الإمارات والصين.. حقبة ذهبية من الشراكة الإستراتيجية الشاملة
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
تشهد العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، حقبة ذهبية ومتميزة، في ظل مواصلة توسيع آفاق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بينهما، بدعم وتوجيه القيادة الرشيدة في البلدين الصديقين.
وترتبط الإمارات والصين بعلاقات صداقة وثيقة، تستند إلى روابط ثقافية واقتصادية وتاريخية، ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 1984، بذل البلدان جهوداً حثيثة وملموسة في تعزيز شراكتهما، وهو ما تجلى في توقيع أكثر من 148 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم في شتى المجالات.
وتتميز علاقات البلدين بأنها تاريخية ومتجذرة، إذ تعد زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” إلى الصين في مايو 1990 الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس دولة خليجية إلى الصين، والتي جاءت بعد زيارة الرئيس الصيني الراحل يانغ شانغكون إلى دولة الإمارات في ديسمبر 1989.
وأسهمت الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة البلدين، في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما ودفعها نحو مزيد من التطور، ومنها زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الإمارات في عام 2018، فيما أسست الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى جمهورية الصين الشعبية في يوليو 2019 لمرحلة فارقة وجديدة من الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين البلدين في الأول من نوفمبر 1984، وتم افتتاح سفارة الصين في أبوظبي خلال أبريل 1985، فيما تم افتتاح سفارة الدولة في بكين يوم 19 مارس 1987، وفي دلالة على الأهمية القصوى التي توليها الإمارات لتعزيز علاقتها بالصين تم افتتاح قنصليات متعددة للدولة في كل من هونغ كونغ في أبريل 2000، وشنغهاي في يوليو 2009، وكوانغ جو في يونيو 2016، وفي المقابل جرى افتتاح قنصلية الصين في دبي خلال نوفمبر 1988.
وتولي كل من الإمارات والصين أهمية كبيرة لتقوية شراكتهما الاقتصادية وتعزيز الروابط التجارية والاستثمارية بينهما في المجالات كافة، إذ بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات مع الصين خلال العام الماضي 296 مليار درهم، أي ما يعادل “81 مليار دولار” بنسبة نمو 4.2% مقارنة بعام 2022، وبذلك حافظت الصين على موقع الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات في تجارتها غير النفطية خلال عام 2023 إذ استحوذت على ما نسبته 12% من تلك التجارة.
وتتربع الصين على المركز الأول من حيث واردات دولة الإمارات بنسبة 18%، كما تحتل الصين المرتبة الــ 11 في صادرات دولة الإمارات غير النفطية بنسبة مساهمة 2.4% والمرتبة الـ 8 في إعادة التصدير بنسبة مساهمة 4%، وفي حال استثناء النفط الخام من تجارة الصين مع الدول العربية خلال 2023 تكون الإمارات الشريك التجاري العربي الأول بنسبة مساهمة 30%.
وبلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الصين نحو 11.9 مليار دولار أمريكي بين عامي 2003 و2023 في حين بلغت التدفقات الاستثمارية الصينية إلى الإمارات 7.7 مليار دولار أمريكي خلال الفترة ذاتها.
وتشمل أهم قطاعات الاستثمارات الإماراتية في الصين، الاتصالات، والطاقة المتجددة، والنقل والتخزين، والفنادق والسياحة، والمطاط، فيما وصل عدد الشركات الإماراتية العاملة في السوق الصيني إلى أكثر من 55 شركة.
وتبرز السياحة كأحد أهم القطاعات الرئيسية في تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين الإمارات والصين، حيث وصل إجمالي عدد السياح الصينيين أكثر من مليون زائر في العشرة أشهر الأولى من عام 2023، كما وصل عدد الصينيين المتواجدين في دولة الإمارات نحو 350 ألفا.
وتعد الإمارات شريكاً استراتيجياً في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، وقد أصبحت بفضل موقعها الإستراتيجي وقدراتها اللوجستية نقطة مهمة وحاسمة في إنجاح المبادرة.
وضخت الإمارات 10 مليارات دولار في صندوق استثمار صيني – إماراتي مشترك لدعم مشروعات المبادرة في شرق أفريقيا، ووقعت 13 مذكرة تفاهم مع الصين عام 2018، للاستثمار في مجالات متعددة داخل الإمارات.
