولياتها الكاملة، وفق الدستور والقوانين النافذة، واتخاذ معالجات جادة وعاجلة لمعالجة الأزمات المتعاقبة، وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين، بما يساهم في تعزيز صمود الشعب اليمني في هذه المرحلة الحرجة، ويعزز من فرص النصر.
وأكد الدكتور بن دغر في كلمته خلال الاجتماع على أن التكتل الوطني يواصل جهوده الحثيثة لتعزيز وحدة الصف الوطني، والعمل بروح مسؤولة لمواجهة التحديات الراهنة، انطلاقًا من التزامه الكامل بالشرعية الدستورية، والدفاع عن مشروع الدولة اليمنية الحديثة، المعبر عنه في الوثائق الوطنية.
يأتي هذا الاجتماع ضمن سلسلة من الخطوات السياسية والدبلوماسية التي يعتزم التكتل تنفيذها خلال المرحلة المقبلة، في إطار رؤيته الوطنية الجامعة الهادفة إلى إنهاء معاناة الشعب اليمني واستعادة أمنه واستقراره.