استياء في اليمن من احتكار حقوق النشيد الوطني للجمهورية وقيود استخدامه في السوشيال ميديا
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
أشعلت عملية احتكار النشيد الوطني للجمهورية اليمنية بصوت الفنان أيوب طارش عبسي وقيود استخدامه في السوشيال ميديا، استياءً واسعا بين أوساط اليمنيين، خاصة مع قدوم الذكرى الـ 62 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة.
وأقدمت مؤسسة "أيوب طارش" مؤخرا على احتكار أغاني الفنان بما فيها النشيد الوطني وكل الأناشيد الوطنية التي تتغنى بثورات اليمنيين، على منصات التواصل الاجتماعي ويوتيوب.
ويتزامن هذا الاحتكار مع تدشين اليمنيين حملات إعلامية احتفاء بثورة 26 سبتمبر، على منصات التواصل الاجتماعي، ردا على محاولات جماعة الحوثي وأد وطمس ذكرى الثورة ومنعها لأي فعاليات احتفائية، تذكر بالعهد الإمامي البائد، الأمر الذي زاد من استياء الناشطين من هذا الاحتكار.
ولاقت عملية احتكار النشيد الوطني، وبقية الأناشيد الثورية جدلا واسعا، الكثير يرون أن النشيد الوطني ثروة قومية ولا يحق لأي شخص تغنى بها أن يحتكرها، لكن البعض برأوا شخص الفنان أيوب من هذا الاحتكار، متهمين مدير مكتبه باستغلاله كبر سن الفنان وبالتكسب خدمة لأجندات جماعة الحوثي، التي وجهت بعدم الاحتفال بثورة 26 سبتمبر ومنع رفع العلم الوطني.
وفي السياق قال الناشط الإعلامي حمزة المقالح "وضع النشيد الوطني باعتباره ملكية خاصة بالفنان أيوب طارش أكبر هدية للإمامة في شهر سبتمبر الفضيل".
وأضاف "أمانة لو زعيم الحوثيين عبدالملك نقى خصومه بيده ما يطلعوا أحسن من ذي هم موجودين"، متابعا "قالك النشيد الوطني حقوق ملكية خاصة بمكتب ايوب طارش".
وأردف المقالح ساخرا "الله والفعلة، باقي العلم الله يستر لو يطلع لنا واحد يقول هو حق جدي لأنه أول من خيط العلم".
الإعلامي عبدالله دوبله قال إن "النشيد الوطني اشترت حقوقه دولة الجنوب اليمني من الفنان أيوب ودفعت له قيمته، وهو شهد بذلك، وبالتالي النشيد الوطني ملك للجمهورية اليمنية، وليس للفنان".
وأكد أن سطو فريق أيوب على حقوق النشيد الوطني والاغاني الوطنية الاخرى، واحتكارها في وسائل التواصل بلطجة غير مقبولة.
من جانبه انتقد الإعلامي عبدالسلام الشريحي، فريق الفنان لاحتكاره الأغاني الوطنية ويمنع استخدامها ويطالبهم بحقوق.
وقال الشريحي "هذا الفريق يسيء لفناننا القومي كما لم يفعل ألد أعدائه، قبل أشهر نزلوا له أغنية وصوته تعبان وما تليق بقامته ولا بحبنا له".
وأضاف "لما كتبت دخلوا لي من مكتبه يبرروا إنه يشتوا أرباح من يوتيوب.. أرباح يا جشعين؟ متسائلا: الأرباح أهم من سمعة أيوب؟ متابعا "أيوب كل واحد فينا يحسه أبوه وعمه وكل أهله ولو احتاج شي الأرض كلها بتوقف معه".
وأردف "أيوب يا مكتبه الجشع زيه زي علم أو نشيد وطني عندنا مش حكر لكم تتربحوا بعده، والحمد لله حبيناه قبل ما نعرفكم وإلا كان الوضع مختلف".
الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي، محمد الجماعي، دعا إلى حملة موجهة لمدير أعمال المناضل الكبير، فنان اليمن أيوب طارش عبسي، لاحتكاره حقوق نشر مقاطع أغاني أيوب الوطنية.
