زيتونة وأطفالها السبعة في مواجهة الجوع والأنيميا المنجلية
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
بأحد فصول مخيم النازحين بمدرسة صفية الثانوية بنات بمدينة الدويم ولاية النيل الأبيض، كان حسام صابر، البالغ من العمر 9 سنوات، واخته نورا، ذات الخمس سنوات، ينزويان بعيدًا عن أشقائهم، يعانيان من قلة الحركة وآلام المفاصل وارتفاع درجة الحرارة.
منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : صحيفة التغيير
كمبالا :13 سبتمبر 2023 –
بأحد فصول مخيم النازحين بمدرسة صفية الثانوية بنات بمدينة الدويم ولاية النيل الأبيض، كان حسام صابر، البالغ من العمر 9 سنوات، واخته نورا، ذات الخمس سنوات، ينزويان بعيدًا عن أشقائهم، يعانيان من قلة الحركة وآلام المفاصل وارتفاع درجة الحرارة.
الفرار من الخرطوم
تقول والدتهما زيتونة فليب 34 عاما، “كنت أغذي “حسام” باللحوم والزبيب والفواكه واللبن بجانب أدويته لعلاج الأنيميا المنجلية، لكن بعد الحرب انقلب حالنا وساءت الأمور أكثر، عندما أصيبت شقيقته الصغرى بنفس المرض بعد أن اضطررنا للفرار من الخرطوم، لتجد نفسها في دار ايواء نازحين بمدرسة ثانوية في مدينة الدويم”.
الأنيميا المنجلية
الأنيميا المنجلية مرض ناتج عن فقر حاد للمعادن والفيتامينات في الدم، ويعود سبب انتشاره للعامل الوراثي إلى جانب سوء التغذية، وفقًا للأطباء، هذا المرض يتسبب في خلل في الهيموقلوبين، (البروتين المسؤول عن حمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء)، مما يؤدي إلى تشكيل خلايا دموية صلبة تشبه المنجل في ظروف معينة .
جوع ومرض
يبدأ ظهور مشاكل مرض الخلايا المنجلية عادةً عند الأطفال بين 5 و6 أشهر من العمر، وقد تتطور مشاكل صحية متعددة مثل نوبات الألم المعروفة بأزمة الخلايا المنجلية، فقر الدم، تورم اليدين والقدمين، الالتهابات البكتيرية، والسكتة الدماغية. مع تقدم العمر، قد يتفاقم الألم، ويتراوح متوسط العمر المتوقع للأشخاص المصابين بهذا المرض في الدول المتقدمة بين 40 و60 عامًا.
مساعدات الهلال الاحمر
الأوقات الصعبة للأسرة بدأت بعد النزوح، حيث فقدت زيتونة فليب القدرة على شراء الأطعمة التي كان من الضروري توفيرها لطفلها. قالت باسي: “لقد كان لدينا نظام غذائي متوازن، قبل الحرب، كنت اعتني بإطعام صابر جيدًا، واقدم له اللبن والفواكه والزبيب واللحوم بأنواعها، بالإضافة إلى الفيتامينات والبودرة المخلوطة باللبن يومًيا صباحًا ومساءً.” ولكن الان نعتمد فقط على المساعدات الشهرية التي نتلقاها من الهلال الأحمر، وهي تشمل دقيق الذرة والزيت والعدس،” واضافت: كان حسام يعاني من مشاكل صحية شديدة بسبب مرضه، ولكن الأمور ازدادت سوءًا عندما أصيبت شقيقته نورا، ذات الخمس سنوات، بنفس المرض
حياة المخيم
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل أن زيتونة تجد صعوبة في تأمين الرعاية الطبية الكافية لأطفالها بسبب نقص المال، فهي إلى جانب عجزها حيال توفير الطعام المناسب، فشلت في شراء الفيتامينات والبودرة، وعندما ظهرت على نورا أعراض المرض نفسه، وقع الأمر كالصاعقة على المرأة الثلاثينية” كما ذكرت في افادتها.
