سودانايل:
2025-03-17@15:25:19 GMT

قوة الضعف

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

الحسابات الخاطئة أحد أبرز العناصر المساهمة في اطالة حربنا الكارثية.
بل هي الحطب المُحرِّض على اشعالها. فكل طرف - بغض النظر عن البادئ- تورْط في الحرب من قناعة زائفة بقدرته على ربحها في ضربة قاصمة خاطفة. رغم تبدد هذه الفرضية مع مرور الزمن لا تزال الحسابات الخاطئة بامتلاك القوة الغالبة تهيّمن على العقليتين الدمويتين المدمرتين.

كلاهما لا يدركان وجود مبدأ (قوة الضعف). من يدرك تفاصيل هذا المبدأ يضع حتما ضمن تقديراته فرضية خذلان الاعتماد على القوة في حسم الصراع. الطرفان لايزالان يتوغلان في الوهم الزائف دون استعداد للمراجعة والتراجع فيكلفان الشعب والوطن خسائر فادحة. ما أصدق قول رئيس الوزراء الفرنسي الراحل جورج كليمنصو (الحرب أخطر من أن تُترك للجنرالات ).القناعة ب(ضعف القوة)يستوجب كذلك اقتناع بوجود (قوة الضعف).فليس بتفوق السلاح وحده أو كثرة الجنود فقط يتم حسم الصراع او تحقيق الانتصار.
*****
الفهم الخاطئ غيّب عن أصحاب الحسابات الخاطئة استيعاب طبيعة ثورة ديسمبر ومكامن قوتها فعمدوا إلى قمعها حداً بلغ سفك الدم .في حساباتهما المسرفة في الخطايا ظنونهما بأن مايمكن احتواؤه بالعنف يمكن اقتلاعه بمزيد من القوة. كذلك في سياق الفهم الخاطئ التباهي باتساع الانتشار . لكن في الواقع لا جدوى من انتشار لا يفرض الهيمنة. الباحث الفرنسي في العلوم السياسية برتران بادي انشغل كثيرا في سياق مقارباته الفكرية بما اسماه(عجز القوة). هو يرى -لعلها رؤية تحاكم حربنا الكارثية- أن القويَ عاجزٌ طالما لم يستطع تحقيق انتصارٍ حاسم . كذلك يُعرّف بادي القويَ بالقادر على تقديم التنازلات دون وجل مستندا في ذلك إلى فائض قوته الحقيقية. هذا تعريفٌ دونه الأقزام ناشروا النار ،الكراهية والمعاناة في البلد.
*****
ربما لو استعرض باحث عسكري استراتيجي (حقيقي)مسار حرب الحمقى لكشف من ابرز أخطائها التزام الطرفين بتكتيك غبيٍ .فهما اقتحما القتال بغير حذرٍ كاف إن لم يكن بتهورٍ مفرط على نقيض وصية رئيس الأركان الأميركي كولين باول (يجب إختيار معاركنا بحذر وبقوة كبيرة).هي حكمة غابت عن باول وهو وزير للخارجية حينما روّج للحرب على صدام . ففي تلك الغفلة انزلقت اميركا في حرب العراق الثانية إذ أغفلت حساباتها الخاطئة (قوة الضعف) الكامنة في المنطقة فأمست تسدد فواتير مكلفة نتيجة تجاهلها ذلك المبدأ الاستراتيجي . أوسع من ذلك فعلى قدر ما تشغل أميركا من الجغرافيا كامبراطورية للتوحش تتعدد عثراتها وهزائمها ؛بدءاً بالعراق ، فسوريا ، مرورا بفلسطين ثم افغانستان وانتهاء باوكرانيا. إحدى خطايا أميركا رهانُها الخاسر على إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية بالقوة .
