علامات تجارية ورجال أعمال عادوا إلى بيروت.. أسواقها تنتعش وخطط واعدة
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
في قلب بيروت، حيث تتلاقى الحكايات بين الماضي والحاضر، كانت الاسواق تحتل مكانة خاصة في نسيج الحياة الاقتصادية. لم تكن أسواق بيروت مجرد ممرات تصطف على جانبيها المحال التجارية، بل كانت عالماً نابضاً بالحياة يعكس الروح التجارية للبنانيين. كانت تلك الأسواق، خاصة في وسط المدينة، تزخر بأرقى العلامات التجارية المحلية والعالمية، لتصبح ملتقى للتجار والمتسوقين من جميع الفئات.
تميزت العاصمة بين دول المنطقة بقدرتها على استقطاب أهم العلامات التجارية، لتكون مركزاً للموضة ومنطلقاً لأبرز الصيحات، سواء كانت لبنانية أو أجنبية. ومنذ انفجار مرفأ بيروت لم تعد أسواق بيروت كما كانت، إذ انخفضت نسبة الإقبال، وساهم التراجع الإقتصادي بضرب الأعمال، ومع تفاقم الأزمات، اتخذت العديد من العلامات التجارية قرار إقفال أعمالها في لبنان إلى أجل غير مسمى، ريثما تتحسن الأوضاع نوعًا ما، لتأتي الحرب، وتقضي على آمال ثمينة، كانت قد ظهرت خلال صيف 2023، مع استعادة لبنان لدوره التاريخي كمقصد أساسي للسياح العرب بالدرجة الأولى، وأوروبا والعالم بمجمله أيضًا.
تاريخ أسواق بيروت
من هنا، وعلى الرغم من الأزمات، ظلت أسواق بيروت قادرة على حجز مكانة خاصة لنفسها على صعيد عالم الأعمال والتسويق منذ انطلاقتها عام 2010، وسرعان ما أصبحت القلب النابض للمدينة ووجهة التسوق الرئيسية في لبنان.
ومن خلال استراتيجيات التسويق الناجحة والمزيج المثالي من المتاجر والأنشطة الترفيهية، شهدت أسواق بيروت إقبالًا واسعًا من الزوار. ولعبت دورًا مهما في دعم الاقتصاد اللبناني، خاصةً خلال فترة الازدهار السياحي قبل الأزمة الاقتصادية في لبنان، حيث كانت أسواق بيروت تتمتع بحيوية كبيرة وشغلت دورًا مركزيًا في حياة العاصمة، وكانت مقصدًا لطبقات المجتمع المختلفة، من الباحثين عن التسوق إلى رواد الأعمال والسياح.
انفجار مرفأ بيروت المشؤوم هو الذي تسبب بأكبر قدر من الضرر، مما أدى إلى إغلاق العديد من المتاجر والمحلات. وتزامنت هذه الفترة مع آفة كورونا وتحديات اقتصادية كبيرة، تفاقمت بسبب تأخر شركات التأمين في الاستجابة لمسؤوليتها من المطالبات. فما كان على إدارة أسواق بيروت الا المباشرة بالتصليحات على نفقتها، حيث صمدت ولم تغلق أبوابها أبدًا وواصل عدد من المستأجرين التواجد فيها. كما استمر المغتربون والسياح في زيارتها. وعلى الرغم من التحديات، لم تخضع الأسواق لإرادة الحرب، إذ قرّرت الإدارة الإستمرار في المواجهة، والعمل على تخطي الصعاب من خلال خطط من شأنها أن تسهم باستعادة الاسواق لدورها.
