لجريدة عمان:
2025-03-17@18:08:55 GMT

هل قلوبنا كبيرة .. فعلا؟

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

يتحدث الناس كثيرا عن القلوب، وينيخون رحال ركابهم التي أعياها السير على مشارف هذه القلوب «الحاضرة الغائبة» وأصفها بهذا الوصف، لأنها أعضاء غير ملموسة، وبالتالي فهي غائبة، ولأنها تعقد عليها كل هذه الآمال فهي حاضرة، وبين هذا الحضور والغياب تعيش قصة إنسانية متسلسلة منذ ذلك الزمن البعيد، حيث النشأة الأولى، وإلى يومنا هذا، والحال لا يزال يراوح مكانه، ولا تزال الآمال منعقدة على أن تكون القلوب هي الملاذ الأخير لـ(تجاوز الزلات، التغاضي عن الأخطاء، غفران الذنوب، العفو عند المقدر،ة مسح الدموع الهاطلة من أثر الندم، اتساع الأحضان بعد طول غياب، ميلاد عمر جديد، بدأ مرحلة أكثر آمانا عما كان) وقس على ذلك أمثلة كثيرة، فالقلوب تتسع، ألم نقل لآخر: أنت قلبك كبير؟

من جميل ما قرأت: «قلوبنا كبيرة ولكن لا تستهينوا بحجم أخطائكم فالبحر لا يحمل السفينة إن ثقبت»- انتهى النص - حيث تلعب الضنية هنا دورا كبيرا، لأنه من الغباء أصلا أن يتوقع أحدنا أن مجموعة الأخطاء والمآسي التي يرتكبها في حق الآخرين سوف «تذروها الرياح» ومن اعتاد ألا يلمس إلا الصمت من أي طرف آخر يتعامل معه، فليس معنى ذلك أن الطرف الآخر يستنشق عطر المباهج، وهو يتلقى ضرباتنا القاسية بصمت، فكل تغريدة تكون خارج السرب -والسرب هنا المساحة الآمنة للتفاعل- هي بلا شك تقضي على الأخضر واليابس، وتوسع دائرة تخزين التحمل، ومعنى هذا أن الحالة معرضة للانفجار، ومتى يحصل الانفجار، فعلينا ألا نتفاجأ مما حدث، لأن مساحة التفاعل المتاحة بين الطرفين قد امتلأت بما فيه الكفاية، وحينها آن الأوان أن ترسو السفينة على رصيف الذكريات، فهذا يكفي، لأن في الخطوة التالية، لبناءات جديدة في العلاقة معناه انتحار.

عندما نشاهد حالة التشنج بين طرفين متنازعين، فإن ذلك يعبر عن كمية المخزون القاسي الذي تحمله القلوب «الكبيرة» وليست المسألة فقط مرتبطة بالحالة الصدامية تلك، والناتجة عن خطأ جسيم وقع في تلك اللحظة الزمنية، فالزمن بدوره يقوم بمعالجات نفسية كثيرة، حيث يستنجد دائما بصديقه «النسيان» والحالات النفسية تهدأ مع تحقق هذا النسيان وتسيده على الموقف حيث يأمل الجميع أن تكون «سحابة صيف» وهي الغطاء الذي يوفره طول الزمن، ولكن هذه المعالجات التي يقدمها الزمن مع أهميتها لن تستطيع أن تكون بديلا مطلقا لما تختزنه القلوب، ولذلك يتم استدعاء كل الأرصدة في لحظات النزاع الحرجة، ولعل الصدمة تصل ذروتها هنا، لأنه يتوقع كل طرف من الآخر، قلبه كبير، وأن ما حدث قد طواه الزمن، ولم يعد له أثر، والحقيقة أن الزمن معالج نفسي في بعده الأفقي، وهذا البعد الأفقي يسيرا تكونه، وإزالته في آن واحد، لكن ما تختزنه القلوب يلعب على الوتر العمودي، وهذا ليس بالأمر اليسير اقتلاعه، فاقتلاع الأعمدة يحدث كثيرا من التشققات الجانبية، ويؤثر بصورة مباشرة على كل الجوانب المحيطة، وبالتالي فالقلوب الكبيرة على الرغم من أهميتها في إيجاد مساحة للنور، إلا أن ما تختزنه - بناء على كبرها - يوجه دفتها في لحظات التصادم القاتلة حيث يتم استدعاء كامل الرصيد لتعزيز موقع الدفاع.

تحدث مغازلات كثيرة لاستمالة القلوب على أنها كبيرة، ولا يمكن أن تعصف بها الزلات الصغيرة، وينسى هؤلاء المغازلون أن الزلات الصغيرة لا تقف عند حد، بدءا من كلمة جارحة، غير محسوبة، أو موقف يراد منه «الفرفشة» وأحيانا حتى نظرة مصوبة تجاه حركة معينة، يجعل من اتساع القلوب ضيق وكدر، فلتهنأ القلوب الكبيرة إن استطاعت تجاوز معضلات حامليها.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تجربة كمومية تكشف وجود اتجاهين للزمن وليس اتجاها واحدا!

