مفهوم الفكر الواقعى المعاصر
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
يمكننا إن جاز لنا أن نقدم تعريفا للفكر الواقعى المعاصر بأنه المعايشة للواقع بكل متغيراته ومستجداته معايشة حقيقية عن طريق فهمه فهما صحيحا وتعمقه تعمقا دقيقا واحتوائه بكل ما فيه على ما فيه، لا فهما سحطيا هامشيا، لماذا ؟!.
بغية الانطلاق إلى الأمام، أصحابه استشعروا الخطر الذى يداهمهم، أدركوا أن ثم ثورة علمية تعتمد على المنهجية التجريبة التى قوامها خطوات البحث العلمى المنظم، الذى يحدد الظاهرة محل الدراسة ثم تصنيف هذه الظواهر، وجمع المعلومات عنها، وفرض الفروض والتحقق من صحة الفروض إلى أن نصل إلى القانون العام الذى تبنى عليه دعائم النظرية العلمية التى تثرى واقعنا المعيش.
فالمفكر المعاصر هو الذى يسعى سعيا حثيثا إلى إثبات شخصيته البحثية على كافة المستويات.
المفكر الواقعى نصير الواقعية الحقة هو الذى يكون مهموما بقضايا مجتمعه يمد يده إلى تراث أجداده، ويغوص فى بطون هذا التراث ليوظفه لخدمة واقعه الذى يحياه.
المفكر الواقعى هو الذى لا يتقوقع حول النص ويقول قال فلان، وقال فلان، لا، يقول ها أنا ذا، هذا هو رأيى أقوله فى هذه القضية، قد أخطأ مرات عديدة، وأصحح خطأى مسترشدا مستنيرا بما تعلمته من أساتذتى دونما تقمص وتقليد أعمى لهذا الأستاذ.
المفكر الواقعى هو الذى ينبغى عليه أن يكون متسلحا بأدواته المعرفية التى تقيه من الوقوع فى الزلل والخطأ.
المفكر الواقعى هو الذى يبحث وينقب عن كل ما يفيد حياته ومجتمعه.
إن نهضة الأمة أى أمة لا تكون عن طريق التقليد الأعمى والتبعية، إن نهضة الأمم تبنى وتقوم على عقول مفكريها.
إن النهضة الشاملة والتنمية المستدامة التى هى حديث العصر، لا تتحقق إلا من خلال النظرة المستقبلية واستشراف المستقبل.
وهذا ما يتم الآن فى بلدنا الحبيب مصر ووطننا العربى، الانفتاح على ثقافات الغرب، ليس الغرب وحسب بل كل الثقافات من أجل ماذا؟!، من أجل إتاحة الفرص لبناء دولة مدنية عصرية تواكب التقدم التقنى والعلمى والذكاء الاصطناعى، دونما إفراط بمعنى انغماس كلى فى مادية مسرفة وأنانية مفرطة، ولا تفريط فى قيمنا ومقدراتنا.
وإنما عن طريق وسط عدل محمود لا يحيد ولا يميد عن بغيته وهدفه وهو فك رموز هذه الشفيرة، كيف نحقق المعاصرة دون إهدار لأصالتنا.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النظرة المستقبلية هو الذى
إقرأ أيضاً:
«هاريس - ترامب» رهان خاسر وسبات عميق
أتابع عبر الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعى نظرة تفائل هنا وتشاؤم هناك حول المرشحين فى الانتخابات الأمريكية للرئاسة التى بدأت صباح اليوم الثلاثاء، أتابع وأنا أضحك وجود معسكرين فى المنطقة العربية، الأول ينحاز لترامب والثانى لهاريس، كلا المعسكرين يبنى آمال عريضة على مرشحه وكأننا نحمل الجنسية الأمريكية، صحيح أن الولايات المتحدة هى وحدها التى تضع سياسة العالم وهى الدولة الكبرى الوحيدة فى العالم التى لا ينافسها أحد، لكن مسألة المبالغة فى التفاؤل تجاه أحد المرشحين هو أمر مثير للدهشة منا كعرب، لأن هاريس وترامب وجهين لعملة واحدة، بالنسبة لبعض الدول العربية هناك وجه منهم مريح إلى حد ما فى بعض الأمور، لكن بالنسبة للقضايا الرئيسية التى تشغل العرب مثل القضية الفلسطينية أو اعتداءات الكيان الصهيونى على بعض الأشقاء فتلك السياسات لن تتغير، سيبقى الأسطول الأمريكى فى البحر المتوسط لحماية الكيان الصهيونى، وسيظل «الفيتو» الأمريكى موجود لتعطيل وتعديل أى قرار ضد الكيان الصهيونى، وستظل المساعدات العسكرية والمالية تصل إلى تل أبيب فى الميعاد الذى تطلبه حكومة الكيان.
