بوابة الوفد:
2024-09-18@04:47:32 GMT

علوم‭ ‬مصر‭ ‬المنهوبة

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

قبل‭ ‬عدة‭ ‬أعوام‭.. ‬اشتكى‭ ‬لى‭ ‬صديقى‭ ‬الكاتب‭ ‬الكبير‭ ‬الراحل‭ ‬عايد‭ ‬الرباط‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬المصادر‭ ‬عن‭ ‬الإمام‭ ‬الليث‭ ‬بن‭ ‬سعد‭.. ‬وكان‭ ‬حينها‭ ‬يعد‭ ‬مسلسلا‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬الليث‭ ‬للعرض‭ ‬فى‭ ‬رمضان‭.. ‬وخلال‭ ‬رحلة‭ ‬بحثه‭ ‬كانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬التى‭ ‬أذهلتنا‭.. ‬فآثار‭ ‬ومؤلفات‭ ‬عالمنا‭ ‬قد‭ ‬اختفت‭ ‬كليًا‭.

. ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬منها‭ ‬أثر‭ ‬سوى‭ ‬فى‭ ‬مكتبة‭ ‬نيويورك‭!.‬
والليث‭ ‬بن‭ ‬سعد‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭.. ‬هو‭ ‬إمام‭ ‬مصر‭ ‬وفقيهها‭ ‬وعالمها‭ ‬الذى‭ ‬قال‭ ‬عنه‭ ‬الإمام‭ ‬الشافعى‭ ‬كان‭ ‬أعلم‭ ‬أهل‭ ‬زمانه‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬أصحابه‭ ‬ضيعوه‭.. ‬فقبل‭ ‬1200‭ ‬عام‭ ‬أخبرنا‭ ‬الإمام‭ ‬الشافعى‭ ‬بضياع‭ ‬آثار‭ ‬الليث‭.. ‬ويبقى‭ ‬السؤال‭: ‬كيف‭ ‬انتقلت‭ ‬تلك‭ ‬الآثار‭ ‬إلى‭ ‬نيويورك‭.. ‬ومتى‭.. ‬وعلى‭ ‬يد‭ ‬من‭ ‬تمت‭ ‬تلك‭ ‬الجريمة؟‭!.. ‬ماذا‭ ‬نعرف‭ ‬عنها؟‭.. ‬ما‭ ‬الذى‭ ‬فاتنا‭ ‬منها؟‭.. ‬وما‭ ‬الذى‭ ‬أثار‭ ‬شغف‭ ‬الغرب‭ ‬فى‭ ‬فقه‭ ‬عالم‭ ‬مسلم‭ ‬أغلب‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬يخص‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭.. ‬ليحفظه‭ ‬ويصونها‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنوات؟‭.‬
والواقع‭ ‬أن‭ ‬مفكرى‭ ‬الإسلام‭ ‬لم‭ ‬يقدموا‭ ‬للبشرية‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فقط‭.. ‬بل‭ ‬امتدت‭ ‬مؤلفاتهم‭ ‬إلى‭ ‬العلوم‭ ‬الطبيعية‭ ‬والإنسانية‭.. ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬علوم‭ ‬الشريعة‭ ‬قدموا‭ ‬ما‭ ‬يوصف‭ ‬بقواعد‭ ‬الفكر‭ ‬الإنسانى‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬البعض‭ ‬فلسفة‭ ‬الإسلام‭.. ‬عرفها‭ ‬الغرب‭ ‬وقدرها‭ ‬قدرها‭ ‬فقاتل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستحواذ‭ ‬عليها‭.. ‬عكف‭ ‬على‭ ‬دراستها‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭.. ‬حرص‭ ‬على‭ ‬حرماننا‭ ‬من‭ ‬إرثنا‭ ‬الذى‭ ‬جهلنا‭ ‬قيمته‭.. ‬فتقدم‭ ‬وتخلفنا‭.‬
وللحديث‭ ‬عن‭ ‬آثار‭ ‬الفكر‭ ‬المصرى‭ ‬والعربى‭ ‬شجون‭ ‬وأحزان‭ ‬لا‭ ‬تنتهى‭.‬
