بأحد فصول مخيم النازحين بمدرسة صفية الثانوية بنات بمدينة الدويم ولاية النيل الأبيض، كان حسام صابر، البالغ من العمر 9 سنوات، واخته نورا، ذات الخمس سنوات، ينزويان بعيدًا عن أشقائهم، يعانيان من قلة الحركة وآلام المفاصل وارتفاع درجة الحرارة.

منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : صحيفة التغيير

كمبالا :13 سبتمبر 2023 –

بأحد فصول مخيم النازحين بمدرسة صفية الثانوية بنات بمدينة الدويم ولاية النيل الأبيض، كان حسام صابر، البالغ من العمر 9 سنوات، واخته نورا، ذات الخمس سنوات، ينزويان بعيدًا عن أشقائهم، يعانيان من قلة الحركة وآلام المفاصل وارتفاع درجة الحرارة.



الفرار من الخرطوم
تقول والدتهما زيتونة فليب 34 عاما، “كنت أغذي “حسام” باللحوم والزبيب والفواكه واللبن بجانب أدويته لعلاج الأنيميا المنجلية، لكن بعد الحرب انقلب حالنا وساءت الأمور أكثر، عندما أصيبت شقيقته الصغرى بنفس المرض بعد أن اضطررنا للفرار من الخرطوم، لتجد نفسها في دار ايواء نازحين بمدرسة ثانوية في مدينة الدويم”.



الأنيميا المنجلية
الأنيميا المنجلية مرض ناتج عن فقر حاد للمعادن والفيتامينات في الدم، ويعود سبب انتشاره للعامل الوراثي إلى جانب سوء التغذية، وفقًا للأطباء، هذا المرض يتسبب في خلل في الهيموقلوبين، (البروتين المسؤول عن حمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء)، مما يؤدي إلى تشكيل خلايا دموية صلبة تشبه المنجل في ظروف معينة .

جوع ومرض
يبدأ ظهور مشاكل مرض الخلايا المنجلية عادةً عند الأطفال بين 5 و6 أشهر من العمر، وقد تتطور مشاكل صحية متعددة مثل نوبات الألم المعروفة بأزمة الخلايا المنجلية، فقر الدم، تورم اليدين والقدمين، الالتهابات البكتيرية، والسكتة الدماغية. مع تقدم العمر، قد يتفاقم الألم، ويتراوح متوسط العمر المتوقع للأشخاص المصابين بهذا المرض في الدول المتقدمة بين 40 و60 عامًا.

مساعدات الهلال الاحمر
الأوقات الصعبة للأسرة بدأت بعد النزوح، حيث فقدت زيتونة فليب القدرة على شراء الأطعمة التي كان من الضروري توفيرها لطفلها. قالت باسي: “لقد كان لدينا نظام غذائي متوازن، قبل الحرب، كنت اعتني بإطعام صابر جيدًا، واقدم له اللبن والفواكه والزبيب واللحوم بأنواعها، بالإضافة إلى الفيتامينات والبودرة المخلوطة باللبن يومًيا صباحًا ومساءً.” ولكن الان نعتمد فقط على المساعدات الشهرية التي نتلقاها من الهلال الأحمر، وهي تشمل دقيق الذرة والزيت والعدس،” واضافت: كان حسام يعاني من مشاكل صحية شديدة بسبب مرضه، ولكن الأمور ازدادت سوءًا عندما أصيبت شقيقته نورا، ذات الخمس سنوات، بنفس المرض

حياة المخيم
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل أن زيتونة تجد صعوبة في تأمين الرعاية الطبية الكافية لأطفالها بسبب نقص المال، فهي إلى جانب عجزها حيال توفير الطعام المناسب، فشلت في شراء الفيتامينات والبودرة، وعندما ظهرت على نورا أعراض المرض نفسه، وقع الأمر كالصاعقة على المرأة الثلاثينية” كما ذكرت في افادتها.

الحياة في المخيم ليست سهلة، حيث تعيش زيتونة واطفالها السبعة في فصل مع ثلاث أسر أخرى، وتنام على فرشات بالأرض بسبب نقص الأسرة مع انعدام البطانيات أو وسائل التدفئة، بعد فترة، غادرت الأسر الثلاثة وظلت زيتونة وأبناؤها وحدهم في الفصل، حتى انضمت إليهم أسرة أخرى منذ أيام.

خيارات ضيقة
نظرًا لضيق الحال، تجد “زيتونة” صعوبة في تقديم المساعدة لأبنائها، وخاصةً أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية.ولكن لم يكن امامها سوى القليل من الخيارات، فقد حاولت العمل كبائعة شاي رغم اصابتها بمرض في الغدة الدرقية، ولكن دخلها كان ضئيلاً للغاية في ظل ارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل في المدينة المزدحمة بالنازحين .

