صحيفة: قوة أميركية صغيرة ستبقى في إقليم كردستان بعد الانسحاب من العراق
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الاتفاق المبدئي بين واشنطن وبغداد بشأن تواجد القوات الأميركية سينص على ترك قوة صغيرة في إقليم كردستان مهمتها توفير ضمان أمني للأكراد ضد الميليشيات المدعومة من إيران.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري عراقي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خلال الحديث عن الخطط التي لم يتم الإعلان عنها بعد، القول إن من المتوقع أن تبقي الولايات المتحدة قوة عسكرية صغيرة في الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي.
وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش. ويضم التحالف كذلك قوات من دول أخرى لا سيّما فرنسا والمملكة المتحدة.
وكانت وكالة رويترز كشفت الأسبوع الماضي، نقلا عن عدة مصادر مطلعة، أن واشنطن وبغداد توصلتا إلى تفاهم حول خطة لانسحاب قوات التحالف من العراق.
وأوضحت المصادر أن الخطة تتضمن خروج مئات من قوات التحالف بحلول سبتمبر من عام 2025 والبقية بحلول نهاية العام التالي.
وذكرت رويترز أنه تم الاتفاق بشكل كبير على الخطة وتنتظر موافقة نهائية من البلدين وتحديد موعد للإعلان عنها.
وقالت المصادر إن الإعلان الرسمي كان مقررا في البداية أن يصدر قبل أسابيع، لكنه تأجل بسبب التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولتسوية بعض التفاصيل المتبقية.
وتنقل واشنطن بوست عن حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني القول إنه سيكون هناك قريبا إعلان مشترك حول الانسحاب المزمع.
وأضاف علاوي أن بغداد "تريد أن تعود العلاقة مع الولايات المتحدة إلى ما كانت عليه قبل عام 2014"، مبينا أن "الحاجة إلى التحالف الدولي انتهت بهزيمة تنظيم داعش، والآن القوات العراقية قادرة تماما على التعامل مع الملف الأمني بكفاءة".
ولم يستجب البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية لطلبات الصحيفة من أجل التعليق، وكذلك ورفض المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر، في مؤتمر صحفي الخميس، تأكيد خطة الانسحاب.
وفي حال اكتمل الانسحاب، فسيكون هذا هو المرة الثانية التي تسحب فيها الولايات المتحدة معظم قواتها من العراق منذ إطاحتها بنظام الرئيس السابق صدام حسين في عام 2003.
وتقول الصحيفة إنه "وكما هو الحال مع الخروج الأميركي الأول في عام 2011، فإن الانسحاب الأميركي من المحتمل أن يترك وراءه عراقا مثقلا بنقاط ضعف أمنية كبيرة وانقسامات طائفية وفساد وهي المشاكل التي ساعدت في ظهور تنظيم داعش في حينه".
وترى دانا سترول، المسؤولة الكبيرة السابقة في البنتاغون وتعمل حاليا مديرة أبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن "عودة القوات الأميركية قبل عقد من الزمن أصبحت ضرورية عندما انهارت قوات الأمن العراقية إلى حد كبير وسط هجمات داعش".
وتضيف سترول، "أشك في أن أي رئيس أميركي سيرسل قوات مرة أخرى إذا لم يتخذ القادة العراقيون خطوات لإعطاء الأولوية لمهمة مكافحة الإرهاب".
وتتابع أن ذلك يجب أن "يشمل منع البلاد من أن تصبح ملعبا لإيران، ومعالجة الفساد المستشري وتزويد قوات الأمن الرسمية بالموارد والتمكين وضمان استجابة الحكومة لاحتياجات جميع العراقيين".
وبحسب مصادر مطلعة على المحادثات السرية أبلغت الصحيفة فإنه جرى إطلاع بعض المشرعين الأميركيين على خطط الانسحاب.
ومن بين هؤلاء النائب آدم سميث، وهو أبرز عضو ديمقراطي في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، حيث وصف الوجود المستقبلي للقوات الأميركية بأنه تحد سياسي كبير بالنسبة للقادة العراقيين.
