ألمانيا تعوّض إمدادات الطاقة الروسية بواردات آسيوية
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
يشكّل اضطراب إمدادت الطاقة الروسية في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية صداعًا في رأس دول الاتحاد الأوروبي، بعدما اعتمدت عليها لسنوات طويلة لتأمين مواردها وتلبية الطلب.
وبوجه خاص، واجهت ألمانيا معضلة كبرى خاصة أن إمدادات الغاز من موسكو كانت تشكل شريان حياة لقطاع الكهرباء والتدفئة.
ووفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لمرحلة العقوبات على موسكو وتداعياتها، تسعى برلين لتنويع مواردها وتكافح للبحث عن منافذ أخرى تضمن بها أمن الطاقة وتوافر الإمدادات.
ويبدو أن الدولة الأكبر لدى الاقتصادات الأوروبية تحاول استكشاف إمكانات دول آسيا الوسطى لتحل محل إمدادات الطاقة الروسية، وتدعم ذلك بزيارة رسمية من مسؤول رفيع المستوى خلال أيام إلى بعض دول المنطقة.
زيارات رسميةتشكّل واردات آسيا الوسطى بديلًا مناسبًا قد يعوض حصة لا بأس بها من إمدادات الطاقة الروسية، ويخطط المستشار الألماني “أولاف شولتس” لبدء زيارة إلى قازاخستان وأوزباكستان -الأحد المقبل (15 سبتمبر/أيلول 2024) لرصد إمكاناتهما.
وتبحث ألمانيا في دول آسيا الوسطى عن إمدادات تؤمن قطاعات: (الطاقة والهيدروجين والمعادن)، وسط توقعات بأن تشهد الزيارة توقيع عقود تعاون جديدة بين شركات من الجانبين.
الرئيسان الألماني والقازاخستاني خلال زيارة العام الماضي – الصورة من Common Space.EUويتلقى الطموح الألماني دعمًا من تعاون مثمر سابق مع قازاخستان على مستوى رسمي، إذ تأتي زيارة “شولتس” المرتقبة بعد زيارة الرئيس “فرانك فالتر شتاينماير” إلى الدولة الواقعة في آسيا الوسطى، منتصف العام الماضي 2023.
وانعكست الزيارة الرئاسية على حجم التعاون التجاري في قطاع الطاقة بين البلدين، وفق ما نقلته رويترز عن بيانات لهيئات رسمية بالبلدين.
تعاون نفطي سابقاستوردت ألمانيا ما يقارب من 8.5 مليون طن من النفط القازاخستاني خلال العام الماضي، بحصة تعادل 11.7% من واردات برلين الإجمالية من الخام.
وترتفع هذه الحصة عن مرحلة ما قبل الحرب الأوكرانية التي كانت تشهد تدفقًا واسع النطاق لإمدادات الطاقة الروسية إلى أوروبا، إذ قدرت صادرات قازاخستان النفطية إلى برلين خلال هذه المرحلة بنحو 6.5 مليون طن.
وفي أعقاب تقليص ألمانيا لإمدادات الطاقة الروسية، حلت قازاخستان في موقع ثالث أكبر مُوّرد نفطي للدولة الأوروبية، لتحل بعد النرويج وأميركا.
وشهد العام الماضي أيضًا بدء ضخ تدفقات النفط القازاخستاني إلى برلين عبر خط أنابيب دروجبا في سابقة هي الأولى من نوعها بين البلدين، وشكلت إمدادات الخط مصدرًا للخام اللازم لتشغيل مصفاة شفيدت الألمانية.
ومن المأمول أن تبني الزيارة المرتقبة لشولتس على التعاون السابق، لتعزيز التبادل في مجال الطاقة، وتعويض الفجوة التي خلفها غياب إمدادات الطاقة الروسية عن الدولة الأوروبية.
الغاز والهيدروجينلا تقتصر خطط التعاون الطاقي بين البلدين على النفط فقط، إذ امتد ذلك إلى قطاعات الكيماويات والطاقة المتجددة، بجانب التعاون في توريد العمالة والدعميْن الفني واللوجستي.
