باحث ايراني لـبغداد اليوم: زيارة بزشكيان تهدف لجعل بغداد وسيطا بين طهران وواشنطن
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
بغداد اليوم - طهران
تحدث عبد الرضا فرجي راد، أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة طهران، عن الزيارة التاريخية للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق التي استمرت لثلاثة أيام.
ووصل بزشكان الى العراق يوم الأربعاء الماضي بدأها بالعاصمة بغداد وبعدها انتقل الى اقليم كردستان، ثم عاد لزيارة المراقد المقدسة في كربلاء والنجف، ليختتم زيارته اليوم الجمعة بمحافظة البصرة في أول زيارة خارجية له منذ تسلمه منصب رئاسة الجمهورية في تموز الماضي.
وقال فرجي راد، اليوم الجمعة (13 أيلول 2024)، لـ"بغداد اليوم"، إن "بزشكيان ومنذ نيل حكومته ثقة البرلمان الإيراني أعلن أنه سيقوم بأول زيارة رسمية له إلى الدولة المجاورة للعراق، وأخيرا، تمت هذه الرحلة في الأيام القليلة الماضية، وقد لقي الرئيس الإيراني استقبالا حسنا من قبل السلطات العراقية".
وأضاف "رغم أنه منذ سقوط صدام وتطور العلاقات بين البلدين، قام جميع رؤساء إيران بزيارات رسمية إلى العراق، وتم خلال هذه الزيارات عقد اتفاقيات للتعاون بين البلدين، لكن يمكن القول أن هذه الزيارة تختلف بعض الشيء عن زيارات الرؤساء السابقين ومن الممكن الحصول على نتائج أفضل منها".
وتابع فرجي: "إذا أردنا أن نذكر بعض هذه الفروق يمكننا أن نشير الى ان هذه الزيارة جاءت في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة الجديدة أنها تنتهج سياسة متوازنة بين الشرق والغرب في سياستها الخارجية وترغب في الحوار مع الغرب، حوار يمكن أن يتوصل بين الجانبين إلى تفاهم بشأن الملف النووي ويؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران، ويمكن للعراق، باعتباره حليفاً للكتلة الغربية وله علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة، أن يسهل هذه المحادثات، ورغم أن العراقيين في الماضي لعبوا أحياناً دوراً في هذا الصدد وبذلوا بعض الجهود، إلا أن هذه المرة تم إعلان هذه السياسة التقدمية من قبل حكومة الجمهورية الإسلامية والأطراف الغربية، سواء الجانب الأمريكي أو الجانب الأوروبي، وأعلنوا استعدادهم للحوار والتوصل إلى حل مقبول".
وبين المحلل السياسي الإيراني، أنه "في الأسابيع الأخيرة، توقفت الهجمات على القوات والقواعد الأمريكية في العراق، والتي يقال إن قوات المقاومة العراقية تنفذها، وهو ما يمكن أن يساعد الحكومة العراقية على بناء منصة للحوار بين إيران والعراق مع الغرب، وبالتأكيد ستكون هناك عقبات أقل أمام تطوير العلاقات بين بغداد وأربيل مع طهران، ومن الممكن أيضًا أن تتمكن الحكومة العراقية، إذا حاولت، من الحصول على إذن على الأقل للإفراج عن جزء من الأموال الإيرانية المجمدة بعد موافقة الولايات المتحدة، وهو موضوع اعتقد تمت مناقشته في المحادثات بين رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية ورئيس وزراء العراق".
واشار فرجي الى ان "النقطة المهمة التالية في هذه الرحلة هي المحادثات الرئاسية في أربيل والسليمانية مع السلطات الكردية الإقليمية، والتي لم تعقد منذ سقوط صدام، واللافت في هذه الرحلة أن العلاقات المناخية مع طهران كانت شديدة البرودة منذ عدة سنوات، كما تعرضت مواقع معارضي الجمهورية الإسلامية في شمال العراق للقصف بالرصاص والصواريخ عدة مرات، وأخيراً مع التصعيد الأخير، كانت زيارة رئيس اقليم كردستان نيجرفان بارزاني إلى طهران، قد حركة العلاقات بين أربيل وطهران".
واوضح فرجي، إن "زيارة بزشكيان إلى أربيل والسليمانية في وقت تغير فيه بالكامل موقع معارضة الجمهورية الإسلامية الإيرانية على طول الحدود المشتركة، وخلال رحلته إلى شمال العراق، يتحدث الرئيس للصحفيين بلغة السكان الأصليين لهذه المنطقة (الكردية)، وبالنظر إلى الخلافات بين الحزبين الكرديين في المنطقة، يحاول أن يظهر من خلال لقائه مع قادة الحزبين أن الحكومة في إيران تريد السلام في كردستان ويد الصداقة تمتد إلى جميع الأكراد في المنطقة".
وبحسب قوله إنه "يمكن لهذه الرحلة وهذا الإجراء، الذي وصفه القادة الأكراد بالرحلة التاريخية، أن يترك أثراً إيجابياً للغاية على العلاقات بين إيران والمنطقة بالإضافة إلى تطوير العلاقات بين طهران وبغداد، بحيث إذا تمت متابعة الحوارات واستمرت، ستتمكن طهران والمنطقة من المرور بواحدة من أفضل فترات علاقاتهما".
