تحت لافتة كامل العدد فيلم الطير المسافر..بليغ عاشق النغم": يستعيد ذكريات عبقرية الموسيقار بليغ حمدى بالأوبرا
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
في إطار اهتمام الثقافة المصرية بتقديم فعاليات هادفة تسلط الضوء على رموز الفن والموسيقى واصلت دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد رسالتها التنويرية بالتعاون مع المركز القومى للسينما من خلال ندوة فنية وثقافية بديعة تناولت ذكرى الموسيقار بليغ حمدى، وبدأت بمقدمة عنه ثم بعرض الفيلم التسجيلى "الطير المسافر: بليغ، عاشق النغم" فكرة وسيناريو فايزة هنداوى ومن إخراج حسين بكر أضاء الفيلم جوانب متعددة من حياة بليغ حمدي، مسلطًا الضوء على مسيرته المتميزة وعلاقاته الفنية مع عمالقة الغناء مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ووردة الجزائرية، وعبر مشاهد الفيلم عاش الحضور لحظات من التأمل ، حيث استعرض العمل مراحل تطور بليغ من بداياته كعازف موهوب على آلة العود، إلى أن أصبح أحد أعمدة الموسيقى العربية في القرن العشرين.
وبعد انتهاء العرض انطلقت الندوة التي أدارها الناقد محمود عبد الشكور، وشاركه النقاش كل من الناقدة السينمائية فايزة هنداوى، والدكتور أشرف عبد الرحمن، والصحفي محمد دياب.
حيث شهدت حوارًا عميقًا حول إرث بليغ حمدي الفنى، وكيف شكلت ألحانه جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الموسيقى العربية،ومدى تميزه فى
تقديم الأغنية الوطنية مثل عدى النهار التى عبرت عن حالة الهزيمة دون ذكرها واغينة بسم الله وعلى الربابة وتعبيرهم عن حالة النصر.
وبحضور كامل العدد شهد المسرح الصغير حضور العديد من الشخصيات العامة والفنانين تكريما للموسيقار الراحل. .
كما تضمن الحوار رؤية كلية لتاريخ الموسيقى العربية واجيالها المتعاقبة وصنف بليغ من الجيل الثالث برفقة العمالقة كمال الطويل،والموجى.
مع التأكيد على تأثره الكبير ببيئته المحيطة وقدرته الاستثنائية فى اكتشاف النجوم مثل عفاف راضى وتعاونه مع الابنودى فى تطوير الفلكلور المصرى .
وعلى انغام العود استمتع الحضور الكبير عبر فقرة فنية بباقة من ألحان بليغ حمدى.
ومع نهاية الندوة فتحت التعليقات للسؤال من الجمهور، الذي أبدى اعجابة بكل ماتناولته الندوة التى عبرت بصدق عن ألحان تعيش بيننا وتحكى قصة إبداع لا ينتهى.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الفجر الفني بليغ حمدى الدكتورة لمياء زايد
إقرأ أيضاً:
عبقرية سعد!!
قلنا فى الأسبوع الماضى، إن ذكرى عيد الجهاد قد تركت لنا دروسًا لا يمكنُ أن تُنسى أو تُمحى أبد الدهر، مثل ظهور فكرة الوطنية المصرية الجامعة، وأن الوفد فكرة غير قابلة للتكرار ولايمكن أن تنجح محاولات استنساخها، وأن ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول نجحت فى تصحيح أخطاء الثورات السابقة، وأنها حققت إنجازًا كبيرًا للمرأة المصرية التى خرجت من حصارها إلى المجتمع الرحب تعمل وتنتج وتناقش وتشارك وتثور، واخيرًا عرفنا أن سعدًا كان زعيمًا لا يتكرر، فقد انحاز للشعب فانحاز الشعب له.
ولكن من ضمن عبقريات هذه المرحلة، هو تجاوزها لكل معوقات الاتصال ونجاحها فى الوصول لكل المصريين بسهولة منقطعة النظير.
قطعًا.. تستطيع أنت الآن خلال جلوسك فى منزلك، أن تقرأ معلومات كثيرة عن أسباب انطلاق ثورة 1919، سوف تعرف تفاصيل دقيقة اجتهد غيرك فى الحصول عليها من خلال الوثائق التى تسجل يوميات الثورة، من خلال مستندات أو كتب راقب أصحابها الأحداث عن كثب، وكانوا شهود عيان على الثورة الأم، وبروز اسم زعيمها الأول سعد زغلول، الذى دارت حوله الأساطير فى زمن لم يعرف وسائل الاتصال الحالية، ولم يعرف سرعة التواصل مع الجماهير عبر الإنترنت أو التليفزيون أو حتى الإذاعة التى لم تظهر إلا بعد اندلاع الثورة بسنوات!
كان الوقت الذى ظهر فيه سعد، وقتًا يبحث فيه الناس عن زعيم يخلصهم من الاحتلال، وقائد يثقون فيه ولا يندمون على أتباعه، فكان سعد الذى هزم كل وسائل الاتصال، فلم تكن جماهيره تمتلك هاتفًا محمولًا، ولم تعرف سوى نقل المعلومة بطريق مباشر من شخص إلى آخر، وكانت الصحف المطبوعة هى أقصى قدرات عالم الاتصالات فى بلد كانت الأمية تسيطر على نسبة كبيرة من أبنائه، فكان المتعلمون ينقلون المعلومة بأنفسهم لمن هم دون القدرة على القراءة، ورغم ذلك تمكن سعد زغلول من صنع أسطورة لا تتكرر بسهولة، ومن ضمن الأساطير التى اقترنت باسم سعد، ما قيل حول تأكيده عدم جدوى مقاومة الاحتلال، وهى قصة غير حقيقية، روجها الإنجليز وأعداء الثورة، للنيل من سعد وثورته، وحزبه! فقد كان الاحتلال يعلم أن أى كلمة تخرج من فم سعد.. يصدقها الناس.. فاستغلوا جملة قالها وقاموا بترويجها لنشر الإحباط بين الناس!!
إذن ما هى القصة الحقيقية لانطلاق هذه المقولة؟ الحقيقة أن سعد زغلول لم يكن رجلًا يائسًا بل كان مناضلًا لا يتوقف عن الكفاح من أجل وطنه وحريته ولذلك لا نجد صحة المقولة التى يرددها المصريون على لسانه عندما قال «مفيش فايدة» فهى دعوة لليأس لم يطلقها سعد من أجل العمل الوطنى ولكنه كان يقصد أن حياته انتهت بعدما سيطر عليه المرض، فقد اشتد عليه وبات على يقين بأنه هالك لا محالة فقال لزوجته صفية زغلول وهى تحاول إعطاءه الدواء، مفيش فايدة، وتناقلها المصريون على أنه يعنى أن الإنجليز لن يخرجوا من مصر، فقد كانت مقولة سعد يتم تداولها بسرعة البرق وساعد الإنجليز على تدعيم فكرة نشر المعنى السلبى للمقولة ولكن سعد لم يكن يقصد إلا نفسه وقد مات فعلًا بعدها بأيام ليبقى رمزًا وطنيًا علم الناس معنى الثورة حتى أنه أصبح نموذجًا للثائر المصرى الذى لا تموت ذكراه مع جسده، بل ظل علامة فى التاريخ والوجدان والذاكرة المصرية.
كان سعد أستاذا للثورة بمفهومها الواسع، ثورة ضد الظلم، وضد الفقر، وفى مواجهة الجهل، باقتصاد قوى ومؤسسات علمية راسخة وحريات لا تتوقف إلا عندما تصطدم بحقوق الآخرين، وكان يهدف من وراء الثورة عملًا ومستقبلًا لا يهتز، وتماسكًا وطنيًا لا يصاب بشرخ، ويدًا تبنى لا تهتز، فهو أستاذ الثورة وعلمها ونموذجها الأكثر شهرة وبقاءً فى وطن عرف الثورة بعده بما يقرب من مائة عام!
سعد زغلول، قيادة نادرة، تمكن من تعليم الشباب كيف يثورون على الظلم والطغيان، وكيف يقولون للسلطان الذى أصبح ملكًا، ويقولون للاحتلال الذى استغل موارد البلاد، نحن أصحاب البلد، أو كما قال لهم يومًا: «إنكم أنبل الوارثين لأقدم مدنية فى العالم وقد حلفتم أن تعيشوا أحرارًا أو تموتوا كرامًا»، كان يقوم بتدريس الحرية فى كل كلمة، فكان أستاذًا لمنهج جديد يدق باب الوطن اسمه «الليبرالية» فكان نتاج هذه المرحلة ظهور قيادات تاريخية فى الاقتصاد فكانت شخصية أحمد عبود باشا وطلعت حرب الاقتصادى العظيم، وقيادات تاريخية فى الفن مثل سيد درويش ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم ونجيب الريحانى، وأسماء لا تنُسى فى السياسة والأدب والعلوم!
لابد أن تقرأ تاريخ الوفد لتعرف أنه تأسس على يد زعيم عظيم، وأن زعيمه عرفه الناس بوسائل اتصال بدائية، واستمر لمدة مائة عام قائمًا ومستمرًا وثابتًا لأنه حفر اسمه فى كتب التاريخ، ولذلك سيبقى -بأبنائه المؤمنين بأفكاره المتشبعين بمبادئه- حزبًا معبرًا عن أمة تستحق أن تعيش وبلدًا يجب أن يكون فى المقدمة!