كاتب أميركي بارز: تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم أصبح أمرا طبيعيا
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
في الوقت الذي تتواصل فيه المجازر المدنيين بحق في غزة، ندد الصحفي الأميركي ناثان ثرال، الحائز على جائزة بوليتزر 2024، بالإفلات من العقاب الذي تتمتع به إسرائيل والفصل العنصري الذي يحتدم في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن إنشاء إسرائيل تم من خلال عملية تطهير عرقي حوّل الأقلية اليهودية إلى أغلبية بين عشية وضحاها.
وقال ناثان ثرال -في مقابلة مع موقع ميديا بارت الفرنسي- إنه أراد بكتابه "يوم في حياة عابد سلامة.. تشريح مأساة في القدس" أن يشعر الناس في أعماقهم بمأساة الظلم التاريخي الذي تعرض له الفلسطينيون، وأن يروا عواقب هذا النظام، وأن يطلعوا على نظام الفصل العنصري في الضفة الغربية وعدم المساواة في الحياة تحت نير الاحتلال الإسرائيلي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بلومبيرغ: الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة تجنيدlist 2 of 2غارديان تنشر قائمة بالدول التي حظرت أو قيدت مبيعات الأسلحة إلى إسرائيلend of listوهذا الكتاب عبارة عن تحقيق يتتبع فيه الكاتب الصحفي سلسلة إصابات نجمت عن حادث تصادم مميت حدث في عام 2012 في القدس، بين نصف مقطورة وحافلة مدرسية مليئة بأطفال المدارس الفلسطينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و6 سنوات، وقد أحرق العديد منهم حتى الموت مع معلميهم.
قد يكون مثل هذا التصادم خبرا عاديا -يقول الكاتب- حيث لم يكن أمام الحافلة الخارجة من القدس الشرقية خيار آخر سوى سلوك هذا المنعطف الطويل والخطير في ضواحي رام الله، بسبب الجدار العازل بين المستوطنات اليهودية والقرى الفلسطينية، ونظام التراخيص ونقاط التفتيش، لتسهيل حركة المستوطنين وإعطاء "وهْم الوجود اليهودي المستمر من المدينة إلى المستوطنات".
اصطدمت حافلة الأطفال بشاحنة كانت تسير بسرعة كبيرة جدا تحت المطر الغزير، وعلى أحد محاور المأساة، طريق جبع المعروف باسم "طريق الموت"، ولم تتمكن سيارات الإسعاف الإسرائيلية التي وصلت بعد وقت طويل من وقوع الحادث من إنقاذ الضحايا، ولا استطاع ذلك عمالُ الإنقاذ الفلسطينيون الذين تعوقهم الاختناقات المرورية الناجمة عن حواجز الطرق العسكرية وقواعد المرور الإسرائيلية العبثية.
لن يحاسب أحد على أي شيء
ويقول ناثان ثرال، وهو الرئيس السابق للبرنامج الإسرائيلي العربي في مجموعة الأزمات الدولية، في المقابلة التي أجرتها معه رشيدة العزوزي الكاتبة بميديا بارت: "لو أن طفلين فلسطينيين بدآ فجأة، بدلا من وقوع حادث، بإلقاء الحجارة على الطريق، لكان الجنود قد هرعوا إلى هناك في غضون ثوان".
ويقول الصحفي اليهودي الأميركي المقيم في القدس منذ عام 2011 "حتى لو تم تحديد الجناة، فلن يتمكن أحد، لا المحققون ولا المحامون ولا القضاة، من الإشارة إلى الأسباب الحقيقية للمأساة"، ولن يقول أحد إن الفلسطينيين الذين يعيشون في منطقة القدس يتعرضون للإهمال لأن الدولة اليهودية سعت بنشاط إلى تقليص وجودهم لأن التوسع الإسرائيلي هو الأولوية القصوى، ولن يحاسب أحد على أي شيء".
وعند السؤال عن بدء التحقيق في هذا الحادث واعتباره رمزا للاحتلال الإسرائيلي، قال ناثان ثرال "كنت في طريقي إلى الخليل مع زميل فلسطيني، عندما سمعنا عن الحادث عبر الراديو. بدأت أفكر في هؤلاء الأشخاص، الآباء والأطفال والمعلمين الذين يعيشون حياة مختلفة تماما عن حياتي على الجانب الآخر من الجدار الذي بنته إسرائيل. وجاء قرار التحقيق في الحادث في وقت لاحق، عندما كنت في حاجة ماسة إلى رؤية مدى استمرار تراجع الاهتمام العالمي بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية".
وأشار الكاتب إلى أن العالم يولي اهتماما حقيقيا لإسرائيل وفلسطين عندما تكون هناك حرب أو أعمال عنف غير عادية، ولكن هذا الاهتمام قصير الأمد للغاية، وبالتالي أراد الكاتب -كما يقول- أن يلفت انتباه العالم إلى ما يسمى بالهدوء بين الحروب، وإلى نظام سيطرة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين الذي هو أصل تكرار العنف.
وقرر ناثان ثرال -كما يقول- أن يكتب بصورة واقعية، بدءا من حدث عادي كحادث طريق، ليشعر الناس في أعماقهم بمأساة الظلم التاريخي الذي تعرض له الفلسطينيون، ويروا هذا النظام المؤسس للهيمنة والسيطرة والفصل الذي تفرضه إسرائيل، مع الجدار ونقاط التفتيش العسكرية والطرق المنفصلة وبطاقات الهوية الملونة ومجموعة القوانين والسياسات والممارسات التمييزية.
وردا على أن عبارة "نظام الفصل العنصري" وردت مرة واحدة في كتابه، قال الكاتب الصحفي "لقد كتبت كتابا عن الفصل العنصري، أردت أن يفهم القارئ من خلال عرض الحقائق، أن نظام الفصل العنصري يعمل بشكل لا يمكن إنكاره في الضفة الغربية، حتى يتمكن من توضيح الوضع بنفسه".
وأضاف أن العبارة أصبحت شائعة، لكن فهم المعنى الحقيقي للفصل العنصري يظل سطحيا، وأضاف: "رأيت وفودا تأتي إلى هنا. يسافرون إلى إسرائيل لمدة أسبوع ولديهم نصف يوم بالضفة الغربية، ونصف اليوم هذا هو الجزء الأكثر أهمية من إقامتهم لأنه يؤثر عليهم ويزعزع استقرارهم بعد أن رأوا بأم أعينهم، بدون أن يضطر أحد أن يقول لهم عبارة "الفصل العنصري".
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى تحت حماية الشرطة (الأناضول) العنصرية الصرفةوعند الإشارة إلى تشاؤمه الشديد بقوله إنه لن يعرف نهاية الفصل العنصري قبل موته، أوضح الكاتب أنه لا يرى أي فرصة على المدى القصير ولا حتى المتوسط، لوضع حد لنظام الهيمنة الإسرائيلية على الفلسطينيين، لأن ذلك يحتاج إلى وضع إسرائيل تحت ضغط حقيقي.
والسبيل الوحيد لتحقيق ذلك -حسب رأي الصحفي الأميركي- هو وضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب ومساءلتها، وذلك إذا احترمت الولايات المتحدة قوانينها الخاصة، وتوقفت عن إمداد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة التي ترتكب انتهاكات منتظمة لحقوق الإنسان، وإذا قام الاتحاد الأوروبي بمثل ذلك، ورأت إسرائيل أن منح الحرية للفلسطينيين أقل تكلفة بالنسبة لها، وهي أمور يخشى ناثان ثرال أنها لن تحدث لعقود من الزمن.
وخلص الكاتب إلى أن الحرب في غزة تسلط الضوء على العنصرية الصرفة، وقال: "انظر إلى الطريقة التي يُعامل بها الضحايا الأوكرانيون، مقارنة بالضحايا الفلسطينيين الذين تم تجريدهم من إنسانيتهم تماما. إن التجريد من الإنسانية، الذي نراه على نطاق واسع اليوم، هو أحد موضوعات كتابي. أصبح هذا التجريد من الإنسانية أمرا طبيعيا خلال العام المنصرم".
إجراءات في الاتجاه الصحيحوعن الأمل، يقول الكاتب، إن هناك عملية توعية بما يجري مستمرة منذ سنة، وإن الرأي العام العالمي تغير، إذ قضت محكمة العدل الدولية بأن الاحتلال غير قانوني وأن إسرائيل تنتهك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه.
وأشار الكاتب إلى أن المملكة المتحدة علقت العشرات من تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وأن الولايات المتحدة فرضت لأول مرة عقوبات على المستوطنين، وأن الدول الأوروبية تدرس تغيير سياساتها تجاه إسرائيل، وأن سحب الاستثمارات من الشركات التي تستفيد من الاحتلال قد بدأ، وهي إجراءات حقيقية ومهمة في الاتجاه الصحيح، ويمكن أن تؤدي إلى تغيير حقيقي.
ونبه الكاتب إلى أن الصهيونية مشروع استعماري بمعنى وصول مجموعة من المستوطنين إلى أرض مملوكة لشعب آخر بنية الاستيلاء عليها، وقد وصل المستوطنون الصهاينة الأوائل إلى فلسطين عام 1882، ولكن نسبة اليهود في فلسطين كانت أقل من 5%، وكان من المستحيل إنشاء دولة يهودية بدون القيام بالتطهير العرقي، وهو ما حدث.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات الفلسطینیین الذی الفصل العنصری الکاتب إلى أن
إقرأ أيضاً:
حادثة تجريد طالبة إيرانية من ملابسها تثير غضبًا دوليًا واحتجاجات محلية
شهدت إيران مؤخرًا حادثة أثارت جدلًا واسعًا على المستويين المحلي والدولي، حيث تم تداول مقطع فيديو يظهر طالبة جامعية تُجرد من ملابسها، بعد تعرضها لمضايقات من عناصر "الباسيج" بسبب عدم ارتدائها الحجاب.
تأتي هذه الحادثة في وقت حساس تزامنًا مع الذكرى السنوية الثانية لوفاة الشابة مهسا أميني، التي أشعلت وفاتها احتجاجات واسعة ضد القوانين الصارمة المتعلقة بالحجاب الإجباري.
تفاصيل الحادثة
وفقًا للتقارير، كانت الفتاة تتعرض لمضايقات من عناصر الأمن لعدم التزامها بارتداء الحجاب، ما أدى إلى رد فعلها الذي تم تصويره وانتشر بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه الواقعة زادت من حدة النقاش حول تعامل النظام الإيراني مع النساء، خاصة في الجامعات.
ردود الفعل المحلية والدوليةأثارت الحادثة موجة غضب بين نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات النسوية داخل وخارج إيران.
اتحاد الطلاب التقدميين في إيران أصدر بيانًا يعبر عن تضامنه الكامل مع الطالبة، مؤكدًا: "لن نتركها وحدها".الممثلة الإيرانية كتايون رياحي، المعروفة بدعمها لحركة "المرأة، الحياة، الحرية"، أعلنت عن تضامنها قائلة: "لن نترك بعضنا البعض".من جهتها، دعت منظمة العفو الدولية السلطات الإيرانية إلى الإفراج الفوري عن الطالبة وإجراء تحقيق مستقل في مزاعم تعرضها للعنف الجسدي والنفسي.الموقف الرسمي الإيراني
تناولت وكالة "فارس" الإيرانية الخبر، مشيرة إلى أن الطالبة كانت ترتدي "ملابس غير مناسبة" وخلعت ملابسها بعد تحذيرات من عناصر الأمن.
بينما وصفت وكالة "دانشجو" المرتبطة بقوات الباسيج تصرف الطالبة بأنه "عملية إرهابية"، مما أثار غضبًا إضافيًا بين المواطنين.
أكد حقوقيون إيرانيون أن السلطات كثيرًا ما تلجأ لتبرير القمع باستخدام قضايا الصحة النفسية.
الخبيرة في الشأن الإيراني منى السيلاوي صرّحت بأن النظام يستخدم "سلاح الصحة النفسية" لقمع النساء، مشيرة إلى أن الضغط الاجتماعي والقمع اليومي هما الأسباب الحقيقية وراء هذه الحالات.
تفاصيل جديدة حول اعتقال الطالبةكشفت وسائل إعلام طلابية إيرانية عن أن الفتاة تعرضت للضرب أثناء اعتقالها، وأكد موقع "أمير كبير" أن الطالبة نُقلت لاحقًا إلى مستشفى للأمراض النفسية، ما أثار حملة غضب على وسائل التواصل الاجتماعي.
الاحتجاجات النسوية وتصاعد التوترتأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد الاحتجاجات النسوية في إيران، حيث أصبح مشهد النساء دون حجاب إجباري أكثر شيوعًا، رغم محاولات السلطات فرض قواعد صارمة.
ومع اقتراب الذكرى السنوية لوفاة مهسا أميني، تزداد الضغوط على النظام الإيراني للتخفيف من قبضته على النساء.
صوت المرأة الإيرانية المعاصرةوصفت الناشطة الحقوقية مينا خاني من مجموعة حقوق الإنسان "هنغاو" هذه الحادثة بأنها "صرخة ضد الظلم الاجتماعي والسياسي"، مؤكدة أن الفتاة الجامعية أصبحت رمزًا للمرأة الإيرانية العصرية التي تدافع عن حقوقها.
تقارير صحفية تشير إلى أن الضغوط الدولية المتزايدة قد تجبر السلطات على الكشف مكان الطالبة، لكن حتى الآن، لا تزال سلامتها ووضعها غير مؤكدين، مما يثير مزيدًا من القلق والتساؤلات حول مستقبل الاحتجاجات في إيران.