كتبت شاعرة السودان الأولى “روضة الحاج”:يا سيِّدي يا رسولَ اللهِ حافيةٌكلُّ القصائدِ أعيا مِشيَها النَصَبُوالأبجدياتُ أصواتٌ مُلفَّقةٌتقاصرتْ دونكَ الأسفارُ والكُتُبُفداكَ نفسي أنا البنتُ التي احتشدتْلمدحِكم فاعتراها الخوفُ والرَهَبُوكلَّما قلَّبتْ طرفاً بسيرتِكُمْتسربلتْ حزنَها تبكي وتنتحبُيا آخذاً بيدِ الدنيا بأجمعِهاإلى الضياءِ ويا رحماتِ من يَهَبُمن نُبلِ يُتمِكَ يا خيرَ الأنامِ زهَتْوشائجُ الخلْقِ وانزاحتْ بك الريَبُما زلتَ تصعدُ بالإنسانِ نحو ذرىًللمكرماتِ اجتلاها الحبُّ والأدبُمن نحنُ لو لم تُضىءْ عتماتِ أنفسِنَاإلا هَوَاماً على اللا شيءَ تحتربُلولاكَ ما قيمةُ الدنيا وما وسعِتْوما الحياةُ سوى دورٍ سينقلبُيا سيِّدي يا رسولَ اللهِ يا سنديتعبتُ أحملُ أثقالي وأغتربُتعبتُ أَجلِي عن الروحِ السُخامَوما جلوتُ إلا وغطوها بما سكبوا !قوّمتُها بالصِبارِ المرِّ تجرعهعلى المراراتِ حتى غصَّها الشَرَبُوكلما صدئتْ رددتُ سيرتَكُموظِلتُ أتلو إلى أن يلمعَ الذهبُ !ما زلتُ أحملُ هذي النفسَ جاهدةًللنورِ أصعدُ .

. لكنْ طينُها لزِبُأنثُّ عنها الخطايا خيفةً فأنايا سيَّدي في ترابِ الأرضِ لي نسبُيا ليتني جِذعُ نخلٍ يابسٍ وقفترجلاكَ يوماً عليهِ وهو ينتحبُأو ليتني حجرٌ يصطكُ في أُحدٍلكي تقولَ له اثبتْ وهو مرتعبُ!أو ليتني كنتُ في الغارِ التي نسَجتْأو ذاتَ عُشٍ بها الأعداءُ قد خُلبوا!صلوات ربي وسلامه عليهجمعتكم طيبة مباركة السمراء روضة الحاجإنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله

 

تحلُّ هذه الأيام أنسام البركة والمحبة، بمولد سيد الخلق وأشرف المرسلين صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين وكل من آمن به إلى يوم الدين، تتكرر الذكرى، وتهفو القلوب بالشوق إلى رسول الله، يسائل المؤمن نفسه: متى اللقيا وانقشاع الظلام، الذي يخيِّم على القلب الكسير والنفس البكَّاءة على حوادث الدنيا؟، يسائلُ نفسه متى نلقاك يا حبيب الله، والصدر مثقول بالهموم، والبال تقاذفته الخواطر يا حبيبي يا مُحمَّد؟

مؤمن بسيط يُسائل نفسه

يسائل ذلك المؤمن البسيط نفسه في يوم مولده، بعين خَجِلَة وصوت يختنق على شفا أن يجهش بالبكاء، وكأنَّ مقام الحنين إلى رسول الله يتناغم مع مقام الإجلال والتعظيم لله جلَّ جلاله أنْ القلب مشتاق والهجر في ليل سرمدي لا يعني سوى المزيدُ من الانتظار، عالم مليءٌ يا حبيبي بما لا يحتملُ، فقط نسارع ونصارع الذات قبل الآخر.. فهل من مآل أو مرسى في خضمِّ هذه الأمواج التي تلاطمنا؟

في ذكرى ميلاد سيد الكونين وثقليه، يُسائل ذلك المسكين نفسه في لحظة من لحظات الاعتراف النادرة، أنَّى يكون استقرارًا وهناء بال، أنَّى تنتهي هذ الرحلة الَّتي امتلأت شقاءًا وتأميلًا ووعودًا؟. نستغفرُ الله َالعليّ العظيم بقوله الحق: "ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون".

