توجه سلفي لدراسة علم المعقول.. كيف تجاوز الممانعة وماذا أضاف؟
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
منذ سنوات توجه باحثون سلفيون لتعلم علم المعقول (منطق، علم كلام، فلسفة)، من أبرزهم أستاذ العقيدة في جامعة أم القرى، الدكتور سلطان العميري، والباحث السعودي عبد الله العجيري، والباحث في العقائد وتراث ابن تيمية ماهر الأمير، وعشرات غيرهم، كما تم تأسيس مراكز بحثية وعقد دورات متخصصة تسير في الاتجاه ذاته.
ووفقا لمراقبين فإن هذا التوجه ناتج عن استشعار أهمية تعلم علوم المعقول في تقرير مسائل الاعتقاد، ومناقشة مقولات الفرق والمذاهب والفرق العقائدية المختلفة كالمعتزلة والأشاعرة والماتريدية، التي استدخلت علم المنطق في المباحث العقدية، وأنشأت ما يسمى بعلم الكلام، فكان لا بد لكل باحث في العقائد من تعلم ذلك وإتقانه.
ومما يثير الانتباه أن هذا التوجه يتماهي مع منهجية العالم المتفنن الجامع بين علمي المعقول والمنقول، تقي الدين بن تيمية، الذي خاض بحار تلك العلوم وتعلمها وأتقنها، وكان يجادل أتباع المذاهب والاتجاهات العقائدية المختلفة بأدوات وآليات تلك العلوم، بعد هضمه لمقرراتها ومصطلحاتها ومباحثها.
ومن المعروف أن السلفية ـ بوجه عام ـ لا تُرحب بدراسة تلك العلوم، ولها مواقف معروفة في التحفظ الشديد عليها، تصل عند بعضهم إلى التحذير منها، والابتعاد عنها بالكلية، خاصة موقفهم الصارم من ذم علم الكلام والتنفير منه، وهو ما تواردت بشأنه مقولات لأئمة سابقين وعلماء كبار متقدمين.
فكيف تمكن أتباع ذلك التوجه من السلفيين المعاصرين تجاوز الممانعة السلفية تجاه تلك العلوم؟ وما هي آثار وثمار تعلمهم لتلك العلوم على إنتاجهم التأليفي والتدريسي في علم العقيدة؟ وهل باتوا بعد تعلمهم لتلك العلوم أشد بأسا في الجدل العقائدي الذي لا تهدأ معاركه ولا تتوقف؟
في هذا السياق قال الباحث في الأدب العربي والفكر الإسلامي، شريف محمد جابر "لعل من أهم أسباب توجه جيل من الشباب داخل التيار السلفي لدراسة العلوم العقلية مواكبة مستجدات العصر واحتياجاته الفكرية، فهناك مساحات كبيرة من التناول الديني متعلقة بالأدلة العقلية على صحة الدين، خصوصا مع شيوع الأفكار الإلحادية واللادينية في الآونة الأخيرة وعدم كفاية المنهج التقليدي في مواجهة هذه التحديات".
شريف محمد جابر.. كاتب وباحث في الأدب والفكر الإسلامي.
وأضاف "وكذلك ثمة توجه يتعلق باستمرارية ما يمكن تسميته (الكلام التيمي) وهو مساحات الجدل العقائدي التي خاضها الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مواجهة البدع الكلامية وغيرها في زمانه، فقد تميز بمنهج عقلي واسع له خصائصه، ومع الهجوم على هذا المنهج في واقعنا المعاصر وُجد من بين الشباب من خاض هذا المعترك للدفاع عن أحد أهم أعمدة المدرسة السلفية، وللتشجيع على التمرّس بالعلوم العقلية على منهجه لمواجهة التحديات المعاصر، سواء الداخلية المتمثلة بالتوجهات المناوئة أو الخارجية المتمثلة باللادينية".
وردا على سؤال "عربي21": كيف تجاوز أتباع ذلك التوجه الممانعة السلفية من تعلم تلك العلوم؟ أوضح الباحث الفلسطيني جابر أن "القضية لا تطرح بهذا الشكل، فموقف هذا الجيل المتمرس بالعلوم العقلية من المنطق والفلسفة وعلم الكلام لا يختلف كثيرا عن عموم التيار السلفي".
