الفيدرالي في مأزق.. كم سيخفض الفائدة؟
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
يواجه صناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة تحدياً مزدوجاً. فمن جهة، يسعون إلى تهدئة التضخم والعودة به إلى المستويات المستهدفة. ومن جهة أخرى، يدركون المخاطر التي قد تنجم عن تشديد السياسة النقدية بشكل مفرط، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة.
ويبدو أن الفيدرالي الأميركي سيواجه قرارا صعباً بشأن ما إذا كان يجب عليه خفض معدلات الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية الأسبوع المقبل أو الذهاب مع التوقعات التي تشير لخفض بربع نقطة، في وقت يكافح المسؤولون مع مدى السرعة التي يمكن بها تخفيف السياسة النقدية مستقبلا
وبحسب تقرير على صحيفة فاينانشال تايمز، فأن الأسئلة حول حجم الخفض تأتي مع تزايد التوقعات في الأسواق لتسعير خفض أكثر تواضعًا بربع نقطة من الفيدرالي عندما ينتهي اجتماعه الأهم هذا العام الأربعاء المقبل.
وسيكون أي خفض الأسبوع المقبل هو أول خفض للبنك المركزي الأميركي منذ أكثر من أربع سنوات وسيأتي قبل سبعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
وكان الفيدرالي قد رفع أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي يبلغ 5.25 بالمئة إلى 5.5 بالمئة في يوليو الماضي.
وقد أيد كبار أعضاء الفيدرالي سلسلة من تخفيضات معدلات الفائدة وسط دلائل على تراجع التضخم، بينما يركز مسؤولو الفيدرالي على منع الأضرار الاقتصادية غير المبررة من إبقاء تكاليف الاقتراض أعلى من اللازم.
وبحسب تقرير صحيفة فاينانشال تايمز، والذي اطلع عليه موقع سكاي نيوز عربية، فإن المسألة التالية التي يجب عليهم الإجابة عليها هي مدى سرعة العودة إلى مستوى "محايد" لا يثبط النمو ولا يرفع الأسعار من جديد.
فمن شأن خفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة في سبتمبر أن يسمح للفيدرالي بإعادة تكاليف الاقتراض إلى مستوياتها الطبيعية بشكل أسرع، وهو ما من شأنه أن يزيل القيود المفروضة على الاقتصاد ويحمي سوق العمل من المزيد من الضعف.
وقال كريشنا غوها، نائب رئيس شركة إيفركور آي إس آي، إن خفض معدلات الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية الأسبوع المقبل "سيكون أقل خطورة مع الهبوط الناعم".
وقال دونالد كون، نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق، "حتى إذا اختار البنك المركزي التحرك ببطء الأسبوع المقبل، فيمكنه تعديل السياسة بسرعة، كما فعل عندما أصبح واضحا أن التضخم كان أكثر ضرراً مما كان متوقعاً في عام 2022".
وقال: "لديهم الفرصة للتعويض إذا انتظروا لفترة طويلة، من خلال سرعة خفضهم وطريقة إشارتهم إلى التخفيضات المستقبلية".
ولم يدق صانعو السياسات النقدية ناقوس الخطر بشأن التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة، لكنهم في ذات الوقت حذروا من تزايد المخاطر السلبية. واعتبر العديد منهم أنه "من المحتمل" خفض معدلات الفائدة في الاجتماع الأخير، كما أظهر المحضر. وأصبحت بيانات الوظائف والتضخم منذ ذلك الحين أكثر دعماً للقيام بأول خفض للفائدة.
وكان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، قد قال الشهر الماضي إن البنك المركزي "سيبذل كل ما في وسعه لدعم سوق العمل القوية مع تحقيق المزيد من التقدم نحو استقرار الأسعار".
وقال كريستوفر والر، عضو مجلس الاحتياطي الفدرالي، الجمعة الماضية، إنه "منفتح على حجم وتيرة التخفيضات" وسيؤيد خفضًا أكبر "إذا أشارت البيانات إلى الحاجة لذلك". لكنه قال إنه يتوقع أن يتم دراسة أي تحرك "بعناية".
وقال والر: "قد يحين الوقت الذي يتصرف فيه الاحتياطي الفيدرالي بقوة وبسرعة لخفض معدلات الفائدة، ولكن ذلك سيكون بناءً على البيانات "وليس على أي فكرة مسبقة عن كيفية وتوقيت تصرف اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة".
