هل ينقذ مشروع وزير التعليم المغربي المدرسة من أزمتها المتفشية؟
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
مراكش- بابتسامة حانية وصبر واضح، يستقبل أستاذ التعليم الابتدائي عبد الغفور حازم تلاميذه الجدد واحداً تلو الآخر، ساعيا بحديثه الودود والممزوج بدعابة خفيفة إلى تهيئة أجواء مريحة ومشجعة، تمكنه من تقييم مستوياتهم الدراسية عبر اختبارات فردية، في مدرسته التي اختارتها وزارة التربية الوطنية ضمن مشروع "المدرسة الرائدة".
يقول حازم للجزيرة نت وهو يراجع نتائج الاختبارات على منصة مسار التعليمية (رقمية لتسهيل الخدمات التعليمية) "بعد عودتنا من العطلة، وجدنا المدرسة في حلة جديدة، وأقسامنا مجهزة لأول مرة بعدة أساليب تعليمية مختلفة، قد تسهل عملنا اليومي وتساعدنا على تطبيق طرق التدريس الجديدة".
ويضيف "لكن في المقابل، نواجه تحديات كبيرة بسبب الكم الهائل من الإجراءات الإدارية التي يجب القيام بها، فكمية الوثائق التي يجب تدقيقها وملء الملفات ورقيا وإلكترونيا يتزايد يوماً بعد يوم، مما يستهلك وقتاً وجهداً كبيرين".
ينخرط الأستاذ حازم في تجربة جديدة لوزارة التعليم باعتماد مقاربة "التدريس وفق المستوى المناسب" أو ما يعرف بمدارس الريادة، وقد بدأت في 628 مدرسة ابتدائية، ثم توسعت لتشمل 2628 مدرسة ابتدائية و230 إعدادية مع بداية العام الدراسي الحالي.
ويعتمد هذا المشروع، المستوحى من تجربة هندية، على تخصيص المزيد من الوقت والجهد للتلاميذ المتعثرين في مواد القراءة والكتابة والحساب، ويتم ذلك من خلال استخدام تقنيات "التعليم الصريح" مع توفير دروس جاهزة، وذلك بهدف التحييد الكامل لأثر المدرس.
ويؤكد حازم، الذي تلقى تدريبا مكثفا لمدة 8 أيام، أن وزير التعليم شكيب بنموسى يولي أهمية قصوى لهذا المشروع، ويرى فيه حلاً لإنقاذ التعليم العام في المملكة من وضعيته المتأزمة.
وعلى الرغم من التفاؤل الرسمي بشأن نتائج المشروع الأولية، فإن الباحث في قضايا التربية سعيد أخيطوش يحذر من التفاؤل المفرط واعتبار المشروع حلاً سحرياً لجميع مشاكل التعليم في المغرب.
ويؤكد -في حديث للجزيرة نت- أن هذا المشروع محاولة من الوزارة لتجاوز الانتقادات اللاذعة التي وجهت إلى النظام التعليمي، خاصة من قبل المؤسسات الدولية المانحة.
من جانبه يرى الخبير التربوي عبد الناصر الناجي -في حديث للجزيرة نت- أن مدارس الريادة تركز على تنشيط الحياة المدرسية، من أجل جعل جودة التعليم الهدف المحوري لإصلاح المدرسة المغربية.
في حين يشير المفتش التربوي مولود أجراوي أن النموذج التنموي الجديد اعتبر العنصر البشري عاملا حاسما في تحقيق النجاح، وكان من اختياراته الإستراتيجية "تعليم ذو جودة للجميع".
ثغراتوتمتاز تجربة مدارس الريادة بعدة أساليب تدريس مبتكرة وألعاب تربوية، لإرساء جو من المتعة والمنافسة خلال الحصة الدراسية وكسر حاجز الخوف من الخطأ، مع التركيز على بناء القدرات بدل التقنيات، بالإضافة إلى الاستقلالية في الإنجاز.
وبخبرته الميدانية، يلاحظ أجراوي بعض الثغرات، ويرى أن هذه المقاربة تركز بشكل كبير على الجانب المعرفي، متجاهلة الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية المؤثرة في عملية التعلم، مبرزا أنها تخفض مستوى المضامين الدراسية لتناسب المتعلمين الضعفاء، بدلاً من رفع مستوى هؤلاء المتعلمين لمواكبة هذه المضامين.
من جهة أخرى، يلاحظ الناجي أن جون هاتي نفسه (عالم التربية المعروف بأبحاثه حول العوامل المؤثرة في التعلم) يرى أن نهج التدريس الصريح له حدوده، خاصة عندما يتعلق الأمر بتطوير مهارات التفكير النقدي والإبداع.
ويشدد الخبير التربوي على أهمية الجمع بين هذا النهج وأساليب تدريس أخرى أكثر تفاعلية وتركز على المتعلم.
ويضيف "بينما يسمح التطبيق الانتقائي لهذا المشروع، خاصة في مدارس الريادة، بتحسين جودة التعلم الأساسي، إلا أنه لا يكفي ليصبح المتعلم مواطنا قادرا على الابتكار ومواجهة تحديات المستقبل".
مخاوفبالرغم من حماسته الظاهرة، لا يخفي حازم مخاوفه التي تزداد مع الاطلاع على رأي الباحث أخيطوش الذي يوجه للمشروع تهمة الاعتماد على نماذج مستوردة من بيئات أخرى دون مراعاة خصوصية السياق المغربي، كما أن الترويج للنجاحات التي حققها المشروع جاء مبالغاً فيه وغير مدعوم بأدلة علمية كافية.