وتابع: "لكنه متأثر كما ذكرت بتوجه الإمام ابن تيمية الذي خاض المعترك الكلامي للدفاع عن عقائد (أهل السنة) أو (السلف)، وهو توجه له سلف من القرن الثالث الهجري ككتابي عثمان بن سعيد الدارمي (الرد على الجهمية) و (نقض الدارمي على المريسي، وكتاب (الرد على الجهمية والزنادقة) المنسوب للإمام أحمد بن حنبل".
واستطرد: "فقد كان ابن تيمية معجبا بهذه الكتب ومكملا لهذه المسيرة في الحجاج العقلي عما يراه عقائد (السلف)، وهو مع ذلك نقد المنطق والفلسفة وعلم الكلام في جوانب جوهرية، وكان مؤثرا رئيسيا في رفض منطلقات هذه العلوم في التوجه السلفي المعاصر، فلا تعارض بين الموقف السلبي منها وبين الخوض فيها لفهمها ونقدها".
أما عن تأثير تعلم تلك العلوم على الإنتاج التأليفي، "فمن المبكر، طبقا لجابر تقديم تقويم لأطروحات ما تزال جديدة، ولكنها تبشر بالكثير من الخير، وسدّت احتياجات كبيرة لدى الشباب المسلم في عصرنا، فبارك الله بأصحابها، ولكن يُخشى في هذا المقام الوقوع فيما وقع فيه المتكلمون من أهل السنة قبل أكثر من ألف عام، حين بدأ علم الكلام السني بالنشوء متأثرا بالكلام المعتزلي وبالجدل الفلسفي".
وأكمل توضيح فكرته بالقول "فقد استعار المتكلّمون السنّة الأرضية الاصطلاحية للفلسفة وزادوا عليها وطوّروها، وانخرطوا في جدال مسائل خارج نطاق العقل مع وقوعهم في المحدثات العقائدية التي لم يكن ينبغي لهم الخوض فيها ولا عاد عليهم ذلك الخوض بنفع، فيُخشى أن تتكرر التجربة فتغدو العقيدة مساحة للجدل الذهني بعيدا عن منطلقات السلف في تعليمها".
ونظرا لذلك كله، ذكر أنه كان وما زال يدعو "إلى تأسيس علومنا العقلية بعيدا عن مؤثّرات علم الكلام والفلسفة والمنطق التقليدية، أي تجاوزها والبناء على الكتاب والسنة، وكلام الأئمة المتقدمين والتجارب التراثية المميزة التي واجهت انحرافات هذه العلوم واحتياجاتنا العصرية".
من جانبه رأى الباحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، منتصر حمادة أن "تعلم هذه العلوم من طرف التيار السلفي، تحصيل حاصل، لأن العالم أساسا لا يُقرأ من منظور إسلامي حركي، أيا كانت مرجعية هذه الظاهرة، سلفية أو إخوانية أو جهادية (سنية وشيعية)".
منتصر حمادة، باحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث.
وأردف "القراءة الإسلامية الحركية للعالم، ومن ثم للمجتمع والدولة والمحيط القريب والبعيد مجرد قراءة نسبية ضمن قراءات أخرى، والتفكير في إطار نسقها النظري محدود الأفق، وما يؤكد ذلك عمليا وليس نظريا وحسب، هو مآل أغلب الجماعات الإسلامية بما فيها الجماعات السلفية أو التيار السلفي بشكل عام، أيا كان أفقه النظري والحركي معا، بما في ذلك النخبة السلفية التي تبين لها أنه لا مفر من هذا الانفتاح على علم المعقول".
وعن تداعيات ذلك الانفتاح، رجح حمادة في حديثه لـ"عربي21" "احتمالية أن تكون لذلك تداعيات إيجابية على مستوى أفقها النظري، أما بخصوص الرؤية السلبية للاشتغال بعلم المنطق والفلسفة وعلم الكلام، فيجب التذكير بالأسباب التي أوصلتنا إلى ذلك، لا سيما ترويج مجموعة من الأدبيات التراثية من طينة بعض اجتهادات ابن تيمية، لكن من منظور اختزالي صرف، لأنه قد اتضح أن لابن تيمية نفسه عدة أعمال في صلب المنطق مثلا".