ولك‭ ‬أن‭ ‬تتخيل‭ ‬وأنت‭ ‬من‭ ‬أمة‭ ‬الإسلام‭.. ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬مخطوطة‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم‭ (‬كتابك‭ ‬المقدس‭) ‬والتى‭ ‬خطت‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬أو‭ ‬الخلفاء‭ ‬الراشدين‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬ليست‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬من‭ ‬مساجدنا‭ ‬أو‭ ‬مكتباتنا‭ ‬لكنها‭ ‬أحد‭ ‬مقتنيات‭ ‬جامعة‭ ‬برمنجهام‭!.. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب‭.. ‬فلك‭ ‬أن‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬مخطوطة‭ ‬عربية‭ ‬فى‭ ‬مكتبات‭ ‬ومتاحف‭ ‬العالم‭.. ‬رصدت‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬منها‭ ‬4‭ ‬ملايين‭ ‬مخطوطة‭ ‬فى‭ ‬مكتبات‭ ‬الغرب‭ ‬وحدها‭. ‬
وبالطبع‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نلوم‭ ‬الغرب‭ ‬لتقديره‭ ‬لعلومنا‭ ‬ومعرفته‭ ‬لقيمة‭ ‬الكنز‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬بأيدينا‭ ‬وجهلنا‭ ‬قيمته‭.. ‬قدر‭ ‬لومنا‭ ‬للجهل‭ ‬والخيانة‭ ‬والسفه‭ ‬فينا‭.‬
وإذا‭ ‬انتقلنا‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬آثار‭ ‬قدماء‭ ‬المصريين‭ ‬وعلومهم‭.. ‬كانت‭ ‬الخسائر‭ ‬أكبر‭ ‬والألم‭ ‬أكثر‭ ‬قتلا‭.. ‬فأول‭ ‬ما‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬حين‭ ‬نذكر‭ ‬كنوز‭ ‬الآثار‭ ‬المصرية‭.. ‬هو‭ ‬الذهب‭ ‬والمنحوتات‭ ‬المذهلة‭ ‬وربما‭ ‬المومياوات‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬أهل‭ ‬الجنوب‭ ‬عندنا‭ (‬المساخيط‭) ‬وادعاء‭ ‬ما‭ ‬تحويه‭ ‬من‭ (‬زئبق‭ ‬أحمر‭.. ‬لجلب‭ ‬الحبيب‭).. ‬وهذه‭ ‬النظرة‭ ‬الغاشمة‭ ‬النهمة‭ ‬التى‭ ‬روجها‭ ‬لصوص‭ ‬الآثار‭ ‬وسماسرة‭ ‬الأوطان‭.. ‬هى‭ ‬الجهل‭ ‬ذاته‭ ‬والخبل‭ ‬بعينه‭.. ‬فكنوز‭ ‬مصر‭ ‬الحقيقية‭ ‬التى‭ ‬حفظتها‭ ‬مقابر‭ ‬الأجداد‭.. ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬جثثا‭ ‬حفظت‭ ‬من‭ ‬التحلل‭.. ‬أو‭ ‬بضعة‭ ‬منحوتات‭ ‬وحلى‭ ‬ذهبية‭.. ‬لكنه‭ ‬العلم‭ ‬الذى‭ ‬جاء‭ ‬بذلك‭ ‬كله‭.. ‬ذلك‭ ‬العلم‭ ‬الذى‭ ‬حفظته‭ ‬ودونته‭ ‬البرديات‭ ‬لينهل‭ ‬منها‭ ‬الغرب‭ ‬مايشاء‭.. ‬ونبقى‭ ‬عطشى‭ ‬ضياعًا‭ ‬فى‭ ‬ظلمات‭ ‬الجهل‭ ‬والتخلف‭.. ‬فعن‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬برديات‭ ‬علوم‭ ‬الطب‭ ‬والفلك‭ ‬والهندسة‭ ‬والرياضيات‭.. ‬فى‭ ‬مخازن‭ ‬متاحف‭ ‬ومكتبات‭ ‬الغرب‭ ‬سيكون‭ ‬حديثنا‭ ‬فى‭ ‬المقال‭ ‬القادم‭. ‬

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أمة الإسلام لوجه الله

إقرأ أيضاً:

«عمر أفندى»

يشعر الفرد بالأمان النفسى والراحة والاطمئنان بالعيش فى الماضى الذى يألف أحداثه وأشخاصه، وقد تجسد ذلك بوضوح على مدار خمسة عشر يوما عشنا جميعا فيها حالة من الغموض والترقب المرتبطة بأحداث مسلسل «عمر أفندي» التى تدور بين حقبتين زمنيتين؛ عكست الأولى عالمنا المعاصر الضاغط بكل ما قد تحمله طياته من قسوة، بينما عكست الثانية الماضى فى حقبة الأربعينيات وزمن قصص الحب الأفلاطونية وبدايات عديد من الفنون الاستعراضية والحياة ذات الإيقاع الهادئ المتزن، حيث يبدو كل شيء ذا رونق خاص وجذاب.

