في قلب بيروت، حيث تتلاقى الحكايات بين الماضي والحاضر، كانت الاسواق تحتل مكانة خاصة في نسيج الحياة الاقتصادية. لم تكن أسواق بيروت مجرد ممرات تصطف على جانبيها المحال التجارية، بل كانت عالماً نابضاً بالحياة يعكس الروح التجارية للبنانيين. كانت تلك الأسواق، خاصة في وسط المدينة، تزخر بأرقى العلامات التجارية المحلية والعالمية، لتصبح ملتقى للتجار والمتسوقين من جميع الفئات.

تميزت العاصمة بين دول المنطقة بقدرتها على استقطاب أهم العلامات التجارية، لتكون مركزاً للموضة ومنطلقاً لأبرز الصيحات، سواء كانت لبنانية أو أجنبية.    ومنذ انفجار مرفأ بيروت لم تعد أسواق بيروت كما كانت، إذ انخفضت نسبة الإقبال، وساهم التراجع الإقتصادي بضرب الأعمال، ومع تفاقم الأزمات، اتخذت العديد من العلامات التجارية قرار إقفال أعمالها في لبنان إلى أجل غير مسمى، ريثما تتحسن الأوضاع نوعًا ما، لتأتي الحرب، وتقضي على آمال ثمينة، كانت قد ظهرت خلال صيف 2023، مع استعادة لبنان لدوره التاريخي كمقصد أساسي للسياح العرب بالدرجة الأولى، وأوروبا والعالم بمجمله أيضًا.  
تاريخ أسواق بيروت
من هنا، وعلى الرغم من الأزمات، ظلت أسواق بيروت قادرة على حجز مكانة خاصة لنفسها على صعيد عالم الأعمال والتسويق منذ انطلاقتها عام 2010، وسرعان ما أصبحت القلب النابض للمدينة ووجهة التسوق الرئيسية في لبنان.
 