وطبقا للباحث حمادة "فليس صدفة أن نعاين خلال السنوات الأخيرة صدور عدة أعمال بحثية تنتصر لهذا الاتجاه، من قبيل الأعمال الصادرة عن عالم المنطق حمو النقاري، وأخص بالذكر أعماله التي تحمل العناوين التالية: (المنهجية الأصولية والمنطق اليوناني من خلال أبي حامد الغزالي وتقي الدين بن تيمية) 2010، و(ابن تيمية المنطقي أو منطق الرد على المنطقيين) (2021)، و(فلسفة ابن تيمية المنطقة)، ضمن أعمال أخرى".
وبدوره علق الأكاديمي السعودي المتخصص في العلوم الشرعية، الدكتور إبراهيم عبد الله الحازمي على موضوع التقرير موضحا أنه "لا يوجد مانع لدى السلفيين قديما وحديثا من معرفة علم المعقول وتعليمه، لذا نجد شيخ الإسلام ابن تيمية وهو فارس المنقول والمعقول، إمام في معرفة علم المعقول (ومنه علم الكلام والمنطق)، وله ردود معروفة معلومة مثل الرد على أهل المنطق، والدهريين، والفلاسفة".
إبراهيم عبد الله الحازمي.. أكاديمي سعودي متخصص في العلوم الشرعية
وأضاف لـ"عربي21": "وكذلك منهم العلامة اليمني ابن الوزير، ففي كتابه (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم) تجد ردوده على علماء المعقول من المعتزلة وغيرهم، ثم في المعاصرين نجد العلامة السلفي محمد الأمين الشنقيطي، صاحب (أضواء البيان)، فقد كان له معرفة قوية بعلم المعقول وله فيه نظم معروف، وهو شيخ لابن باز في علم المنطق، استفاد منه عندما كان معه في الجامعة الإسلامية".
وتابع "وكذلك العلامة المغربي محمد تقي الدين الهلالي فهو يجيد أكثر من لغة، وهو من أشهر الدعاة السلفيين ومع ذلك كان فارسا في علم المعقول، وكذلك العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي، شيخ الشيخ ابن عثيمين، له معرفة كبيرة بعلم المعقول، وله ومؤلفات مشهورة في تحقيق علم العقيدة".
وأكدّ الحازمي أن "السلفية لا تمنع من معرفة علم المعقول؛ المنطق والفلسفة، لكنهم (يقدمون النقل على العقل)، (وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل)، لذلك شيوخ الدعوة السلفية لا يمنعون تعلم علم المنطق والفلسفة إذا كان من يتعلمها عالم بتلك العلوم، فاهم لها، يعرف عقيدته الإسلامية، ويعرف ما يضادها".
وعن توجه بعض طلبة العلم السلفيين نحو تعلم علم المعقول، كالذين مرَّ ذكرهم في مطلع هذا التقرير، ذكر الحازمي أنهم "ليسوا من تلاميذ ابن باز، ولا ابن عثيمين، ولا ابن حميد أو الشنقيطي وغيرهم من العلماء الكبار، وهم من المدرسة التي تجمع السلفية والعقلية دون شيوخ يتلقون عنهم، وإنما باجتهاد منهم، لأنهم صاروا يعلمون أن الدولة السعودية فرضت مادة الفلسفة في المناهج التعليمية وكان الوزير من أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب".
أما بخصوص التوجهات والفتاوى التي تُحذر من علم الكلام، ولا تشجع على دراسة المنطق والفلسفة، فأوضح الحازمي أن "علماء الدعوة السلفية في السعودية كانوا يريدون جمع الناس على مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وطريقته وكتبه، لكنهم كانوا يعلمون في قرارة أنفسهم أن علم الكلام والمنطق لمن يجيدهما ويفهمها حسن جدا" حسب عبارته.
