د. سهير عبدالسلام تكتب: حقوق الإنسان وحياة كريمة
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
تتسع دائرة حقوق الإنسان مع التطورات الهائلة فى كافة مجالات الحياة، والتى تنعكس بالضرورة على الإنسان المعاصر، وتقر له أجيالاً جديدة من الحقوق الإنسانية، التى تتطلب تضافر الجهود الشعبية والحكومية بل والدولية أيضاً، نظراً لاتساع رقعة المشكلات التى تواجه الإنسانية وتخطيها حدود الدول والأقاليم، كالحق فى السلام والحق فى التضامن والحق فى بيئة نظيفة، والحق فى حياة كريمة، هذا إلى جانب ما سبق من الحقوق الإنسانية التى أقرها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 عن الأمم المتحدة من الحقوق السياسية والمدنية، أو الجيل الثانى من حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وكانت مصر سباقة دائماً فى حماية حقوق الإنسان فى مختلف المجالات، ونص الدستور المصرى على حماية أهم الحقوق الإنسانية، وحرصت القيادة السياسية عند تخطيط وتنفيذ الجمهورية الجديدة على إطلاق مبادرة حياة كريمة عام 2019 لتطوير القرى المصرية الأكثر تضرراً وفقراً وجهلاً، إيماناً من الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن الحياة الكريمة هى اللبنة الأولى لحقوق الإنسان فى التعليم والصحة والسكن والبيئة النظيفة وإيجاد فرص عمل وتمكين المرأة والتنمية الثقافية وتحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية وغيرها من القيم الأساسية لحقوق الإنسان فى قرى ظلت خارج إطار خطط التطوير والتنمية لسنوات عديدة، ما أدى إلى تداعيات خطيرة نتجت عن ذلك الإهمال، أهمها انتشار الفكر المتطرف والفتن الطائفية والإرهاب، الذى عانت مصر من ويلاته إلى أن تمكنت من مواجهته والقضاء عليه، هذا إلى جانب انتشار الأمية والتسرب من التعليم والزيادة السكانية، وزواج القاصرات، وعمالة الأطفال، وعلى جانب آخر أدى سوء الأوضاع فى القرى إلى الهجرة الداخلية من القرية إلى المدينة بما أخل بالتوزيع السكانى فى مصر وتكدس السكان فى المدينة، كلها مشكلات بالغة الخطورة ليس فقط على حقوق الإنسان الأساسية بل على أمن واستقرار مصرنا الحبيبة، مما جعل مبادرة حياة كريمة محل تقدير وإعجاب لكثير من المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية باعتبارها أكبر مشروع تنموى من حيث الإنفاق وعدد المستفيدين.
وتضافرت الجهود من أجل إنجاح تلك المبادرة لتصبح حقيقة على أرض الواقع بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى وشركاء التنمية فى مصر، حيث تشارك 20 وزارة وهيئة مصرية، و22 منظمة مجتمع مدنى، إلى جانب سواعد الشباب المصرى المتطوع لعمل الخير والتنمية من خلال مؤسسة حياة كريمة لتنفيذ محاور عمل المبادرة وتحقيق أهدافها. وإذا كانت أهم عناصر الحياة الكريمة هى الحق فى السكن والتعليم والخدمات العامة، والحماية الاجتماعية، وحقوق المرأة والطفل والشباب وذوى الإعاقة وكبار السن، فإن مبادرة حياة كريمة تضمنت كل هذه العناصر، مستهدفة 1477 قرية فى المرحلة الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه، لتصل خدماتها إلى 18 مليون مستفيد، وحصلت قرى الصعيد على النسبة الأكبر من المبادرة بنسبة 68% فى تلك المرحلة، بينما تستهدف المرحلة الثانية من المبادرة 600 مليار جنيه خلال ثلاث سنوات.
وقد حققت المرحلة الأولى من مبادرة حياة كريمة عدة إنجازات فى القرى المستهدفة، منها:
- سكن كريم: رفع كفاءة المنازل وبناء أسقف 16 ألف منزل، و200 ألف مشروع مياه شرب بتكلفة 1.5 مليار جنيه، وتنفيذ 141 مشروع صرف صحى بتكلفة 1.550 مليار جنيه، وتنفيذ 5.9 مشروعات كهرباء داخل المنازل بتكلفة 1.425 مليار جنيه.
- تمكين اقتصادى: إنشاء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر وتفعيل دور التعاونية الإنتاجية فى القرى، وإنشاء مشروع تمكين المرأة المعيلة اقتصادياً فى 147 قرية، وتوفير 20 مليون جنيه لتمويل مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر.
- خدمات طبية: تم فى المرحلة الأولى إنشاء جديد ورفع كفاءة وتطوير شامل لـ1115 وحدة صحية ومركز طب أسرة فى القرى المستهدفة، بالإضافة إلى 167 نقطة إسعاف و23 مستشفى، وذلك وفقاً لمنظومة التأمين الصحى الشامل، وتسيير 264 قافلة طبية فى كافة التخصصات، وإجراء 12 ألف جراحة عامة، وجراحات العيون، وتسليم 600 ألف جهاز تعويضى، و18 ألف نظارة طبية.
- خدمات تعليمية: تنفيذ 150 مدرسة بتكلفة 750 مليون جنيه، وإضافة 917 فصلاً جديداً للمدارس القائمة، لتستوعب 36.680
36.680 ألف تلميذ.
- الاتصالات وشبكات الإنترنت: تعمل شبكات الإنترنت على توفير المعلومات والمعارف والأفكار والأخبار بما يمثل حلقة مهمة للتواصل الإنسانى والثقافى، لذا حرصت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على مد شبكات ضوئية والإنترنت إلى جانب شبكات المحمول لربط القرى بالمجتمع الخارجى.