ومن خلال استراتيجيات التسويق الناجحة والمزيج المثالي من المتاجر والأنشطة الترفيهية، شهدت أسواق بيروت إقبالًا واسعًا من الزوار. ولعبت دورًا مهما في دعم الاقتصاد اللبناني، خاصةً خلال فترة الازدهار السياحي قبل الأزمة الاقتصادية في لبنان، حيث كانت أسواق بيروت تتمتع بحيوية كبيرة وشغلت دورًا مركزيًا في حياة العاصمة، وكانت مقصدًا لطبقات المجتمع المختلفة، من الباحثين عن التسوق إلى رواد الأعمال والسياح.  
انفجار مرفأ بيروت المشؤوم هو الذي تسبب بأكبر قدر من الضرر، مما أدى إلى إغلاق العديد من المتاجر والمحلات. وتزامنت هذه الفترة مع آفة كورونا وتحديات اقتصادية كبيرة، تفاقمت بسبب تأخر شركات التأمين في الاستجابة لمسؤوليتها من المطالبات. فما كان على إدارة أسواق بيروت الا المباشرة بالتصليحات على نفقتها، حيث صمدت ولم تغلق أبوابها أبدًا وواصل عدد من المستأجرين التواجد فيها. كما استمر المغتربون والسياح في زيارتها. وعلى الرغم من التحديات، لم تخضع الأسواق لإرادة الحرب، إذ قرّرت الإدارة الإستمرار في المواجهة، والعمل على تخطي الصعاب من خلال خطط من شأنها أن تسهم باستعادة الاسواق لدورها.  
خطط لاستعادة رونق الأسواق
من هنا، يشير مدير عام أسواق بيروت الأستاذ أديب النقيب إلى أنّ "أسواق بيروت كانت قد خططت لإطلاق مبدئي في النصف الأول من عام 2024، وقد تم تأجير أكثر من 80 % من المساحات المتاحة بنجاح وحاليًا الأسواق في مرحلة إعادة الإطلاق التدريجي ليشمل حوالي 150 متجراً". وأضاف خلال اتصال عبر "لبنان24" أنّه "على الرغم من أن بعض المستأجرين قد أبطأوا جهود التجديد مؤقتًا خلال الأشهر الـ 11الماضية، إلا أنهم لم يتوقفوا تماما عن العمل. في الواقع، شهدنا افتتاحات مستمرة منذ بداية العام، وهناك حاليا 40% من العلامات التجارية التي لا تزال تستكمل أعمالها، بما في ذلك علامات بارزة في عالم الموضة والتجميل مثل: Sock, Salute, Project No.7, Diesel, Emporio Armani, Niketown, MAC, KIKO, BOGGI, LACOSTE, Twinset, و True Religion. بالإضافة إلى محلات الساعات الفاخرة مثل IWC Schaffhausen Boutique، ومحلات المجوهرات مثل Tabbah.  
وعن العمل داخل الأسواق أشار النقيب إلى أن حوالي 45% من مساحة الأسواق قيد التجديد والتجهيز، والتي يتم العمل فيها على الديكور والتأثيث، بالاضافة الى حوالي 15% من المساحة يجري التفاوض بشأنها مع المستثمرين. وأكّد النقيب لـ"لبنان24" حرص الإدارة على الاستمرارية لناحية تمييز أسواق بيروت، إذ أشار إلى أنّه "حرصنا على استقطاب علامات عالمية وحصرية لأسواق بيروت، مثل Nike ، "ALO Yoga Town" ، النادي الليلي "The Giving Movement" ، و"Raspoutine"، بالإضافة إلى متجر "Zara" الرئيسي مع "Zara Café"، وهناك بعض المطاعم العالمية كمطعم "Eataly" وأخرى سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق.  
أضاف:" نحن نستعد لبداية ديناميكية ومزدهرة حيث ستكون أسواق بيروت محركًا رئيسيًا لإعادة إحياء اقتصاد المدينة، وستجذب المزيد من الاستثمارات وتوفر فرص عمل جديدة.. نحن متفائلون بأن أسواق بيروت ستتحول إلى المركز التجاري الرائد في قلب العاصمة والوجهة الأولى لكل شرائح المجتمع ومختلف الميزانيات وذلك بفضل ميزاته الفريدة كمنطقة تسوق مفتوحة والتي توفر مساحة واسعة للأطفال للاستمتاع بالنشاطات الخارجية وتمكّن الزوار من جميع الأعمار من الاسترخاء والتسوق والتنزه وتناول الطعام في مكان واحد، بالاضافة الى أنها مساحة صديقة للحيوانات الأليفة". ولفت النقيب إلى أنّه "من خلال تعزيز حضورنا على وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنا من زيادة وعي المستهلكين بالأنشطة المستمرة وافتتاح المتاجر الجديدة في أسواق بيروت، نتيجة لذلك يأتي المستهلكون لمتابعة ما يحدث، وقد أفاد المستأجرون الحاليون بزيادة النشاط التجاري والمبيعات".  
مستقبل الأسواق
وعن التطلعات المستقبلية قال النقيب أنّه "مع استمرارنا في إعادة الإطلاق التدريجي لأسواق بيروت نحرص على تقديم تجربة استثنائية تفوق كل التوقعات، مؤكدين التزامنا العميق تجاه جميع من ينتظرون بشغف عودة الأسواق إلى قلب العاصمة. نحن على يقين بأن أسواق بيروت ستستعيد دورها كمركز حيوي نابض بالحياة وستكون الوجهة الرئيسية التي تقدم مجموعة متنوعة من العروض التي تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع"، لافتا إلى "أن الإدارة تسعى إلى أن تصبح أسواق بيروت منصة تعزز النسيج الاجتماعي والثقافي للمدينة، وتكون ملتقى يجمع الناس، وهذا ما دفعها إلى اختيار نسيج متنوع من المستأجرين لضمان توفير تجربة تسوق وترفيه مميزة وفريدة، بحيث يجد كل زائر ما يناسبه، سواء كان للتسوق أو للاستمتاع بالأجواء الحيوية للمدينة".   واعدًا اللبنانيين بأن الحياة ستعود إلى الاسواق كما كانت، أكّد مدير عام اسواق بيروت أديب النقيب لـ"لبنان24" أن "إيماننا بوسط العاصمة كان دائمًا المحرك الأساسي وراء جهودنا لإعادة إحياء قلب بيروت. فالعاصمة يجب ان تكون القلب النابض والوجهة الرئيسية التي تجمع المواطنين والزوار والسياح، ولا يمكن لأي عاصمة أن تزدهر دون أن تكون نابضة بالحياة. نحن ندرك تمامًا حجم التحديات التي قد تعرقل الإطلاق الذي نأمل فيه، لكننا قمنا باتخاذ مجموعة من التدابير لتوفير بيئة إيجابية ومستدامة".  
وختم كلامه قائلاً:" سنبقى متفائلين في مواجهة هذه التعقيدات، ونتعامل معها بروح إيجابية، مستمدين قوتنا من العزيمة الصلبة التي يتمتع بها الشعب اللبناني، الذي لطالما أبدى إصرارًا على التقدم ومواجهة الصعاب، ونحن ملتزمون بالسير على هذا النهج، مؤمنين بأننا قادرون على تخطي التحديات وعدم الاستسلام". المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: العلامات التجاریة إلى أن