*****
كذلك يتجاهل أقطاب حربنا الخاسرة على سواء مع اميركا (قوةالضعف) الكامنة لدى الشعب .كلهم يتقاتلون ويقاتلون متجاهلين حقوق الشعب وحقوق مجتمعه المدني. نلك إحدى خصائص الأنظمة الاستبدادية وطبائعها. فمدى عدالة القضية ورسوخ الإيمان بها في القلوب يشكلان مصدر اً يعزز صعود قوة الضعف الماثلة لدى القوى الضعيفة مقابل موازين غلبة السلاح وكثرة الجنود. فترجيح الغلبة والكثرة لا يوفر شرط امتلاك القوة مثلما لا يعني الضعف فقدان التفوق . غاندي ثبّت وجهه في مرايا التاريخ بتجسيده للعالم معنى (قوة الضعف).الخوف هو جوهر الضعف ومظهره التردد. فأي جيش تقليدي لا ترهبه مواجهة جيش مماثل قدر ما ترهقه حرب العصابات.
*****
لو أن القوة تستند فقط إلى التفوق في نوعية السلاح و الوفرة في أعداد الجنود لما أرهقت المقاومةُ الفلسطينية جنرالات الترسانة الإسرائلية .و لما قهرت خلايا النساءِ النحيلات ورجالُ الغابات المعروقين في فيتنام حمم النابالم الأميركية.ولولا عمق الايمان بعدالة القضية ما هزم قبل ذلك مدرسُ التاريخ فون جوين جياب الضباطَ خريجي الأكاديمية العسكرية الفرنسية في ديان بيان فو.اسرائيل ترفض التسليم بخيار الدولتين لا لأنها تخشى تفوق الدولة الفلسطينية عسكريا . بل لأنها مسكونة برعب الغلبة الديموغرافية .فموازين القوى ليست وقفاً على الترسانة العسكرية فقط ،بل توجد أثقالٌ متباينة؛منها ماهو مادي ومنها المعنوي.
*****
مشعلو حربنا الكارثية يتجاهلون عمداً أو جهلا أثقال القوى ،بما في ذلك العتاد الحربي نفسه. فهم بالإضافة إلى كثرة المقاتلين يغلّبون عنترياتٍ حماسيةً جوفاءَ محشوةً ببشرياتٍ كذوبة وأمنيات خادعة ووعود رغائبية.ففي أُتون هذه الحرب الخرقاء تغيب الموضوعية ،المصداقية والأمانة.فلا طرف يعلن عدد ضحاياه أو حجم خسائره.إنها حربٌ الكذب على الذات مثلما هي على الشعب.في خضم هذا الإفك يجفل أطراف القتال عن التحديق في الغد عمداً إذ أنهم على قناعة بأن المنتصر منهم سيواجه حتماً حرباً لا يعتمد القتال فيها على العتاد العسكري. جنودها أُريد لهم النحر أو الانتحار لكن إراداتهم أكثرُ صلابةً من القوة الصلبة التقليدية.
*****
فعندما تسكن المدافع والطائرات ينفتح الأفق على حرب سياسية وقودها الفكر والمنطق؛ المعارك تدار فيها بالقلم واللسان . إنها حرب قادتها وجنودها أهل قوة الضعف غير القابلة للانكسار .هي حرب قوامها تتظيمات مدنية ليست عسكرية وكذلك تكتيكاتها ومناوراتها.من الثابت المؤكد ألّا موطئ قدم وفتذاك لأي قائد أو ضابط متورط في هذه الحرب القذرة.فمع نهاية هذه المأساة الملهاة غير الوطنية سيحفر شباب الثورة قبورا(لأبطالها). رياح الحرب الحتمية المقبلة تجرفهم حتماّ إلى مهاوي النسيان.فمتى وكيفما تضع هذه الحرب الخاسرة أثقالها يبدأ الشعب صناعة تاريخ جديد لا مساحة فيه لدهاقنة الكذب ، الفساد،الخداع ،التعصب والنرجسية. المعذبون في الملاذات المؤقتة في الداخل والخارج عائدون بقلوب وأدمغة ملؤها حب الدار والعلم .تلك هي الأسلحة الغائبة عن أركان حرب الفوضى المدمِّرة الراهنة.ماركس لم يكن يقرأ في المستقبل ( حينما قال التاريخ يعيد نفسه).