بطل القصة من وجهة نظرى هو الغائب الحاضر «تهامي» الذى برع فى أداء دوره الفنان القدير محسن صبري، وبدأت من خلاله أحداث المسلسل، ف»تهامي» هو الأب الذى يسعى إلى إرضاء ابنه «علي» الذى يريد أن يتزوج فتاة شديدة الثراء، أحبها فاضطر للعمل مع والدها وتوقيع شيكات على نفسه لإثبات عدم طمعه بأموالها، وبسبب رفض «تهامي» بيع منزله لسر ما، ورفضه الزيجة هو الآخر لعدم التكافؤ وأمام إصرار ابنه يقاطع كل منهما الآخر لسنوات، ويتوفى تهامى لتبدأ أحداث المسلسل بعد وفاته، وينكشف السر لعلى.

إذ ينقلب كل شيء رأسا على عقب فور وفاة تهامي، حيث يكتشف «علي» سردابا بمنزل والده يقوده إلى الماضي؛ وتحديدا عام ١٩٤٣، وهناك يتعرّف إلى «زينات» الفنانة الاستعراضية وأمها «دلال» الراقصة المعتزلة زوجة أبيه، و»دياسطي» البوسطجى الذى يحلم أن يكون فدائيا، و»شلهوب» اليهودى البخيل الذى يخشى الألمان ويحاول التخفّى منهم، إضافة إلى شخصيات أخرى، ويكتشف «علي» من خلال معايشته لهذا الزمن بشخصياته أن والده «تهامي» قد سبقه إليه، وحظى بمكانة كبيرة وحُب كل من تعامل معه، ويعرف كيف كان والده يحبه ويفتقده ويراقبه من بعيد للاطمئنان عليه، فيقرر «علي» أن يكمل مسيرة والده خلال تلك الفترة.

وتدور أحداث المسلسل ونعيش معها أجمل لحظات الحنين إلى الماضي، فمثلما أحب «علي» أو عمر أفندى بطل المسلسل فترة الأربعينات بشخصياته الهادئة وتفاصيل الأماكن والديكورات وأشكال السيارات وبساطتها؛ أحبها أيضاً المشاهدون متخيلين أنفسهم ومتمنين جميعا أن يعودوا إلى تلك الفترة ويعيشوا فيها كما فعل «علي» من خلال أحداث المسلسل.

إلا أن الحنين إلى الماضى له أساس سيكولوجي، يطلق عليه مصطلح النوستولجيا أو النوستالجيا (الحنين إلى ماض مثالي) والذى ابتكره طالب الطب «يوهانس هوفر» بعد أن لاحظ أن مجموعة من العمال السويسريين المغتربين عن أوطانهم كانت تظهر عليهم أعراض مشتركة مثل: الأرق، وعدم انتظام ضربات القلب، وتبين فيما بعد أن من أهم أسبابها الشوق والحنين إلى أوطانهم. ويشير علماء النفس أن النولستوجيا هى آلية دفاع يستخدمها العقل لتحسين الحالة النفسية ولتحسين المزاج خاصة عندما نواجه صعوبات فى التكيف، وعند الشعور بالوحدة، كما أن الحنين إلى الماضى مهم للصحة العقلية والنفسية، وله فوائد جسدية وعاطفية؛ فهو أسلوب ناجح فى محاربة الاكتئاب وقتيا ويعزز الثقة بالنفس والنضج الاجتماعى.

وفى النهاية، تبقى الدراما نافذة المشاهدين لعوالم وأزمنة متنوعة نعيش معها تجارب عِدة ونستلهم مشاعر متنوعة.

أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • جدى إخناتون!!
  • «عمر أفندى»
  • الكشف عن تفاصيل الآثار المنهوبة من السودان.. معروضة للبيع
  • «التايمز البريطانية»: الآثار السودانية المنهوبة تُباع على الإنترنت بشكل غير مسبوق
  • مليشيا الدعم السريع تبيع الآثار السودانية المنهوبة على الإنترنت
  • اختتام دورة علوم الدفاع المدني التأسيسية
  • الآثار السودانية المنهوبة تُباع على الإنترنت بشكل غير مسبوق
  • الآثار السودانية المنهوبة تُباع على الانترنيت بشكل غير مسبوق
  • أستاذ علوم سياسية: الاحتلال كان يخطط في المستقبل بمصادرة مناطق من الضفة
  • الأوراق المطلوبة للتقديم في كلية الزراعة للعام الدراسي الجديد