وختم حديثه بالقول "لم تكن المدرسة السلفية التي كان فيها الشنقيطي والهلالي ترى بأسا في تعلم المنطق، لكن كان هذا حال الدولة حينذاك، أما الآن فقد تغيرت المناهج التدريسية في السعودية، وأصبحت الفلسفة تُدرس في التعليم، فلو كانت ممنوعة أو سيئة لتدخلت هيئة كبار العلماء ومنعت تدريسها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير علوم الأفكار علوم أفكار آراء تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرد على التی ت
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يناقش سبل تجاوز الأزمة الاقتصادية
احتضنت قاعة «ديوان الشعر» ندوة بعنوان «نحو خطة وطنية لتجاوز الأزمة الاقتصادية»، والتي أدارها اللواء طارق عبد العظيم، رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، وذلك ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
افتتح الندوة الخبير الاقتصادي مدحت نافع، عضو اللجنة الاستشارية الاقتصادية لمجلس الوزراء ومساعد وزير التموين الأسبق، موضحًا أن العالم يمر حاليًا بحالة من الارتباك نتيجة لتداعيات صدمات العرض والطلب، وتأثيرات أزمة فيروس كورونا، إضافة إلى التحولات في قطاع الطاقة المرتبطة بتقلبات المناخ.
كما أشار إلى التوترات العالمية، والعولمة العكسية، والأزمات التي أحدثتها سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شرقيًا وغربيًا، معتبرًا أن الولايات المتحدة، بوصف رئيسها «الرجل الأقوى في العالم»، قادرة على فرض سياسات اقتصادية تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج عالميًا، مما يفاقم الأزمات الاقتصادية في ظل موجة التضخم العالمية.
وأوضح نافع أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر تنقسم إلى 3 محاور رئيسة: تحديات هيكلية، واختلالات في الاقتصاد الكلي، ومعوقات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأشار إلى أن مصر ليست من الدول الغنية بالموارد الطبيعية، إذ تعاني من شح مالي وشح طاقي، وتسعى لتعويض ذلك عبر تعزيز التنافسية. وأكد أن هناك فجوة في إنتاج بعض المعادن الأساسية مثل الحديد والنحاس، ما يزيد من التحديات الاقتصادية.
كما تطرق إلى قضية النمو السكاني، معتبرًا أنها تمثل تحديًا إضافيًا، في ظل محدودية احتياطات النقد الأجنبي وندرة الموارد، وهو ما يؤدي إلى عجز خارجي مزمن.
وأضاف أن اختلالات الاقتصاد الكلي، ومن أبرزها عجز الموازنة، وعجز ميزان المدفوعات، وعبء الدين العام، تُعد من المشكلات الكبرى التي تحتاج إلى حلول جذرية، حيث شهدت السنوات الماضية ارتفاعًا غير مطمئن في معدلات الدين المحلي والخارجي، إلى جانب تفاقم الضغوط التضخمية، والتي انعكست على ارتفاع الأسعار، وتراجع القوة الشرائية، وزيادة معدلات الفقر والبطالة.
حلول الأزمة الاقتصاديةوأكد نافع أن الحلول تكمن في تعزيز القوة الشرائية للجنيه المصري، وخفض الإنفاق الحكومي، والحد من التضخم الحلزوني، مع اتباع سياسات تشجع على زيادة الإنتاجية.
كما شدد على ضرورة تحقيق الانضباط المالي من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي، وإصلاح النظام الضريبي، وتوسيع مصادر الإيرادات العامة، إلى جانب تحقيق وحدة حقيقية للموازنة العامة.
وفيما يخص إدارة الدين العام، أوصى بوضع خطة وطنية متكاملة تشمل إعادة هيكلة الديون، وتشكيل لجان متخصصة لمراجعة أوضاعها، وإعادة العمل بالقاعدة الذهبية للدين الخارجي، بما يضمن تخفيف الأعباء المالية على الدولة.
من جانبه، تحدث الدكتور محمد علي إبراهيم، المستشار الاقتصادي لرئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، والمدير الأسبق للأكاديمية العربية للنقل البحري والتكنولوجيا بفرع بورسعيد، عن الأزمة الاقتصادية المصرية، موضحًا أنها تتجسد في فجوتين رئيسيتين: فجوة داخلية في المواد، وأخرى خارجية.