وقال سميث في مقابلة مع الصحيفة إن "الشعب العراقي يفضل ألا تكون هناك قوات أميركية، كما أنهم يفضلون ألا يكون هناك تنظيم داعش أيضا، وهم يدركون أننا نساعد في حل هذه المشكلة".
وأضاف سميث أن "العراقيين يريدون منا الرحيل، ويريدون معرفة كيفية تحقيق ذلك. وهذا ليس بالأمر السهل".
بدوره قال السيناتور الديموقراطي جاك ريد، الذي يرأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إن القضية تجمع بين مجموعة من المصالح المعقدة لكلا البلدين.
وأضاف أن "العراقيين يدركون أن وجودنا يوفر استقرارا، لكن هناك أيضا خطرا على قواتنا".
وأشار ريد إلى أن المسؤولين الأميركيين لم يكونوا سعداء بأن الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، جعل العراق وجهته الخارجية الأولى، حيث استقبله السوداني رسميا يوم الأربعاء.
وقال النائب الجمهوري كوري ميلز، وهو من قدامى المحاربين في حرب العراق وعضو في لجنتي الشؤون الخارجية والخدمات المسلحة في مجلس النواب، إنه يشعر بالقلق بشكل خاص بشأن نفوذ إيران والميليشيات التي تدعمها.
وعلى الرغم من أن ميلز لا يعارض الانسحاب من حيث المبدأ، إلا أنه شدد على ضرورة وجود خطة لضمان استقرار العراق، "أعتقد أنك تتحمل التزاما، إذا قمت بزعزعة استقرار دولة ما، بأن تساعدها على الاستقرار مرة أخرى".
ويأتي الاتفاق بعد محادثات استمرت أكثر من ستة أشهر بين بغداد وواشنطن بدأها السوداني في يناير وسط هجمات شنتها جماعات مسلحة عراقية مدعومة من إيران على قوات أميركية متمركزة في قواعد بالعراق.
وأسفرت الهجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة العشرات، مما أدى إلى جولات عدة من الرد الأميركي القاتل هددت جهود الحكومة الرامية لتحقيق الاستقرار في العراق بعد سنوات من الاضطراب.
وقال السوداني في وقت سابق إن القوات الأميركية، رغم تقديره للمساعدة التي تقدمها، أصبحت عامل جذب لعدم الاستقرار، إذ يجري استهدافها على نحو متكرر وعادة ما ترد بهجمات دون تنسيق مع الحكومة العراقية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة قوات التحالف تنظیم داعش من العراق
إقرأ أيضاً:
قناصات ضد داعش.. المحاربات الكرديات يرفضن التخلي عن السلاح في مواجهة تهديدات مزدوجة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في أرض شمال شرق سوريا القاحلة، حيث يحتدم الصراع منذ أكثر من عقد، تقف مجموعة من المقاتلات الكرديات الشجاعات بثبات. أصبحت وحدات حماية المرأة، وهي ميليشيا نسائية بالكامل، رمزًا للتحدي في المعركة الدائرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وقوات المتمردين المدعومة من تركيا. لا يُبرز نضالهن صمود هؤلاء النساء فحسب، بل يُبرز أيضًا تعقيدات المشهد السوري الذي مزقته الحرب.
تتحدث مزكين روجدا، القائدة الميدانية البارزة في وحدات حماية المرأة، عن مواجهة مروعة مع قوات الميليشيات المدعومة من تركيا. مُحاصرة وقليلة الذخيرة، قاتلت مزكين ورفيقاتها بشجاعة، رافضات الاستسلام. تستذكر قائلةً: "لقد وعدنا بعضنا البعض بأننا سنقاتل حتى النهاية، مهما كلف الأمر". كانت المعركة، التي دارت رحاها في منطقة وعرة قرب الحدود التركية، دليلًا على تصميم وشجاعة وحدات حماية المرأة، التي كانت في طليعة قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف مدعوم من الولايات المتحدة يقاتل كلًا من داعش والجيش الوطني السوري.
مع تركيز مهمة وحدات حماية المرأة على هزيمة داعش، توسعت لتشمل مواجهة الجيش الوطني السوري، وهو جماعة مدعومة من تركيا تُشكل تحديًا كبيرًا للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد. على الرغم من الديناميكيات المتغيرة في سوريا، مع الاتفاقيات الأخيرة بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية في دمشق، لا تزال مزكين ملتزمة بقتالها، معتقدةً أن القوات التركية ووكلائها يُشكلون تهديدًا مستمرًا للحكم الذاتي الكردي.