- تدخلات بيئية: وذلك عن طريق تحسين البيئة المحيطة والطرق الآمنة والمياه النقية والصرف الصحى الآمن، هذا إلى جانب خطط توعية المواطنين بتدوير المخلفات والحفاظ على البيئة.
وتستهدف مبادرة حياة كريمة خلال العام الأول من مرحلتها الثانية «2025» 24.20 قرية، ومن أهم المشروعات فى هذا العام تدعيم شبكات مياه الشرب بأطوال ٢٣٥٠ كم وإضافة طلبات محطات معالجة الصرف الصحى بمعدل 97 محطة، وتطوير وإنشاء 4115 مدرسة و12565 فصلاً، وفى قطاع الصحة 55 مستشفى مركزياً و8542 وحدة صحية، و483 نقطة إسعاف.
وفيما يخص الشباب والرياضة، فتم إنشاء وتطوير 1584 مركز شباب إلى جانب رصف الطرق الداخلية والخارجية وغيرها من الإنجازات التى يفخر بها كل مصرى، ويستفيد منها الأكثر احتياجاً وفقراً وجهلاً، لتقليل الفجوة بين طبقات المجتمع الواحد، وتطوير مصر من المركز إلى الأطراف التى كانت بعيدة عن خطط التطوير والتنمية، فنحن الآن فى المرحلة الثانية لمبادرة حياة كريمة، وما زال أمامنا الكثير من التطوير والتنمية التى تبدأ من الإنسان وصولاً للمجتمع والدولة، إدراكاً بأن المواطن الصالح هو خط الدفاع الأول عن الوطن
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حقوق الإنسان الحرية الأحزاب مبادرة حیاة کریمة حقوق الإنسان ملیار جنیه إلى جانب فى القرى
إقرأ أيضاً:
رايتس ووتش: إعادة هيكلة الخارجية الأميركية تهدد حقوق الإنسان عالميا
أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش عن قلقها البالغ إزاء خطة إعادة هيكلة وزارة الخارجية الأميركية التي أعلنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، محذرة من أنها قد تؤدي إلى تقويض العمل المتعلق بحقوق الإنسان والعدالة.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد تخفيضات كبيرة في المساعدات الخارجية، مما أضر ببرامج حقوق الإنسان على نطاق واسع.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كسور وبقع.. حماس تتهم إسرائيل بتعذيب الأسير عبد الله البرغوثي والسعي لقتلهlist 2 of 2العفو الدولية: غزة تشهد إبادة جماعية على الهواء مباشرةend of listوأعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في 22 أبريل/نيسان الجاري عن خطة "إعادة تنظيم شاملة"، تهدف إلى مواءمة سياسة الوزارة مع شعار "أميركا أولا" الذي تبناه الرئيس ترامب.
ووفقا للهيكلة الجديدة، تم إلغاء العديد من المكاتب والوظائف العليا المخصصة لحقوق الإنسان.
ووفق المنظمة تثير هذه التغييرات قلقا واسعا بشأن ما إذا كانت حقوق الإنسان ستظل أولوية في السياسة الخارجية الأميركية.
وقالت سارة ياغر، مديرة مكتب واشنطن في هيومن رايتس ووتش "على الرغم من أن أي إدارة أميركية لم تحقق التزاماتها الكاملة تجاه حقوق الإنسان، فإن وزارة الخارجية طالما لعبت دورا حيويا في دمج حقوق الإنسان في السياسة الدبلوماسية الأميركية، ودعم المدافعين عن الحقوق، وتعزيز العدالة لضحايا الجرائم الفظيعة"، وهو ما قالت إنه قد يصبح جزءا من الماضي.
إعلانوتتضمن إعادة الهيكلة إلغاء عدة مكاتب رئيسية، بما في ذلك "مكتب قضايا المرأة العالمية" و"مكتب العدالة الجنائية العالمية". كما سيتم دمج "مكتب مكافحة الاتجار بالبشر" في مكتب "السكان واللاجئين والهجرة".
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن هذه التغييرات تعرّض العمل على قضايا حساسة مثل مكافحة الجرائم الدولية ودعم حقوق النساء واللاجئين لخطر الإهمال.
وأشارت المنظمة إلى أن العديد من أعضاء الكونغرس، الذين سبق أن دعموا هذه البرامج بشدة، يجب أن يضغطوا على الوزير روبيو للتراجع عن هذه القرارات، خاصة أن بعضها سبق أن حظي بدعم حزبي واسع، بما في ذلك من روبيو نفسه خلال فترة عمله في مجلس الشيوخ.
وأعربت المنظمة عن مخاوفها من أن إزالة مكاتب حقوق الإنسان تضاف إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب وأضرت بحقوق الإنسان عالميا، وتضمنت انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وفرض عقوبات على مدعي المحكمة الجنائية الدولية، فضلا عما عدته تحولا نحو "سياسات هجرة عنصرية"، وإلغاء المكاتب المخصصة لقضايا الصحة الإنجابية وحقوق الأقليات الجنسية.
وتوقعت المنظمة "تغييرات" في التقرير السنوي لحقوق الإنسان الذي ستصدره وزارة الخارجية في مايو/أيار المقبل، حيث يُتوقع حذف الأقسام الخاصة بحقوق النساء وحرية التعبير والتجمع.
وذكّرت المنظمة بمهاجمة روبيو مكاتب حقوق الإنسان، خلال إطلاق خطة إعادة الهيكلة، حين ادعى أنها أصبحت "منصات لنشطاء يساريين" لتبني أجندات معادية لدول صديقة مثل المجر وبولندا وإسرائيل.