ويشير الباحث أيضا لانهيار الأركان الأساسية للمشروع والمتمثلة في التحفيز والإشهاد بعد معركة النظام الأساسي التي خاضها الأساتذة، إذ إن المنحة المالية التي كانت تراهن عليها الوزارة لضمان الانخراط الفعلي والجاد تضاءلت بعد إقرار الزيادة في الأجور.
ويثير إشكالات أخرى مثل إهمال اللغة الأمازيغية وعدم دمجها في المشروع، وإغفال قطاع التعليم الخصوصي، والعودة إلى احتكار الكتاب المدرسي.
مقارنة دوليةمن يسمع عبارة "المدرسة الرائدة" يجول في خاطره عدد من التجارب الدولية الناجحة، مما جعل حازم يتحمس للتجربة ويطمح وغيره لأن تجيب عن سؤال إنقاذ المدرسة المغربية.
لكن الخبير التربوي أخيطوش يجزم بأن المقارنة بين التجربتين المغربية والسعودية مثلا -من حيث الوسائل- تشبه اختلاف الشمس عن القمر، حسب تعبيره.
ويشرح بأن مدرسة الريادة السعودية نجدها متطورة، تركز على تدريس العلوم والتكنولوجيا من خلال برامج تعليم البرمجة والذكاء الاصطناعي ونظام دمج المهارات الذي يعد من أحدث أنظمة التعليم عالمياً، ثم الاهتمام بالتربية الأخلاقية وتنمية المهارات من خلال تطبيق التوكاتسو الياباني للتربية، ثم التركيز على تدريس اللغات باعتبارها أدوات تعليم مهارات المستقبل.
ويبرز أخيطوش أن الحديث عن إنقاذ المدرسة المغربية يستوجب استحضار المسار التراكمي للإصلاح والتجديد التربوي ومكانة النظام التربوي ضمن البيئة الدولية، ونظرة المغاربة لتعليم أبنائهم وصورة المدرسة التي يريدونها للسنوات القادمة.
وينبه إلى التهديدات التي يحملها المشروع لمكتسبات المغاربة من قبيل لقب "ملكة الرياضيات في أفريقيا" وترتيب المغرب في أولمبياد الرياضيات أفريقيا ودوليا، ثم عدد المتعلمين الذين ينجحون في الالتحاق بالمدارس العليا الدولية مثل "البوليتيكنيك الفرنسية" مؤكدا أنه كان من الممكن تطوير ما تم تحقيقه دون اللجوء إلى منظمات خارجية أو إقرار تجديدات هيكلية مكلفة جدا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مدارس الریادة
إقرأ أيضاً:
مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق يسهم في تعزيز الأمن الغذائي
العُمانية/ يعد مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق بمحافظة شمال الباطنة أحد المشروعات الناجحة التي تسهم في توفير أجود أنواع الموز، ويقام على مساحة تتجاوز 267 ألف متر مربع وبقيمة استثمارية تتجاوز 446 ألف ريال عُماني.
وبدأ مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق في مرحلته الأولى بزراعة 50 ألف شتلة موز موزعة على الأصناف ذات الجودة العالية وهي صنف وليم، وصنف (G9) وأصناف مطوّرة منهما، كصنف رزات، وسيتم خلال السنوات القادمة استكمال زراعة 80 ألف شتلة بحسب مراحل التنفيذ المخطط لها في المشروع.
ويأتي مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق في إطار مبادرات وزارة الإسكان والتخطيط العمراني وبالشراكة والتكامل مع وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بهدف دعم القطاع الزراعي في سلطنة عُمان وتنويع مصادر الأمن الغذائي ضمن أهداف رؤية عُمان 2040.
وأوضح المهندس سليم بن سيف الحاتمي المشرف على مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق لوكالة الأنباء العُمانية أن حجم الإنتاج في المرحلة الأولى بلغ 50 طنًّا شهريًّا، ويتم العمل على خطط طموحة للتوسع في المشروع والذي يتوقع أن يصل حجم الإنتاج السنوي له إلى 800 طن مع نهاية عام 2027م.
وقال إن المشروع يهدف إلى إنتاج وتزويد السوق المحلي والخارجي بموز عالي الجودة، وتعزيز الأمن الغذائي في سلطنة عُمان، حيث يتم استخدام أفضل الممارسات الزراعية الملائمة للظروف المناخية المحلية والتي ستسهم مستقبلًا إلى إنتاج حوالي 1400 طن سنوي.
وبيّن المهندس سليم بن سيف الحاتمي بأنه يتم جلب شتلات الموز من المختبرات النسيجية في سلطنة عُمان؛ حيث يتم حجز الشتلات المطلوبة وأحجامها ونوعيتها قبل الموسم الزراعي بـ 8 أشهر تقريبًا، مشيرًا إلى أنه يتم توزيع ثمار الموز في السوق المحلي عبر المراكز التجارية والأسواق المركزية والشركات المتخصصة في هذا المجال، منوهًا بأن عمليات التوزيع تحتاج إلى دعم لوجستي متنوع ومخازن إنضاج، وتوفير سلاسل التوريد من المزارع إلى الأسواق ومنافذ البيع الأخرى.
وأكد أن هناك تعاونًا وتسهيلات تقدمها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في مختلف الجوانب منذ إعداد دراسة الجدوى وأخذ الموافقات وتخصيص الأرض الأنسب لإقامة المشروع من حيث نوعية التربة ووفرة المياه والزيارات المستمرة من المهندسين للمشروع والوقوف على ما يتم إنجازه في كل مرحلة من مراحل الخطة التنفيذية، حتى بداية الإنتاج والتسويق.