وقال "معهم كل الحق.. نحن في سبتمبر وهذا عيدنا، الكل يريد إعادة نشر هذه المقاطع كل بطريقته، فلماذا يحتكر هذا الرجل حقوق أيوب، ولمصلحة من يقيد نشر هذه المقطوعات الوطنية في شهر كهذا، خاصة وأن أيوب أصبح تراثا وطنيا لكل الأجيال، وهذا هو أهم عائد لفناننا الخالد، أكبر مما سيجنيه مدير صفحته من عائدات يوتيوب".
وأضاف "يجب أن تبقى بعض الأعمال الفنية الوطنية بمستوى الطير الجمهوري، لا سيما النشيد الوطني الذي تعتبر حقوقه مملوكة للدولة بعد شراء هذه الحقوق من أصحابها، كلمات وألحان وأداء من جانب حكومة الشطر الجنوبي سابقا، وأيضا من قبل حكومة الوحدة عام 90م، وقد اعترف دستور دولة الوحدة في المادة ( ) بالحق الفكري وليس الملكية لهذه الأغنية، وذكرت المادة نصا، اسم الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان، وصاحب اللحن والأداء أيوب طارش".
وتابع الجماعي "في مصر قيل إن عبدالناصر اتصل بإذاعة القاهرة عندما قرروا إلغاء اغاني أم كلثوم من خارطة البث اليومي، بحجة أنها أصبحت تمثل النظام القديم، يقصدون العهد الملكي! فرد عليهم عبد الناصر: أغاني الست أم كلثوم بمثابة الهرم الرابع بالنسبة لمصر".
سامي الحميري، غرد بالقول "النشيد الوطني للجمهورية اليمنية ملكية خاصة بالفنان أيوب طارش، هذه أكبر مسخرة يشهدها اليمن في سنين الحرب والصرعات".
في حين استنكر عبدالسلام القيسي، بالقول "حتى أيوب طارش حجب النشيد الوطني وأغانيه للجمهورية والثورة بدعوى حقوق ملكية".
وقال "جمهورية ينهشها الجميع، الحوثي والمتمصلحين، مخاطبا أيوب بالقول "كان لك شرف غناء النشيد الوطني يا أيوب وليس العكس، هدمت رمزيتك بهذا التصرف".
كذلك المعتصم الجلال، قال "نشرت مقطع من النشيد الوطني قبل قليل، وسرعان ما سكت الصوت"، مشيرا إلى أيوب طارش عنده فريق يشقوا بالأغاني الوطنية ويسكتوا أي حد ينشرها، خاصة ونحن نعيش فترة استثنائية مع أجواء عيد 26 سبتمبر المجيد.
وأضاف "حصر حقوق النشر بالأناشيد الوطنية والثورية، حاجة غير منطقية يا أيوب، أنت فنان الشعب".
محمد البذيجي، كتب "أنا على يقين أن أيوب طارش بريء مما يرتكب باسمه في حجب النشيد الوطني والأناشيد الوطنية الأخرى"، مشيرا إلى أن الذي وضع الحقوق عليها هو مدير مكتبه وهو بالمناسبة صهره يستغل كبر أيوب طارش ليحاول من خلاله سلب الرمزية الوطنية من أيوب وتحويله إلى تاجر وطني.
وأضاف "نثق بالأستاذ ايوب ونجله شادي وبقية أفراد الأسرة بتصحيح الأمر ومنع مثل هذه الممارسات التي تسيء لأيوب وتاريخه".
وزاد "نحن مع حفظ حق أيوب طارش وحاليا الحق الفكري محفوظ للأشخاص والمؤسسات، ومن حق أيوب طارش حفظ حقوقه ومنع أي تطاول على أغانيه أو أداءها من قبل الفنانين الشباب بشكل هزيل ومهترئ، وهذا ما علمته أن أيوب منزعج من هذه السلوكيات فقط".
وقال "الخلاصة اننا اكثر الناس رغبة في حفظ حقوق أيوب طارش لكن أن لا تمنع الناس من المشاركة والنشر وهذا هو بالضبط ما يعطيك الحق المادي لكل ما هو موجود على السوشل ميديا والمستفيد الأكبر هو مؤسسة أيوب طارش وشخصه".
