عربي21:
2024-11-02@13:35:35 GMT

الحرب في السودان: الإطاري وإعادة النفوذ البريطاني

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

(1)

حدثان يعكسان حقيقة هذه الحرب وأبعادها، أحدهما حديث والآخر مر عليه عامين، وكليهما لديه ارتباط مباشر مع الاتفاق الإطاري وتداعياته على البلاد والعباد..

ففي 12 أيلول/ سبتمبر 2024م أعلن قائد مليشيا الدعم السريع ترحيبه بمسودة مشروع دستور المحامين، وقال "أرحب به مع أنني لم أطلع عليه". كانت تلك محاولة تملص من الانتقادات الواسعة للمشروع، مع التمسك بجوهر الاتفاق الذي أبرمه مع فولكر بيرتيس رئيس اليونتاميس، وخلال مراحل مختلفة اتضح أن حميدتي دخل في تحالف جديد؛ حاضنته "قحت" ورعايته من فولكر وأطراف أخرى، للعبور من مرحلة قوة تابعة للجيش السوداني إلى قوة تمثل الجيش السوداني وتعتمد كقاعدة وبديل له، وما زال هذا موقف ذات الأطراف.

.

وكنت قد كتبت حينها: "لا أظن من المناسب أن ترحب شخصية قيادية في البلاد بموقف قبل أن تقرأ التفاصيل ولديها عدد من المستشارين والخبراء إلا إذا كان الترحيب في حد ذاته إشارة أو رسالة"، فقد اتضح منذ أزمة الإطاري أن الترحيب جزء من مشروع فكرة ومخطط كان وما يزال..

كل هذه الأحاديث من المبعوث الأمريكي الخاص أو مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي هو جزء من مخطط "مصنوع" بترتيبات سياسية وخبراء، وبتنسيق مع قوى إقليمية ومنظمات، فهو ليس صرخة ضمير إنساني

(2)

أما الحدث الآخر فهو المناظرة الرئاسية التي شغلت العالم بين مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، وخلال 90 دقيقة، من النقاشات والحوارات والأسئلة والاستدراكات لم يتحدث أحدهم عن "الوضع في السودان"، لم يطرح فريق القناة سؤالا عن أفريقيا أو السودان ولم يتعرض أحد المرشحين لهذا الموضوع، رغم كل الضوضاء وكل الحديث في مجلس الأمن الدولي أو المنظمات، ورغم كل الفظائع والانتهاكات، وذلك لسببين جوهريين:

- الوضع في السودان ليس ضمن اهتمامات الرأي العام الأمريكي..

- القضية السودانية جزء من أجندة صراع استخباراتي ومصالح قوى إقليمية تتم إدارته بأدوات خفية..

وعليه يمكن القول إن كل هذه الأحاديث من المبعوث الأمريكي الخاص أو مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي هو جزء من مخطط "مصنوع" بترتيبات سياسية وخبراء، وبتنسيق مع قوى إقليمية ومنظمات، فهو ليس صرخة ضمير إنساني وإنما مخطط ماكر..

وكل تحركات المبعوث الأمريكي وتواصله هو جزء من هذا الفعل، وهو إكمال لمشهد "الإطاري" وأجندته؟.. كيف؟ هذا أمر واضح..

(3)

منذ محادثات جدة (أيار/ مايو 2023م) تم الاتفاق على أن تركز المحادثات بين الحكومة السودانية ومليشيا الدعم السريع على قضية الحرب ووقفها والتداعيات الإنسانية، ولكن أطرافا أخرى تدخلت لـ"حشر" العملية السياسية، والمقصود هنا الاتفاق الإطاري وأطرافه وأدواره..

وهذا ما قامت به "تقدم" حين وقعت "اتفاقا" سياسيا مع مليشيا الدعم السريع، في كانون الثاني/ يناير 2024م، فلم يتضمن ذلك الإعلان سوى دعوة لوقف الحرب أما بقية أجندته كلها فهي أجندة سياسية، والهدف نقل الحرب من "قوة متمردة على الجيش" إلى "فصيل سياسي" وبأجندة سياسية..

وكل تحركات القوى الدولية والإقليمية لترسيخ هذه الحقيقة والتي تهرب منها "تقدم" رغم انخراطها في هذا الدور، وهذا الموقف المبتذل حيث ربط وقف الحرب مع عودة "قوى الحرية والتغيير للحكم" وعودة الشراكة مع المليشيا..