وقد يشمل ذلك قطاعات أخرى، خاصة أن قازاخستان تملك احتياطيات تزيد على تريليوني متر مكعب من الغاز الطبيعي يمكنها تعويض جانبًا من إمدادات الطاقة الروسية، بعد توقف التدفقات عبر خطوط الأنابيب بين موسكو وأوروبا وتصعيد العقوبات ضد غاز موسكو.
وأوضح مسؤول ألماني أن بلاده ستظل في حاجة ماسة إلى إمدادات الغاز على مدار العقدين المقبلين، في ظل طرح عطاءات لمحطات كهرباء تعمل بالغاز قابلة للتحول إلى الهيدروجين مستقبلًا.
جولة تفقدية لمشروع الهيدروجين الألماني في قازاخستان – الصورة من Prime Minister KZوجذبت إمكانات قازاخستان أنظار ألمانيا، فالمساحات الشاسعة وموارد الشمس والرياح تعد أساسًا راسخًا لمشروعات الطاقة، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
وتستثمر مجموعة سفيفيند (SVIVEND) الألمانية في مقاطعة “مانغيستاو” القازاخستانية، بمشروع يمكن القول إنه أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر على الصعيد العالمي، بسعة 40 غيغاواط، وتقدر استثمارات المشروع بما يصل إلى 50 مليار دولار.
وتضخ شركة بيرغباو (Bergbau) الألمانية 500 مليون دولار في مشروع ضخم شرق قازاخستان، لبناء محطة لإنتاج الليثيوم ومعالجته، وفق موقع آستانة تايمز (Asatana Times) المعني بأخبار آسيا الوسطى.
تحديات مطروحةرغم الإمكانات واستعدادات التعاون فإن هناك جانبًا آخر من الصورة، يهدد طرح قازاخستان ودول أخرى في آسيا الوسطى بديلًا لإمدادات الطاقة الروسية.
وحذر خبير الطاقة في جامعة برلين الحرة “توماس أودونيل” من العقبات شديدة التعقيد التي تواجه توسعات الطاقة المتجددة في قازاخستان، مشيرًا إلى أنها تفوق تحديات التطوير في ألمانيا.
وقد ترجع تخوفات أودونيل إلى استمرار التوغل الروسي في قازاخستان، والاضطرار إلى استمرار هذه العلاقات مع موسكو نظرًا إلى التعاون الطاقي المشترك منذ سنوات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.Source link مرتبط
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: إمدادات الطاقة الروسیة العام الماضی آسیا الوسطى
إقرأ أيضاً:
مبادرة البحار الثلاثة.. أولوية لإنعاش أوروبا الوسطى والشرقية
تملك الدول الأوروبية، بفضل بحار الأدرياتيكي، والبلطيق، والأسود المفتاح للأمن والأزدهار والانخراط العالمي لأوروبا القوية والمرنة.
وعلى القادة الأوروبيين في ظل دعم أمريكي قوي أن يعلنوا رؤية واستراتيجية مناسبة لتحقيق هذه النتيجة في القمة المقبلة لمبادرة البحار الثلاثة في بولندا في أبريل(نيسان) المقبل، حسب تقرير لـ3 محللين سياسيين.European states buttressed by the Adriatic, Baltic, and Black Seas hold the key to the security, prosperity, and global engagement of a strong and resilient Europe, write three experts. https://t.co/AxgWD7OKux
— National Interest (@TheNatlInterest) February 21, 2025 دعم من ترامبوقال المحللون كوش أرها، رئيس منتدى المحيطين الهندي والهادىء الحر والمفتوح، وسلافومير ديبسكي أستاذ الاستراتيجية في كلية أوروبا في ناتولين بوارسو، وتيت رييسالو وزير الاقتصاد والتكنولوجيا السابق في إستونيا في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، إن المبادرة، التي يؤيدها الرئيس البولندي أندريه دودو، حظيت بدعم قوى من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى.
والآن على رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، أن يغتنم الفرصة للتواصل مع الرئيس ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لإعطاء أولوية للمبادرة . وعلى بولندا السعى للتواصل مع الدول الأعضاء في مبادرة البحار الثلاثة والمفوضية الأوروبية لإعلان رؤية جسورة وممتدة تخدم المصالح الأوروبية والأمريكية من خلال دعوة ترامب لحضور القمة.