الصحفي معين النجري أكد أن الأغاني الوطنية ثروة قومية وقال ساخرا "فيه ناس، يشتوا يحتكروا الأغاني الوطنية حق أيوب طارش، هذه الأغاني ثروة قومية يا مدوخين".
فيما كتب خالد سلطان، "الفنان الكبير أيوب طارش أستاذ الفن ومن ينكر ذلك، لكن يا أستاذنا لماذا تحجب علينا كل مقطع لك يحمل، صوتك نقوم بالنشر فيه هل استغنيت عن محبيك وجمهورك في آخر عمرك، فقط، عشان المال؟
وأضاف "صحيح أنه لا أحد وقف معك في الجانب المادي من حكومة وجهات مسؤولة، ولكن لماذا لاتقف أنت مع جمهورك الذي جعل منك أيوب الإنسان الفنان الجميل، حتي اعتبرناك فنان الشعب والوطن ولا اعتقد بأنه أنت راضي بكل هذا التصرف تجاه جمهورك الذي ما يزال يعشق أغانيك؟
واستدرك مخاطبا أيوب: فإذا أردت أن تبقى ايوب الوطن، ايوب الشعب، فدع كل محبيك تنشر أي مقاطع لأغنية قد تم نشره من سيدتكم وقد ضمنتم حقوقك الكاملة من النشر فأنت أيوب وستبقى أيوب، ولكن لا تحتكر فن سخرته للوطن والشعب ولا تجعل ايوب لنفسك فقط".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن النشيد الوطني الفنان أيوب طارش حقوق فكرية الأغانی الوطنیة النشید الوطنی الفنان أیوب أیوب طارش
إقرأ أيضاً:
أهل الشمال بين الدور الوطني والاتهامات الجائرة
دراسة تحليلية على ضوء توثيق د. حياة عبد الملك
مقدمة:
في ظل الانهيار الوطني الشامل، تتصاعد أصوات تُحمّل أهل الشمال مسؤولية فشل الدولة السودانية، وتتهمهم بالهيمنة على السلطة والثروة، وكأنهم ظلوا وحدهم يحكمون السودان منذ الاستقلال. هذا الخطاب العاطفي، المحمّل بالكراهية والتعميم، يتغافل عن حقائق موضوعية موثقة، من أبرزها ما سجلته الدكتورة حياة عبد الملك في أبحاثها، التي كشفت الدور الجوهري لأبناء الشمال في تأسيس مؤسسات الدولة، والظروف التاريخية التي أفرزت تفاوتات في التعليم والوظائف، كما وثّقت الصدام بين مفاهيم الدولة الحديثة وبين الذهنية القبلية التي ترى الأرض حقاً قبلياً لا عاماً.
أولاً: دور أبناء الشمال في بناء الدولة السودانية
منذ الحقبة الاستعمارية، وُجد أبناء الشمال في تماس مباشر مع أدوات الحكم والإدارة، لا بحكم الامتياز بل بسبب القرب الجغرافي من المركز. نالوا القدر الأكبر من التعليم ولكنهم لم يتقوقعوا في مناطقهم ولا المركز، بل انطلقوا إلى جميع أقاليم السودان – خاصة دارفور وكردفان والجنوب – موظفين في جهاز الدولة: معلمين، أطباء بيطريين وبشريين، مهندسين، قضاة، ضباطاً إداريين، زراعيين ومهنيين في كل القطاعات. قدموا الخدمات في ظروف قاسية وبعيداً عن أسرهم ومجتمعاتهم، بدوافع وطنية لا سلطوية، وبمرتبات تكفل العيش الكفاف، ولم يحصوا على أي إمتيازات خاصة، من سكان تلك المناطق، بل كانوا نموذجاً لنكران الذات في سبيل بناء دولة حديثة تسع الجميع وتحيل الثروات الطبيعة لرخاء ونعيم.
ثانيًا: فشل الدولة السودانية والتصادم مع التعدد
لم يكن فشل الدولة نتاج فساد فقط، بل نتيجة غياب مشروع وطني جامع يعترف بالتنوع، ويؤسس لوحدة طوعية. لقد حاولت النخب فرض مركزية سلطوية، على نمط بريطانيا، على مجتمعات لا تزال تقيس الشرعية بمدى الالتزام بالانتماء القبلي، فكانت النتيجة فقدان الثقة وتمدد الفوضى. الدولة لم تدمج هذه المجتمعات، وهي مجتمعات، حتى هذه اللحظة، لا تعترف بجدوى الولاء القومي.
