قانون الأنذال والأُصَلاء: قراءة تحليلية
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
#قانون_الأنذال والأُصَلاء: قراءة تحليلية
بقلم: #جهاد_مساعده
بداية، لا بد من تعريف قانون الأنذال، والذي يمكن وصفه بأنه نمط من السلوكات والمواقف التي يتبناها الأفراد أو الجماعات بهدف التقليل من شأن الآخرين وإقصائهم. أما قانون الأُصَلاء، فهو يتمثل بالمواقف التي تعكس القيم النبيلة، مثل الاحترام، التعاون، والالتزام بقيم الشرف، والتسامح، حتى في حالات الاختلاف أو التنافس.
وأشير هنا أن مصطلح “اللاأحد” في هذا المقال يرمز إلى الفرد أو المجموعة التي تتبنى قانون الأنذال.
مقالات ذات صلةبعد نشر نتائج الانتخابات النيابية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات من نوعية “قانون الأصيل” و”قانون الأنذال”، حيث يعمد ” اللاأحد “ إلى تصنيف الآخرين وفقًا لمفاهيم ضيقة وشخصية. هذه العبارات أصبحت تتداول بشكل واسع، حتى أنها بدأت تؤثر في النقاشات العامة وتوجهات البعض نحو تقييم الآخرين بناءً على أهواء وتفضيلات شخصية.
هذا الانتشار الواسع استدعى ضرورة تحليل البُعد النفسي لمطلقي هذه العبارات وقراءتها قراءة نقدية، لفهم ما وراءها من دوافع ومواقف، وتحديد تأثيرها على القيم الاجتماعية والأخلاقية. هل هي مجرد تعبير عن الغيرة والتنافس؟ أم أنها انعكاس لنقص في منظومة القيم التي يجب أن تحكم تصرفاتنا وعلاقاتنا مع الآخرين؟
في زمن الانتخابات، لا تقتصر هذه المشكلة على بعض المرشحين فقط، بل تشمل مجموعة “اللاأحد” من الذين يتفوهون بعبارات مليئة بالعجرفة، مثل قولهم “في قانون الأنذال ما أحب فلان يصير أحسن مني..! وفي قانون الأصيل عسى الفارس من عربنا… !”.
حين يتفوه ” اللاأحد” بعبارات مثل “عسى الفارس من عربنا”، يظهر تفكيرًا ضيقًا وتعصبًا قبليًا، هؤلاء لا يهتمون بمصلحة الوطن، بل برغباتهم الشخصية، وكأنهم يملكون الحق في تحديد من هو “الفارس” ومن هو “النذل”. هذا التفكير يعكس عدم الفهم لجوهر العملية الديمقراطية.
هؤلاء مجموعة “اللاأحد” الذين يعتبرون أنفسهم “أصيلين” قد يكونون في الواقع هم عكس ذلك. فالأصالة ليست مجرد لقب أو صفة يمكن أن يمنحها الفرد لنفسه بناءً على نظرته الخاصة، بل هي سلوكيات ومواقف تعكس قيمًا مثل التواضع، الاحترام، والتعاون.
عندما يدعي المدعو “بلا أحد” أنه أصيل ويحاول التقليل من شأن الآخرين، فهو بذلك يعكس صفات النذالة. فالأصالة لا تُقاس بالتفاخر أو محاولة إظهار التفوق على الآخرين، بل في كيفية التعامل معهم بحب واحترام، حتى عند الاختلاف.
ومجموعة ” اللاأحد “ يفتقدون في الحقيقة إلى منظومة القيم التي تشكل جوهر الأخلاق. فالأصالة الحقيقية لا تتعلق بالتباهي أو تهميش الآخرين، بل هي مجموعة من القيم الإنسانية النبيلة مثل التواضع، الاحترام. عندما يرون أنفسهم أفضل من الآخرين، فإنهم يكشفون عن فراغ أخلاقي وضعف في فهم القيم الإنسانية والدينية.
إن فقدان منظومة القيم يعني غياب المبادئ الأساسية التي تحكم سلوك الأفراد وتجعلهم قادرين على التصرف بمسؤولية واحترام تجاه الآخرين. هؤلاء “اللاأحد” يفتقدون إلى المبادئ التي تجعلهم يدركون أن الاختلاف في الآراء لا يقلل من قيمة الإنسان، وأن التفوق الحقيقي لا يكمن في احتقار الآخرين، بل في القدرة على فهمهم والتعامل معهم بإنصاف واحترام.
