سودانايل:
2025-04-11@08:32:03 GMT

ألامبالاة و الخروج من دائرة السياسة

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

في ليلة من ليالي القاهرة الباردة، أتصل بي محمد الحسن عبد الله يسن، و قال إلي سوف نذهب مشوار سويا انتظرني في الشارع، ربع ساعة و أكون عندك. و بالفعل جاء بعربته سائقا لوحده، و عرفت أن المشوار مهم، و كنت قد ذهبت معه أماكن عديدة و اجتماعات مع عدد من القيادات السياسية و غيرها، و عادة لا اسأله عن وجهته حتى يفصح هو عنها، و بعد تناول عدد من الموضوعات، قال سوف نذهب مصر الجديدة لمقابلة الدكتور منصور خالد.

و بالفعل استقبلنا الدكتور منصور.. و عندما تدخل شقة منصور هناك صالون واسع منقسم إلي أثنين تفصل بينهما مكتب الدكتور منصور عبارة عن "تربيزة مكتب" فوقها يرقد عددا من الكتب بالعربية و أخرى باللغة الانجليزية، و بالقرب منها مقعدين. ذهب منصور مباشرة لمكتبه، و هو يرتدي بدلته و يضع شالا على رقبته... و جلس محمد الحسن في إحدى الكراسي و انا في الأخر.. الحديث كان عن رسالة نقلها أحمد عبد الرحمن القيادي بالحركة الإسلامية لمحمد الحسن، و كنت شاهدا عليها. كان محمد الحسن أراد أن يعرفني بأحمد عبد الرحمن بالقول أحمد في الحسبه هو خالي.. أختصارا للزمن قلت له بعرفه جيدا.. ضحك أحمد و قال أختصر لك الطريق...
كل هذه المقدمة أريد أن أبين الفرق بين رجل سياسي له خبرة و مشوار مليء بالمحطات المهمة في تاريخ العمل السياسي، و يأخذ القضايا بجدية، و أخرين يتعاملوا مع القضايا بنوع من الامبالاة " Indifferent".. جدية منصور لم يجلس معنا في كراسي الصالون و يتناول معنا الشاي و القهوة، ثم يبدأ الحكي. لكنه ذهب مباشرة إلي المكتب متخطي الصالون في منزله لكي يعطي الإحساس بأهمية الحدث، و التعامل معه بجدية.. و استمر النقاش حوالي 45 دقيقة، ثم انتقلنا جلوسا في الصالون.. ألان الغريب في الأمر؛ أن القيادات السياسية تتعامل مع القضايا بنوع من الهرجلة، التي تبين أن تجربتهم السياسية متواضعة، و هي تجربة مناكفات و أركان نقاش و ليس تجربة حكم، و لذلك لا يفرقون بين الجدل العام في الكافتريات و وسائل الاتصال الاجتماعية، و بين جدل مع قيادات قابضة على زمام السلطة في الدولة و يديرون شؤونها..
إذا أخذنا تصريحات الفريق ياسر العطا الأخيرة في مقر قيادة الفرقة الثالثة مشاة، أغلبية المعلقين الذين يناصرون الميليشيا، و الذين هم قيادات في جناحها السياسي، تركوا التصريحات جانبا، و تناولوا شخصية ياسر العطا، رغم أن ياسر العطا يمثل الرقم الثالث في قيادة الجيش و الدولة "مجلس السيادة" و هو أحد القادة الذين أخرجوا المدنيين من السلطة في 25 أكتوبر 2021م، أن أخذ القضايا بالامبالاة، هي التي تضعف عملية التفكير في إيجاد حلول للأزمة السودانية من قبل هؤلاء غير المبالين، و الغريب حتى قضية الحرب هم لا يستطيعون أن يكونوا مؤثرين فيها، و أصحاب قرار في كيفية إنهائها، و لكن ياسر واحدا من صناع القرار فيها.. و مهما كان ياسر غير مقبول عند البعض لكن لا تتعامل مع حديثه بسزاجة. و محاولة للتصغير، هذا السلوك ليس مردود على ياسر، مردود على العقلية التي تتعامل مع القضايا بنوع الاستهزاء، ثم تبحث بعد ذلك لمبررات لسلوكها...
