أخبارنا:
2024-12-26@14:00:38 GMT

شعب الجزائر يكرّر رفضه لحكم العسكر

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

شعب الجزائر يكرّر رفضه لحكم العسكر

بقلم: جلبير الأشقر

على الرغم من البلبلة التي رافقت الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الجزائر، ثمة أمرٌ جليّ وأكيد هو رفض الشعب الجزائري بغالبيته الساحقة لحكم العسكر، بعد أن كرّس حراكه قبل خمس سنوات للمطالبة بإنهاء هذا الحكم وإحلال سلطة مدنية ديمقراطية محلّه. بل إن البلبلة المذكورة ذاتها، إنما هي نتاج مباشر لهذه الحقيقة، التي برزت من خلال الرهان الحقيقي في هذه الانتخابات، حيث لم يكن هناك مجال لأدنى شكّ في فوز مرشّح المؤسسة العسكرية، عبد المجيد تبون.

أما الرهان الحقيقي فكان مدى مشاركة الشعب الجزائري في الانتخابات، مقارنةً بالانتخابات السابقة في نهاية عام 2019 التي فرضت المؤسسة العسكرية إجراءها في وجه رفض الحراك ومقاطعته. وقد جاءت النتيجة آنذاك بما لم تشتهِه المؤسسة، إذ إن نسبة المشاركة كانت أقل من 40٪ في المئة (39.51٪ تحديداً، أي أن 9. 755. 340 أدلوا بأصواتهم حسب الأرقام الرسمية من أصل عدد من الناخبين المسجلين بلغ 24. 474. 161). جاءت تلك النسبة منخفضة على الرغم من فسح السلطة المجال أمام تنوّع أكبر للمرشحين، إذ خاض الحملة في عام 2019 خمسة رجال.

أما نتيجة انتخابات يوم السبت الماضي، فكانت أن نسبة المشاركة هبطت عن المستوى الذي بلغته في عام 2019 والذي كان هو ذاته منخفضاً مقارنةً بالأرقام الرسمية للانتخابات السابقة. فحسب الأرقام الرسمية، لم يبلغ مجموع الأصوات التي تم الإدلاء بها يوم السبت الماضي لصالح المرشّحين الثلاثة سوى 5. 630. 196، بتراجع خطير عن مجموع الأصوات قبل خمس سنوات، بينما كاد عدد المسجلين لا يتغيّر (24. 351. 551) بحيث هبطت نسبة المشاركة إلى 23.12 في المئة فقط! أما محاولة رئيس السلطة الوطنية «المستقلة» للانتخابات، محمد شرفي، تمويه هزيمة الحكم بادّعائه أن نسبة المشاركة «المتوسطة» بلغت 48٪، وذلك بقسمة نسَب المشاركة على عدد الدوائر الانتخابية (كأن تقول إن النسبة المتوسطة بين 10٪ في مدينة يبلغ عدد ناخبيها مئة ألف و90٪ في بلدة يبلغ عدد ناخبيها أقل من ألف، هي 50٪) تلك المحاولة باءت بالفشل إلى حد أن حملة تبون ذاتها اضطرت إلى الاحتجاج على البلبلة التي أحدثتها.

إزاء هذه الهزيمة السياسية النكراء، تبدو نسبة 94.65٪ من الأصوات التي فاز بها عبد المجيد تبون حسب الأرقام الرسمية هزيلة للغاية، ناهيك من أن المرشحين الآخرين أسرعا إلى اتهام السلطات بتزوير النتائج. فقد بلغ عدد الأصوات التي حصل تبون عليها حسب الأرقام الرسمية 5. 329. 253 مقابل 4. 947. 523 في عام 2019، بزيادة طفيفة. لكن خلافاً لبعض التعليقات التي رأت في النسبة التي حصل عليها تبون تقليداً لنهج الدكتاتوريات الإقليمية المعروف والقاضي بمنح الرئيس أكثر من 90٪ من الأصوات، فإن نسبة 94.65٪ في الانتخابات الجزائرية الأخيرة لم تقترن بنسبة مشاركة عالية كما هي الحال عادة في الدكتاتوريات، سواء من خلال تزوير الأرقام أو فرض المشاركة على المواطنين أو الإثنين معاً.

