ألقى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، خطبة الجمعة اليوم 13 سبتمبر 2024، الموافق 10 من ربيع الأول 1446 في المسجد الحرام.
 

ولد الهدى فالكائنات ضياء.. موضوع خطبة الجمعة القادمة خطبة اليوم الجمعة من المسجد النبوي.. الموت مآل كل إنسان



وقال خطيب المسجد الحرام  لئن كثُرت نِعمُ الربِّ على عباده، وتنوَّعَت مِنَنُه، وعظُمَت آلاؤُه، فاستوجَبَت شُكرًا يُعقِبُ لهم منه المزيد، فإن النعمةَ العُظمى -بعد نعمة الهداية إلى دين الله القويم وصراطه المستقيم- هي المِنَّةُ الربانيَّةُ الكريمة، ببِعثة هذا النبي الكريم، يقرأ عليهم آيات كتابه العظيم، ويطهرهم من ذنوبهم باتباعهم إياه، وطاعتهم له فيما يأمرهم به وينهاهم عنه، ويعلمهم كتاب ربهم الذي أنزله عليه، ببيان معانيه وأحكامه، ويوضح لهم سنته التي سنها للمؤمنين، فيستنقذهم مما كانوا فيه من الضلالة، ويبصرهم بعد العماية، كما قال عز اسمه: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾.


وأضاف قائلًا: إن النبي صلوات الله وسلامه عليه، مرسل من ربه عز وجل إلى قومه بلسانهم، فليس متهمًا عندهم، ولا يأنفون من الأخذ عنه، وهو في غاية النصح لهم، والسعي في كل ما به صلاح أحوالهم، وسعادتهم ونجاتهم، ويشق عليه ما يشق عليهم، ويحب الخير لهم، ويسعى جاهدًا في إيصاله إليهم، ويحرص على هدايتهم، ويكره الشر لهم، ويسعى في تنفيرهم منه، وذلك لشدة رأفته ورحمته ورفقه بهم، ولذا كان حقه صلى الله عليه وسلم على أمته مقدمًا على كل الحقوق، وفي الطليعة من ذلك وجوب الإيمان بأنه عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين، فلا نبي ولا رسول بعده، كما قال تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ ، والإيمان بأنه صاحب الشفاعة العظمى التي يتخلى عنها أولو العزم من الرسل، كما محبَّتُه محبَّةً تفوقُ محبَّة الوالد والولد والناس كافَّة، كما جاء في الحديث الذي أخرجَه الشيخان في صحيحيهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يُؤمنُ أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والدِه وولدِه والناسِ أجمعين".


ونوه فضيلته: أن الصادقَ في محبَّته صلى الله عليه وسلم لا بُدَّ أن تظهرَ علامةُ صِدقِه، وإلا كانت دعوَى لا بيِّنةَ عليها، والبيِّنةُ الدالَّةُ على صِدقِ دعوَى المحبَّة، تتجلَّى في علاماتٍ وأماراتٍ، أهمُّها: الاقتِداءُ به والعملُ بسُنَّته، والتأدُّبُ بآدابه في العُسر واليُسر والمنشَط والمكرَه، وإيثارُ ما صنعَه صلى الله عليه وسلم على هوَى النفس، ونُصرةُ دينِه، والذبُّ عن سُنَّته، والذَّودُ عن شرعِه، وكثرةُ ذِكرِه عليه الصلاة والسلام، فإن من أحبَّ شيئًا أكثرَ من ذِكرِه، وكثرةُ الشوقِ إلى لقائِه عليه الصلاة والسلام، كما أن من صدق المحبة له عليه الصلاة والسلام، الإكثارُ من الصلاة عليه، فإنه من صلَّى عليه صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، كما ثبَت ذلك فيما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم، لاسيَّما في المواطِن التي يُستحبُّ فيها، كأول الدعاء وآخره، وعقِب الأذان، وعند ذِكرِه، وعند دخول المسجد والخروج منه، ويوم الجمعة وليلته، وفي التشهُّد.