عدس وقراصة
حكت والدة الأطفال السبعة

لـ «التغيير» قائلة: في إحدى المرات التي تعب فيها صابر، أخذته إلى المستشفى، فنصحني الطبيب بإطعامه أغذية غنية بالحديد. فقلت له: “من اين لي ثمن هذه الأطعمة واحيانا نمضي يوما بدون أكل .؟ واشارت الى أن الأسعار المرتفعة تجعل من الصعب تأمين احتياجات أسرتها، وفي ظل هذه الظروف أصبحت وجباتهم الأساسية تتكون من العدس والقراصة بالقليل من السكر .

وذكرت أن سعر رطل اللبن يبلغ 1250 جنيهاً، وكيلو العدس 7000 جنيه، وكيلو السكر 5000 جنيه ونصف،” رطل الزيت 2800 جنيه، وملوة البصل تتراوح بين 8 إلى 10 آلاف جنيه، فيما تصل سعر البيضة الواحدة إلى 700 جنيه. أما الخضروات والفواكه، فلا يقل سعرها عن ألفي جنيه.

فقدان الزوج
أزمة أخرى تضاف إلى مشاكل زيتونة، وهي فقدان التواصل مع والد أطفالها. بعد مغادرتهم الكلاكلة، انقطعت أخبار والدهم. وقد سمعت من أحد الأشخاص القادمين من هناك أن زوجها مصاب، ولكنها لا تعرف إن كان حيا أو ميتا، فهي لا تملك هاتفا ولا توجد شبكة في جنوب الخرطوم.

تأمل فليب في ختام مقابلتها معنا أن تتكفل جهة ما بمساعدة أبنائها المرضى. كما دعت الأشخاص الخيرين لدعم الوافدين في هذه الظروف الصعبة. وتأمل أيضاً أن تنتهي الحرب قريباً وتعود إلى منزلها، لانها تشعر بالإرهاق والتعب وناشدت الحكومة بالعمل على ايقاف الحرب .

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

#ساندوا_السودان
#Standwithsudan  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

النُضج ليس مسألة عُمر

 

د. أحمد بن موسى البلوشي

تُعدّ سمات مثل العقلانية، النضج، والرزانة وغيرها من الصفات التي يُفترض أن تتعمّق مع التقدم في العمر؛ حيث يكتسب الفرد توازنًا أكبر وحكمة في اتخاذ القرارات وتقييم المواقف المحيطة، وتعتمد هذه الصفات على عوامل كثيرة ومتنوعة تؤثر في تطور العقلية ونظرة الفرد للحياة، ومع تقدم السنوات، يُتوقع أن يكتسب الإنسان خبرات ومعارف تدعمه في اتخاذ قرارات أكثر حكمة، وتمنحه منظورًا موضوعيًا وتعاملًا أكثر حساسية واحترامًا لمشاعر الآخرين. ومع ذلك، على الرغم من ارتباط هذه الصفات بالعمر، إلا أنه ليس بالضرورة أن تتحقق تلقائيًا مع الزمن.

ولقد أثبتت الدراسات العلمية أن مناطق معينة في الدماغ تستمر في النمو والتطور حتى سن العشرينات والثلاثينات، وخاصة القشرة الأمامية، المسؤولة عن التفكير المعقد واتخاذ القرارات، ومع مرور الوقت، يصبح الإنسان أكثر قدرة على استيعاب الأمور بشكل عميق ومتوازن، مما يمنحه القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ بشكل أدق، ولكن الكثير من الدراسات أتبتت بأن هناك العديد من العوامل تساعد على النضج الفكري والعقلي للشخص ولا ترتبط بالعمر، فالشخص مع مرور الزمن يكتسب العديد من التجارب، سواء كانت ناجحة أو فاشلة؛ هذه التجارب تؤثر بشكل كبير في تشكيل العقلانية، حيث إن الشخص يتعلم من أخطائه ويستفيد من نجاحاته. يُعتبر الصبر أحد علامات النضج لدى الشخص، ومع مرور الزمن، يصبح الشخص أكثر قدرة على التحكم في ردود أفعاله.

يميل الشخص الأكبر سنًا إلى التحلي بالصبر والهدوء حتى في المواقف الصعبة، ويستغرق وقتًا كافيًا للتفكير قبل اتخاذ أي قرار، هذا التصرف يجعل قراراته أكثر عقلانية وأقل تأثرًا بالعوامل الخارجية، فعندما يكبر الإنسان، يبدأ في فهم أن الحياة ليست فقط حول اللحظات الآنية، بل هي رحلة طويلة مليئة بالتحديات والفرص، هذه النظرة الواسعة للحياة تجعل الشخص أكثر تفهمًا للآخرين وأقل حكمًا، حيث يدرك أن لكل شخص ظروفه وتجربته. هذا التفهم يجعل الفرد أقل عرضة للحكم السريع وأكثر ميلًا للنظر للأمور بمنظور أكثر شمولية وتوازنًا.

سمات العقلانية والنضج لا تتعلق فقط بالخبرات السابقة، بل أيضًا بالاستمرار في التعلم، فالكثير من الأشخاص يحرصون على مواصلة التعلم واكتساب المعرفة في شتى المجالات، مما يسهم في تحسين قدرتهم على فهم العالم من حولهم وتحليل الأمور بموضوعية. هذا التعلم المستمر يجعل قراراتهم أكثر توازنًا وعقلانية، حيث لا ينحصر فهمهم في وجهة نظر واحدة أو جانب واحد.

