هل أردوغان جاد بدعوته لتشكيل محور مع مصر ونظام الأسد؟
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
من المؤكد أن أردوغان محق برؤيته للصراع والخطر القادم من إسرائيل لدول الجوار العربي، إذ ثمة إشارات عدّة على أن إسرائيل، في المرحلة المقبلة، وبعد الانتهاء من غزة، قد تشن حربا على لبنان وقد تطال شرارتها جنوب سوريا، وفي ظل هيمنة الفكر القومي الديني المتطرف في إسرائيل لا يمكن لأحد تقدير كيف ستكون عليه الأمور وما إذا كانت إسرائيل قد تصر على احتلال أجزاء من سوريا ولبنان بذريعة حماية مستوطنات الشمال والحفاظ على أمن إسرائيل.
في جميع الحالات، تبحث إسرائيل عن وضع تكون فيه مسيطرة على التفاعلات في منطقة الجوار وفي داخل فلسطين، حتى في مشروعها التطبيعي مع الدول العربية الراغبة في التطبيع معها ستحاول أن يكون موقفها التفاوضي أقوى مستندا على قدرتها في تغيير الواقع في الشرق الأوسط.
لكن، هل يعتقد أردوغان أن دمشق والقاهرة في هذه المرحلة لديهما الاستعداد للانخراط بمحور يعادي إسرائيل وأمريكا حتى لو فعلا وصل التهديد الإسرائيلي لمستوى خطر على أمنهما؟ ثم إذا كان لا بد من التحرك، وهو أمر فرضي إلى حد بعيد، فهل يكون ذلك بالتعاون مع تركيا؟ وإلى أي مدى تبدو أنقرة بالأصل مستعدة للانخراط بوضعية معادية لإسرائيل في المنطقة في ظل ارتباطاتها الأمنية بحلف الناتو الذي يعتبر حماية إسرائيل أحد أهم واجباته في منطقة الشرق الأوسط؟
هل يعتقد أردوغان أن دمشق والقاهرة في هذه المرحلة لديهما الاستعداد للانخراط بمحور يعادي إسرائيل وأمريكا حتى لو فعلا وصل التهديد الإسرائيلي لمستوى خطر على أمنهما؟ ثم إذا كان لا بد من التحرك، وهو أمر فرضي إلى حد بعيد، فهل يكون ذلك بالتعاون مع تركيا؟ وإلى أي مدى تبدو أنقرة بالأصل مستعدة للانخراط بوضعية معادية لإسرائيل في المنطقة
لكن السؤال الأهم أيضا، تُرى ألا يعتقد حكام المنطقة أن شعوبها وصلت إلى حد التُّخَمَة من البروباغندا الكاذبة، ولا سيما وهي ترى الشعب الفلسطيني يُذبح على الهواء مباشرة دون أي سند، سوى من محاولات استثمار سياسي تقوم بها إيران لتعزيز أوراق قوتها التفاوضية بشأن ملفها النووي، وفرض وجودها في سوريا والعراق باعتبارها قوّة شرعية تدافع عن شعوب المنطقة، بعد أن ذبحت وشردت الملايين من شعوب المشرق العربي!
اللافت أكثر من دعوة أردوغان، رد وزير خارجية نظام الأسد، فيصل مقداد، على فكرة إقامة محور إقليمي لمواجهة إسرائيل، حيث قال إنه "بداية القرن الحالي تم نسج علاقات استراتيجية مع تركيا لكي تكون الدولة التركية إلى جانب سوريا في نضال مشترك لتحرير الأراضي العربية المحتلة، لكن عملت تركيا على نشر جيشها في شمال الأراضي السورية وأقام معسكراته في احتلال للأراضي العربية السورية".
بالعودة للبروباغندا، يتوجب التذكير بأن علاقة تركيا الجيدة بنظام الأسد استمرت أكثر من 10 أعوام لم يُبدِ خلالها الأسد أي دليل على نيته تجهيز بنية تحتية لتحرير الأراضي العربية المحتلة، بل على العكس، جيشه تهالك بدرجة كبيرة وتراجعت قدراته بشكل ملحوظ، سواء على المستوى التسليحي أو التدريبي، بل إن الأسد خلال هذه السنوات شعر بأن نظامه أكثر استقرارا بضمانه صداقة تركيا ورغبة إسرائيل في بقائه، ولأنه نظام "شاطر" وتاجر فقد عمل على جذب تركيا أكثر إلى صفه بواسطة فتحه للأسواق السورية في علاقة اقتصادية غير متوازنة بالمطلق، كما شهدت ذات المرحلة اغتيال إسرائيل لقيادات من حماس وحزب الله في قلب دمشق (عز الدين الشيخ خليل 26 أيلول/ سبتمبر 2004، وعماد مغنية 12 شباط/ فبراير 2008).
هل يعتقد أردوغان أن بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي، اللذين يعتبران أن أعداءهما داخل الحدود وليس خارجها، من الممكن أن يتورطا في حرب مع إسرائيل، ستؤدي للإطاحة بحكم الأول، وإضعاف الثاني إلى حد بعيد؟ وهل من الممكن أن تذهب هذه الأنظمة إلى استنزاف قوتها في حرب ليس من ضمن أولوياتها بالمطلق ولا تدخل في إطار حساباتها المصلحية، أهل فلسطين يعرفون أكثر من غيرهم حقيقة كذبة المحاور، القائمة أو التي يجري الدعوة لقيامها، أما الشعوب العربية فقد وصلت إلى مرحلة القناعة بأن ليس لهم إلا اللهحتى لو فعلا خرقت إسرائيل القواعد الناظمة لأوضاع الحدود مع سوريا ومصر، حتى ولو اقتطعت جنوب سوريا بذريعة تشكيل منطقة عازلة، أو تجاوزت محور فيلادلفيا بذريعة البحث عن قادة حماس أو تدمير الأنفاق في الجانب الآخر؟
ثم، أين هي الاستعدادات التركية لخوض حرب مع إسرائيل؟ طوال مدّة المذبحة الجارية في غزة لم تصدر تركيا أي تهديد جدي، وليس إعلاميا، من نوع تحريك قوات أو إرسال سفن عسكرية في المتوسط لإشعار إسرائيل بتحرك عسكري ما. أما عن مساعي تركيا للتصالح مع الأسد، فهي بالأصل سبقت الحرب على غزة، ولا يمكن إدراجها في إطار تشكيل صيغ أمنية لردع إسرائيل، لأن دوافعها وأسبابها تتمثل بالتخلص من اللاجئين السوريين وتحسين الاقتصاد التركي بدرجة أساسية.
يقولون: من رأى ليس كمن سمع، لذا فإن أهل فلسطين يعرفون أكثر من غيرهم حقيقة كذبة المحاور، القائمة أو التي يجري الدعوة لقيامها، أما الشعوب العربية فقد وصلت إلى مرحلة القناعة بأن ليس لهم إلا الله يخلصهم من هذا الجحيم.
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أردوغان إسرائيل فلسطين تركيا مصر إسرائيل تركيا فلسطين أردوغان مقالات مقالات مقالات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من إلى حد
إقرأ أيضاً:
مستشرق إسرائيلي يحرض ضد تركيا.. ستحل محل إيران
تواصل الصحافة العبرية تسليط الضوء على ما يحدث في سوريا وتحذيراتها من الدور التركي هناك.
المستشرق الإسرائيلي إيال زيسر يحذر هو الآخر من الدور التركي في سوريا الجديدة.
وقال في مقال في صحيفة "إسرائيل اليوم" إنه في الوقت الذي "بدأ فيه العد التنازلي في إيران لسقوط حكم آيات الله، فإن تركيا تسير في الاتجاه المعاكس وتتجه نحو التأسلم".
ويذكر زيسر في مقاله بالجهود التي قامت بها إيران بالمنطقة لحصار "إسرائيل" إلا أن سقوط "نظام الأسد في سوريا أنهى المشروع الإيراني وأعاد طهران إلى الوراء".
ومع ذلك فيبدو أن الإسرائيليين يبحثون عن عدو جديد، وهو ما يعبر زيسر بقوله "في الحياة لا يوجد فراغ، وسرعان ما ملأت تركيا بقيادة أردوغان مكان إيران".
ويتهم زيسر أردوغان بأنه الشخص الذي يقف وراء الحاكم الجديد لسوريا أبو محمد الجولاني، حيث " موّل ودعم جيشه ومنحه الضوء الأخضر للقيام بالهجوم وتحطيم النظام في دمشق".
ويزعم زيسر أنه ليس إسرائيل وحدها التي ستتضرر من الدور التركي في سوريا الجديدة بل الأردن والدول العربية، في مسعى للتحريض على الدور التركي.
ويزعم زيسر أنه "بينما تخشى إسرائيل من تسرب الإرهاب من سوريا إلى أراضيها، تخشى الأردن من تسرب الأفكار الثورية للإسلام الراديكالي إلى داخل المجتمع الأردني".
وبحسب زيسر فإن أردوغان يسعى إلى دفع إيران الشيعية بعيدًا عن المنطقة، "حيث توجد بين الدولتين خصومة دينية وسياسية ومنافسة على السيطرة في منطقتنا".
ويشكك زيسر بقدرة أردوغان على السيطرة على سوريا، ويضيف: "صحيح أن الجولاني استعان به، لكن من المشكوك فيه أن يرغب في أن يصبح تابعًا أو حتى وكيلًا لأردوغان. كما أن تركيا لا تملك الموارد الاقتصادية والعسكرية لتصبح "المالك" في سوريا".
ويمضي زيسر في التحريض على تركيا ويقول إن "لدى أردوغان أيضًا طموحات كبيرة - للعودة إلى مجد الماضي، إلى أيام الإمبراطورية العثمانية التي كانت تهيمن على جميع أنحاء الشرق الأوسط. والتعصب الإسلامي المدعوم بكراهية إسرائيل هو الرابط الذي يسعى من خلاله لربط أجزاء اللغز الشرق أوسطي وضمان سيطرته عليها".