وأستطرد في خطبته قائلاً: من لوازم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعته في كل شأن، وقد أمرَ سبحانه بها فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ كما أنه تتحقَّقُ طاعتُه صلى الله عليه وسلم بالاقتِداء به واتباعه، والاهتِداء بهديِه، والاستِنان بسُنَّته، وبالتحاكُم إليه في كل الأمور، والرِّضا بحُكمه، فيما أوجب الله عز وجل التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، مبيِّنًا أنه القدوة الحقة لكل مؤمن بالله واليوم الآخر، يستعصم بها من الضلال، ويبلغ بها ما يأمل من الرِّضوان، ونزول رفيع الجنان.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النبي الصلاة والسلام صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله إمام وخطيب المسجد الحرام ه علیه الصلاة والسلام ه صلى الله علیه وسلم المسجد الحرام

إقرأ أيضاً:

كيف عظم الله ورسوله ليلة النصف من شعبان؟.. نفحات وبركات ربانية

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن ليلة النصف من شعبان من النفحات الربانية، وهي ليلة عظيمة قد عظمها الله تعالي، وعظمها رسول الله.

حكم الدعاء في ليلة النصف من شعبان بألفاظ مخصوصة .. دار الإفتاء تجيبليلة النصف من شعبان.. فضلها وحكم إحياؤها فرادى أو جماعات

وأضاف علي جمعة، في منشور عن ليلة النصف من شعبان، أن تعظيم رسول الله لها كان بدعائه لربه والتبتل إليه فيها ، كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "فقدت رسول الله ذات ليلة، فخرجت، فإذا هو بالبقيع، رافعا رأسه إلى السماء، فقال لي: «أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟»، قالت: قلت : يا رسول الله ، ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: «إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب». (مسند أحمد). وكلب قبيلة مشهورة بكثرة الغنم ،وهى كناية من سيدنا رسول الله على سعة رحمة الله سبحانه وتعالى.

وأشار إلى أن تعظيم الله تعالى لهذه الليلة يكون باطلاعه تعالى على خلقه، لينزل عليهم فيها رحمته ومغفرته، كما أخبرنا رسول الله: «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن». (سنن ابن ماجه).

واستثنى من مغفرته المنزلة في تلك الليلة: المشرك والمشاحن، وتقع الشحناء غالبا بسبب النفس الأمارة بالسوء التي تؤذي الناس، فتفسد الود والوئام القائم بينهم، وقد نصح النبي المسلمين بالابتعاد  كل البعد عن كل ما قد يؤدي إلى بث الفرقة والشحناء بين الناس ، فقال: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا ، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره. التقوى هاهنا» - ويشير إلى صدره ثلاث مرات- «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام : دمه، وماله، وعرضه» (صحيح مسلم).

وأكد علي جمعة، أنه لا يخفى أن الأشياء المذكورة والوارد فيها النهي في هذا الحديث هي أمور إن التزم بها المسلم وطبقها في كل أموره وأحواله عند التعامل مع أخيه الإنسان ، فلا شك أن المجتمع بكل أفراده سيشيع فيه الحب والوئام.

وأشار إلى أنه لا يخفى أننا أحوج ما نكون في هذه الأيام إلى التأكيد على قيمة رفع التشاحن والسعي لإصلاح ذات البين، لنستقبل رمضان بنفوس صافية ، وروح عالية ، وأعمال متقبلة. فلا تفوتنكم هذه النفحات.

مقالات مشابهة

  • حكم تعمد التأخر في دخول المسجد حتى سماع الإقامة.. الإفتاء تجيب
  • نفحات ربانية في ليلة النصف من شعبان.. احذر أن تفوتك
  • التاريخ الهجري اليوم.. أيام قليلة تفصلنا عن رمضان المبارك
  • ذهبت إلى العمل دون الاغتسال من الجنابة لعدم التأخر.. هل علي ذنب؟
  • كيف عظم الله ورسوله ليلة النصف من شعبان؟.. نفحات وبركات ربانية
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأذان يقتصر على الفرائض ولا يُشرع للنوافل
  • أنوار الصلاة على النبي صلى الله عليه عليه وسلم
  • ما الحكمة الشرعية  من تحويل القبلة من المسجد الاقصى إلى الكعبة المشرّفة؟
  • شوقي علام: الإسلام أنصف المرأة في الميراث
  • حكم العلاج بالعطور والبخور في الشرع