أمريكا طوال تاريخها، وهناك فتى واحد مدلل بالنسبة لها فى منطقة الشرق الأوسط، هذا الفتى هو الشرير الذى يحرق ويقتل ويرفع راية البلطجة على الجميع.
خلال عام قام هذا البلطجى «مصاص الدماء» بقتل أبناء فلسطين حتى وصل عدد الشهداء إلى ما يقرب من خمسين ألف، وتجاوز عدد المصابين المائة ألف بين طفل وسيدة وكبار سن، دمر هذا الطفل المدلل ما يقرب من ٧٠% من غزة وحولها إلى تلال من المبانى المنهارة، أصبحت غزة بقايا مدينة، لم تعد بها أسرة واحدة مكتملة البناء «الأبناء الأب الأم»، أحدهم أو كلهم شهداء، وهناك أسر كاملة استشهدت، لم يعد لها من يحمل اسمها، نعم أسر كاملة أبيدت برعاية أمريكية، وبسلاح ومساندة ودعم أمريكى.
لذلك لا أعلم كيف وبأى وجه أجد بعض العرب يبنون آمال عريضة على نجاح مرشح أمريكى بعينه أو أجد متشائم من وصول الآخر لسدة الحكم، كلاهما مر.
أمريكا هى التى ترعى دولة الكيان وحريصة على بقائها، وبقاء هذه الدولة المحتلة مرهون ببقاء أمريكا، ونحن العرب ستظل أمريكا بالنسبة لنا هى الكابوس الذى يطاردنا فى الليل والنهار.
سياستها تجاهنا قائمة على مصلحتها، ومصلحة الكيان الصهيونى الذى يحركها كما ومتى يشاء، الموضوع بينهما تخطى مرحلة المصالح إلى مرحلة الحياة والموت، إسرائيل تعتبر أمريكا قلبها النابض، الذى يمد جسدها بالدم المحمل بالاكسجين، وأمريكا تعتبر إسرائيل الابن المدلل.
و بالنسبة لنا كعرب أمريكا هى سفينة النفايات التى تحمل لنا السموم والميكروبات بكافة اشكالها.
أمريكا ليست للعرب فقط مركز السموم، و وكر الأفاعى، لكنها تمثل نفس الأمر لدول كثيرة حول العالم تضررت منها وذاقت من شرورها الكثير.
الغريب فى الأمر والشيء العجيب أن كل الأقطار العربية تعى تماما حجم العلاقة بين الكيان الصهيونى وأمريكا، ورغم ذلك مازلنا نبحث عن الأمان عندها، تريدون أن تعوا قيمة الكيان الصهيونى لدى أمريكا؟، اقرأوا هذا الرقم الذى يوضح حجم العلاقة بينهما،
منذ تأسيس إسرائيل فى عام 1948 حتى عام 2022 تلقت 158 مليار دولار مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، مما يجعلها أكبر متلق فى التاريخ.
فى النهاية نجحت هاريس أم سقطت، نجح ترامب أم سقط كلاهما مر، فلا تشغلوا حالكم بمن هو الرئيس القادم، الكل ينفذ أجندة واحدة تم وضعها منذ سنوات طويلة ولم ولن تتغير.
تلك الحرب الدائرة فى كل بقاع الأرض أمريكا هى كلمة السر فيها، فلا تسرفوا فى التفاؤل تجاه أحد المرشحين كلاهما مر، كلاهما لا يهمه سوى مصلحته ومصلحة الكيان الصهيونى.
فلا تصدقوا التعهد الذى قطعته نائبة الرئيس الأمريكى كامالا هاريس، بأنها ستسعى لإنهاء الحرب فى قطاع غزة فى حال فوزها بالانتخابات الرئاسية، معتبرة أن قتل الفلسطينيين الأبرياء فى القطاع وصل إلى مستوى غير معقول، ولا تصدقوا ترامب عندما يقول نفس المفردات، خاصة أن أمريكا لن تسمح بحل الدولتين مهما حدث.
على العرب يستيقظوا من السبات العميق الذى هم عليه، علينا كعرب البحث عن طرق أخرى للتعامل مع هذا الكيان «الأمريكى - الصهيونى».