الإنسان الناضج يدرك أن الأخطاء جزء طبيعي من الحياة، وأنها تمثل فرصًا للتعلم والنمو. هذا الوعي يساعده على تطوير مهاراته وتحسين طريقة تعامله مع المواقف المستقبلية. بدلًا من التمسك بالأخطاء أو الندم، فيختار الفرد أن يستفيد منها ويفهم أنها قد تكون سببًا في تحقيق النجاح لاحقًا، وهذه القدرة على التعلم الذاتي تُعتبر من أهم صفات النضج، حيث تعزز من ثقة الإنسان بقدراته وتجعله أكثر استعدادًا لمواجهة الصعوبات.

لكن ما نلاحظه اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي أو في المواقف اليومية من تصرفات البعض، يُبرز بشكل واضح أن النضج العقلي لا يرتبط بالضرورة بالتقدم في العمر عند هذه الفئة. فقد يكون العمر مجرد رقم، بينما تعكس السلوكيات مستوى التطور الشخصي والنضج الحقيقي. فبينما يُفترض أن يُثمر التقدم في العمر عن زيادة في الحكمة، العقلانية، والاتزان، نجد أحيانًا تصرفات تخالف هذه التوقعات تمامًا. على سبيل المثال، قد يظهر العناد المفرط، والتمسك بمعتقدات وآراء قديمة دون أدنى استعداد لمراجعتها أو فتح حوار حولها. كما تُلاحظ أحيانًا تصرفات تتسم بالاندفاع، عدم التعاطف، أو حتى النزاعات غير المبررة، سواء على المنصات الرقمية أو في الحياة اليومية. مثل هذه السلوكيات قد تكون انعكاسًا لتجارب سلبية تُركت دون معالجة، مما أدى إلى تراكمات نفسية أو فكرية تُعيق النضج الحقيقي، وتُسهم وسائل التواصل الاجتماعي في كشف هذه الأنماط السلوكية بشكل أكبر، إذ إنها تتيح للجميع التعبير العلني دون قيود، مما يجعل بعض التصرفات غير الناضجة أكثر وضوحًا وانتشارًا. كما أن بيئة هذه المنصات قد تُغذي بعض السلوكيات السلبية، مثل الرغبة في جذب الانتباه أو الدخول في جدالات غير منتجة.

وبالرغم من أن التقدم في العمر يُعد فرصة للنمو والنضج، إلّا أن بعض العوامل قد تعيق تحقق ذلك النضج،  فبعض الأشخاص يعيش حياة محصورة بلا تجارب جديدة، مما يقلل فرصتهم في تطوير النضج، التعليم يؤدي دورًا كبيرًا في زيادة الوعي وتوسيع الأفق، ونقصه قد يؤدي إلى محدودية النظرة وعدم النمو الفكري، التركيز الزائد على الذات وعدم التعاطف مع الآخرين قد يمنع الشخص من الوصول إلى النضج الحقيقي، إذ يبقى متمحورًا حول رغباته واحتياجاته الخاصة فقط، الأفراد الذين يرفضون النظر لوجهات نظر مختلفة أو يرفضون النقد قد يجدون صعوبة في التطور والنضج الفكري.

في النهاية.. النضج هو رحلة تطور مستمرة يتأثر فيها الإنسان بعوامل عديدة كالتجارب، وتحمّل المسؤوليات، والاستفادة من الأخطاء. ومع تقدم العمر، يُفترض أن تتعمق في الفرد سمات مثل العقلانية، الصبر، الرزانة، والتعاطف، مما يساعده على اتخاذ قرارات حكيمة، والتعامل مع الناس والمواقف بحساسية واتزان. ورغم أن العمر يوفر فرصًا للنضج، إلّا أن استغلال تلك الفرص يتطلب استعدادًا للتعلم والانفتاح على التجارب والنمو الذاتي، ليصبح الفرد أكثر قدرة على تحقيق التوازن والسعادة في حياته.

مقالات مشابهة

  • «التنمية المحلية»: مشروعات بـ400 مليار جنيه لتحسين حياة المصريين في 10 سنوات
  • النُضج ليس مسألة عُمر
  • وزير الرياضة: 20.5 مليار جنيه تكلفة تطوير وإنشاء منشآت رياضية خلال 8 سنوات
  • غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أم وأطفالها الأربعة
  • التعليم العالي تنفي دفع مبلغ ضخم لاستجلاب معدات لمركز البحوث في جامعة زيتونة
  • 9 فوائد للبلح الأسود.. أبرزها مكافحة السرطان والأنيميا
  • المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لإتجاره بالمخدرات فى شبرا الخيمة
  • المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لميكانيكى يتاجر فى الهيروين ببنها
  • المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لمتهم بالإتجار في المواد المخدرة
  • أسعار خيالية ومعاناة يومية.. سكان غزة في مواجهة الجوع والحصار