استراتيجية بايدن الصينية تتعثّر: مكلفة وخطيرة
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
في التاسع من أغسطس (آب)، كشف الرئيس جو بايدن النقاب عن أحدث سلاح له في حرب أمريكا الاقتصادية مع الصين. ستعمل قواعد جديدة على مراقبة الاستثمارات التي يقوم بها القطاع الخاص في الخارج وسيتم حظر تلك الموجهة إلى أكثر التقنيات حساسية في الصين.
الدول التي حققت أكبر تقدم في السوق الأمريكية هي تلك التي لها روابط صناعية أقرب إلى الصين
حسب مجلة "إيكونوميست"، إن استخدام مثل هذه القيود من قبل أقوى مناصر للرأسمالية في العالم هو أحدث علامة على التحول العميق في السياسة الاقتصادية الأمريكية حيث تكافح مع صعود منافس حازم ومهدد بشكل متزايد.يريد المسؤولون حماية الأمن القومي عبر تقييد وصول الصين إلى التكنولوجيا الفائقة التطور التي يمكن أن تعزز قوتها العسكرية وعبر بناء سلاسل إمداد بديلة فيها. والنتيجة هي توسيع نطاق الرسوم الجمركية ومراجعات الاستثمار وضوابط التصدير الموجهة ضد الصين في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب والآن في عهد بايدن. لكن هذه السياسة لا تنتج المرونة ولا الأمن. تقييم مفاجئ
تضيف المجلة أن سلاسل التوريد أصبحت أكثر تشابكاً وغموضاً لأنها تكيفت مع القواعد الجديدة. ويصبح من الواضح أن اعتماد أمريكا على المدخلات الصينية الحرجة لا يزال قائماً. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن السياسة كان لها تأثير ضار دفع حلفاء أمريكا إلى الاقتراب من الصين. قد يكون كل هذا بمثابة مفاجأة، لأن السياسات الجديدة تبدو للوهلة الأولى وكأنها نجاح ساحق. الروابط الاقتصادية المباشرة بين الصين وأمريكا آخذة في التقلص. في 2018، إن ثلثي الواردات الأمريكية من مجموعة دول آسيوية "منخفضة التكلفة" جاءا من الصين؛ في 2022، جاء ما يزيد بقليل عن النصف منها. بدلاً من ذلك، اتجهت أمريكا نحو الهند والمكسيك وجنوب شرق آسيا.
Joe Biden’s China strategy is not working. It has pushed America’s allies closer to its rival and left supply chains more tangled and opaque. Much of the “decoupling”, therefore, is phoney https://t.co/gAOGKgQ5Rl pic.twitter.com/e8fZIIlATJ
— The Economist (@TheEconomist) August 10, 2023
وتتكيف تدفقات الاستثمار أيضاً. في 2016، استثمرت الشركات الصينية 48 مليار دولار في أمريكا. بعد ست سنوات، تقلص الرقم إلى 3.1 مليار دولار فقط. لأول مرة منذ ربع قرن، لم تعد الصين واحدة من أفضل ثلاث وجهات استثمارية لمعظم أعضاء غرفة التجارة الأمريكية في الصين. طوال الجزء الأكبر من عقدين زمنيين، استحوذت الصين على نصيب الأسد من مشاريع الاستثمار الأجنبي الجديدة في آسيا. في السنة الماضية، حصلت على مشاريع استثمارية أجنبية أقل من تلك التي تلقتها الهند أو فيتنام. ومع ذلك، يظهر غوص أعمق في التفاصيل أن اعتماد أمريكا على الصين لا يزال كما هو.
ربما تعيد أمريكا توجيه طلبها من الصين إلى دول أخرى. لكن الإنتاج في تلك الأماكن يعتمد الآن على المدخلات الصينية أكثر من أي وقت مضى. مع ارتفاع صادرات جنوب شرق آسيا إلى أمريكا، على سبيل المثال، ارتفعت وارداتها من المدخلات الوسيطة من الصين بشكل هائل. تضاعفت صادرات الصين من قطع غيار السيارات إلى المكسيك، وهي دولة أخرى استفادت من سياسة خفض المخاطر الأمريكية، خلال السنوات الخمس الماضية.
Joe Biden’s China strategy is not working
The consequences of this new thinking are now becoming clear. Unfortunately, it is bringing neither resilience nor security. Supply chains have become more tangled and opaque as they have adapted to new rules. https://t.co/gMzMy2Btwp
توصلت الأبحاث التي نشرها صندوق النقد الدولي إلى أنه حتى في قطاعات التصنيع المتقدمة، حيث تحرص أمريكا على الابتعاد عن الصين، إن الدول التي حققت أكبر تقدم في السوق الأمريكية هي تلك التي لها روابط صناعية أقرب إلى الصين. أصبحت سلاسل التوريد أكثر تعقيداً، وأضحت التجارة أكثر تكلفة. لكن هيمنة الصين غير منقوصة.