 

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ترمب: سنستخدم القوة المميتة الساحقة على الحوثيين

يمن مونيتور/ واشنطن/ ترجمة خاصة:

قال الرئيس دونالد ترامب يوم السبت إن القوات الأمريكية شنت هجوما “حاسما وقويا” على الحوثيين في اليمن، وهو تصعيد ضد الجماعة التي تستهدف حركة المرور البحرية والقوات الأمريكية في البحر الأحمر، ووجهت الهجمات كتحذير حاد لإيران، الداعم الرئيسي لها.

وقال ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “لن يتم التسامح مع هجوم الحوثيين على السفن الأمريكية”. “سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا”.

وفي بيانه، خاطب ترامب مباشرة رعاة المسلحين في إيران: “يجب أن ينتهي دعم الإرهابيين الحوثيين على الفور!”، محذرا الحكومة في طهران من أن “أمريكا ستحملكم المسؤولية الكاملة ولن نكون لطيفين حيال ذلك”.

وبعث ترامب في الأيام الأخيرة برسالة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي على أمل التوصل إلى اتفاق جديد للحد من برنامج طهران النووي. رفض الإيرانيون حتى الآن المشاركة.

وتأتي العملية في أعقاب قرار اتخذته إدارة ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، مشيرة إلى موجات العنف التي شنها المتشددون ضد السفن الحربية والسفن التجارية الأمريكية. وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في وقت سابق من هذا الشهر إنه يفي بوعد ترامب في حملته الانتخابية بعد مئات الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن.

 

 

يمن مونيتور16 مارس، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام سي إن إن: لا غزو أو قوات برية لمناطق الحوثيين الحوثيون يهددون برد قوي على الغارات الأمريكية الأخيرة مقالات ذات صلة غارات أمريكية جديدة تستهدف مواقع الحوثيين جنوب وشمالي صنعاء 16 مارس، 2025 غارات أمريكية على 4 محافظات يمنية 16 مارس، 2025 الحوثيون يهددون برد قوي على الغارات الأمريكية الأخيرة 16 مارس، 2025 سي إن إن: لا غزو أو قوات برية لمناطق الحوثيين 16 مارس، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية سي إن إن: لا غزو أو قوات برية لمناطق الحوثيين 16 مارس، 2025 الأخبار الرئيسية غارات أمريكية جديدة تستهدف مواقع الحوثيين جنوب وشمالي صنعاء 16 مارس، 2025 غارات أمريكية على 4 محافظات يمنية 16 مارس، 2025 الحوثيون يهددون برد قوي على الغارات الأمريكية الأخيرة 16 مارس، 2025 ترمب: سنستخدم القوة المميتة الساحقة على الحوثيين 16 مارس، 2025 سي إن إن: لا غزو أو قوات برية لمناطق الحوثيين 16 مارس، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك غارات أمريكية جديدة تستهدف مواقع الحوثيين جنوب وشمالي صنعاء 16 مارس، 2025 غارات أمريكية على 4 محافظات يمنية 16 مارس، 2025 الحوثيون يهددون برد قوي على الغارات الأمريكية الأخيرة 16 مارس، 2025 سي إن إن: لا غزو أو قوات برية لمناطق الحوثيين 16 مارس، 2025 أكسيوس: الغارات الأمريكية على الحوثيين تستمر أسابيع 16 مارس، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 16 ℃ 24º - 15º 28% 3.84 كيلومتر/ساعة 24℃ الأحد 23℃ الأثنين 24℃ الثلاثاء 24℃ الأربعاء 22℃ الخميس تصفح إيضاً غارات أمريكية جديدة تستهدف مواقع الحوثيين جنوب وشمالي صنعاء 16 مارس، 2025 غارات أمريكية على 4 محافظات يمنية 16 مارس، 2025 الأقسام أخبار محلية 29٬510 غير مصنف 24٬204 الأخبار الرئيسية 15٬891 عربي ودولي 7٬530 غزة 10 اخترنا لكم 7٬264 رياضة 2٬517 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬338 كتابات خاصة 2٬141 منوعات 2٬085 مجتمع 1٬898 تراجم وتحليلات 1٬899 ترجمة خاصة 146 تحليل 21 تقارير 1٬667 آراء ومواقف 1٬581 صحافة 1٬495 ميديا 1٬494 حقوق وحريات 1٬383 فكر وثقافة 937 تفاعل 836 فنون 495 الأرصاد 418 بورتريه 67 صورة وخبر 39 كاريكاتير 33 حصري 28 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن 6 يناير، 2022 وفاة الممثلة المصرية مها أبو عوف عن 65 عاما أخر التعليقات قاسم بهلول

اتحداك تجيب لنا قصيدة واحدة فقط له ياعبده عريف.... هيا نفذ...

مواطن

هل يوجد قيادة محترمة قوية مؤهلة للقيام بمهمة استعادة الدولة...

antartide010

ضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...

موضوعي

ذهب غالي جدا...

موقع موضوعي

نعم يؤثر...

مقالات مشابهة

  • صراع القوة يهدد مستقبل دولة جنوب السودان
  • التواضع والتكبر: بين قوة الصدق ووهم العظمة
  • طلاب جامعة الرازي يدعمون القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير بـ 400 ألف ريال
  • الغارات الأمريكية على صنعاء: رسائل القوة والعجز في عهد ترامب
  • روسيا تحث أمريكا على وقف استخدام القوة في اليمن وخفض التصعيد
  • ترمب: سنستخدم القوة المميتة الساحقة على الحوثيين
  • ليلى عبد المجيد لـ«كلم ربنا»: اشتكيت لربنا بعد وفاة زوجي المفاجئة وربنا ادانى القوة
  • أوراق «القوة» الإيرانية تظهر.. الكشف عن إنجاز عسكري جديد
  • قوة إيزيدية منشقة عن البيشمركة تريد الانضمام الى الحشد
  • وكيل الأزهر: شاركنا في الحرب مع الشعب وما يحدث في غزة جريمة إنسانية