أن اعتماد أغلبية الأحزاب الكامل على الخارج لكي يحل مشكلة الحرب و السياسة في السودان، هي التي عطلت عقول قيادتها و اتباعهم، و هم لا يعلمون أن الحرب ليست نزهة، أنما الحرب قد طالت ملايين السودانيين في مالهم و ممتلكاتهم و اعراضهم، و أصبح هؤلاء عندهم موقفا سياسيا جديدا بسبب الحرب التي شردتهم، و موقفا من الذين كانوا سببا فيها.. و أيضا هناك المستنفرين و المقاومة الشعبية هؤلاء سوف يدخلوا ساحة العمل السياسي بقوة، تدعمهم مواقفهم و قتالهم مع المواطنين لتأمين مناطقهم.. هذه متغيرات سوف يكون لها أثرا كبيرا في العملية السياسية و مستقبلها في السودان.. و المنطق يقول أن وقف إطلاق الرصاص لا يعني استدباب الأمن في البلاد، و معلوم أن السلاح منتشر في كل بقاع السودان... لذلك الجيش و كل القوات التي شاركت في الحرب عليها أن تجمع أي بندقية خارج المؤسسة العسكرية.. هناك دول جوار أرسلت عشرات الآلاف من المرتزقة للقتال مع الميليشيا هذه الدول شريك مباشر في الحرب، و ستظل تلعب دورا سالبا حتى لا يستقر الأمن في السودان، و هؤلاء لهم عملاء بالداخل، و أيضا الدول الداعمة للميليشيا خارج الإقليم سوف لن توقف مؤامراتها على البلاد، و سوف توظف عملائها بهدف التخريب و التشكيك و حياكة المؤامرات.. كل ذلك يتطلب أن يكون للجيش و أجهزة الأمن دورا كبيرا في العشرة سنين بعد وقف الحرب..
هناك فرق و أختلاف كبير بين سقوط نظام سياسي من قبل الجماهير، و الحوار الذي يجري بين المكونات السياسية و العسكرية بهدف الاتفاق على إدارة الدولة في الفترة الانتقالية، و بين حرب تشنها ميليشيا مدعومة من الخارج و يغذيها بعشرات الآلاف من المرتزقة و السلاح و التشوين، حرب هدمت كل البنيات الأساسية في الدولة، حرب شنت على منازل المواطنين و شردتهم، و مارست الإبادة الجماعية في مناطق دارفور.. الحالة الأولى تتطلب الحكمة و الصبر و الحوار و الاتفاق بين المتحاورين.. و الثانية تتطلب يقظة الجيش و المؤسسات الأمنية و المستنفرين و المقاومة الشعبية و عامة الشعب حتى لا تستمر الحرب مرة أخرى.. هنا يجب أن تؤخذ القضايا بجدية، و التعامل معها بحس عالى.. لكن الثقافة السياسية السائدة في السودان لا يتم نقاش حول حديث أو مقال أو حتى كتاب دون التعرض للكاتب بحثا و تصغيرا و استهزاء بالشخصية، و تناولها سلبا و إيجابا دون أن يقرأ المكتوب، و تبدأ عملية الحرب النفسية على الكاتب و عندما تسأل عن المكتوب يتواروا خجلا أنهم لم يقرأوا.. هذا الإرث الثقافي ألا مبالي، الذي رسخته بعض الأحزاب في المجتمع يعد واحدا من الأسباب التي أضعفت العملية السياسية في البلاد.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