بل أكّد انخفاض المشاركة أن حراك عام 2019، وإن تمكّن حكم العسكر والأجهزة الأمنية من القضاء عليه من خلال القمع والاعتقالات التعسّفية، منتهزاً في البدء الفرصة التي وفّرتها جائحة الكوفيد في عام 2020 ومواصلاً النهج ذاته إلى يومنا، ذلك الحراك ما زال حيّاً كالنار تحت الرماد، ينتظر فرصة كي يلتهب من جديد. ولا شكّ في أن المؤسسة العسكرية الأمنية الحاكمة سوف ترى في نتيجة الانتخابات مصدر قلق، إذ أتت على الرغم من أن الحكم كان قد زاد من النفقات الاجتماعية التي يحاول أن يشتري بها رضى الشعب، مستفيداً من ارتفاع أسعار المحروقات وارتفاع مداخيله بالتالي، مع ازدياد حاجة الأوروبيين إلى غاز الجزائر للتعويض عن الغاز الروسي. والحال أن المحروقات تشكّل أكثر من 90٪ من قيمة صادرات الجزائر، وهي نسبة ذات دلالة أخطر بكثير من كافة النسب الانتخابية إذ تشير إلى فشل حكم العسكر الذريع في تصنيع البلاد وتنمية زراعته، وهو الهدف الذي أعلنوا إعطاءه الأولوية منذ أن استولوا على الحكم في عام 1965 بقيادة هواري بومدين، لا سيما بعد تأميم قطاع المحروقات في عام 1971.

هذا ويُخشى أن يكون ردّ فعل المؤسسة الحاكمة إزاء فشلها السياسي الجليّ مزيداً من التعدّي على الحرّيات ومن السير بالبلاد على طريق الدكتاتوريات الإقليمية المعهود بمزيد من التزوير الانتخابي، عوضاً عن تلبية رغبة الشعب الجزائري الأكيدة بعودة العسكر إلى ثكناتهم وفسح المجال أمام حكم مدني ديمقراطي قائم على انتخابات حرّة ونزيهة. بل ثمة ما يدلّ عكس ذلك على أن البلاد سائرة على درب النموذج المصري في توسيع دائرة تدخّل المؤسسة العسكرية في المجتمع المدني، وذلك في ضوء القرار الذي صدر عن الرئاسة في بداية الصيف الماضي والقاضي بإتاحة المجال أمام ضباط الجيش لتولّي مناصب في الإدارة المدنية بحجة الاستفادة من مؤهلاتهم.

الحصيلة هي أن الأنظمة القائمة لم تستخلص من موجتي الانتفاضات اللتين شهدتهما المنطقة الناطقة بالعربية في عامي 2011 و2019 سوى دروس قمعية في تشديد قبضتها على المجتمعات. وهي بذلك لا تفعل سوى التمهيد لانفجارات أكبر وأخطر بعد مما شهدته المنطقة حتى الآن، إذ إن الأزمة البنيوية الاقتصادية والاجتماعية التي شكّلت أساس الموجتين الثوريتين السابقتين لا تني تتفاقم وسوف تسوء لا مُحال ما دامت أنظمة الاستبداد والفساد قائمة.

 

كاتب وأكاديمي من لبنان

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: المؤسسة العسکریة الأرقام الرسمیة نسبة المشارکة فی عام عام 2019

إقرأ أيضاً:

الكاف يتوقع بأن يحطم “كان المغرب 2025” كل الأرقام القياسية

زنقة 20 | علي التومي

على أعتاب انطلاق بطولة كأس أمم إفريقيا 2025، التي ستستضيفها المغرب، تبدو التوقعات واعدة بأن تكون هذه النسخة حدثًا استثنائيًا يفوق جميع الأرقام القياسية التي حققتها البطولات السابقة.