(4)

وحتى القوى السياسية التي تباعدت عن قحت، فإنها توظف كل جهدها لخدمة هذا الهدف، ومن ذلك الحزب الشيوعي السوداني الذي اتخذ من جوبا (عاصمة جنوب السودان) ملاذا لقيادته، بينما توزعت أطراف أخرى في كمبالا ونيروبي، وأديس ونشطت الغرف الإعلامية لخدمة هذا الهدف بطريقة مختلفة (أي إضعاف الجيش السوداني لصالح قوى أخرى هي حركة عبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو)..

وقف الحرب مع المسببات الأساسية وليس القشور وفلاشات الكاميرات وضجيج وسائل التواصل الاجتماعي
وخلال فترة الحرب فإن بيانات المكتب السياسي للحزب الشيوعي خالية من انتقاد صريح للدعم السريع كليا، وحتى تداعيات الحرب مع التركيز على انتقاد قيادة الجيش وما أسموه "اللجنة الأمنية"، وهو موقف يتسق مع أدوار ومطالب مليشيا الدعم السريع، حيث أول مطالبها صبيحة (15 نيسان/ أبريل 2023م) استسلام قيادة الجيش السوداني..

وعلى ذات النسق انخرطت بعض لجان المقاومة على الواقع في إسناد المليشيا بالمعلومات والقوائم والتغطية الاعلامية والسياسية..

(5)

ولذلك فإن صور ومشاهد المبعوث الأمريكي الخاص مع نشطاء جزء من حملة شركاء الجريمة، وليس دعوة للحلول والمعالجة..

والأطراف ذات الارتباط المباشر بالقضية السودانية هي -وفي قناعتي الشخصية- المخابرات البريطانية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وبقية المواقف هو صدى لهذه العلاقة..

ووفق هذا المنظور، فإن وقف الحرب مع المسببات الأساسية وليس القشور وفلاشات الكاميرات وضجيج وسائل التواصل الاجتماعي، إنها محاولة لإعادة "النفوذ البريطاني" المفقود، فبعد الخروج من الاتحاد الأوروبي لم يعد لبريطانيا العظمى أدوار، وهذا أحد مهام العودة للهيمنة..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حميدتي السوداني السودان التغيير حميدتي من هنا وهناك صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة من هنا وهناك رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المبعوث الأمریکی الدعم السریع الحرب مع جزء من

إقرأ أيضاً:

السودان على حافة الانفجار: تحالفات سرية بين الدعم السريع والحركات وانقلابات تقود إلى كسر العظم

بقلم/ عمار نجم الدين

مقدمة

تتجه التحالفات داخل الجيش السوداني والجهات الموالية له نحو الانهيار، إذ تشير المعلومات إلى أن تحالفات جديدة قيد التشكيل، قد تُضعف قوة الجيش المركزي بشكل غير مسبوق. هذا الانشقاق الوشيك سيجعل الجيش يواجه اختبارًا قاسيًا، خاصة مع احتمالية تحالف بعض حركات دارفور مع قوات الدعم السريع. يبدو أننا على أعتاب مرحلة جديدة من النزاع، ستدخل البلاد في دوامة من “كسر العظم”، حيث ستتبدل التحالفات وتتعقد الصراعات.

فشل الدمج والسلام: إرهاصات الانهيار

لم يتم تنفيذ اتفاق جوبا للسلام كما وُعد، ولم يُنجز الدمج الكامل بين الجيش والحركات المسلحة. الواقع كشف أن الدمج الوحيد الذي تحقق كان مع قوات مالك عقار، وبضغط مباشر من قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي). لكن هذا الدمج جاء بشكل شكلي ومهين؛ فقد تُرك الجنود في معسكر خالد بن الوليد لمدة أسبوعين دون غذاء أو دواء، ما دفعهم إلى مغادرة المعسكر بعد أن أُهملوا بالكامل.

وفي موقف ساخر، حين تخلى الجيش عنهم، كان حميدتي هو من يسدد رواتب هؤلاء الجنود ويطعمهم، بعدما رفض البرهان توفير احتياجاتهم قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021. قائد الدعم السريع أصبح “المنقذ” لهؤلاء الجنود، في مشهد يفضح التصدعات داخل التحالفات العسكرية.

