بيت لحم– تلقت قرية المالحة في برية زعترة قرب مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية منذ أيام إخطارات إسرائيلية تقضي بهدم 10 منازل فيها، في خطوة وصفت بأنها الأخطر، ليس لأنها تأتي في مرحلة يعيش فيها الفلسطينيون كل أشكال التهجير والتدمير على يد الاحتلال فحسب، بل لأنها تنسف الوجود الفلسطيني وخاصة بمناطق "ب"، وتقضي على حلم الفلسطينيين وآمالهم في العيش بأمان.

إلى 18 يوليو/تموز الماضي يعود قرار الهدم بمناطق "ب"، ووقع قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال اللواء آفي بلوت -وفق ما ذكرته القناة السابعة الإسرائيلية آنذاك- على أوامر تنفيذية لهدم المباني الفلسطينية في المالحة وتقييد بناء منازل جديدة.

ظهرت التقسيمات المناطقية والإدارية للضفة الغربية بمسميات "أ" و"ب" و"ج" أو "سي" كأحد أبرز مخرجات اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين وإسرائيل عام 1993، وظلت الأكثر حضورا بينهم بحكم معايشتهم اليومية لها.

وأعطى الاتفاق السلطة الفلسطينية التي انبثقت عنه أيضا صلاحيات للعمل في مناطق "أ" إداريا وأمنيا، و"ب" إداريا للفلسطينيين وأمنيا تخضع لإسرائيل، مع سيطرة إسرائيلية كاملة على مناطق "ج".

وتقدر مناطق "أ" بنحو 21% من مساحة الضفة الغربية (والتي تبلغ حوالي 5800 كيلومتر مربع) ومناطق "ب" بـ18.4% ويعيش فيها أكثر من 90% من الفلسطينيين وعليها يعلقون آمالهم في الثبات بما تبقى من أرضهم، في حين تزيد مناطق "ج" عن 61% من إجمالي مساحة الضفة ويعيش بها 10% من الفلسطينيين تقريبا.

مناطق شرق بيت لحم التي يستهدفها الاحتلال بإجراءاته العسكرية (الجزيرة) التهجير من أوسع أبوابه

وباستهدافها مناطق "ب" في قرية المالحة تكون إسرائيل قد دقت أول مسمار في نعش التهجير الفعلي للفلسطينيين خارج وطنهم، أو تكديسهم في ظروف قاهرة وضاغطة ليصلوا بنهاية المطاف للخيار المر نفسه، بعد أن أحكمت قبضتها على مناطق "ج" وطردت سكانها وقيَّدت وجود من تبقى بشروط وإجراءات عسكرية أرهقتهم.

وبفزع كبير تلقى أهالي المالحة إخطارات هدم منازلهم والتي ظنوا أنهم سيكونون بمأمن منها في ظل اعتداءات الاحتلال وانتهاكاته بحق الفلسطينيين، وباشروا باعتراضهم وإجراءاتهم القانونية ضد القرار الإسرائيلي، وتظاهروا رفضا له.

رئيس مجلس قرية المالحة مراد جدَّال قال إنهم يواجهون "خطة الضم والتوسع" الإسرائيلية على أرض الواقع، ويتحدّون خطة سياسية متطرفة تقوم على سحب الصلاحية الفلسطينية بكل المناطق وهدم كل الاتفاقات الموقعة "وهدم أوسلو بأكمله".

ويقول جدال للجزيرة نت "ما لم يتم التصدي له، سيوسع الاحتلال قراراته في مناطق (ب)، وليس الهدف 10 منازل من أصل 450 بيتا في قرية المالحة، بل يستهدف المحمية بأكملها، ثم ينتقل بالنهج ذاته ليصل إلى مناطق (أ)".

المحميات والآثار

وعام 1997 أفرز اتفاق واي ريفر برية بيت لحم كمحمية طبيعية للفلسطينيين، تقدر بـ3% (167 كيلومترا مربعا) من الضفة الغربية، وتمتد من جنوب القدس وحتى شمال الخليل مرورا بشرق بيت لحم.