وزارة التّربية والتّعليم تبحث مع المدير القُطْري لليونسيف القضايا المتعلّقة باستيعاب الأطفال بالمدارس

التقى الدّكتور أحمد خليفة عمر، المُفَوّض بتسيير أعمال وزارة التّربية والتّعليم الاتّحادية، بمكتبه بالدّامر بالمستر/ شيلدون، المدير القُطْرِي لمنظّمة اليونسيف بالسّودان، وذلك بحضور الأستاذ أحمد حامد أحمد يس، المدير العام لوزارة التّربية والتّعليم بولاية نهر النّيل، الوزير المُكَلّف، إلى جانب عددٍ من قيادات التّعليم بوزارتي التّربية والتّعليم الاتّحادية وولاية نهر النيل.وبحث اللّقاء عدداً من الموضوعات ركّز من خلالها على كيفية وصول الأطفال للمدارس لتلقي خدمة التّعليم والاطمئنان على وجود المعلّمين بالمدارس والعمل على تسليمهم استحقاقاتهم بصورة دوريّة كما ركّز اللّقاء على أهميّة توفير الدّعم النّفسي والاجتماعي للأطفال المتأثرين بالحرب وبث رسائل توعويّة عن طرق السّلامة من مخلّفات الحرب.وأشاد الدكتور أحمد خليفة بالجهود الكبيرة لمنظّمة اليونسيف تجاه دعم برامج التّعليم بالسّودان وقال إن اليونسيف لم تتخلّ عن السّودان في ظل الحرب وحرصت على توصيل صوته للمانحين.وأكد حرص الوزارة الاتحاديّة على التّعامل بشفافيّة مع منظّمة اليونسيف من خلال توفير المعلومات المطلوبة للوصول لبرنامج مشترك من شأنه المساهمة في عودة الأطفال للمدارس بالتّدرّج الذي يضمن حمايتهم .وأضاف المفوّض بتسيير أعمال وزارة التّربية والتّعليم الاتّحاديّة أنّ ملف التّعليم يجد اهتماماً كبيراً من الدّولة مشيراً في هذا الصّدد إلى حرص نائب رئيس مجلس السّيادة على حضور الملتقى التّنسيقي لوزراء التّربية والتعليم بالولايات الذي أبدى اهتماماً كبيراً بتوصيات الملتقى وعلى رأسها الاهتمام باستحقاقات المعلّمين وسداد المتأخرات وزيادة مرتباتهموقال إن ولاية الخرطوم بدأت في سداد المتأخرات شهر بشهر كما هو الحال في عددٍ من الولايات المتأخرة في صرف المرتّبات، كما أشار لاهتمام الوزارة بالتّعليم الإلكتروني وذلك بعمل منصّة لهذا النّوع من التّعليم بالتّنسيق مع وزارة الاتّصالات.وكشف المُفَوّض بتسيير أعمال وزارة التّربية والتّعليم الاتّحادية عن خطّتهم للوصول للمدارس واستيعاب الأطفال من خلال التّعليم الإلكتروني، إلى جانب المنهج المسرّع الخاص بالطّوارئ بالتّركيز على المناطق التي خرج منها الدّعم السّريع بولايات كردفان ودارفور وقال إن الوزارة بحاجة لتدخّل اليونسيف في هذا الإطار في طباعة الكتاب وتدريب المعلّمين.وفيما يتعلّق بامتحانات الشّهادة الثّانويّة لدفعة العام (2024)كشف المُفَوّض عن جملة من التّدابير لاستضافة طلاب الولايات المتأثرة بالحرب بعددٍ من الولايات الآمنة.مشيراً إلى أن موعد إعلان نتيجة امتحانات الشّهادة الثّانويّة للدّفعة المؤجّلة للعام (2023) سيكون في أواخر شهر أبريل الجاري.من جانبة شدّد المدير القُطْري لمنظّمة اليونسيف على أهميّة بث رسائل توعويّة للأطفال والمعلّمين عن طرق السّلامة وتوفير حماية كافية للمدارس مع العمل على ترتيب الأولويات البرامج المرفوعة لمنظّمة اليونسيف في ظل تقليص الدّعم المقدّم من المانحين.وأشاد المدير القُطري لمنظّمة اليونسيف بأداء ولاية نهر النيل واستمرارها في الدّراسة.وأشاد الأستاذ أحمد حامد أحمد يس، وزير التّربية والتّعليم المُكَلّف بولاية نهر النّيل، بالوقفة الكبيرة لمنظّمة اليونسيف والمنظُمات المنضوية تحت مظلّتها من خلال تقديم المعينات التُعليميّة،وتهيئة البيئة المدرسية،والدّعم المباشر المتمثل في المنحة المدرسيّة مما أسهم كثيراً في استقرار العام الدّراسي كأول ولاية يستمر فيها التّعليم بفضل القرار الشجاع لوالي الولاية بفتح المدارس تحت شعار التّعليم لا ينتظر.وقال إن البيئة المدرسيّة للمدارس تأثّرت بسبب الضّغط الكبير عليها بسبب استضافة أكثر من(180) ألف طالبا من الولايات بالمراحل المختلفة، إلى جانب تأثّر عدد من المدارس بسبب السّيول والأمطار.وأضاف الأستاذ أحمد حامد أن الولاية أفلحت في إكمال الدراسة للعامين 2023 و2024 وعقدت الامتحانات للشّهادتين الابتدائية والمتوسّطة لتلاميذ الولاية والتلاميذ الوافدين إلى جانب امتحانات المراكز الخارجيّة، واستضافت امتحانات الشّهادة الثّانويّة للدّفعة المؤجّلة للعام( 2023). ووصل العام الدّراسي (2025) لمنتصفه في ظل حماية تامّة للمدارس .وقال إنّ ولاية نهر النّيل أفلحت في صرف حقوق العاملين بالولاية حتى مرتّب مارس ومنحة عيد الفطر المبارك.فيما طالب الأستاذ مصعب يس محمّد الطّاهر، منسّق المنظّمات بوزارة التّربية والتّعليم بولاية نهر النّيل بالبحث عن مانحين جدد في ظل تقلّص الدّعم حتى يتم توفير المعينات التّعليميّة لكل المدارس.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إلهام أبو الفتح: إستراتيجية صدى البلد الإعلامية تستهدف دعم القضايا الوطنية في مصر وأفريقيا
  • السودان يدعو العالم إلى الخروج من دائرة الصمت والتحرك لتقديم الجناة إلى العدالة
  • توكل تشعل المعركة السياسية: الإصلاح لن يدعم الحرب ضد الحوثي إلا بهذا الشرط
  • زيدان والطالباني يبحثان “القضايا القانونية”
  • مكالمة مسربة بين: حميدتي، ياسر عرمان وخالد سلك !!
  • تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي.. احتمالات حدوث أزمة مالية ورادة
  • تعقيبا على مقال الأستاذ ياسر عرمان .. ورداً على سؤاله لماذا لا يفاوض الجيش ويقاتل في آن واحد ؟ (1-2)
  • وزارة التّربية والتّعليم تبحث مع المدير القُطْري لليونسيف القضايا المتعلّقة باستيعاب الأطفال بالمدارس
  • الحكومة الوطنية تعقد اجتماعاً بشأن القضايا العامة والمسائل الخدمية
  • ما وراء اتساع دائرة رفض الخدمة العسكرية بإسرائيل