وأظهرت بيانات النصف الأول من العام 2023 ، أن قيمة تجارة الإمارات غير النفطية مع الدول الواقعة ضمن المبادرة بلغت 305 مليارات دولار التي تساهم بنسبة 90 في المائة من تجارة الإمارات غير النفطية خلال تلك الفترة، وحققت نمواً بنسبة تجاوزت 13 في المائة مقارنة مع النصف الأول من 2022.
وتشهد العلاقات الثقافية بين البلدين تطورا متناميا وملحوظا، يتمثل في تبادل الزيارات الطلابية ووفود المسؤولين الثقافيين والإعلاميين والباحثين بينهما، كما وقع البلدان منذ عام 1989، العديد من اتفاقيات التعاون الثقافي والإعلامي.
وساهم مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، الذي تأسس عام 1990، بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين، في نشر الثقافة العربية في الصين، وتعزيز اللغة العربية، كما ساهمت الأسابيع الثقافية والمهرجانات الموسيقية والفعاليات التي يتم تنظيمها بين البلدين، ومعارض الكتب، في تعزيز العلاقات الثقافية بينهما والدفع بها إلى الأمام عاما بعد عام.
ويمثل التعليم ركنا أساسيا في العلاقات الثقافية الإماراتية الصينية، ففي عام 2015، وقع البلدان على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي لتشجيع التعاون في مجالات العلوم وضمان جودة التعليم بين مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي في كلا البلدين، وتبادل المنح الدراسية الجامعية.
وشهد عام 2019 إطلاق “مشروع تدريس اللغة الصينية في 200 مدرسة”، في دولة الإمارات، والذي استقطب أكثر من 71 ألف طالب وطالبة في 171 مدرسة بمختلف إمارات الدولة.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الإمارات والصین دولة الإمارات بین البلدین غیر النفطیة الأول من أکثر من
إقرأ أيضاً:
الإمارات والصين تعززان تعاونهما الاقتصادي
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلة أكد معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، حرص دولة الإمارات على مواصلة تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعميق التعاون مع الأسواق البارزة إقليمياً وعالمياً، حيث تجمع الإمارات وجمهورية الصين الشعبية علاقات اقتصادية متينة، والتي تُمثل نموذجاً ناجحاً للشراكات الاستراتيجية القائمة على التنوع والابتكار، مشيراً إلى أن مبادرة الحزام والطريق تُعدّ محركاً رئيسياً لتنمية فرص التعاون الاقتصادي وتعزيز التواصل الإقليمي، مشيداً بالإمكانات الكبيرة لمنطقة قوانغشي الصينية، باعتبارها بوابة استراتيجية للنمو المشترك.
جاء ذلك خلال استضافة قمة AIM للاستثمار 2025 لجلسة رفيعة المستوى تحت عنوان «الاستثمار في الصين: قوانغشي»، والتي نظمتها القمة بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، وحكومة منطقة قوانغشي الصينية، بحضور معالي عبدالله بن طوق المري، ومعالي ليو تيانلي، محافظ حكومة منطقة قوانغشي، وبمشاركة عددٍ من كبار القادة الحكوميين، والرؤساء التنفيذيين في مجال الأعمال، والمستثمرين العالميين، وذلك بهدف استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة بقطاعات الاقتصاد الجديد والتجارة والاستثمار، وكذلك التعاون الاستراتيجي ضمن مبادرة الحزام والطريق.
وقال معالي عبدالله بن طوق، خلال مشاركته في الجلسة: «يُشكّل قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة أحد أكثر مجالات التعاون الواعدة بين البلدين»، منوهاً بأن «مجتمعي الأعمال الإماراتي والصيني يلعبان دوراً محورياً في دفع عجلة التعاون، حيث باتت العديد من الشركات الإماراتية الرائدة، تمتلك استثمارات نوعية في الصين، في حين يشهد السوق الإماراتي تزايداً مستمراً في أنشطة الشركات الصينية، خاصة مع وجود أكثر من 15.500 شركة صينية تعمل في الأسواق الإماراتية، لا سيما في المناطق الحرة والمنصات الصناعية المتقدمة».
وفي افتتاح الجلسة، رحب يانغ تشونغتينغ، المدير العام لدائرة التجارة في قوانغشي، بالحضور، مؤكداً أهمية تعزيز الروابط الاقتصادية بين الإمارات وقوانغشي، وتنمية آفاق التعاون المشترك في مختلف القطاعات الحيوية بين البلدين، بما يشمل الاقتصاد الجديد وريادة الأعمال.
ومن جانبه، أشار معالي ليو تيانلي، إلى الموقع الاستراتيجي المتميز لقوانغشي كبوابة مهمة إلى جنوب شرق آسيا؛ نظراً لما تمتلكه من فرص استثمارية واعدة، معرباً عن تقديره لجهود دولة الإمارات في بناء جسور التعاون بين المنطقتين، مؤكداً أن الهدف من هذا اللقاء هو فتح آفاق جديدة للنمو المستدام والازدهار المشترك من خلال الجهود المشتركة، مؤكداً حرص قوانغشي على توسيع التعاون مع الإمارات في مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية لتحقيق كامل إمكانيات مبادرة الحزام والطريق وتأسيس شراكة دائمة.
وأكد خالد الفهيم، عضو مجلس إدارة غرفة أبوظبي، حرص الإمارات على تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية مع الصين، مشيراً إلى أن الموقع الاستراتيجي لقوانغشي وإمكاناتها الاقتصادية توفر فرصاً جديدة ومثيرة للنمو والتعاون، مؤكداً أنه من خلال العمل المشترك يمكن بناء جسور اقتصادياً أقوى، مما يدفع الازدهار المشترك ويسهم في تحقيق أهداف التنمية العالمية المشتركة.
ومن جهته، أشار سعادة حسين إبراهيم الحمادي، سفير دولة الإمارات لدى الصين، إلى أن دولة الإمارات، باعتبارها بوابة تجارية حيوية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى جانب موقع قوانغشي الاستراتيجي، يوفر آفاقاً واسعة للفرص المشتركة، داعياً الشركات لاستكشاف هذه الفرص برؤية مشتركة للنمو.
إلى ذلك، عبر تشاو ليانغ، القائم بأعمال سفارة جمهورية الصين الشعبية في دولة الإمارات، عن سعادته بمواصلة نمو التعاون بين الإمارات والصين، مؤكداً أن موقع قوانغشي الاستراتيجي واقتصادها النابض يمثلان فرصاً كبيرة للتعاون بين البلدين، موضحاً أنه من خلال التعاون المشترك، يمكن للطرفين تعزيز التجارة الثنائية، وجذب الاستثمارات، وتعزيز النمو المستدام، مشيراً إلى أهمية هذا اللقاء في فتح فرص جديدة للعلاقات الاقتصادية المتينة بين البلدين والمساهمة في تحقيق الرؤية المشتركة للازدهار في إطار مبادرة الحزام والطريق.
ومن جانبه، أشاد رعد السعدي، نائب رئيس مجلس الإدارة، المدير العام لشركة أكوا باور، بالشراكة القوية والطويلة الأمد بين الإمارات والصين، خصوصاً في مجالات الطاقة والبنية التحتية، مشيراً إلى أهمية الفرصة المتميزة التي توفرها مبادرة الحزام والطريق لتعزيز هذا التعاون، معتبراً أن إمكانيات قوانغشي الاقتصادية المتزايدة توفر فرصاً جديدة للاستثمار.
وشملت الجلسة عروضاً تقديمية ترويجية من كبار ممثلي المؤسسات الرئيسية، مثل منظمة المناطق الحرة العالمية (World FZO)، ومنطقة قوانغشي للتجارة الحرة التجريبية، ومجموعة ميناء خليج بيبو، وGARGASH Motors، حيث عرضوا القدرات المتنامية وارتباطات قوانغشي في نظام التجارة، فيما أعلن الدكتور سمير حمرواني، الرئيس التنفيذي لمنظمة FZO، عن إدراج منطقة قوانغشي للتجارة الحرة التجريبية في شبكتها العالمية، إلى جانب توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التجارة، والبحث، والابتكار.