تتكيف الأسواق الحرة ببساطة لإيجاد أرخص طريقة لتزويد المستهلكين بالسلع. وفي كثير من الحالات، تظل الصين، بقوتها العاملة الهائلة ولوجستياتها الفعالة، أرخص مورّد. تتمتع القواعد الأمريكية الجديدة بالقدرة على إعادة توجيه تجارتها الخاصة مع الصين. لكنها لا تستطيع تخليص سلسلة التوريد بأكملها من النفوذ الصيني. الفصل زائف... وأسوأ إذاً، إن الكثير من عمليات الفصل زائفة. والأسوأ من ذلك، من وجهة نظر بايدن، يعمل نهجه يعمل أيضاً على تعميق الروابط الاقتصادية بين الصين والدول المصدرة الأخرى. وبذلك، هو يضع مصالحها بشكل عكسي ضد مصالح أمريكا. حتى في الأماكن التي تشعر فيها الحكومات بالقلق من تزايد قوة الصين، تتعمق علاقاتها التجارية مع أكبر اقتصاد في آسيا. الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وهي اتفاقية تجارية تم توقيعها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 من قبل العديد من دول جنوب شرق آسيا والصين، تؤسس نوعاً من السوق الموحدة تحديداً في السلع الوسيطة التي ازدهرت تجارتها في السنوات الأخيرة.
بالنسبة إلى العديد من البلدان الفقيرة، يعتبر تلقي الاستثمارات الصينية والسلع الوسيطة وتصدير المنتجات النهائية إلى أمريكا مصدراً للوظائف والازدهار. إن تردد أمريكا في دعم الاتفاقيات التجارية الجديدة هو أحد الأسباب التي تجعل تلك البلدان الفقيرة تنظر إليها أحياناً كشريك غير موثوق به. إذا طُلب منها الاختيار بين الصين وأمريكا، فقد لا تقف إلى جانب العم سام. المخاطرة في نزع المخاطر يحمل كل هذا دروساً مهمة للمسؤولين الأمريكيين. يقولون إنهم يريدون أن يكونوا دقيقين في كيفية حماية بلادهم من الصين باستخدام "فناء صغير وسياج عالٍ". ولكن بدون إدراك واضح للمفاضلات بين تعريفاتهم وقيودهم، يصبح الخطر في أن كل ذعر أمني يجعل الفناء أكبر والسياج أطول.
علاوة على ذلك، كلما كان النهج أكثر انتقائية زاد احتمال إقناع الشركاء التجاريين بتقليل اعتمادهم على الصين في المجالات المهمة حقاً. بدونه، لن يجعل التخلص من المخاطر العالم أكثر أماناً، بل أكثر خطورة، وفق إيكونوميست.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أمريكا الصين من الصین شرق آسیا
إقرأ أيضاً:
الصين: الاستراتيجية العسكرية الأمريكية أصبحت تصادمية وتمثل تهديدا للأمن العالمي
علق المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية تشانغ شياو غانغ، على تقرير وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” عن التطور العسكري الصيني، قائلا بأن “الاستراتيجية العسكرية الأمريكية أصبحت أكثر تصادمية وتمثل أكبر تهديد للأمن العالمي”.
وقال غانغ، في بيان على منصة “وي تشات” ، إن “الحقائق تظهر أن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية أصبحت أكثر تصادمية وهجومية، وأصبحت الولايات المتحدة أكبر مدمرة للنظام الدولي وأكبر تهديد للأمن العالمي”.
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة تستخدم تفوقها العسكري “للحفاظ على الهيمنة أحادية القطب، والتغيير العنيف للسلطة، وكذلك لإثارة ثورات ملونة”.
وشدد على أن “واشنطن نفذت في السنوات الأخيرة عمليات عسكرية بشكل غير قانوني في سوريا والعراق وأفغانستان ودول أخرى، أدت إلى كوارث إنسانية خطيرة ومقتل مئات الآلاف من الأشخاص، وأجبر عشرات الملايين على الفرار من منازلهم”.
وكانت “انتقدت بكين، تقريرا حديثا صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بعنوان “التطور العسكري والأمني المتعلق بالصين”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، إن “مثل حال التقارير السابقة من هذا النوع، فإن هذا التقرير الحديث التابع لأمريكا يتجاهل الحقائق، ومليء بالتحيز وينشر رواية التهديد الصيني فقط ليكون بمثابة ذريعة للحفاظ على الهيمنة العسكرية للولايات المتحدة”.
وتابع لين بأن “الصين ملتزمة بقوة بكونها قوة من أجل السلام والاستقرار والتقدم العالمي، مع حماية سيادتها الوطنية وأمنها وسلامة أراضيها بحزم”.