لماذا أدارت روسيا والصين ظهريها للبرهان ؟!
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
مناظير الجمعة 13 سبتمبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* تحدثتُ امس عن تمديد مجلس الامن للقرار (1591) بحظر السلاح في دارفور (ضمن حزمة عقوبات)، وأشرت الى تصويت روسيا والصين لصالح قرار التمديد الذي جاء بالرقم (2750 ) لعام 2024، بينما امتنعتا عن التصويت في عام 2005 بمشاركة دولة الجزائر في مقابل 12 دولة صوتت لصالح القرار، فلماذا صوتت الدولتان هذه المرة لصالح القرار في الوقت الذي كانت فيه حكومة البرهان (او حكومة الكيزان) تأمل في استخدام احدى او كلا الدولتين لحق النقض ومن ثم إلغاء الحظر، أو على الأقل إمتناعهما عن التصويت وإظهار تأييدهما المعنوي لها رغم انه لن يؤثر في نتيجة التصويت، ولكنهما ادارتا لها ظهريهما، الأمر الذي أربك ممثل الكيزان في الامم المتحدة وجعله كالمخبول يشيد بالقرار تارةً وينتقده تارةً أخرى في الكلمة المرتبكة التي ألقاها أمام المجلس، كما أوضحت أمس؟!
* قبل الاجابة على السؤال، دعونا اولا نستعرض بإيجاز شديد قرار حظر الاسلحة في دارفور الذي صدر للمرة الأولى في 30 يوليو عام 2004 تحت الرقم ( 1556)، بدون ان يشمل الحظر حكومة السودان، واقتصر فقط على الكيانات غير الحكومية وجميع الافراد العاملين في دارفور بما في ذلك (الجنجويد) ــ وردتْ كلمة الجنجويد بالنص.
* في التاسع والعشرين من مارس عام 2005 قام مجلس الامن بتعزيز نظام العقوبات المفروضة بموجب القرار (1556 ) وذلك باتخاذ القرار 1591 (2005)، الذي وسع نطاق حظر الأسلحة بحيث يشمل جميع الاطراف المتحاربة في دارفور بما في ذلك الحكومة السودانية، بالاضافة الى حظر السفر وتجميد الاصول للافراد الذين يعرقلون السلام في دارفور، والذي ظل يتجدد سنويا منذ ذلك التاريخ وحتى أحدث تجديد له أول أمس (الحادي عشر من سبتمبر العام، 2024 بصدور القرار (2750 )، وكان السبب في تعزيز العقوبات وضم الحكومة السودانية (حكومة المخلوع عمر البشير) للقائمة ـ حسب القرار1591 ـ "عدم امتثال حكومة السودان والقوات المتمردة وسائر الجماعات المسلحة في دارفور بالمطالب السابقة للمجلس، والاستمرار في انتهاك اتفاق إنجمينا لوقف اطلاق النار المبرم في 8 ابريل، 2004 وبروتوكلى ابوجا المبرمين في 9 نوفمبر، 2004 ، بما في ذلك عمليات القصف الجوي التي قامت بها حكومة السودان (اشار القرار الى تواريخ القصف) وهجمات المتمردين على قرى دارفور (اشار القرار الى التواريخ)، وعدم قيام حكومة السودان بنزع سلاح افراد مليشيا الجنجويد والقبض على زعماء الجنجويد واعوانهم الذين ارتكبوا انتهاكات قانون الانسان والقانون الدولي الانساني واعمالا وحشية اخرى وتقديمهم للمحاكمة ..إلخ"
* بالاضافة الى حظر السلاح، فرضَ القرار قيودًا على من "يعرقلون عملية السلام" في دارفور، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول، ونص على انشاء لجنة لمتابعة الاجراءات و تسمية الاشخاص الخاضعين لتجميد الاصول وحظر السفر، وانشاء فريق خبراء لمساعدة اللجنة في رصد وتنفيذ وتنسيق انشطتها و التعاون مع بعثة الاتحاد الافريقي في السودان.
* نأتي الآن للإجابة على السؤال .. لماذا صوتت روسيا والصين أول أمس لصالح تمديد القرار، بينما أمتنعتا عام 2005 ، رغم علاقتهما الوثيقة مع حكومة السودان ودعمهما المستمر لها في المحافل الدولية خاصة في مجلس الأمن، وهو ما كانت تأمل فيه الحكومة هذه المرة، ولكنهما خذلتاها ؟!