وعبر أمرين اثنين استهدف الاحتلال مناطق "ب"، ومحمياتها الطبيعية كبرية بيت لحم، بسحب صلاحيات السلطة التخطيطية ومنعها من منح تراخيص بناء جديدة وهدم المبني بها، إضافة للمباني القريبة من المواقع الأثرية بمناطق "ب" والمقدرة بحوالي 600 موقع.

ويدق الاحتلال بهذا الإجراء، وفق مسؤول التوثيق بهيئة مقاومة الجدار والاستيطان (جهة رسمية) أمير داود، ناقوس "الخطر والدمار معا" على مستويين: الأول جيوسياسي، إذ يمنع قيام دولة فلسطينية على جغرافيا ممزقة ومسيطر عليها. الثاني، يعدم الأمل بشأن فكرة الدولة في الذهن الجمعي الفلسطيني، ليزج بالوجود الفلسطيني في مربعات على شكل جزر وتكتلات سكنية مكتظة داخل المدن وبلا تواصل جغرافي.

ويقول داود "هم قتلوا الفلسطيني، فهل يعجزهم أن يأخذوا أرضه؟! نحن أمام مخطط وضعه سموتريتش عام 2017 وأطلق عليه مخطط الحسم، وفيه إما أن يبقى الفلسطيني خاضعا وإما يهاجر وإما يُقتل إذا رفض".

وبإجراءاته تلك، مسح الاحتلال، وفق داود، كل أساس بني عليه اتفاق أوسلو ولم يبق شيئا منه، فهو يقتحم المدن والقرى ويدمر البنية التحتية ويعدم المواطنين، ويضيف "أجهزت إسرائيل على أوسلو ومخرجاته، وأجهزت على الأرض التي هي جوهر الصراع وأصل فكرة الدولة".

منازل الفلسطينيين في مناطق "ب" الواقعة قرب المواقع الأثرية مستهدفةٌ أيضا بإجراءات الاحتلال (الجزيرة) التنسيق الأمني

ويتفق الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي مع كل ما ذهب إليه داود، وقال إن ما يجري هو إسقاط لما أعلنه الوزير سموتريتش بالحرف بأنه سيجرد السلطة الفلسطينة من أية صلاحيات مدنية بمنطقة "ب"، كما جرَّد جيش الاحتلال السلطة من أي وجود في مناطق "أ".

ويقول البرغوثي للجزيرة نت "لم يبق شيء من اتفاق أوسلو، وكلهم دفنوه وإسرائيل قتلته بالكامل، والسلطة الفلسطينية هي التي تتمسك به، ولا أعرف لماذا؟ والشيء الوحيد المتبقي من أوسلو هو التنسيق الأمني الذي يعارض مصالح الشعب الفلسطيني".

ولهذا، توقع البرغوثي أن الهدم سيتوسع في مناطق "ب" ويطال "أ" أيضا، وأن ما يجري من اقتحام وهدم بهذه المناطق وتحت حجج أمنية هو مقدمة لذلك، فإسرائيل باستهدافها مناطق "ب" باتت تضع يدها على 82% من الضفة الغربية.

وما تقره حكومة الاحتلال المتطرفة ويقوم به جيشها يدل -حسب البرغوثي- على عجز السلطة الفلسطينية عن القيام بأي أمر آخر، "ورغم ذلك لا يدركون في السلطة أنه آن أوان التخلص من كل أوسلو وأعبائه".

ومن ناحيته، يرى السياسي الفلسطيني ونائب رئيس المجلس التشريعي السابق حسن خريشة أن الاحتلال وعبر توغلاته واقتحاماته لكل المواقع الخاضعة للسيادة الفلسطينية ينفذ ما تبنته حكومة الاحتلال، وأسقط كل الفواصل ما بين "أ" و"ب" و"ج"، وبالتالي أضحت كل الأرض مستهدفة، وأنه "لم يبق من أوسلو غير الاسم والتوقيع".

وأخطر من ذلك، يقول خريشة للجزيرة نت، أن "الاحتلال، سواء الحكومة أو المعارضة، بات يرفض حل الدولة والدولتين، وبالتالي فالرهان على تسويات وقيام دولة فلسطينية وهْم باعوه لنا طوال الوقت".

وأكد أن هدف إجراءات الاحتلال في مناطق "ب" و"أ" هو استعادته السيطرة على الضفة الغربية سيطرة كاملة لتصبح تحت الحكم العسكري الإسرائيلي بقيادة سموتريتش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الضفة الغربیة فی مناطق بیت لحم

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تواصل خرق هدنة غزة ولبنان.. ومقتل 34 فلسطيني في الضفة

جدد الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قصفه لوسط وجنوب قطاع غزة، ما أدى لمقتل ثلاثة فلسطينيين وإصابة آخرين.

وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني “بنقل ثلاثة قتلى “من جسر وادي غزة إلى مستشفى شهداء الأقصى” بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة”.

وذكرت مصادر محلية أن “طائرات من نوع “كواد كابتر” أطلقت عدداً من القنابل تجاه مواطنين كانوا يجمعون الحطب شمال شرق البريج”.

وذكرت مصادر أخرى أن “القتلى الثلاثة من عائلة واحدة، واثنان منهم أشقاء”.

يأتي هذا غداة “مقتل ثمانية من موظفي الإغاثة في “المجلس الاستشاري للمنظمات الإسلامية الماليزية” في غارة إسرائيلية يوم السبت على بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بحسب تأكيد الرئيس التنفيذي للجمعية ساني عربي القاهري”.

وأشار رئيس المجلس إلى أن “ثلاثة من الموظفين الثمانية القتلى كانوا من الإعلاميين”.

في السياق، علقت حركة “حماس” على تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، التي وصف فيها رد الحركة على المقترح الأمريكي بشأن استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بأنه “غير مقبول”.

وأكدت الحركة في بيان رسمي “أن تهديدات ويتكوف بهذا الصدد لا تخدم تحقيق أهداف الاتفاق، بل تعمل على تعقيد الأمور بشكل أكبر”.

وأفاد المتحدث باسم الحركة،حازم قاسم، في بأن “الأولوية في هذه المرحلة تكمن في الدخول الفوري لتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة”.

وأشار إلى أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هو من تنصل من الالتزام بالاتفاق”، موضحا أن “التركيز يجب أن يكون على تطبيق ما تم الاتفاق عليه سابقا بدلا من طرح اتفاقات جديدة أو جانبية”.

وشدد قاسم على أن “لغة التهديد لا تنتج شيئا إيجابيا”، وأن “المسار الصحيح لتحقيق أهداف الاتفاق يعتمد على تطبيق البنود المتفق عليها مسبقا، بما يشمل تحقيق الهدوء المستدام وإطلاق سراح جميع الأسرى”.

وأوضح أن “الإدارة الأمريكية كانت قد طرحت إطارا للاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، والذي يضمن عملية متسلسلة تشمل الإفراج عن جميع الأسرى الأحياء والقتلى مقابل الوصول إلى هدف الهدوء المستدام”.

من جانبه، رفض المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، “المقترح الذي تقدمت به “حماس” “بالإفراج عن أسير أمريكي-إسرائيلي، وإعادة جثث أربعة آخرين مزدوجي الجنسية”.

وقال ويتكوف، في تصريح لشبكة “سي إن إن”، “إن مقترح “حماس” بشأن وقف إطلاق النار “لا يصلح أن يكون منطلقا للتفاوض”، معتبرا أن “الجواب الذي قدمته الحركة “غير مقبول على الإطلاق”.

وأشار ويتكوف إلى أن “المقترح الأميركي يتضمن إطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين”، مؤكدا أن “المقترح الأميركي بشأن وقف إطلاق النار بغزة يتضمن إطلاق سراح 5 أسرى أحياء، بينهم المواطن الأميركي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر”.

وفي سياق تصريحاته، وجه ويتكوف رسالة تحذيرية إلى “حماس”، قائلا إنه “ينصح الحركة أن تكون أكثر عقلانية”، معربا عن اعتقاده بأن “الضربات الأمريكية الأخيرة ضد الحوثيين يمكن أن تكون عبرة لتقييم موقفها”.

هذا “وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة اليوم الاثنين ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي للقطاع إلى 48.577 قتيلا، و112.041 مصابا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023”.