في النهاية، من يفتقر لمنظومة القيم يعيش في عالم ضيق، يحركه الحقد والأنانية، غير مدركين أن الأصالة الحقيقية تُبنى على أسس من الكرامة الإنسانية.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان جسرٌ للسلام ومصدرٌ لبناء الحضارات
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الأديان السماوية جاءت لترسيخ المبادئ الإنسانية، وتثبيت القيم الأخلاقية العليا التي تحفظ كرامة الإنسان وتصون المجتمعات من عوامل التشتت والانهيار، مشددًا على أن الفهم الصحيح للدين هو ما يربط الإنسان بغيره على أساس من الرحمة والتعاون، لا على التنازع والإقصاء، موضحًا أن المشترك الإنساني بين الأديان يمثل مرتكزًا رئيسًا في تحقيق السلم الاجتماعي، وقاعدة صلبة يمكن البناء عليها لتعزيز التفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة.
جاء ذلك خلال كلمته، في الندوة التي نظمتها مديرية التربية والتعليم بمحافظة الشرقية، بالتعاون مع دار الإفتاء المصرية، ضمن سلسلة اللقاءات الفكرية والتوعوية التي تهدف إلى ترسيخ القيم الدينية والإنسانية في نفوس طلاب المدارس.
وأضاف المفتي، أن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى هذه القيم الجامعة التي تعلو فوق الانتماءات الضيقة، وتسمو على النزعات الفردية، والتي إن غابت ظهرت الفوضى وتفاقمت الأزمات، مبينًا أن الإسلام حين خاطب الإنسان خاطبه من حيث هو إنسان، لا من حيث جنسه أو لونه أو لغته أو عقيدته، وهو ما يدل على عظمة الرسالة وسمو الهدف.
وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن الأديان السماوية قد اتفقت جميعها في أصول العقيدة والشريعة والأخلاق، فجميع الرسل دعوا إلى التوحيد، وحثوا على مكارم الأخلاق، ونبذوا الفواحش والآثام، مؤكدًا أن هذه المشتركات ليست مجرد نظريات بل هي واقع يجب أن يُترجم إلى سلوك يومي يعزز من وحدة المجتمعات ويرتقي بالإنسانية جمعاء، موضحًا أن التحديات الفكرية والأخلاقية التي تمر بها المجتمعات المعاصرة تتطلب العودة الصادقة إلى هذه القيم النبيلة، مؤكدًا أن الدين لا يتحمل وزر من يسيء فهمه أو يحرّفه عن مقاصده السامية، وأن الرسالة الحقيقية للأديان قائمة على الرحمة والعدل وإعلاء الكرامة الإنسانية.
من جانبها، أكدت الدكتورة، إيمان محمد حسن، رئيس الإدارة المركزية للأنشطة الطلابية بوزارة التربية والتعليم، أن هذه اللقاءات تسهم في بناء الشخصية المتزنة للطلاب، وغرس القيم العليا في نفوسهم، مشيدة بما يقدمه فضيلة المفتي من خطاب ديني رشيد، يحترم العقل ويهذب الوجدان، كما عبّر الأستاذ عبد الرحمن عبد اللطيف، وكيل مديرية التربية والتعليم بمحافظة الشرقية، عن شكره وتقديره لزيارة فضيلة المفتي، موضحًا أن الندوة تمثل إضافة نوعية في مسار العملية التعليمية والتربوية، وتعزز من جهود بناء وعي طلابي مستنير، كما حضر اللقاء الشيخ، السيد الجنيدي، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة الشرقية الأزهرية، والدكتور خالد محمد عطية، مدير عام الإرشاد الديني بمديرية أوقاف الشرقية.
وتأتي هذه الندوة في إطار استراتيجية وطنية شاملة تتبناها دار الإفتاء المصرية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بهدف نشر الوعي الديني الصحيح، وتحصين الطلاب من الانحرافات الفكرية، وتعزيز ثقافة التعايش والسلام في نفوس النشء.