* في تقديري الشخصي، وبما أن المصالح المباشرة تلعب الدور الأكبر في العلاقة بين الدول، فإن روسيا تريد ان ترسل لحكومة السودان (او لحكومة البرهان او الكيزان) رسالة عن مواقفها المستقبلية إزاءها في حال لم ترضخ لطلبها بخصوص موضوع القاعدة الروسية البحرية على شواطئ السودان في البحر الاحمر وهو ما يمكن أن ان يضع حكومة البرهان في موقف معقد جدا إذا رضخت له، فضلا عن غضب روسيا من استمرار العلاقة الأمنية والعسكرية بين قوات الجيش السوداني ودولة اوكرانيا رغم تعهد البرهان بقطع هذه العلاقة، ثالثا، لم يعد لحكومة السودان ما تقدمه لروسيا (او للصين)، خاصة مع تقلص انتاج الذهب بشكل كبير والذي يذهب بالكامل لدولة الأمارات التي تربطها علاقات إقتصادية وسياسية مزدهرة جدا مع كلتا الدولتين لا تريدان لها ان تتاثر لسبب غير جوهري، بالإضافة الى ذلك فإن السودان مَدين للصين بمبلغ يزيد عن 10 مليار دولار أمريكي ولم يعد لديه مع ظروف الحرب الدائرة الآن أية وسيلة للإيفاء بها، كما أن للحرب تعقيداتها السياسية والاقتصادية المحلية والاقليمية والدولية تجعل الدولتين تتعاملان بحذر مع الشأن السوداني في الوقت الحالي في انتظار ما يسفر عنه المستقبل !
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: حکومة السودان بما فی ذلک فی دارفور
إقرأ أيضاً:
صربيا تطلب التدخل في قضية السودان ضد الإمارات بمحكمة العدل الدولية.. لماذا؟
قدمت جمهورية صربيا طلبًا للتدخل في الدعوى التي رفعها السودان ضد الإمارات العربية المتحدة بمحكمة العدل الدولية.
وبحسب طلب التدخل الذي قدمه كبير المستشارين القانونيين بوزارة الخارجية الصربية، ألكسندر غايتش، فإن بلاده ترى أن تحفظ دولة الإمارات العربية المتحدة على البند التاسع في قضايا الإبادة الجماعية "يمنع المحكمة من إثبات اختصاصها في القضية"، حد قوله.
PRESS RELEASE: On 24 April 2025, #Serbia, invoking Article 63 of the #ICJ Statute, filed a declaration of intervention in the case #Sudan v. #UnitedArabEmirates.https://t.co/lv6bxE8gxa pic.twitter.com/C3Pk8JA3cC
— CIJ_ICJ (@CIJ_ICJ) April 25, 2025وكان السودان قد اشتكى الإمارات في محكمة العدل الدولية.
ويتّهم السودان الإمارات بالإخلال بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية التي تعود إلى العام 1948، من خلال "السعي إلى ارتكاب إبادة جماعية أو التواطؤ على ارتكابها أو الحضّ عليها أو المشاركة فيها أو عدم منعها أو المعاقبة عليها".
ويهدف تدخل جمهورية صربيا إلى تفسير اتفاقية منع الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها، ولا سيما المسائل المتعلقة بتفسير المادة التاسعة. وبحسب الطلب المقدم أمام المحكمة، ترى صربيا أن الدول المتحفظة على البند التاسع لها الحق بتقديم الموافقة أو الرفض قبل أن يُعرض أي نزاع يتعلق بهذه الاتفاقية أمام محكمة العدل الدولية.
وتتحفظ الإمارات وصربيا ومجموعة من الدول على البند التاسع من اتفاقية الإبادة الجماعية، التي تنص على أن "تعرض على محكمة العدل الدولية، بناء على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف". ويرى السودان أن تحفظ الإمارات العربية المتحدة على هذه المادة باطل لأنه يتعارض مع أهداف اتفاقية منع الإبادة الجماعية وغاياتها.
وانطلقت جلسات الاستماع العلنية في 10 نيسان/ أبريل الحالي، وقدم السودان جملة من البيانات التي تثبت تورط الإمارات في حرب السودان من خلال "تزويدها لمليشيا الدعم السريع المتمردة بالأسلحة والعتاد الحربي، الذي مكنها من ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في غرب دارفور، وجرائم الحرب والكثير من الانتهاكات الجسيمة".
والخميس، أبلغ السودان محكمة العدل الدولية أن الإمارات كانت "القوة الدافعة" وراء ما أطلق عليه إبادة جماعية في دارفور، وذلك من خلال دعمها المفترض لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني.
وهاجمت الخرطوم الإمارات أمام محكمة العدل الدولية متهمة إياها بالتواطؤ في إبادة جماعية بحق قبيلة المساليت بسبب دعمها المفترض لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ 2023.
وقال معاوية عثمان وزير العدل السوداني بالوكالة في مستهل جلسات المحكمة إن "الدعم الذي قدمته الإمارات العربية المتحدة، وهو دعم يستمر اليوم لقوات الدعم السريع والميليشيات الحليفة لها، يبقى المحرك الرئيسي للإبادة الجماعية التي تجلت في عمليات قتل واغتصاب وتهجير قسري ونهب".
لكن ريم كتيت التي تشغل منصبا رفيعا في الإمارات وصفت القضية بأنها "استغلال صارخ لمؤسسة دولية محترمة"، مؤكدة أنها "تفتقر بالكامل إلى أي أساس قانوني أو فعلي".
وقالت كتيت في بيان: "ما يحتاج إليه السودان اليوم ليس مسرحية سياسية، بل وقف فوري لإطلاق النار والتزام جدي للطرفين المتنازعين بالتفاوض من أجل حل سلمي".