ألامبالاة و الخروج من دائرة السياسة
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
في ليلة من ليالي القاهرة الباردة، أتصل بي محمد الحسن عبد الله يسن، و قال إلي سوف نذهب مشوار سويا انتظرني في الشارع، ربع ساعة و أكون عندك. و بالفعل جاء بعربته سائقا لوحده، و عرفت أن المشوار مهم، و كنت قد ذهبت معه أماكن عديدة و اجتماعات مع عدد من القيادات السياسية و غيرها، و عادة لا اسأله عن وجهته حتى يفصح هو عنها، و بعد تناول عدد من الموضوعات، قال سوف نذهب مصر الجديدة لمقابلة الدكتور منصور خالد.
كل هذه المقدمة أريد أن أبين الفرق بين رجل سياسي له خبرة و مشوار مليء بالمحطات المهمة في تاريخ العمل السياسي، و يأخذ القضايا بجدية، و أخرين يتعاملوا مع القضايا بنوع من الامبالاة " Indifferent".. جدية منصور لم يجلس معنا في كراسي الصالون و يتناول معنا الشاي و القهوة، ثم يبدأ الحكي. لكنه ذهب مباشرة إلي المكتب متخطي الصالون في منزله لكي يعطي الإحساس بأهمية الحدث، و التعامل معه بجدية.. و استمر النقاش حوالي 45 دقيقة، ثم انتقلنا جلوسا في الصالون.. ألان الغريب في الأمر؛ أن القيادات السياسية تتعامل مع القضايا بنوع من الهرجلة، التي تبين أن تجربتهم السياسية متواضعة، و هي تجربة مناكفات و أركان نقاش و ليس تجربة حكم، و لذلك لا يفرقون بين الجدل العام في الكافتريات و وسائل الاتصال الاجتماعية، و بين جدل مع قيادات قابضة على زمام السلطة في الدولة و يديرون شؤونها..
إذا أخذنا تصريحات الفريق ياسر العطا الأخيرة في مقر قيادة الفرقة الثالثة مشاة، أغلبية المعلقين الذين يناصرون الميليشيا، و الذين هم قيادات في جناحها السياسي، تركوا التصريحات جانبا، و تناولوا شخصية ياسر العطا، رغم أن ياسر العطا يمثل الرقم الثالث في قيادة الجيش و الدولة "مجلس السيادة" و هو أحد القادة الذين أخرجوا المدنيين من السلطة في 25 أكتوبر 2021م، أن أخذ القضايا بالامبالاة، هي التي تضعف عملية التفكير في إيجاد حلول للأزمة السودانية من قبل هؤلاء غير المبالين، و الغريب حتى قضية الحرب هم لا يستطيعون أن يكونوا مؤثرين فيها، و أصحاب قرار في كيفية إنهائها، و لكن ياسر واحدا من صناع القرار فيها.. و مهما كان ياسر غير مقبول عند البعض لكن لا تتعامل مع حديثه بسزاجة. و محاولة للتصغير، هذا السلوك ليس مردود على ياسر، مردود على العقلية التي تتعامل مع القضايا بنوع الاستهزاء، ثم تبحث بعد ذلك لمبررات لسلوكها...
أن اعتماد أغلبية الأحزاب الكامل على الخارج لكي يحل مشكلة الحرب و السياسة في السودان، هي التي عطلت عقول قيادتها و اتباعهم، و هم لا يعلمون أن الحرب ليست نزهة، أنما الحرب قد طالت ملايين السودانيين في مالهم و ممتلكاتهم و اعراضهم، و أصبح هؤلاء عندهم موقفا سياسيا جديدا بسبب الحرب التي شردتهم، و موقفا من الذين كانوا سببا فيها.. و أيضا هناك المستنفرين و المقاومة الشعبية هؤلاء سوف يدخلوا ساحة العمل السياسي بقوة، تدعمهم مواقفهم و قتالهم مع المواطنين لتأمين مناطقهم.. هذه متغيرات سوف يكون لها أثرا كبيرا في العملية السياسية و مستقبلها في السودان.. و المنطق يقول أن وقف إطلاق الرصاص لا يعني استدباب الأمن في البلاد، و معلوم أن السلاح منتشر في كل بقاع السودان... لذلك الجيش و كل القوات التي شاركت في الحرب عليها أن تجمع أي بندقية خارج المؤسسة العسكرية.. هناك دول جوار أرسلت عشرات الآلاف من المرتزقة للقتال مع الميليشيا هذه الدول شريك مباشر في الحرب، و ستظل تلعب دورا سالبا حتى لا يستقر الأمن في السودان، و هؤلاء لهم عملاء بالداخل، و أيضا الدول الداعمة للميليشيا خارج الإقليم سوف لن توقف مؤامراتها على البلاد، و سوف توظف عملائها بهدف التخريب و التشكيك و حياكة المؤامرات.. كل ذلك يتطلب أن يكون للجيش و أجهزة الأمن دورا كبيرا في العشرة سنين بعد وقف الحرب..