الحياة في المخيم ليست سهلة، حيث تعيش زيتونة واطفالها السبعة في فصل مع ثلاث أسر أخرى، وتنام على فرشات بالأرض بسبب نقص الأسرة مع انعدام البطانيات أو وسائل التدفئة، بعد فترة، غادرت الأسر الثلاثة وظلت زيتونة وأبناؤها وحدهم في الفصل، حتى انضمت إليهم أسرة أخرى منذ أيام.
خيارات ضيقة
نظرًا لضيق الحال، تجد “زيتونة” صعوبة في تقديم المساعدة لأبنائها، وخاصةً أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية.ولكن لم يكن امامها سوى القليل من الخيارات، فقد حاولت العمل كبائعة شاي رغم اصابتها بمرض في الغدة الدرقية، ولكن دخلها كان ضئيلاً للغاية في ظل ارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل في المدينة المزدحمة بالنازحين .
عدس وقراصة
حكت والدة الأطفال السبعة
لـ «التغيير» قائلة: في إحدى المرات التي تعب فيها صابر، أخذته إلى المستشفى، فنصحني الطبيب بإطعامه أغذية غنية بالحديد. فقلت له: “من اين لي ثمن هذه الأطعمة واحيانا نمضي يوما بدون أكل .؟ واشارت الى أن الأسعار المرتفعة تجعل من الصعب تأمين احتياجات أسرتها، وفي ظل هذه الظروف أصبحت وجباتهم الأساسية تتكون من العدس والقراصة بالقليل من السكر .
وذكرت أن سعر رطل اللبن يبلغ 1250 جنيهاً، وكيلو العدس 7000 جنيه، وكيلو السكر 5000 جنيه ونصف،” رطل الزيت 2800 جنيه، وملوة البصل تتراوح بين 8 إلى 10 آلاف جنيه، فيما تصل سعر البيضة الواحدة إلى 700 جنيه. أما الخضروات والفواكه، فلا يقل سعرها عن ألفي جنيه.
فقدان الزوج
أزمة أخرى تضاف إلى مشاكل زيتونة، وهي فقدان التواصل مع والد أطفالها. بعد مغادرتهم الكلاكلة، انقطعت أخبار والدهم. وقد سمعت من أحد الأشخاص القادمين من هناك أن زوجها مصاب، ولكنها لا تعرف إن كان حيا أو ميتا، فهي لا تملك هاتفا ولا توجد شبكة في جنوب الخرطوم.
تأمل فليب في ختام مقابلتها معنا أن تتكفل جهة ما بمساعدة أبنائها المرضى. كما دعت الأشخاص الخيرين لدعم الوافدين في هذه الظروف الصعبة. وتأمل أيضاً أن تنتهي الحرب قريباً وتعود إلى منزلها، لانها تشعر بالإرهاق والتعب وناشدت الحكومة بالعمل على ايقاف الحرب .
ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
#ساندوا_السودان
#Standwithsudan
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أطفال السودان.. البراءة بين الجوع والمرض والعنف والنزوح
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةمنذ اندلاع النزاع في السودان، في أبريل 2023، أصبح الأطفال الضحايا الأبرز لصراع مسلح لا يرحم، إذ يواجهون مزيجاً مميتاً من الجوع، والمرض، والعنف، والنزوح.
وكانت نقابة الأطباء السودانيين قد كشفت عن وفاة أكثر من 45 ألف طفل بسبب سوء التغذية، بينما تُسجَّل وفاة طفل أو طفلين كل ساعة في مخيمات النزوح، مثل «زمزم وكلمة» في دارفور، و«أدري» في تشاد، والتي أصبحت ملاذاً لأكثر من 600 ألف لاجئ سوداني.