وفي هذا السياق، توقع “الكاف” أن تكون بطولة كأس أمم إفريقيا 2025 التي ستقام في المغرب حدثًا إستثنائيًا يتجاوز كل الأرقام القياسية المسجلة في النسخة السابقة بالكوت ديفوار.

ويعكس هذا التوقع للكاف، الثقة القارية والدولية في الإمكانيات التنظيمية والبنية التحتية الرياضية التي سيوفرها المغرب لهذا التظاهرة الكروية، إلى جانب الحماس الجماهيري المتوقع.

وسبق ان اعرب الإتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) عن ثقته الكبيرة في قدرة المغرب على تقديم نسخة تاريخية من البطولة، مستندًا إلى عوامل عديدة تجعل هذا التفاؤل منطقيًا ومبنيًا على أسس صلبة.

ويمتلك المغرب دزن غيره من البلدان بشمال افريقيا بنية تحتية رياضية تعد من بين الأفضل في القارة الإفريقية، إلى جانب توفره على شبكة نقل متطورة، بما في ذلك القطار فائق السرعة (البراق)، الذي يربط المدن الكبرى ، ما يسهل تنقل الجماهير والفرق بين مواقع المباريات.

كما يتمتع المغرب بسجل حافل في تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، حيث استضافت المملكة بطولات عالمية مثل كأس العالم للأندية وكأس أمم إفريقيا للمحليين، حيث أظهرت قدرة استثنائية على تنظيم فعاليات ضخمة بحرفية عالية.

ويحظى المغرب كذلك بجماهير معروفة بشغفها الكبير لكرة القدم، سواء على المستوى المحلي أو الدولي كما أن تواجد المغرب في قلب الحدث سيزيد من الإقبال الجماهيري، مما يضمن حضورًا قياسيًا سواء في الملاعب أو عبر شاشات التلفزيون.

كما انه وبفضل موقعه الجغرافي القريب من أوروبا، فإن العالم يعتبر المغرب وجهة ايضا مثالية للجماهير الدولية، خاصة مع توافر بنية سياحية متقدمة تشمل الفنادق الفاخرة والمواقع السياحية التاريخية والمواصلات الأكثر جاهزية.

وفي خضم كل هذه العوامل والمميزات التي يحظى بها المغرب، فمن المتوقع أن تشهد بطولة كأس امم افريقيا 2025 أرقامًا قياسية على مختلف الأصعدة، سواء من حيث الحضور الجماهيري، والتنظيم، وكذا الحضور الإعلامي.

إلى ذلك يرى القائمون على تنظيم التظاهرة القارية بالمغرب، بان بطولة كأس أمم إفريقيا 2025 في المملكة لين تكون مجرد منافسة رياضية فحسب، بل ستكون فرصة لإبراز الوجه المشرق للقارة الإفريقية وللمغرب كمركز رياضي وسياحي عالمي، حتى تكون هذه النسخة بالفعل الأكثر نجاحًا وإبهارًا في تاريخ البطولة.

مقالات مشابهة

  • مقترح لعزل الرئيس الكوري المؤقت على خلفية رفضه تعيين قضاة الدستورية
  • عدم تقدم مصر في وجود حكم العسكر
  • شراكة بين ماراثون دبي 2025 و"غينيس" للأرقام القياسية
  • الكاف يتوقع بأن يحطم “كان المغرب 2025” كل الأرقام القياسية
  • بهاء الحريري: الشراكة الاسلامية - المسيحية عامل أساسي لحكم متوازن
  • مايكل أوين يداع محمد صلاح: الأرقام لا تكذب
  • فان دايك يتغزل فى محمد صلاح: الأرقام تتحدث عن نفسها
  • صنعاء.. مسلحو الرزامي يختطفون تاجرا بعد رفضه تفويضهم بتحكيم "عرفي"
  • لابيد يعلن رفضه المشاركة في لجنة تحقيق يسعى نتنياهو لتشكيلها عن أحداث 7 أكتوبر 2023
  • في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-