وأضاف والر: "في حين أن سوق العمل قد هدأ بشكل واضح، استنادًا إلى الأدلة التي أراها، لا أعتقد أن الاقتصاد في حالة ركود أو يتجه بالضرورة إلى ركود قريبًا".
وأضاف أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر إلى "التخفيضات استباقية"، وهو تعليق يشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماع القادم في سبتمبر.
من جانبه، قال جون ويليامز، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، الجمعة الماضية، إنه غير متردد بشأن حجم الخفض هذا الشهر، لكنه قال إن البنك المركزي "في وضع جيد" لتحقيق أهدافه الخاصة بالتضخم والوظائف.
وقال للصحفيين بشأن حجم الخفض الأول: "سنجتمع وسنحلل كل شيء ونتحدث عن ذلك".
ومع ذلك، فإن خفضًا أكثر عدوانية بمقدار نصف نقطة من جانب الفيدرالي هذا الشهر سيجلب المخاطر.
كانت البيانات الأخيرة مختلطة، حيث أظهر أحدث تقرير عن الوظائف نمواً شهريا أبطأ ولكن أيضا انخفاضا في البطالة وارتفاعا في الأجور. وأظهرت بيانات التضخم هذا الأسبوع أن ضغوط الأسعار كانت تتراجع حتى مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة.
وقد يؤدي تحرك بنصف نقطة مئوية أيضًا إلى إثارة المخاوف من أن البنك المركزي أصبح قلقًا بشأن التوقعات الاقتصادية. وقد يدفع الأسواق المالية إلى تسعير خفض أكثر دراماتيكية في أسعار الفائدة، خارج وتيرة التخفيف المخطط لها من قبل الفيدرالي.
وقالت لوريتا ميستر، التي تقاعدت كرئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند في يونيو، "يمكن تقديم حجة لصالح خفض بمقدار 50 نقطة أساس ولكن التواصل حول ذلك معقدة وليس هناك سبب مقنع لقبول هذا التحدي".
وقال ريتشارد كلاريدا، نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق الذي يعمل الآن في شركة بيمكو، إن التخفيضات بنصف نقطة مئوية "ليست بالضرورة مضمونة بنسبة 100 بالمئة"، مضيفًا: "من الممكن أن تثير وجهة النظر القائلة: "واو. ماذا يعرفون ولا نعرف؟".
إن التخفيض الأعمق من المتوقع من شأنه أيضا أن يخاطر برد فعل سياسي، نظرًا لأن المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب حذر بنك الاحتياطي الفيدرالي من أي تخفيض في سبتمبر، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.
وقال باول مؤخرًا إن بنك الاحتياطي الفيدرالي "لن يستخدم أدواته أبدا لدعم أو معارضة حزب سياسي أو أي نتيجة سياسية".
تشير أسواق العقود الآجلة إلى أن البنك المركزي سيخفض أسعار الفائدة بنقطة مئوية بحلول نهاية العام، مما يشير إلى خفض بنصف نقطة في أحد الاجتماعات الثلاثة المتبقية.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الفيدرالي الفائدة الأسواق المركزي الأميركي الفائدة تكاليف الاقتراض سوق العمل جيروم باول البنك المركزي ترامب الفيدرالي محضر الفيدرالي قرار الفيدرالي رئيس الفيدرالي الفائدة خفض الفائدة رفع الفائدة سعر الفائدة نسب الفائدة الفيدرالي الفائدة الأسواق المركزي الأميركي الفائدة تكاليف الاقتراض سوق العمل جيروم باول البنك المركزي ترامب البنوك بنک الاحتیاطی الفیدرالی خفض معدلات الفائدة الفائدة بمقدار الأسبوع المقبل أسعار الفائدة البنک المرکزی
إقرأ أيضاً:
الصين تراقب وأمريكا في مأزق كبير.. صراع نووي محتمل بين الهند وباكستان
عواصم - الوكالات
تجدد التوتر العسكري والسياسي بين الهند وباكستان بعد هجوم مسلح مروع في منطقة كشمير أسفر عن مقتل 26 مدنيًّا هنديًّا، وأعاد الصراع المزمن بين الجارتين النوويتين إلى الواجهة. تبنت الهجوم جماعة "جبهة المقاومة" التي تُتهم بصلاتها بجماعة "عسكر طيبة" الباكستانية، ما دفع الهند إلى اتهام إسلام آباد بدعم غير مباشر للهجوم، وفتح الباب أمام سلسلة من التصعيدات غير المسبوقة منذ سنوات.