وبعيداً عن الأرقام التي لا تروي سوى جزء من المأساة، يعيش الأطفال في السودان تجربة قاسية، وسط انهيار شبه كامل للبنية الصحية والتعليمية، وغياب شبه تام للمساعدات الإنسانية في مناطق واسعة من البلاد، خاصة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق.
وتشير تقارير المنظمات الدولية والأممية، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، إلى أن السودان يواجه واحدة من أسوأ أزمات الطفولة في العالم، حيث يعاني أكثر من 3 ملايين طفل، تحت سن الخامسة، سوء التغذية، بينهم 700 ألف معرضون للموت الفوري إذا لم يتلقوا تدخلاً عاجلاً.
ولا تقتصر الأزمة على نقص الغذاء، بل تشمل غياب مياه الشرب النقية، وتفشي أمراض يمكن الوقاية منها بسهولة في الظروف الطبيعية، مثل الحصبة والملاريا والإسهال الحاد، كما يعاني الأطفال من انقطاع تام في برامج التطعيم الدورية، وتدمير واسع للمراكز الصحية والمستشفيات.
وكان وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، قد أوضح أن 15% من الأطفال في المناطق المتأثرة بالنزاع يعانون سوء تغذية حاد، وهو ما يتجاوز الحد الذي يستدعي تدخلاً طبياً فورياً المحدد بـ 6%.
لكن الواقع على الأرض يُعد أكثر تعقيداً مما تظهره بعض التقديرات، إذ إن القيود المفروضة على حركة منظمات الإغاثة تعرقل وصول الدعم إلى من هم في أمس الحاجة إليه.
وأكد الأمين العام للمجلس القومي للطفولة، عبدالقادر الأمين أبو، أن 87% من أطفال السودان يعيشون تحت خط الفقر، وغالبيتهم لم يتلقوا أي نوع من الدعم الطارئ منذ بداية الحرب.
وتُعاني فتيات السودان مخاطر مضاعفة، تتراوح بين الزواج القسري، والاعتداءات الجنسية، والاستغلال في مناطق النزوح، حيث أفادت تقارير حقوقية بأن آلاف الفتيات تم تزويجهن قسراً في سن مبكرة، إما بدافع الحماية أو نتيجة الفقر المدقع، في ظل غياب شبه كامل لأي آليات حماية.
أوضح القيادي في حزب المؤتمر السوداني، أيمن عثمان، أن الانتهاكات والجرائم المرتكبة ضد الأطفال في السودان منذ اندلاع الحرب، في أبريل 2023، تُعد وصمة عار على جبين الإنسانية، وتُنذر بتدمير جيل كامل، مشيراً إلى أن الانتهاكات تشمل التجنيد القسري، والقتل العمد، وترك الأطفال يواجهون المجاعة، وغيرها من الاعتداءات التي تُمارس ضد الأطفال من دون رادع.
وذكر عثمان، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن القوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة معها، يجندون الأطفال قسراً ويحولونهم إلى وقود لحرب عبثية، في انتهاك صريح لكل القوانين الدولية.
وأفاد بأن تقارير عدة صادرة عن «اليونيسف» وثقت مقتل وإصابة آلاف الأطفال، بينما كشفت مشاهد مصورة عن جرائم مروعة، مثل حرق أطفال أحياء في ولاية الجزيرة، وتحديداً في ود مدني، خلال العام الماضي، من قبل قوات متحالفة مع القوات المسلحة السودانية، كانت قد استهدفت قرية «كمبو» المكتظة بالسكان.
من جانبه، قال مصعب يوسف، المحلل السياسي، إن المجاعة تهدد 14 مليون طفل سوداني، ما يفاقم حجم الكارثة الإنسانية، حيث يُترك الأطفال يتضورون جوعاً، وسط الحصار وغياب المواد الغذائية، بينما تتسبب ظروف النزوح في تعريضهم لمزيد من المخاطر، بما في ذلك العنف والمرض والإهمال.
وأضاف يوسف لـ«الاتحاد» أن الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال السودان ترقى إلى مستوى «جرائم الحرب».