وأكد أن هاتين الفجوتين يمكن تعويضهما عبر الاقتراض، حيث تعود العوائد للدولة بعد سداد القروض، أو من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشار إبراهيم إلى أن الحلول قصيرة الأجل للخروج من الأزمة تعتمد على تحقيق عوائد سريعة بالنقد الأجنبي عبر قطاعات مثل التعليم والصحة، واستعادة الثقة مع المصريين العاملين بالخارج، ووقف استيراد الكماليات التي لها بدائل محلية.
كما شدد على أهمية الحد من تسربات النقد الأجنبي، وذلك عبر معالجة مشكلات مثل غرامات تأخير الحاويات والسفن، والقروض غير المستغلة التي تتحمل الدولة فوائدها، والطاقات الفائضة التي تم تمويلها بقروض.
واقترح إبراهيم تطبيق منظومة لوجيستية متطورة تساهم في تخفيض الأسعار بنسبة 20% على الأقل، مما يحسن مستوى المعيشة ويعزز تنافسية الصادرات.
كما أوصى بفرض إتاوات على الزيادات في قيمة العقارات الناجمة عن مشروعات البنية التحتية، والاستفادة من الطرق الجديدة وخطوط السكك الحديدية كمحاور تنموية، إلى جانب التركيز على الاقتصاد العيني بدلاً من النقدي، والسعي إلى التفاوض مع الدول الدائنة لإسقاط جزء من الديون وجدولة الباقي.
أما على المدى الطويل، فقد دعا إبراهيم إلى إعادة ترتيب أولويات المشروعات، ووضع حوافز استثمارية متدرجة وفقًا لدرجة الأولوية، وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة.
وأكد أهمية الاعتماد على الذات في توفير الاحتياجات الأساسية، وترشيد الاستهلاك العام والخاص، إلى جانب تبني استراتيجية إحلال بدائل الواردات، خاصة في السلع الاستهلاكية والصناعات الثقيلة التي تتوفر لها مدخلات محلية.
كما شدد على ضرورة تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتصبح مركزًا لوجيستيًا وصناعيًا وتجاريًا عالميًا، من خلال إصلاح الهيكل الإداري للهيئة، ووضع حوافز استثمارية تنافسية، والترويج للمنطقة باعتبارها بوابة للأسواق الأفريقية والعربية مع إعفاءات جمركية.
بدوره، تناول الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري الأسبق ورئيس معهد التخطيط القومي، التحديات المرتبطة بقطاع التشغيل، مشيرًا إلى أن مصر تضم 5 ملايين موظف حكومي، و20 مليون موظف بالقطاع الخاص، في حين أن الإنتاج لا يزال أقل بكثير من الاستهلاك، ونسبة الواردات أعلى بكثير من الصادرات.
وأوضح العربي أن معدل التضخم الحالي مرتفع للغاية، مؤكدًا أن المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل ناتجة عن اختلالات هيكلية في الإنتاج والتشغيل على مدى سنوات طويلة. وشدد على أن خفض معدل التضخم يجب أن يكون أولوية قصوى خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن الخطة الوطنية للخروج من الأزمة الاقتصادية يجب أن تركز على ضمان الاستقرار الأمني والسياسي كأولوية مطلقة، إلى جانب استعادة الاستقرار المالي والنقدي، خاصة عبر التعاون مع صندوق النقد الدولي.
كما دعا إلى ضرورة خلق فرص عمل لائقة، وإجراء دراسات دقيقة لاحتياجات سوق العمل، وتوجيه الاهتمام نحو إصلاح الهيكل السكاني، حتى وإن كان ذلك على المدى البعيد، مؤكدًا أهمية الاستثمار في تطوير برامج التدريب والتأهيل المهني بما يتناسب مع متطلبات الاقتصاد المصري.
اقرأ أيضاًتكريمًا للدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي.. معرض الكتاب يحتفي بالسيرة الهلالية
معرض الكتاب يُناقش «رحلة تحدي الصمم» لفايدة عبد الجواد
معرض الكتاب يستعرض جهود تطوير تعليم الطلاب الوافدين بالأزهر