اكتشف فيزيائيون في جامعة سري البريطانية أنه داخل أنظمة كمومية معينة يمكن للزمن أن يتدفق في اتجاهين متعاكسين في آن واحد، على عكس ما يمكن أن نجد في عالمنا الواقعي، الذي نعيشه كل يوم، والذي ينطلق فيه الزمن في اتجاه واحد فقط، وهو المستقبل.

ولقرون عديدة، تجادل العلماء حول السبب في سهم الزمن، أي فكرة أن الزمن يتدفق بشكل لا رجعة فيه من الماضي إلى المستقبل، وبينما يبدو هذا بديهيا في واقعنا المُعاش، فإن قوانين الفيزياء الأساسية لا تُفضّل بطبيعتها اتجاها واحدا، فسواء تحرك الزمن للأمام أو للخلف، تبقى المعادلات كما هي.

يختلف عالم الكم عن عالمنا، وتحكمه قوانين مختلفة (غيتي) سهم الزمن

بالنسبة للقانون الفيزيائي فإن التحرك في الزمن يشبه التحرك في الفضاء، لا يوجد أعلى أو أسفل مثلا، كذلك يمكن للقانون الفيزيائي أن يعمل دائما في كلا الاتجاهين، يمكن له أن يتنبأ بمستقبل نظام ما وأن يتصور ماضيه.

ويربط فريق من العلماء بين سهم الزمن والقانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي ينص على أن الإنتروبيا (عدم الانتظام) تكون دائما في ازدياد ضمن نظام مغلق.

يمكنك ملاحظة ذلك بسهولة في سيارتك، حيث لا تُستخدم كامل الطاقة الناتجة من البنزين لتحريك السيارة لكن بعضها يُفقد في صوت الموتور، والبعض في ارتفاع درجة حرارة المحرك، والبعض في الاحتكاك ما بين التروس. لكن هل يمكنك جمع كل تلك الطاقة المفقودة مرة أخرى لإعادتها؟

إعلان

لا، تتخذ الإنتروبيا اتجاها واحدا دائما وهو الازدياد، وكذلك يبرد كوب من القهوة الساخنة بمرور الوقت، لكنه لا يسخن أبدا من تلقاء نفسه، وتنكسر البيضة عند سقوطها، لكنك لا ترى بيضة مكسورة تُصلح نفسها! وفي تلك النقطة يرتبط ازدياد الإنتروبيا بسهم الزمن، فالتغير الحاصل في أحداث الكون يتطلب تدرجا زمنيا.

تلك النتائج تشير إلى أن اتجاه الزمن ربما لا يكون ثابتا كما نراه (سايتك ديلي) عالم الكم الغريب

ولكن الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة "ساينتفك ريبورتس"، فحصت هذه الفكرة في سياق كيفية تفاعل نظام كمي مع بيئته، وهو ما يسمى بالنظام الكمي المفتوح.

وجاءت النتائج لتوضح أنه عند تطبيق نهج رياضي شائع (تقريب ماركوف) على هذه الحالة، فإن النظام الكمي تصرف بالطريقة نفسها سواء تحرك الزمن للأمام أو للخلف، بمعنى آخر: نشأ اتجاهان للزمن، لا اتجاه واحد.

لا يعني ذلك أي شيء له علاقة بالسفر في الزمن، بمعنى أن هذا لا يعني أننا سنرى بيضا مكسورا يتم تجميعه في الحياة الواقعية، بل ينطبق فقط في ظروف كمية محددة.

وتشير تلك النتائج إلى أن اتجاه الزمن ربما لا يكون ثابتا كما نراه، وتقدم الدراسة الجديدة منظورا جديدا لأحد أكبر ألغاز الفيزياء، إذ إن فهم الطبيعة الحقيقية للزمن قد تكون له آثار عميقة على ميكانيكا الكم وعلم الكونيات، وما وراءهما.

مقالات مشابهة

  • ‏سباق مع الزمن.. المال السياسي يثير القلق مع اقتراب الانتخابات
  • الهلال يسابق الزمن لتجهيز البليهي قبل مواجهة النصر
  • تجربة كمومية تكشف وجود اتجاهين للزمن وليس اتجاها واحدا!
  • البغيلي: الملك فهد محفور في قلوبنا ولن ننساه أبدًا .. فيديو
  • قيادي حوثي للجزيرة نت: خياراتنا كثيرة في مواجهة واشنطن وردّنا سيكون مؤلما
  • منتديات .. شباب الزمن الضائع !
  • مساجد الشارقة.. صور تجسّد عمارة القلوب
  • «المركب الشراعي» رحلة عبر الزمن
  • مريم بنت محمد بن زايد: أطفالنا مستقبلنا والأمل الذي نحمله في قلوبنا لغدٍ أكثر إشراقاً
  • جمال شعبان يعلن فوائد كثيرة للتمر.. ترعف عليها