ورغم أن التوترات بين البلدين ليست جديدة، إلا أن خطورة التصعيد هذه المرة تكمن في اتخاذه منحى غير تقليدي؛ حيث أعلنت الهند تعليق العمل بـ"معاهدة مياه السند" الموقعة عام 1960، ما اعتبرته باكستان "إعلان حرب"، وردت بإغلاق أجوائها ووقف التجارة البينية، إضافة إلى تبادل قصف عنيف على طول خط السيطرة في كشمير.
يأتي التصعيد في وقت كانت فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية تأمل في التركيز على المواجهة الإستراتيجية مع الصين، دون الانشغال بجبهات فرعية أخرى. إلا أن الانفجار المفاجئ في جنوب آسيا أعاد إلى الواجهة تناقضات السياسة الأميركية في المنطقة، لا سيما مع علاقاتها المتشابكة مع كل من نيودلهي وإسلام آباد.
ويقول مراقبون إن التصعيد بين الجارتين النوويتين يضع واشنطن في موقف حرج، خاصة أنها لا ترغب في دفع باكستان بالكامل إلى الحضن الصيني، ولا في إضعاف شراكتها المتنامية مع الهند التي تُعد حجر الأساس في إستراتيجية احتواء الصين.
ربما لا يُحدث تعليق العمل بمعاهدة مياه السند تأثيرًا فوريًّا على الإمدادات المائية لباكستان، لكن دلالاته السياسية عميقة. فالمعاهدة ظلت صامدة رغم الحروب السابقة، وخرقها الآن يُفهم كمؤشر على انزلاق التصعيد إلى مستوى غير مسبوق.
المخاوف من انفلات الوضع تتعاظم، لا سيما مع الخلفية المتطرفة لحكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، التي تبنّت منذ سنوات سياسة دمج كشمير بالكامل في الاتحاد الهندي، وفرضت إجراءات قانونية وأمنية صارمة في الإقليم، ما زاد من التوترات مع باكستان.
الهند سبق أن تجاوزت خطوطًا كانت تعتبر "محظورة" في الماضي، حين نفذت ضربات جوية داخل باكستان بعد هجوم بولواما عام 2019. واليوم، لا يستبعد خبراء أن تقدم نيودلهي على خطوات مشابهة، بما فيها عمليات عبر خط السيطرة أو هجمات دقيقة ضد أهداف تعتبرها ذات صلة بالمسلحين.
وفي المقابل، قد ترد باكستان عبر تصعيد محدود، أو عبر استخدام أسلحة تقليدية دقيقة لضرب أهداف هندية، مما يفتح الباب أمام احتمالات خطيرة لتوسع النزاع.
أميركا في مأزق: توازن مستحيل؟
تعكس هذه التطورات عمق المعضلة الأميركية في جنوب آسيا. فبينما تستثمر واشنطن في شراكتها مع الهند، تسعى في الوقت ذاته إلى عدم خسارة باكستان، التي بدأت مؤخرًا بإظهار إشارات على استعداد للتعاون، خاصة في مجالات اقتصادية مثل استثمار الثروات المعدنية الضخمة التي تملكها.
ويرى محللون أن الولايات المتحدة ستكون مطالبة بتحرك عاجل لضبط الأوضاع، وربما دفع الطرفين إلى العودة للحوار، لأن أي مواجهة مفتوحة بين نيودلهي وإسلام آباد تعني تقويضًا لركائز الإستراتيجية الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ.
صراع نووي محتمل؟
رغم أن الطرفين أبديا في السنوات السابقة حرصًا على ضبط التصعيد، إلا أن دخول المتغير النووي على الخط، يجعل من أي حرب بين الهند وباكستان واحدة من أخطر النزاعات المحتملة في العالم اليوم.
يقول الباحث الأمني كامران بخاري إن "ما يُكسب هذا الصراع طابعًا استثنائيًّا هو أنه المواجهة الوحيدة بين قوتين نوويتين منذ النزاع الصيني السوفياتي عام 1969".
ويعتبر تصعيد كشمير الأخير ليس مجرد توتر حدودي، بل إشارة واضحة إلى هشاشة النظام الإقليمي في جنوب آسيا. وإذا لم تتدخل القوى الكبرى — خصوصًا الولايات المتحدة — بشكل فعّال، فإن سيناريو الحرب قد لا يكون مستبعدًا، لا سيما في ظل حكومات قومية متشددة وأجندات داخلية قد تدفع إلى التصعيد بدلًا من التهدئة.