وتشهد الأهمية الاقتصادية والعسكرية لمنطقة وسط وشرق أوروبا صعوداً. وتعد مبادرة البحار الثلاثة وسيلة مناسبة لتحقيق الأهمية المتنامية للمنطقة عبر أوراسيا بشكل مثالي. ويستطيع توسك البناء على إرث دودا في رفع مبادرة البحار الثلاثة إلى مشروع أوروبي يحظى بالأولوية.
وأضاف المحللون أن هناك طريقتين رئيسيتين لدعم المبادرة باعتبارها أولوية أوروبية وتعزيز المصالح الأمريكية. أولهما، ترسيخ مبادرة البحار الثلاثة بوصفها القناة لإقامة ممرات للتحرك العسكري لتعزيز الموقع الأمامي لحلف شمال الأطلسي ناتو على طول جبهة ممتدة من فنلندا إلى رومانيا. ويجب التقييم السريع بين الناتو والمفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في مبادرة البحار الثلاثة لتحديد الأولوية لمسارات البنية التحتية والنقل التي تحقق أعلى المنافع الاقتصادية والأمنية.
ويتمثل العنصر الرئيسي لهذه الرؤية في تحسين الطرق وشبكة السكك الحديدية التي ستربط خطوط ناتو الأمامية بالمناطق الاقتصادية الداخلية في المنطقة، والموانئ الثلاثة الرئيسية وهي تريستي على البحر الأدرياتيكي، وغدانسك على بحر البلطيق، وكونستانتا على البحر الأسود.
وتابع المحللون أن هذا التواصل المعزز سيربط البحار الثلاثة ويدعم الردع ضد روسيا. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الربط سيكون أمراً لا غني عنه لإعادة إعمار وأمن أوكرانيا بعد الحرب. ومن خلال ذلك، ستدمج مبادرة البحار الثلاثة تعافي أوكرانيا في إطار العمل الأمني والاقتصادي الأوسع لأوروبا وترسخ نفسها بقوة نقطة ارتكاز للاستقرار والازدهار الإقليمي.
والطريقة الثانية هي العمل على جعل مبادرة البحار الثلاثة، بالتنسيق الوثيق مع المفوضية الأوروبية، نقطة الإنطلاق الرئيسية لمبادرة البوابة الأوروبية العالمية. ويمكن بهذه الطريقة تحقيق اتصال موثوق مع المناطق المجاورة في الجنوب والشرق والشمال.
???????? - ???????? - ????????
Japan, ROK, and the U.S. conducted their first trilateral escort flight of 2025, building on a history of strong trilateral cooperation, interoperability, and commitment to a #FreeAndOpenIndoPacific.
Read More ⬇️https://t.co/5sjO1tvxSa pic.twitter.com/Pu96ts5OkF
وفي اتجاه الجنوب، تتصل منطقة البوابة العالمية ومبادرة البحار الثلاثة من خلال ميناء تريستي، بالتجارة الهندية المتوسطية الناشئة المدفوعة بأسرع أكبر اقتصاد نموا في العالم ،الهند، إضافة إلى دول الخليج وإسرائيل.
وستكون منطقة مبادرة البحار الثلاثة بعد تجديدها وارنباطها بالممر الاقتصادي الهندي الشرق أوسطي الأوروبي في وضع جيد لتدشين طريق ذهبي جديد يمكن أن يدفع التجارة الهندية الأوروبية إلى أفاق أعلى جديدة في القرن الحادي والعشرين.
وأعلن الرئيس ترامب أخيراً أنه ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، اتفقا على العمل سوياً للمساعدة في تشييد واحد من أكبر طرق التجارة في التاريخ، يمتد من الهند مرورً بإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى إيطاليا ثم إلى الولايات المتحدة، ويربط شركائنا وطرقنا والسكك الحديدية والكابلات تحت سطح البحر".