ثالثاً: العشوائيات كنتاج للقطيعة بين الدولة والمجتمع
توثّق أبحاث د. حياة أن مفاهيم مثل “ملكية الدولة للأرض” لم تجد طريقها إلى الوعي الجمعي في مجتمعات تعيش على إرث تقليدي قبلي، خاصة في دارفور، حيث زعماء القبائل هم يملكون الأرض، يمنحون ويحرمون كيفما يشاؤون، وبسبب غياب الاعتراف بهذه الملكية للدولة المدنية، حُرم كثيرون، من مواطني دارفور على وجه الخصوص، من التملك وفرص العيش الكريم، ولم يكن أمامهم سوى العمل بالسخرة أو نزوحهم للمدن الكبرى، في الشريط النيلي وخاصة العاصمة حيث أقاموا في أطرافها، ليصبحوا عالة على نظام خدمي هش. الدولة لا تستطيع أن تقدم خدمات لمجتمعات لا تدفع الضرائب، ولذا لن يكون لها وجود في سجلات الصحة والتعليم. وهكذا نشأت أحياء هشة، خارج السيطرة، بيئات خصبة للجريمة والتطرف، والإستقطاب للحروب تحت ذريعة الظلم والتهميش ومع ذلك يُحمّل سكان تلك المدن، وهم أهل الشمال تلك المسؤولية!
رابعاً: الهجوم على قبائل الشمال
تشويه متعمد للتاريخ
الدناقلة، المحس، الحلفاويون، السكوت الجعليون، الشايقية هي قبائل أصبحت تتعرض لحملات منظمة من التشكيك والتشويه. لكن التاريخ يشهد بأنهم كانوا في طليعة مناضلي الاستقلال، ورواد الخدمة المدنية، وروح الثورات. اتهموهم بالهيمنة، ونسوا أنهم كافحوا وتعلموا ليس من أجل مجتمعاتهم فقط بل الهجرة من اقصى الشمال ليخدموا في أقصى الجنوب، وبهذا لا يعقل أن نسميهم مستعمرين بل وطنيين حتى النخاع.
خامساً: أبناء الشمال والتعليم، رهانات لا امتيازات
لم يكن التعليم حكراً على أحد، لكن أهل الشمال آمنوا به، وضحوا من أجله، راهنوا عليه كمصعد اجتماعي ولم يرثوه جاهزًا. واليوم، أصبح ما كان بالأمس تضحية، يُقدَّم على أنه جريمة امتياز وهيمنة.
سادساً: نحو حل عادل
تفكيك المركزية وإعادة هيكلة الدولة
المركزية فشلت.
والمطلوب الآن نموذج كونفدرالي مرن يمنح كل إقليم سلطة ذاتية، ويقرّ بحق تقرير المصير، ولكن داخل عقد أخلاقي ووحدوي. العودة إلى الأصول، وعودة كل مكون إلى موطنه، هو الخيار الأمثل لتحقيق الاستقرار، وتعزيز الثقة، وإنهاء حالة الاستقطاب والعداء.
خاتمة:
الخطاب الذي يُحمّل الشمال كل أوجاع السودان، هو خطاب ظلامي إرهابي لن يعيد الحقوق ويضمن العدالة ولن يبني وطناً. آن الأوان لعقد اجتماعي جديد، قوامه الشراكة والاعتراف والعدالة، لا الدماء والكراهية. من حلفا إلى الفاشر، ومن بورتسودان إلى الجبلين، يمكن أن ينشأ سودان جديد، كونفدرالي، يعترف بالتنوع ويحتفي بالاختلاف، ويضمن الحقوق للجميع، بشرط أن يرضى الجميع بالعودة لأصولهم، والتحرر من أحقاد الماضي.
المرجع:
أبحاث ومقالات الدكتورة حياة عبد الملك حول موظفي الشمال، وتاريخ الخدمة المدنية، وسوسيولوجيا العلاقة بين الدولة والقبيلة في السودان.
٦ أبريل ٢٠٢٥
sfmtaha@msn.com