خطط لاستعادة رونق الأسواق
من هنا، يشير مدير عام أسواق بيروت الأستاذ أديب النقيب إلى أنّ "أسواق بيروت كانت قد خططت لإطلاق مبدئي في النصف الأول من عام 2024، وقد تم تأجير أكثر من 80 % من المساحات المتاحة بنجاح وحاليًا الأسواق في مرحلة إعادة الإطلاق التدريجي ليشمل حوالي 150 متجراً". وأضاف خلال اتصال عبر "لبنان24" أنّه "على الرغم من أن بعض المستأجرين قد أبطأوا جهود التجديد مؤقتًا خلال الأشهر الـ 11الماضية، إلا أنهم لم يتوقفوا تماما عن العمل. في الواقع، شهدنا افتتاحات مستمرة منذ بداية العام، وهناك حاليا 40% من العلامات التجارية التي لا تزال تستكمل أعمالها، بما في ذلك علامات بارزة في عالم الموضة والتجميل مثل: Sock, Salute, Project No.7, Diesel, Emporio Armani, Niketown, MAC, KIKO, BOGGI, LACOSTE, Twinset, و True Religion. بالإضافة إلى محلات الساعات الفاخرة مثل IWC Schaffhausen Boutique، ومحلات المجوهرات مثل Tabbah.
وعن العمل داخل الأسواق أشار النقيب إلى أن حوالي 45% من مساحة الأسواق قيد التجديد والتجهيز، والتي يتم العمل فيها على الديكور والتأثيث، بالاضافة الى حوالي 15% من المساحة يجري التفاوض بشأنها مع المستثمرين. وأكّد النقيب لـ"لبنان24" حرص الإدارة على الاستمرارية لناحية تمييز أسواق بيروت، إذ أشار إلى أنّه "حرصنا على استقطاب علامات عالمية وحصرية لأسواق بيروت، مثل Nike ، "ALO Yoga Town" ، النادي الليلي "The Giving Movement" ، و"Raspoutine"، بالإضافة إلى متجر "Zara" الرئيسي مع "Zara Café"، وهناك بعض المطاعم العالمية كمطعم "Eataly" وأخرى سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق.
أضاف:" نحن نستعد لبداية ديناميكية ومزدهرة حيث ستكون أسواق بيروت محركًا رئيسيًا لإعادة إحياء اقتصاد المدينة، وستجذب المزيد من الاستثمارات وتوفر فرص عمل جديدة.. نحن متفائلون بأن أسواق بيروت ستتحول إلى المركز التجاري الرائد في قلب العاصمة والوجهة الأولى لكل شرائح المجتمع ومختلف الميزانيات وذلك بفضل ميزاته الفريدة كمنطقة تسوق مفتوحة والتي توفر مساحة واسعة للأطفال للاستمتاع بالنشاطات الخارجية وتمكّن الزوار من جميع الأعمار من الاسترخاء والتسوق والتنزه وتناول الطعام في مكان واحد، بالاضافة الى أنها مساحة صديقة للحيوانات الأليفة". ولفت النقيب إلى أنّه "من خلال تعزيز حضورنا على وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنا من زيادة وعي المستهلكين بالأنشطة المستمرة وافتتاح المتاجر الجديدة في أسواق بيروت، نتيجة لذلك يأتي المستهلكون لمتابعة ما يحدث، وقد أفاد المستأجرون الحاليون بزيادة النشاط التجاري والمبيعات".
مستقبل الأسواق
وعن التطلعات المستقبلية قال النقيب أنّه "مع استمرارنا في إعادة الإطلاق التدريجي لأسواق بيروت نحرص على تقديم تجربة استثنائية تفوق كل التوقعات، مؤكدين التزامنا العميق تجاه جميع من ينتظرون بشغف عودة الأسواق إلى قلب العاصمة. نحن على يقين بأن أسواق بيروت ستستعيد دورها كمركز حيوي نابض بالحياة وستكون الوجهة الرئيسية التي تقدم مجموعة متنوعة من العروض التي تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع"، لافتا إلى "أن الإدارة تسعى إلى أن تصبح أسواق بيروت منصة تعزز النسيج الاجتماعي والثقافي للمدينة، وتكون ملتقى يجمع الناس، وهذا ما دفعها إلى اختيار نسيج متنوع من المستأجرين لضمان توفير تجربة تسوق وترفيه مميزة وفريدة، بحيث يجد كل زائر ما يناسبه، سواء كان للتسوق أو للاستمتاع بالأجواء الحيوية للمدينة". واعدًا اللبنانيين بأن الحياة ستعود إلى الاسواق كما كانت، أكّد مدير عام اسواق بيروت أديب النقيب لـ"لبنان24" أن "إيماننا بوسط العاصمة كان دائمًا المحرك الأساسي وراء جهودنا لإعادة إحياء قلب بيروت. فالعاصمة يجب ان تكون القلب النابض والوجهة الرئيسية التي تجمع المواطنين والزوار والسياح، ولا يمكن لأي عاصمة أن تزدهر دون أن تكون نابضة بالحياة. نحن ندرك تمامًا حجم التحديات التي قد تعرقل الإطلاق الذي نأمل فيه، لكننا قمنا باتخاذ مجموعة من التدابير لتوفير بيئة إيجابية ومستدامة".