وفي جهة الشرق، تتصل مناطق مبادرة البحر الثلاثة بالقوقاز، وبحر قزوين، وآسيا الوسطى. وهذا وقت مناسب لإنشاء ممر اقتصادي يربط آسيا الوسطى، والقوقاز ، وأوروبا، وسيؤدي هذا الممر لتعزيز حرية الملاحة في البحر الأسود ويضمن سلامة الساحل الأوكراني. وإلى الشمال، تتصل منطقة مبادرة البحار الثلاثة بكيان متجدد يضم دول البلطيق وناتو، يطلق عليه الشمال الحر.
وتواجه الدول الإقليمية حاجة ملحة بشدة لتنسيق أكبر لدفع المصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة من خليج فنلندا إلى خليج ألاسكا. وتعد مبادرة البحار الثلاثة في وضع جيد لتكون الحصن لتعاون أكبر عبر الأطلسي في الشمال الحر. وتعزز مبادرة البحار الثلاثة الاتصال بين المناطق المجاورة ذات الأهمية الجيوسياسية والجيو اقتصادية الكبيرة، وتخدم مثل مرساة ومقدمة لجهود البوابة العالمية الأوروبية. وسيدعم التماسك الداخلي والمرونة اتتمدد الإقليمي لمبادرة البحار الثلاثة بشكل أوسع نطاقاً.
وتوفر القمة المقبلة للمبادرة منصة مناسبة ليس لتوسيع رؤية مبادرة البحار الثلاثة فحسب، ولكن أيضاً لزيادة عدد الأعضاء فيها. ويتعين أن تحاول مبادرة البحار الثلاثة ضم كل الدول الأوروبية الرئيسية على البحار الثلاثة وبصفة خاصة إيطاليا، وأوكرانيا. ومن خلال إضافة هاتين الدولتين، فإن مبادرة البحار الثلاثة التي تضم 15دولة تصبح فاعلاً إقليمياً لاغني عنه في تشكيل مستقبل أمن أوروبا وازدهارها.
It’s not too early to plan for Ukraine’s reconstruction as a strong, free-market democracy. https://t.co/pPecI5hUel
— National Interest (@TheNatlInterest) August 17, 2024 تنفيذ الرؤيةويجب أن تؤمن المبادرة أيضاً هيكلاً مالياً مناسباً لتنفيذ رؤيتها الموسعة من خلال الاستفادة من أعضائها والشركاء المقربين، ويتمثل الهدف الأساسي في جذب المستثمرين المؤسسين لإقامة مشاريع البنية التحتية.
ويمكن أن يعزز الجمع بين الصناديق السيادية المتماثلة، والتمويل المفيد، وضمانات الائتمان الاستثماري بشكل كبير البنية التحتية لمبادرة البحار الثلاثة بوصفها استثمارات مرغوب فيها.
وربما تدرس الدول الأعضاء تأسيس صندوق لمبادرة البحار الثلاثة، والناتو مع إسهامات تخصص في الميزانية للاستفادة من صناديق خاصة مماثلة في إنشاء ممرات ذات استخدام مزدوج للتنقل العسكري.
وأفاد المحللون أنه من خلال دعم قوي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ربما تتطلب مبادرة البحار الثلاثة تشكيل مجموعة عمل من دول المبادرة ومجموعة الدول الصناعية السبع، تضم مؤسسات تمويل التنمية لتقديم ضمانات التمويل والائتمان لمستثمرين خاصين مؤهلين في المشاريع الخاصة بالبنية التحتية الإقليمية.
وسيكون التأثير الجماعي للرؤية والعضوية الموسعة لمبادرة البحار الثلاثة هائلاً. وإذا نفذت الاستراتيجية أنفة الذكر بشكل مثالي، فإنها ربما تحول أوروبا الشرقية إلى درجة مماثلة لما حققته خطة مارشال لأوروبا الغربية.
واختتم المحللون الثلاثة تقريرهم بالقول إنه ربما ينظر أيضاً الرئيس ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، مع رئيس الوزراء توسك، والرئيس دودا، إلى هذه الفرصة على أنها واحدة من أفضل جهودهم في تقوية أوروبا والتحالف عبر الأطلسي.