منذ ما يقرب السنتين من الآن، وقبل أن تنتهي ولاية الرئيس السابق ميشال عون بشهرين تقريبًا، حيث دخلت البلاد في حينه في زمن الاستحقاق الرئاسي، كنا نسمع كلامًا كثيرًا تردّدت أصداؤه في كل المقرّات الحزبية، بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية، حيث أصرّ أكثر من طرف على اعتبارها استحقاقًا داخليًا، وأن لا تأثير للعوامل الخارجية عليها لا من قريب ولا من بعيد.
إلاّ أن مسرى الأحداث المرتبطة بهذا الملف تحديدًا أثبتت عكس ما حاول هؤلاء الترويج له ، يُضاف إليها بطبيعة الحال الوضع المتوتر في الجنوب، وهو الآخذ بالتصعيد الممنهج بعدما لجأت إسرائيل إلى أسلوب جديد في اعتداءاتها الجنوبية باستهداف منصات الصواريخ التابعة لـ "حزب الله" بعد عودة موجة الاغتيالات، التي تطال كوادر قيادية حزبية، بالتزامن مع تصعيد لهجة التهديدات بأن معركة الشمال قد أصبحت وشيكة بعد الانتهاء مع قطاع غزة على حدّ زعم وزير الدفاع يؤاف غالانت. وعلى رغم ما يصدر عن "الثنائي الشيعي" من نفي متكرر عن عدم ربط الوضع المتوتر في الجنوب على الملف
الرئاسي فإن ما يقوله بعض الذين يعتقدون أن المناوشات القائمة بوتيرة متفاوتة بين الهبّات الباردة والهبّات الساخنة قد أثرّت سلبًا على إمكانية التلاقي الداخلي على
انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو أكثر واقعية من نفي أي تأثير أو علاقة لما يجري في الجنوب بالمسرى الانتخابي، أقّله إن "حزب الله" سيكون بعد الحرب وبعد سقوط هذا العدد الكبير من بين صفوفه القياديين شهداء لن يكون داخليًا كما كان قبلها. وهذا أمر يعتبره كثيرون من الأمور الطبيعية، وإن كانت "حارة حريك" تحاول تذكير اللبنانيين بأنها لم تستثمر الانسحاب الإسرائيلي العام 2000 داخليًا، وهذا ما لم تفعله في العام 2006 بعد حرب تموز. إلّا أن محاولة وقوف النواب الأربعة الذين خرجوا أو أُخرجوا من "التيار الوطني الحر" على مسافة واحدة من الاصطفافات
السياسية المتمثلة بـ "المعارضة" من جهة و"قوى الممانعة" من جهة أخرى، قد تخلق ديناميكية داخلية مسيحية ووطنية من شأنها أن تُحدث خرقاً معينًا في المشهد الرئاسي المقفل بابه أمام الحلول التي تحاول "اللجنة الخماسية" السعي إليه، حيث كان للسفير المصري علاء موسى جولة رئاسية، وقد بدا بعدها أكثر قناعة من ذي قبل بضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اليوم قبل الغد، والعمل بجدّية على إيجاد أرضية مشتركة بين جميع المكونات السياسية، خصوصًا أن من مصلحة الجميع عدم تأخير العملية الانتخابية، وقد دخل الفراغ الرئاسي شهره الثالث والعشرين من دون أن يرّف جفن لأحدٍ من هؤلاء المعرقلين، الذين باتوا، على ما يبدو، يستطيبون لحس المبرد. ما رسمه لأنفسهم النواب الأربعة من خارطة طريق من ضمن إطار خطّ بكركي الوطني قد أفسح في المجال أمام أكثر من مكّون سياسي لالتقاط بعض الإشارات بالنسبة إلى تشكيل جبهة موحَدّة وموحِدّة في الوقت نفسه قد ينضم إليها أكثر من نائب مستقل أو "تغييري". وقد تلتقي هذه الجبهة بعناوينها السياسية العريضة مع جميع الأحزاب والتيارات السياسية، التي تعتبر أنها تلتقي بطروحاتها السياسية والوطنية مع مبادئ بكركي وثوابتها التاريخية، من دون أن يعني ذلك انغلاقهم وعدم انفتاهم
على سائر الكتل النيابية والنواب المستقلين، الأمر الذي يوحي بإمكانية قيام تحالف نيابي وسطي على أساس التوافق على قواسم مشتركة، تسمح بإحداث خرق يعبّد الطريق أمام انتخاب الرئيس كتحالف وسطي بين "المعارضة" والممانعة".
فـ "الرباعي" الدفع النيابي يتوخّى، كما هو واضح، من تحركه قيام أوسع تحالف نيابي لوقف تعطيل انتخاب الرئيس، وهو لا يضع "فيتو" على أي مرشح، لأن الترشيح متروك للحوار، وصولاً إلى التوافق على اسم يحظى بالتأييد المطلوب من النواب، وبالتالي لن يستثني أي فريق من التواصل معه، بمن فيهم "الثنائي الشيعي"، وذلك نظرًا إلى التعاون القائم بين هؤلاء النواب ونواب كتلتي "التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" في اللجان النيابية.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
جرس البرلمان يقرع إيذاناً بدخول النواب إلى قاعة جلسة انتخاب الرئيس
بغداد اليوم -