وختم كلامه قائلاً:" سنبقى متفائلين في مواجهة هذه التعقيدات، ونتعامل معها بروح إيجابية، مستمدين قوتنا من العزيمة الصلبة التي يتمتع بها الشعب اللبناني، الذي لطالما أبدى إصرارًا على التقدم ومواجهة الصعاب، ونحن ملتزمون بالسير على هذا النهج، مؤمنين بأننا قادرون على تخطي التحديات وعدم الاستسلام". المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العلامات التجاریة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
اليوم أعلن ترمب الحرب الأقتصادية علي جميع دول العالم وفرض جمارك باهظة علي صادراتها للولايات المتحدة، وهي أكبر سوق في العالم. هذه الجمارك تهز الأقتصاد العالمي، وتربك سلاسل الإمداد وتضرب أسواق أمال العالمية. واهم من ذلك إنها تهدد بتدمير معمار النظام الإقتصادي العالمي الذى ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وكل هذا ستترتب عليه تحولات جيوسياسية جديدة وتسريع لديناميات أخري ولدت قبل إعلان ترمب الحرب الأقتصادية علي الجميع.
ولكن سياسات ترمب أيضا سيكون لها أثار سلبية باهظة علي الإقتصاد الأمريكي مثل إرتفاع معدلات التضخم، وازدياد العزلة الدولية لأمريكا وتراجع أهمية الدولار حول العالم.
فيما يختص بالسودان، قرارات ترمب لا تاثير لها لانه فرض جمارك علي صادرات السودان جمارك بنسبة ١٠% ولن تؤثر هذه النسبة لا في حجم الصادرات ولا علي أسعارها لان تلك الصادرات أصلا قليلة القيمة في حدود ١٣،٤ مليون دولار في العام السابق، أكثر من ٩٠% منها صمغ لا بديل له والباقي حرابيش حبوب زيتية . كما أن السلع المصدرة لا توجد بدائل لها بسعر أرخص إذ أنها أصلا رخيصة ولا تتمتع بمرونة في السعر ولا الطلب.
كما أن إهتزاز أسواق المال والبورصات وقنوات التمويل الدولي لا تاثير لهم علي السودان لانه أصلا خارج هذه الأسواق وخارج سوق المعونات.
ولكن هذه ليست نهاية القصة لان توجهات ترمب الأقتصادية والسياسية تدفن النظام العالمي القديم وتسرع من وتائر تحولات جديدة في غاية الأهمية. وبلا شك فان موت النظام القديم وميلاد نظام جديد وفوضى الإنتقال سيكون لها تاثير سياسي وإقتصادي علي السودان بسبب تبدل البيئة الدولية التي يعمل فيها السودان السياسي والاقتصادي. ولكن هذه التحولات المضرة لن يتأذى منها السودان مباشرة بل ربما يستفيد منها لو أحسن قادته.
علي سبيل المثال النظام الجديد سيكون متعدد الأقطاب وستنتهي فيه الهيمنة الغربية الأحادية وستزداد مجموعة البريكس أهمية وستزداد أهمية تكتلات أقتصادية أخري أخري في الجنوب العالمي مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وفي أمريكا اللاتينية السوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور)، وفي المستقبل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية . وجود كل هذه البدائل كشركاء أقتصاديين/تجاريين/سياسيين محتملين يتيح للسودان هامش للمناورة وإمكانية الحصول علي شروط أفضل في تعاطيه الأقتصادي والسياسي مع العالم الخارجي.
ولكن الإستفادة من هذه التحولات يحتاج لرجال ونساء يجيدون صنعة الدولة ولا يقعون في فخاخ ألحس كوعك علي سنة البشير ولا الانبطاح غير المشروط كما حدث في الفترة الإنتقالية التي أعقبت سقوط نظام البشير.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب