دار الإفتاء تكشف عن صيغ الحمد الواردة في السنة النبوية
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "سمعت أنه ورد في السنة النبوية صيغ الحمد لله تعالى لها ثواب وأجر عظيم؛ فنرجو منكم بيان بعضها، وما هي أفضل صيغة لحمد الله تعالى؟
وزير الأوقاف: تمام الحمد أن تحمد الله على أنت ما فيه وتبذل ما في طاقتك خطيب الجمعة بمسجد النور: الحمد من أعظم ما ذكر به الأنبياء ربهموأكدت دار الإفتاءـ أنه قد وردت في السنة المكرمة عدة صيغ فيها مبالغة في حمد الله تعالى، من ذلك ما روي عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: «أَيُّكُهمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ؟» فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ: «أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا» فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا» أخرجه مسلم في "صحيحه".
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رُفِعَ الْعَشَاءُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير".
وعَنْهُ أيضًا عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ للهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لله مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ للهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لله مِلْءَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ للهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ للهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ للهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ للهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُبْحَانَ اللهِ مِثْلَهَا، فَأَعْظِمْ ذَلِكَ» أخرجه أحمد في "مسنده".
قال العلامة النفراوي الأزهري المالكي في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (1/ 11، ط. دار الفكر): [وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي أَفْضَلِ الْمَحَامِدِ فَقِيلَ: أَفْضَلُهَا الْحَمْدُ للهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا مَا عَلِمْت مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّهَا مَا عَلِمْت مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: عَدَدَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْت مِنْهُمْ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. وَقِيلَ أَفْضَلُهَا: الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ؛ لِمَا وَرَدَ "أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى الْأَرْضِ قَالَ: يَا رَبِّ شَغَلْتنِي بِكَسْبِ يَدِي فَعَلِّمْنِي شَيْئًا فِيهِ مَجَامِعُ الْحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ، فَأَوْحَى اللهُ إلَيْهِ أَنْ قُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عِنْدَ كُلِّ صَبَاحٍ وَعِنْدَ كُلِّ مَسَاءٍ: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، فَقَدْ جَمَعْت لَك فِيهَا جَمِيعَ الْمَحَامِدِ"] اهـ.
وقال العلامة البكري الشافعي في "إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين" (4/ 387، ط. دار الفكر): [واعلم أن أفضل المحامد هذه الصيغة لما ورد "أن الله لما أهبط أبانا آدم إلى الأرض قال: يا رب علمني المكاسب وعلمني كلمة تجمع لي فيها المحامد، فأوحى الله إليه أن قل ثلاثًا عند كل صباح ومساء: الحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده"، ولهذا لو حلف إنسان ليحمدن الله بمجامع المحامد برَّ بذلك] اهـ.
وقال العلامة البجيرمي في حاشيته "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" (1/ 27، ط. دار الفكر): [تَنْبِيهٌ: قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: أَفْضَلُ الْمَحَامِدِ أَنْ يُقَالَ: الْحَمْدُ لله حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: "إنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا أَهَبَطَ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى الْأَرْضِ قَالَ: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي الْمَكَاسِبَ وَعَلِّمْنِي كَلِمَةً تَجْمَعُ لِي فِيهَا الْمَحَامِدَ. فَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إلَيْهِ أَنْ قُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عِنْدَ كُلِّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ: الْحَمْدُ لله حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَك وَيُكَافِئُ مَزِيدَك؛ فَقَدْ جَمَعْت لَك فِيهَا جَمِيعَ الْمَحَامِدِ".
وَقِيلَ: أَفْضَلُ الْمَحَامِدِ أَنْ يُقَالَ: الْحَمْدُ للهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا مَا عَلِمْت مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، زَادَ بَعْضُهُمْ عَدَدَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْت مِنْهُمْ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَهَا فَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ أَتْعَبْت الْحَفَظَةَ فَإِنَّهُمْ يَكْتُبُونَ ثَوَابَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ الْعَامِ الْمَاضِي إلَى الْآنَ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَحْمِدَنَّ اللهَ بِأَفْضَلِ الْمَحَامِدِ، فَقَالَ كُلُّ فَرِيقٍ لَا يَبَرُّ إلَّا بِمَا قَالَهُ مِنْ تِلْكَ الْمَحَامِدِ، وَقِيلَ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَقُولَ: اللَّهُمَّ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، وَقِيلَ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَقُولَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء دار الإفتاء المصرية ح م د ا ی و اف ی ن ع م ال م ح ام د ال ح م د ی ک اف ئ ال أ ر ض ى الله
إقرأ أيضاً:
حكم المصافحة بين المصلين بعد انتهاء الصلاة
قالت دار الإفتاء إن المصافحة عقب الصلاة بين المصلين جائزةٌ شرعًا ولا حرج فيها، مع ملاحظة عدم الاعتقاد بأنها من تمام الصلاة أو من سُنَنِها التي نُقِل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومةُ عليها.
ما حكم المصافحة بين المصلين عقب الصلاةوأوضحت الإفتاء أن المقصود بعبارة "حرمًا" بعد الصلاة، هي دعاءٌ بأن يرزق الله المصلي الصلاةَ في الحرم، والرد بعبارة "جمعًا" معناه الدعاء للداعي أن يرزقه الله تعالى مثل ما دعا به، أو أن يجمع الله الداعيَيْن في الحرم.
وأضافت الإفتاء أن المصافحة عقب الصلاة من العادات الطيبة التي درج عليها كثير من المسلمين في كثير من الأعصار، وهي من السلوكيات الحسنة التي تبعث الألفة بين الناس، وتقوي أواصر المودة بينهم، كما أنها ترجمة عملية للتسليم من الصلاة، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية أن تترجم العبادة إلى سلوك وممارسة وحسن معاملة.
وأكدت الإفتاء على أن المصافحة نص جماعة من العلماء على استحبابها، مستشهدين بما رواه الإمام البخـاري في صحيحه عن أَبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنـه قَـالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ". قَالَ أبو جحيفة: "فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ".
قال الإمام المحب الطبري [ت694هـ]: "ويُسْتَأْنَسُ بذلك لما تطابق عليه الناس من المصافحة بعد الصلوات في الجماعات، لا سيَّما في العصر والمغرب، إذا اقترن به قصدٌ صالحٌ؛ من تبركٍ أو تودُّدٍ أو نحوه" اهـ.
واختار الإمام النووي [ت676هـ] في "المجموع" أن مصافحة من كان معه قبل الصلاة مباحة، ومصافحة من لم يكن معه قبل الصلاة سُنَّة، وقال في "الأذكار": "واعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاءٍ، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه، ولكن لا بأس به؛ فإن أصل المصافحة سُنَّةٌ، وكونُهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفرَّطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يُخْرِجُ ذلك البعضَ عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها" اهـ. ثم نقل عن الإمام العز بن عبد السلام [ت660هـ] أن المصافحة عَقِيبَ الصبح والعصر من البدع المباحة.