وعن النقطة الثالثة لأهمية هذه الزيارة، أجاب المحلل الإيراني، أن "بزشكيان استغل هذه الرحلة ووجه رسالة صداقة إلى الدول الإسلامية الأخرى في المنطقة وفتح حدود هذه الدول لبعضها البعض، ورغم أنه في المرحلة الحالية واختلاف وجهات النظر بين دول المنطقة وخاصة مع الجمهورية الإسلامية، فإن فتح الحدود أمر مستحيل تماماً؛ لكن هذا التوجه يحمل في جوهره رسالة مفادها أن الحكومة الجديدة في إيران مستعدة للحديث وحل المشاكل وتطوير العلاقات على أساس نوع من الطمأنينة، وكما أشار الرئيس، فقد ترسخت هذه الثقة تدريجياً في أوروبا وأصبحت الحدود المفتوحة لدول القارة الخضراء عاملاً للتنمية الإقليمية".
وتابع "وبالنظر إلى أن هذا النهج قد تم اقتراحه بالفعل بطريقة ما من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فمن الجيد أولاً، بالتعاون مع البلدين العراق والمملكة العربية السعودية، التحضير لخطة يمكنها تقليل الشكوك في شكل تقارب إقليمي ومجال تعاون إقليمي جماعي يجب متابعته، ومع الجهود التي تبذلها الحكومة الجديدة لرفع العقوبات، فمن الطبيعي أنه إذا كان هناك اتفاق على رفع العقوبات، فسيتم توفير منصة أكثر ملاءمة لمتابعة هذا المشروع".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الجمهوریة الإسلامیة العلاقات بین هذه الرحلة
إقرأ أيضاً:
تحرير العراق من إيران.. تصعيد امريكي لتأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
تتواصل دعوات تحرير العراق مما يسمى النفوذ الإيراني حسب ما اطلقه مسؤولون أمريكيون في واشنطن تحت راية الإدارة الامريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب مما يجعل هذه الدعوات تنذر بالتصعيد المستمر بين الولايات المتحدة وإيران بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام.
القيادي في الإطار التنسيقي عصام شاكر قال في حديث لـ "بغداد اليوم"، إن "ما نشره أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي تحت عنوان خطة تحرير العراق من إيران يمثل رأي شخصية معروفة بإثارتها للملفات الجدلية، وبالتالي لا يمثل بشكل عام وجهة نظر المنظومة الحكومية الأمريكية".
وبين، أن "العراق بلد مستقل لا يخضع لإرادة أي دولة، ويمتلك مساراً ديمقراطياً يتمثل بالانتخابات التي تُفضي إلى تشكيل مجلس النواب ثم الحكومة"، مؤكداً أنه "اطّلع على بعض ما جاء في الخطة المنشورة، والتي تمثل تدخلاً سافراً في استقلالية القرار العراقي، عبر التلويح بحل تشكيلات رسمية وفرض قيود وعقوبات".
ولفت شاكر إلى أن "هذه الخطة ليست معتمدة من قبل البيت الأبيض، وبالتالي فإن الأمر لا يثير اهتمامنا"، مبيناً أن "أي تدخل أمريكي مباشر في العراق ستكون له ارتدادات خطيرة، وهو ما تدركه الإدارة الأمريكية جيداً".
وأشار إلى أن "العلاقات بين بغداد وواشنطن محكومة باتفاقية استراتيجية، وأي تجاوز على هذه الاتفاقية ستكون له أبعاد خطيرة".
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية خليفة التميمي، أن "ما نشره أحد أعضاء الكونغرس مؤخراً قد يمثل رؤية مبطّنة لاستراتيجيات قد تُعتمد لاحقاً من البيت الأبيض، لكنها حتى الآن تبقى ضمن الأوراق الضاغطة".
وأوضح التميمي في حديث لـ "بغداد اليوم"، أن "واشنطن تسعى بجدية لإبرام اتفاق مع طهران ينهي حالة اللا حرب المستمرة منذ أكثر من 40 عاماً في المنطقة"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة تحاول استخدام الساحة العراقية لتضييق الخناق الاقتصادي على إيران".
وتابع، أن "ما نُشر لم يأتِ من فراغ، بل قد يدخل ضمن إطار الحرب النفسية ضد النظام الإيراني"، مضيفاً أن "الخطة التي تحدثت عن (تحرير العراق من إيران) تتضمن بنوداً يصعب تنفيذها، خصوصاً تلك المتعلقة بالحشد الشعبي وتقييد بعض المصارف الحكومية".
وأكد أن "واشنطن حتى الآن لم تتبنَّ مثل هذه الخطط، لكن يبدو أن هناك أقطاباً في الكونغرس تعبر عن آراء لوبيات ذات نفوذ واسع تمثل مصالح دول متعددة في المنطقة"، مشدداً على أن "ما يحصل الآن هو ضغط إعلامي آخر ضمن سياق تحفيز الجهود الأمريكية ـ الإيرانية للوصول إلى اتفاق يجنّب المنطقة شبح الاصطدام العسكري".
ويمثل مشروع "تحرير العراق" الذي يتم الترويج له في واشنطن انعكاس القلق الأمريكي من تأثيرات إيران في المنطقة حيث يدعو بعض المسؤولين الأمريكيين إلى اتخاذ خطوات أكثر حزما لمواجهة هذا النفوذ، وهو ما يعكس تصعيدا في المواقف قد يؤدي إلى تغييرات في السياسات الأمريكية تجاه العراق والمنطقة ككل.