وفي الضفة الغربية، أفاد مسؤول فلسطيني “بارتفاع عدد النازحين إلى 21 ألف شخص جراء استمرار عملية الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيمها بالضفة الغربية لليوم الـ56 على التوالي”.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية، “وفا”، اليوم الاثنين، عن “محمد جرار” رئيس بلدية جنين قوله في تصريح صحفي إن” 25% من سكان جنين في حالة نزوح، وحجم الأضرار بسبب العدوان على مدينة جنين هائل جدا، خاصة من الناحية الاقتصادية كما طرأ ازدياد في نسبة الفقر”.

من جهته قال مدير بلدية جنين ممدوح عساف إن “الاحتلال جرف 100% من مخيم جنين، و85% من شوارع المدينة، وقرابة 8000 منشأة تجارية مغلقة بشكل كامل وأحياء كاملة في المخيم تم تهجير سكانها قسرا”.

وأوضح المتحدث باسم وزارة التربية صادق الخضور أنه “منذ بداية الفصل الدراسي الثاني مطلع فبراير الماضي، توقف التعليم الوجاهي في 72 مدرسة في مدينتي جنين وطولكرم بسبب العدوان، وهو ما يعني حرمان 26 ألف طالب من الدراسة في مدارسهم”.

وذكرت الوكالة أن “قوات الاحتلال تواصل الدفع بتعزيزات عسكرية إلى مخيم جنين والأحياء القريبة منه في مدينة جنين،منذ ساعات الصباح برفقة خزانات مياه وسط تحليق الطيران الحربي في سماء المدينة، وتتمركز الدبابات والمدرعات الإسرائيلية في محيط المخيم، فيما تواصل الجرافات تجريف شوارع وتوسيع أخرى لدخول الآليات العسكرية فيما سمع إطلاق نار من الدبابات في محيط دوار العودة، ورصد تحركات آليات إسرائيلية في منطقة الجابريات، وفجر اليوم، اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة يعبد جنوب جنين وسيرت آلياتها في شوارعها دون تسجيل اعتقالات”.

هذا “وأسفر الهجوم الإسرائيلي المتواصل على جنين منذ 21 يناير الماضي عن “مقتل 34 فلسطينياً، وإصابة عشرات آخرين، بالإضافة إلى دمار غير مسبوق في البنية التحتية وفي الممتلكات العامة والخاصة”.

مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوب لبنان

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، “مقتل شخص وجرح 3 بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوب البلاد”.

ووفق وسائل إعلام محلية، “أغارت طائرة مسيرة إسرائيلية على دراجة نارية بجانب سيارة “فان” في بلدة يحمر جنوب لبنان، ما أدى إلى اشتعال السيارة ومقتل شخص وجرح شخصين آخرين كانا على متن الدراجة وسقوط عدد من الجرحى كانوا متواجدين في المكان المستهدف”.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، “أن المستهدف في الغارة هو عنصر في “حزب الله”.

بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي، “أنه هاجم عنصرين من “حزب الله”، قائلا إنهما “عملا كعناصر مراقبة، في منطقة يحمر بجنوب لبنان”.

مقالات مشابهة

  • لبنان - شهيدان باستهداف الاحتلال مركبة
  • إسرائيل تواصل خرق هدنة غزة ولبنان.. ومقتل 34 فلسطيني في الضفة
  • «الخارجية» الفلسطينية: 40 ألف مشرد شمال الضفة
  • الاحتلال يجبر ما تبقى من سكان في مخيم طولكرم على إخلاء منازلهم بالقوة
  • الاحتلال يجبر من تبقى من سكان حارة بمخيم طولكرم على إخلاء منازلهم بالقوة
  • الخارجية الفلسطينية تناشد المجتمع الدولي وقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرّك دولي لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي في مخيمات شمال الضفة الغربية
  • جيش الاحتلال يقتحم بلدة قباطية جنوبي جنين بالضفة الغربية
  • إعلام فلسطيني: قوة من جيش الاحتلال تقتحم بلدة قباطية جنوبي جنين بالضفة الغربية
  • الاحتلال يستهدف تجمعا للفلسطينيين في الجانية غربي رام الله بالضفة