هناك فرق و أختلاف كبير بين سقوط نظام سياسي من قبل الجماهير، و الحوار الذي يجري بين المكونات السياسية و العسكرية بهدف الاتفاق على إدارة الدولة في الفترة الانتقالية، و بين حرب تشنها ميليشيا مدعومة من الخارج و يغذيها بعشرات الآلاف من المرتزقة و السلاح و التشوين، حرب هدمت كل البنيات الأساسية في الدولة، حرب شنت على منازل المواطنين و شردتهم، و مارست الإبادة الجماعية في مناطق دارفور.. الحالة الأولى تتطلب الحكمة و الصبر و الحوار و الاتفاق بين المتحاورين.. و الثانية تتطلب يقظة الجيش و المؤسسات الأمنية و المستنفرين و المقاومة الشعبية و عامة الشعب حتى لا تستمر الحرب مرة أخرى.. هنا يجب أن تؤخذ القضايا بجدية، و التعامل معها بحس عالى.. لكن الثقافة السياسية السائدة في السودان لا يتم نقاش حول حديث أو مقال أو حتى كتاب دون التعرض للكاتب بحثا و تصغيرا و استهزاء بالشخصية، و تناولها سلبا و إيجابا دون أن يقرأ المكتوب، و تبدأ عملية الحرب النفسية على الكاتب و عندما تسأل عن المكتوب يتواروا خجلا أنهم لم يقرأوا.. هذا الإرث الثقافي ألا مبالي، الذي رسخته بعض الأحزاب في المجتمع يعد واحدا من الأسباب التي أضعفت العملية السياسية في البلاد.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
شروط وضوابط الخروج على المعاش المبكر 2024 (إنفوجرافيك)
يسعى العديد من الموظفين للتقديم على المعاش المبكر 2024، والحصول على معاش تأميني قبل وصول سن المعاش القانوني 60 عامًا، وذلك قبل تطبيق سن المعاش المبكر بداية من يناير عام 2025، حيث من المقرر أن يبدأ تفعيل الاشتراطات الجديدة للمعاش المبكر وفقا لقانون التأمينات والمعاشات الذي يتضمن نصوص انتقالية تفعل بعد 5 سنوات من إقرار القانون في 2020، التي يتغير بناء عليها سن الخروج على المعاش المبكر.
شروط وضوابط الخروج على المعاش المبكر 2024 (إنفوجراف)وناقش قانون التأمينات والمعاشات شروط خروج الموظفين على المعاش المبكر 2024 قبل وصول الموظف سن الـ 60، ووفقًا لنص المادة رقم 21 من قانون التأمينات والمعاشات رقم 148، فيجب أن يتوافر للراغب في الخروج على المعاش المبكر مدد اشتراك في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، والتي تُعطي الحق في الحصول على معاش بقيمة لا تقل عن 50% من دخل التسوية الأخير، وبما لا يقل عن 65% من الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني في تاريخ استحقاق المعاش، وفيما يلي نرصد شروط الخروج على المعاش المبكر 2024:
- لا يقل المعاش عن 50% من أجر أو دخل التسوية الأخير.
- لا يقـل عن 65% من الحد الأدنى لأجر الاشتراك في تاريخ استحقاق المعاش.
شروط وضوابط الخروج على المعاش المبكر 2024- تكون مدة الاشتراك 20 سنة فعلية لنهاية 2024.
- تزداد إلى 25 سنة اعتبارا من أول يناير 2025.
- سداد جميع المبالغ المستحقة على المؤمن عليه والخاصة بمدد الاشتراك.
- يمكن التقدم بطلب صرف إذا توافرت هذه الشروط.
اقرأ أيضاًشروط الخروج على المعاش المبكر 2024.. للقطاعين العام والحكومي
التطبيق في هذا الموعد.. رسميا تغيير سن الخروج على المعاش بحكم القانون
قرار تاريخي.. شروط الخروج إلى المعاش المبكر للقطاع العام والخاص