الفئات الأكثر تضررا من الحرب في السودان
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
بروفيسور حسن بشير محمد نور
القاهرة، سبتمبر 12, 2024.
الصراع المستمر في السودان منذ ابريل 2023 أثر بشكل عميق على العديد من الفئات في جميع أنحاء البلاد، مما زاد من تفاقم نقاط الضعف الموجودة وأوجد أخرى جديدة. لفهم التأثير الكامل للحرب في السودان، من الضروري دراسة الفئات الأكثر تضررًا من المدنيين، النساء، الأطفال والمجتمعات العرقية المهمشة.
لكن الفئات الأكثر تأثرًا هي الأطفال والشباب، ويرتبط ذلك بالهيكل الديموغرافي للسودان، اذ يشكل السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و64 عامًا حوالي 95٪ من إجمالي السكان، بينما تشكل الفئة النشطة اقتصاديًا والتي تتراوح اعمارها بين 15 و 64 سنة، حوالي 60٪. كما أن هناك توازنًا بين عدد الذكور والإناث، مع وجود أغلبية طفيفة للذكور قبل الحرب. وهذا بحسب أبحاث دولية موثوقة حتى عام 2023.
يتحمل المدنيون العبء الأكبر من العنف، النزوح، والانهيار الاقتصادي الذي يصاحب الصراع. شهدت المدن والمناطق الريفية على حد سواء تدميرًا واسع النطاق للبنية التحتية، وتقييد الوصول إلى الرعاية الصحية، وانعدام الأمن الغذائي بشكل حاد. وقد الملايين من منازلهم، بحثًا عن ملاذ إما داخل السودان أو عبر حدوده، مما أدى إلى واحدة من أكبر أزمات النزوح في المنطقة. ومع تراجع المساعدات الإنسانية بسبب انعدام الأمن، نجد السكان المدنيين في وضع حرج، غير قادرين على إعادة بناء حياتهم.
النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للخطر في أوقات الحرب، والصراع في السودان ليس استثناءً. الان تواجه النساء مخاطر متزايدة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاعتداء الجنسي والاستغلال. كما أن أدوارهن كراعيات ومنتجات للحياة تعني أنهن يتحملن عبئًا أكبر بسبب نقص الوصول إلى الغذاء، المياه، والرعاية الطبية ونفسي الاوبئة الفتاكة وليس اخرها الكوليرا. يعاني الأطفال بنفس الطريقة، حيث يتم تجنيد العديد منهم كجنود أطفال أو يُحرمون من الحقوق الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية. وقد تركت صدمات الحرب أثرًا لا يمحى على الشباب السوداني، مما يهدد الأجيال القادمة ومستقبل التنمية المستدامة في البلاد حتي إذا خرحت موحدة من الحرب.
المجتمعات العرقية والمهمشة، خاصة في مناطق مثل دارفور، جبال النوبة، وجنوب كردفان، كانت مستهدفة منذ فترة طويلة في صراعات السودان. هذه المجتمعات، التي غالبًا ما تكون مهملة أو مضطهدة من قبل الحكومة المركزية، تواجه العنف المنهجي، عمليات القتل الجماعي، والنزوح وتدمير منازلهم وسبل عيشهم، يغذي ذلك دورة الفقر والتهميش، مما يؤدي إلى استمرار الصراع والمعاناة.
في الختام، الحرب في السودان لها تأثير واسع النطاق، حيث يتحمل المدنيون، النساء، الأطفال والأقليات العرقية العبء الأكبر. ومع استمرار الصراع، تظل هذه الفئات في مركز كارثة إنسانية تتطلب اهتمامًا عاجلاً وتدخلًا من المجتمع الدولي.
mnhassanb8@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
في مشهد بدا عفويًا، التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال زيارته أمس لمنطقة الدندر، بالمواطن “حماد عبد الله حماد” الذي اشتهر قبل أشهر بمقطع متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عقب ظهوره بشكل عفوي أمام كاميرا تلفزيون السودان بعد اندلاع الحرب. الرجل بدأ حديثه حينها بتمجيد الجيش السوداني، لكنه سرعان ما أطلق عبارة مباشرة، وغير محتشمة تجاه مليشيا الدعم السريع، أربكت المذيع، ومنعها لاحقًا الإعلام الرسمي من البث، لكنها انتشرت مجتزأة وأصبحت مادة واسعة التداول بين جمهور منصات التواصل الاجتماعي.
تلك الواقعة تعود إلى لحظة صادقة انفجرت من وجدان مواطن سوداني بسيط، عايش بمرارة فظائع هذه الحرب، وذاق، كما غيره من السودانيين، مرارة الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين والبنى التحتية، في تعدٍّ لا يُمكن وصفه إلا بأنه ممنهج وبعيد عن كل قواعد القانون الدولي والإنساني.
زيارة البرهان للدندر، ولقاؤه بحماد عبد الله، وإن أثارت الكثير من التفاعل، يجب أن تُقرأ في سياقها الإنساني أكثر من كونها موقفًا سياسيًا. فالمنطقة، كغيرها من بقاع السودان، لم تكن بمعزل عن تداعيات الحرب، ومواطنوها، الذين عانوا من التهجير والانتهاكات، ربما وجدوا في ذلك اللقاء رسالة تضامن، أو اعترافًا ضمنيًا بما عاشوه من أهوال.. وكان من الطبيعي أن تكون القيادة قريبة من شعبها في هذه اللحظات الفارقة.
لكن تبقى هناك حساسية رمزية لا يمكن إغفالها، إذ إن اللقاء، دون ضبط لسياقه الإعلامي أو توضيح لمقاصده، منح صدىً متجددًا لخطاب شعبي عُرف بفجاجة مفرداته، التي حاول البعض اتخاذها تجريمًا للموقف. وهنا يبرز التحدي الحقيقي: كيف نوازن بين التعبير الشعبي المشروع، والارتقاء بخطاب الدولة، دون أن نُسقط من حسابنا الجراح التي ما زالت تنزف؟
وفي هذا السياق، تبرز دلالة الآية الكريمة من سورة النساء، حيث يقول تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (الآية: 148).
وهي آية عظيمة تُرشد إلى أن الجهر بالسوء – وإن كان مكروهًا – فقد يُباح للمظلوم، دون أن يتجاوز. فالظلم لا يُعطي الإنسان تفويضًا مفتوحًا في القول، بل مساحة من التعبير المشروط بالعدل وضبط اللسان، لأن الله سميع لما يُقال، عليم بما تُخفي الصدور.. وإن صبر فهو خير له.
لذلك ليس من العدل تحميل رئيس مجلس السيادة وزر كل انفعال شعبي، خصوصًا في ظل الفظائع المتكررة التي ارتكبتها المليشيا بحق الوطن والمواطن، لكن من حقنا، في المقابل، أن نتساءل عن ملامح الخطاب العام الذي يُبنى في هذه المرحلة المفصلية. فالحرب ليست فقط معركة على الأرض، بل معركة في المعنى واللغة والمستقبل.
السودان اليوم لا يحتاج إلى بطولات لفظية، بل إلى خطاب رصين يُواسي المنكوبين، ويؤسس لمشروع وطني جامع. أما الذين صنعتهم الصدف الإعلامية، فمكانهم ربما في ذاكرة الطُرفة والمزاح العفوي ، لا على منابر القرار أو رمزية المشهد الوطني.
دمتم بخير وعافية..
إبراهيم شقلاوي
الوان