المشهد المتغير
في مارس الماضي، وقّعت قوات سوريا الديمقراطية، الشريك الرئيسي في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش، اتفاقية مثيرة للجدل للاندماج في الدولة السورية تحت قيادة الرئيس المؤقت الجهادى السابق أحمد الشرع. اعتُبر هذا الاتفاق خطوةً محتملةً نحو السلام، إلا أن أثره على الأرض لا يزال غير واضح. وتعلق سامانثا تيل، الباحثة في مركز معلومات روج آفا، قائلةً: "لم يتغير الوضع على خط المواجهة منذ الاتفاق. الهجمات مستمرة، والحرب مستمرة".
على الرغم من الاتفاق الرسمي بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق، لا تزال المقاتلات الكرديات في وحدات حماية المرأة متشككات. وبحسب مزكين، فإن الاندماج في الدولة السورية لا يضمن حماية حقوق الأكراد، وخاصةً النساء، اللواتي ناضلن من أجل المساواة والحكم الذاتي لسنوات. وتؤكد: "يجب أن تكون سوريا وطنًا لجميع أبنائها"، محذرةً من أن عدم التزام النظام الجديد بالديمقراطية والمساواة بين الجنسين يهدد التقدم المحرز في منطقة روج آفا الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي.
التهديد المزدوج
تواجه وحدات حماية المرأة معركةً شاقةً ضد كلٍّ من الميليشيات المدعومة من تركيا والتهديد المستمر الذي يشكله داعش. تنظر تركيا إلى القوات الكردية على أنها امتداد مباشر لحزب العمال الكردستاني، وهي جماعة انفصالية تخوض تمردًا ضدها منذ عقود. وقد أوضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تركيا لن تتسامح مع الحكم الذاتي الكردي على طول حدودها، وقد استهدفت قواته مرارًا وتكرارًا مواقع كردية في سوريا.
في غضون ذلك، لا يزال ظهور داعش مجددًا مصدر قلق كبير. وكما تشير آيسل شام، وهي قائدة أخرى في وحدات حماية المرأة، فإن الحرب الآن جوية أكثر منها برية، حيث تستهدف الطائرات المسيرة والطائرات الحربية التركية المواقع الكردية بشكل متكرر. على الرغم من ذلك، لا تزال وحدات القنص التابعة لوحدات حماية المرأة وتكتيكات حرب العصابات تثبت فعاليتها، حيث تحافظ على قبضة قوية على مواقع استراتيجية رئيسية، مثل سد تشرين ومواقع على طول نهر الفرات.
موارد محدودة
على الرغم من صمودها الملحوظ، فإن موارد وحدات حماية المرأة متواضعة في أحسن الأحوال. مسلحة بإمدادات محدودة ومواجهة خصوم مجهزين تجهيزًا جيدًا، تعتمد وحدات حماية المرأة على تكتيكات حرب العصابات التي أتقنتها خلال معركتها ضد داعش. تستذكر آيسل دورها في تأمين سد تشرين، الذي استغرق أسابيع من القتال العنيف. تقول: "نحن مسلحون بمواردنا المتواضعة، لكننا نقاتل بشرف وعزيمة"، مؤكدة على الوحدة والروح التي تدفع وحدات حماية المرأة للدفاع عن أرضها. كانت قوات سوريا الديمقراطية، التي تضم مقاتلين ومقاتلات، شريكًا رئيسيًا للولايات المتحدة في الحرب ضد داعش. ومع ذلك، هناك قلق متزايد بشأن دور واشنطن المستقبلي في المنطقة. كانت الولايات المتحدة مصدر دعم أساسي لقوات سوريا الديمقراطية، حيث أنفقت ملايين الدولارات سنويًا لتمويل جهودها. ولكن مع عدم اليقين المحيط بالسياسة الأمريكية، وخاصة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، تواجه قوات سوريا الديمقراطية احتمال التخلي عنها في مواجهة التهديدات المتزايدة من تركيا وتنظيم داعش الذي عاد إلى الظهور.