هذه الليالي.. البساطة وكفى

في هذه الليالي تمتزجُ أبسط المشاعر مع قلوب الناس فتسافرُ بهم إلى اللَّازمان أو عُهودًا سحيقة لم تدركها الأبدان، وكأنَّ في خاطره بذكر الحبيب قد امتلأ سعادة وحبورًا، بهذه الذكرى المباركة وكأنَّهُ بـ "مكَّة" وكأنَّ السَّماء تلألأت وازيَنَّت بنور لا تُدرِكْهُ الأبصار فقط تستشعره القلوب وكأنَّه ااُشرِبَتْ سَنَاهُ، في حضرة حاشا لله أن تتجسَّد بوهم شيطان.

تحضُرني كلمات "لاجل النبي" للمؤلف والزجَّال عبد الفتاح شلبى، التي لحَّنها وتغنَّى بها الفنان الراحل محمد الكحلاوي، كأَّنَه لهؤلاء البُسطاء الذي هو بينهم، والتي في منتصفها يقول: "يا رب توبة يا رب توبة نصوحة بعد عِصياني القلب نادم وليه العين عَاصياني؟"  في تساؤل عن جمود المشاعر، الذي أصاب النفس من حوادث الدنيا وتقلُّباتها التي تحرق قلوب البشر دون رحمة ولا تأنٍ، في خِضَمِّ مشاهد عبثية لا نرى لها تنظيمًا، سوى يد تسفكُ دمًا وأخرى تجمعُ ثروة، وعقل ينسى الآخرة، وفؤاد يهترئ كَّلَما انغمس في أرض الرحيل، ناسيًا أنَّه ضيف، والضيف عليه أن يكون كريمًا عزيز الخُطى، خفيف المتاع.

يُنشِد الراحل في آخر كلمات الزجَّال، التي انتشرت منذ أكثر من نصف قَرْن، بين عامَيِّ 1953 و1954: "دي القعدة حلوة والنبي عند النَّبِي"، فكم تشتاق قلوبٌ للزيارة بالمدينة، وكم تشتاق لحضرة لا بُغض فيها ولا شحْنَاء، ولا خوف من مستقبل، ولا اغتمام بمجهول، فقط مجلس رسول الله، وكأنَّ كلَّ شيء انتهى.

أحلام بسيطة

أنا وأنت وكل المؤمنين نحادثُ أنفسَنَا أيضًا ببساطة، ففي ظل غُيومٍ تضج بالكآبة وغروب يتطلَّع إلى حادث حديث بهذا الشَّوْق إلى رسول الله، لم نحلم في هذه الأيَّام سوى بعودة الليالي المباركة، والنفوس الرَّاضية، وأصوات البسطاء الطامحين في ملكوت الرب الجليل، بهتاف لحنٍ بسيط "لاجل النبي.. لاجل النبي.. دي القعدة حلوة والنَّبي عند النَّبِي".

مقالات مشابهة

  • أكسيوس: تفجيرات "بيجر" حزب الله اختراق نفسي للميلشيا
  • الخيميائى وطاقة الشر (٣)
  • مصر وتركيا توحدان طرفا الصراع لحل أزمة النفط في ليبيا
  • روضة الحاج: في عزلتي فصلٌ جديدٌ كي أفتشَّ عن أملْ في عزلتي أُصغي إلى صوتي أجلْ !!
  • مُذَكِّرات مُغترِب في دُوَل الخَليج العَربي (١٤)
  • د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله
  • جُمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا
  • روضة الحاج: لستُ واللهِ يا بلادي بخيرٍ وسأبقى…حتى تكوني بخيرِ
  • في ذكرى المولد النبوي.. كيف كان رسول الله أبًا؟
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم