انهيار عقار شبرا.. وشهود عيان لـ «الأسبوع»: سمعنا صوت انفجار وتفاجأنا بالبيت مقسوم نصفين
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
دقت الساعة التاسعة إلا ربع مساءً أمس الخميس 12 من سبتمبر 2024، وبعد أن فرغ المصلون من أداء فريضة صلاة العشاء، وقبل أن تجلس «أم محمد»، كعادتها أسفل نافذة «شباك» شقتها في الطابق الأرضي، سمعت دوي صوت انفجار في شارع الباشا بحي شبرا مصر، الصوت المرتفع تلاه غبار غطى شوارع الحي القديم، حينها أسرعت «أم محمد» وزوجها نحو الجيران، حيث ساد الظلام ولم يتمكن أحد من الرؤية لانتشار الغبار، وانتشر الصراخ «بيت وقع على اللي فيه».
تجمع الكثير من الأهالي في محاولة منهم إنقاذ سكان المنزل المنهار، غير أن الكتل الخرسانية وأكوام الركام وقفت عائقا، وبدأت الرؤية تنكشف رويدا ليظهر المنزل المنهار مقسوم إلى نصفين، وبدأت قوات الدفاع المدني تعزز بـ «لودر» وسيارات نقل لرفع الحطام وتيسير عمليات البحث عن ناجين أسفل الأنقاض.
ودفعت قوات الدفاع المدني، بفرق إنقاذ بري التي انتشلت في بداية الأمر جثتين لفتاتين تدعى إحداهما "نديم" جرى نقلهما إلى مشرحة مستشفى شبرا لحين صدور قرار من النيابة بدفن الجثامين عقب توقيع الكشف الطبي عليهما لبيان أسباب الوفاة وإعداد تقرير وافٍ عن الحادث.
نحو ثلاث ساعات اجتمعت فيها أوجاع "أم ندى"، مع مآسي الناجون من العقار، تحاول "أم نديم" أن تهدأ من روعة الأم المكلومة وتواسيها على أمل أن يكتب لإبنتها النجاة، وبعد أن انتصف الليل بحوالي 30 دقيقة، أخرجت قوات الإنقاذ البري الفتاة من بين ركام العقار.
مشهد انتشال جثمان "ندى" كان صدمة لوالدتها، حيث وقفت الأم أمام سيارة الإسعاف تناجي ربها بنجاة ابنتها وأن لا يحدث لها مكروه، ولم تتمالك أعصابها لحظة واحدة، حينما رأت ضناها «قاطعة النفس»، عقب انتشالها من بين الركام، هامت الأم خلف سيارة الإسعاف التي تنقل ابنتها إلى مستشفى شبرا التي لا تبعد عن الحادث سوي أمتار، والأم تصرخ بعلو صوتها في الشوارع "يا ندى.. ياندى".
روايات عدة تناقلها عدد من الجيران، حول الحادث المفاجئ، واللذين أكدوا أن قبل شهر من الفاجعة التي حلت في الشارع لأول مرة، أن مالك العقار الملاصق لمحل الحادث قرر هدم منزله وإعادة تجديده، وهو الأرجح بالنسبة للجيران أن يكون سببًا في حادث انهيار العقار.
وأسفرت جهود قوات الإنقاذ بعد نحو 3 ساعات، عن انتشال 3 جثث، حيث تبين أن الجثامين لفتاتين وطفلة صغيرة جرى نقلهم إلى مشرحة مستشفى شبرا مصر المركزي، وفي الثانية من فجر اليوم الجمعة، أنهت قوات الإنقاذ البري بالقاهرة، عمليات البحث عن ضحايا أو مفقودين أسفل أنقاض عقار شبرا مصر المنهار، ولا زالت التحقيقات مستمرة حول السبب الرئيسي لانهيار العقار.
اقرأ أيضاًارتفاع صادرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الكورية الجنوبية في أغسطس الماضي
انخفاض 5 درجات في الحرارة.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل حالة طقس الأيام المقبلة (فيديو)
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الساحل عقار شبرا مصر
إقرأ أيضاً:
ترامب يقسِّم الغرب إلى نصفين
ياروسلاف كويش ـ كارولينا ويجورا
يبدو المسرح العالمي مختلفًا تمام الاختلاف عن أي بلد صغير، فقد تقوم القوى العالمية الكبرى بتحريك التحولات الجيوسياسية الجذرية، لكن كان على اللاعبين الآخرين دائما أن يوجدوا طريقة للبقاء في الفجوات الناجمة عن هذه التحولات.
في غضون شهرين، هدّدت إدارة ترامب حلفاءها بالتعريفات الجمركية والحروب التجارية، وفككت هيئة المساعدات الخارجية، وأخرست إذاعة صوت أمريكا. ورأينا الرئيس ترامب يوبخ رئيس أوكرانيا في المكتب البيضاوي، ويحجب المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية. ورأينا أمريكا تنضم إلى روسيا وكوريا الشمالية وبيلاروسيا في معارضة قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب روسيا بسحب قواتها فورا من أوكرانيا، وتعامل الرئيس ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوصفه شريكا موثوقا يمكن النقاش معه.
تتضح لنا الآن ملامح عقيدة ترامب في السياسة الخارجية، على الأقل في خطوطها العريضة. إذ تسعى أمريكا في عهد ترامب إلى قيادة عالم تستحوذ فيه القوى النووية العظمى على ما تستطيع الاستحواذ عليه. فهي تختار مجالات نفوذها، وحجم أراضيها، وشكل حدودها. وقد نفهم نهج الرئيس ترامب تجاه القوى الكبرى الأخرى باعتباره قائما على الصفقات أو الواقعية. أما بالنسبة للعديد من البلاد الديمقراطية الأصغر في أوروبا الشرقية وجنوب وشرق آسيا، التي ربطت مصيرها لعقود بأمريكا ظنا منها بأن أمريكا ستمكنها من الاستمرار في الوجود قرب حدود روسيا أو الصين، فإن عقيدة ترامب في السياسة الخارجية هي الخيانة.
منذ سقوط الشيوعية، تكيفت العديد من الدول الصغيرة ومتوسطة الحجم في أوروبا الشرقية، ومنها دول البلطيق وجمهورية التشيك وبولندا والمجر، لكي تلبي المعايير الصارمة للديمقراطية الليبرالية. فكتبت هذه البلاد دساتيرها وعدّلتها، وأضفت طابعا ديمقراطيا على الحياة السياسية، وأنشأت اقتصادات السوق، ووقعت اتفاقيات تجارية. بل إن البعض منها وافق على إنشاء قواعد عسكرية أمريكية أو سجون سرية لوكالة المخابرات المركزية. وانضمت جمهورية التشيك وبولندا والمجر إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1999 وتبعتها دول أخرى لاحقا. وكان هذا التكيف منقوصا وغير متوازن ـ وانظروا على سبيل المثال إلى «الديمقراطية غير الليبرالية» التي انتهجها رئيس الوزراء فيكتور أوربان في المجر، وحكم حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي في بولندا لمدة ثماني سنوات، والذي لم ينته إلا عام 2023ـ ولكن الاتجاه العام للمسار بدا واضحا على الدوام: وهو أن الديمقراطيات الصغيرة في أوروبا الشرقية سوف تحدِّث أنفسها وترسي دعائم الديمقراطية، ومن خلال بناء أقوى الروابط الممكنة مع القوة العظمى الديمقراطية الأولى في العالم، سوف تصبح أكثر ثراء وأمنا. (ومع مراعاة الاختلافات، يمكن قول الشيء نفسه تقريبا عن كوريا الجنوبية وتايوان في حالة آسيا).
تطلّب هذا الإيمان بفكرة الغرب قدرا من النسيان الدبلوماسي للخيانات السابقة. فقد ردّ رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين على ضم ألمانيا النازية لمنطقة السوديت التابعة لتشيكوسلوفاكيا عام 1938 بقوله: إن ذلك جزء من «شجار في بلد بعيد، بين شعوب لا نعرف عنها شيئا». وفي ثلاثينيات القرن العشرين، بدا من السهل على تشامبرلين أن يتجاهل استيلاء دولة شمولية على أراض تابعة لدولة ديمقراطية، لكن تلك الدول لم تنس ذلك قط. والعديد من الدول الصغيرة تحمل ندوب خيانة اجتماع يالطا عام 1945، حين قرر قادة القوى العظمى مصير تلك الدول دون مشاورتها، فمزقت إعادة ترسيم الحدود شمل عائلات.
لقد زجّ مؤتمر يالطا بأوروبا الشرقية في أتون عقود من القسوة وراء الستار الحديدي. ولكن في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وبعد سقوط الشيوعية، اختارت الديمقراطيات الناشئة أن تؤمن مجددا بأن الارتباط بالغرب ـ وقد أعيد صقل صورته على نحو مشرق ـ سيجلب الحرية والثروة والاستقرار.
والآن، انقسمت فكرة الغرب هذه إلى نصفين. نصف ينتمي إلى الرئيس ترامب وغيره من الشعبويين المفترسين. والنصف الآخر يتألف ممن لا يزالون يؤمنون بالديمقراطية الليبرالية، واحترام الاتفاقيات الدولية، وحق الأمم في تقرير المصير.
في الوقت الراهن، نرى أن الدول الصغيرة التي علقت مصيرها بأمريكا تجد نفسها في فخ جيوسياسي. فبالنسبة لأوكرانيا على وجه الخصوص، أثارت كلمات الرئيس ترامب وأفعاله ما يشبه الذعر الوجودي. لكن بقية جيران روسيا المباشرين بحاجة إلى خطة جديدة أيضا تتمثل في تحالفات القيم الديمقراطية.
يبدو الاتحاد الأوروبي أساسيا في هذا الجهد. فبالنسبة للبلاد الأعضاء في الاتحاد بالفعل، ومنها بولندا وليتوانيا ولاتفيا ورومانيا وإستونيا، تبدو كيفية المضي قدما مسألة أبسط. ويمثل الاتحاد الأوروبي أيضا طموحا للدول التي لم تنضم إليه بعد، ولكنها مرشحة للانضمام. وكما كان الحال في التسعينيات، سوف يتطلب التكامل بعض التكيف والتغيير – وقد يكون ذلك أولا في الإنفاق العسكري، إذ يشرع الاتحاد في خطة لإنفاق مئات المليارات لإعادة تسليح القارة. (وفي هذا تمثل بولندا نموذجا يحتذى به).
ولكن أوروبا ليست سوى جزء من الحل لسياسة ترامب الخارجية القائمة على الخيانة. إذ لا تستطيع بلاد من قبيل كندا وكوريا الجنوبية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنها ستظل تسعى إلى تحالفات أمنية مع الدول التي لا تزال تشاركها في القيم الديمقراطية، وتقترب كندا بالفعل، إذ تجري محادثات للانضمام إلى التوسع العسكري للاتحاد.
إننا نعيش نهاية فصل. لكن في تحالفات الأمن والقيم، سيكون هناك فصل آخر: وقد يبدو الأمر غريبا، لكن لعلنا نشهد للمرة الأولى في التاريخ وجود غربين بدلا من غرب واحد.
ياروسلاف كويش مؤلف كتاب «سياسات بولندا الجديدة: حالة سيادة ما بعد الصدمة»، ورئيس تحرير مجلة «كولتورا ليبرالنا» الأسبوعية البولندية.
كارولينا ويجورا أستاذة في جامعة وارسو. وهما باحثان مشاركان في كلية أكسفورد للدراسات العالمية والإقليمية، وزميلان بارزان في مركز الحداثة الليبرالية في برلين.