إقرأ أيضاً:

سلطات الداخلة تشدد الرقابة على أسواق السمك وتتصدى للمضاربة في الأسعار

زنقة20| علي التومي

أصدر والي جهة الداخلة – وادي الذهب تعليمات مشددة للجهات المعنية بضرورة ضبط أسعار الأسماك في الأسواق المحلية، في إطار جهود السلطات لضمان استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

كما شدد والي الداخلة علي خليل على ضرورة تعزيز الرقابة داخل الأسواق، مع تحديد أوقات التصريح وتسويق المصطادات بين الساعة العاشرة صباحًا والرابعة بعد الظهر، بهدف الحد من العشوائية وتحقيق توازن بين العرض والطلب.

وفي هذا السياق، أكد الكاتب العام لولاية الجهة، خلال لقاء جمعه بتجار السمك المحليين، التزام السلطات باتخاذ إجراءات صارمة للحد من المضاربة وضمان شفافية المعاملات التجارية.

وأوضح المسؤول الولائي،أن الولاية تعمل على تنظيم القطاع ومراقبة مسار البيع والتوزيع، بما يضمن حقوق التجار ويحمي المستهلكين من الارتفاع غير المبرر للأسعار.

كما شدد ذات المسؤول، على أن السلطات ستتابع عن كثب وضعية الأسواق، مع اتخاذ التدابير اللازمة لقطع الطريق على المضاربين الذين يسعون إلى استغلال العرض والطلب لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

ويأتي هذا التدخل لسلطات الداخلة، استجابةً لشكاوى المهنيين الذين طالبوا بتشديد المراقبة وضمان عدالة المنافسة داخل أسواق السمك بالجهة، التي تعد واحدة من أهم مراكز الصيد البحري بالمملكة.

هذا، ومن المتوقع أن تسهم هذه الإجراءات في تعزيز الشفافية وضمان وصول المنتجات البحرية إلى المواطنين بأسعار معقولة، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والمواد الغذائية خاصة خلال هءا الشهر الفضيل.

مقالات مشابهة

  • محافظ قنا يتفقد السلاسل التجارية بشكل مفاجئ لمتابعة توافر السلع واستقرار الأسعار
  • أسواق الرياض الشعبية .. تقاطع الثقافة والتقاليد في رمضان
  • سلطات الداخلة تشدد الرقابة على أسواق السمك وتتصدى للمضاربة في الأسعار
  • مسؤول في الغرفة التجارية مصراتة يكشف ارتفاع الأسعار وفشل حكومة الوحدة في ضبط الأسواق
  • أسواق حائل الشعبية.. حلة تراثية رمضانية تثري زوارها
  • الأسواق تنتعش عشية رمضان .. ولا ارتفاعات بالأسعار
  • استعدادًا لشهر رمضان.. انتعاش الأسواق والمراكز التجارية في الرياض
  • أسواق المدينة المنورة قبيل رمضان.. حركة تجارية نشطة وأجواء روحانية مميزة
  • انتعاش الأسواق والمراكز التجارية بالرياض مع اقتراب رمضان
  • إقبال متزايد على أسواق الماشية بجازان مع دخول رمضان