أما مالك عقار، فقد اصطف مع البرهان لاحقًا، في خطوة أثارت السخرية، الذي كان جنوده يتضورون جوعاً كان حميدتي يمدهم بالطعام. ومن المعروف عن مالك أنه لا يتحمل الجوع، وقد قال في أحد تصريحاته الكاذبة بعد اشتعال حرب 15 أبريل : “قلنا للبرهان في الدمازين (دعنا نربط لك هذا الولد ونقتله)، لكنه رفض”. إنها بطولة كاذبة في زمن تُحركه المصالح، حيث تُدار التحالفات الهشة بين الأطراف على أساس الانتهازية أكثر من المبادئ.

عودة إلى عهد الاستغلال والانتهازية

الحركات المسلحة التي كانت تتغنى بالثورة والتحول الديمقراطي، انقلبت على ماضيها وانضمت إلى صفوف انقلاب البرهان في 25 أكتوبر 2021. ما كان يُفترض أنه خطاب سياسي نضالي أصبح مجرد أداة لتحقيق مكاسب سلطوية. اتضح أن هذه الحركات كانت تتعامل مع العدالة كورقة ضغط لانتزاع نصيبها من السلطة، لا كحق أصيل تناضل من أجله.

وقد تجلى هذا التناقض بوضوح في تصرفات حركة العدل والمساواة، التي أعادت خطابها الإسلامي المتطرف، وتحولت تحت قيادة جبريل إبراهيم إلى أداة في يد الإخوان المسلمين تحت نهج السيد سيد قطب ( البراء و الولاء) و لكنه نسي ان (( العرق أقوى من الدين )) وان نهايته سوف تكون مثل نهاية سمنار
. أما مناوي بعد الحرب ، فقد صار أتباعه يستخدمون لغة التهديد والوعيد ضد خصومهم، متوعدين إياهم بالاعتقال والتصفية و هذا ليس بعيد عن مناوي فقد راينا في الخرطوم في العام 2004 كيف كان يطارد رفاقه في شوارع المهندسين بالأسلحة النارية .

مواقف الحياد الزائف: خيانة لدماء المدنيين

وسط هذه الفوضى، اتخذت الحركات المسلحة بعد الحرب في 15 أبريل موقف الحياد إزاء الصراع بين الجيش والدعم السريع، مما سمح بوقوع انتهاكات جسيمة، خاصة في دارفور والجنينة. قامت الاستخبارات بتوزيع السلاح على المدنيين، ما دفعهم إلى مواجهة قوات الدعم السريع المدججة بالسلاح الثقيل. كان المدنيون مسلحين بالكلاشنكوفات الخفيفة، في مواجهة ترسانة من المدرعات والأسلحة المتقدمة، مما أدى إلى مقتل المئات منهم.

رغم هذه المجازر، لم تتحرك الحركات المسلحة للدفاع عن المدنيين. لم تكسر الحياد حتى بعد سقوط كل ولايات دارفور في يد الدعم السريع ما عدا شمال دارفور و لم يقف الحياد إلا بعد تقديم مطالب مالية كبيرة للبرهان، لتعود إلى القتال ولكن ليس دفاعًا عن دارفور و مواطنيها في الجنينة او زالنجي او الضعين بل في مناطق مثل اذاعة أم درمان المركزية والدندر ومصفاة الجيلي، حيث تسعى لتحقيق مصالح الجيش ضيقة الشمال.

مفاوضات تحالفات جديدة: انهيار الجيش يلوح في الأفق

تشير المعلومات إلى أن مفاوضات سرية تجري بين مني أركو مناوي وقوات الدعم السريع لتشكيل تحالف عسكري ضد الحكومة المركزية. هذه المفاوضات تُدار ببطء ولكن بثبات، وتُعقد في ثلاث دول: دولة جارة، ودولة عربية، وأخرى أوروبية.

في حال إتمام هذا التحالف، سيكون ذلك إيذانًا بانهيار سيطرة الجيش السوداني الذي يعاني بالفعل من الإنهاك، خاصة بعد أن أصبح البرهان أول رئيس نازح في تاريخ البلاد، يدير شؤون الدولة من شرق السودان. هذه التحالفات الجديدة ستدفع السودان إلى مرحلة أكثر عنفًا، ستُعمّق الأزمة وتفتح الباب أمام صراع طويل الأمد لا مجال فيه سوى لكسر العظم بين الأطراف المتحاربة.

نقد لداعمي الحرب وإشعال فتيل النزاع

لا يمكن التغاضي عن الدور السلبي الذي يلعبه بعض المثقفين وداعمي الحرب من خلف شاشاتهم. هؤلاء المحرّضون أسهموا في تأجيج الصراع، وشجعوا المدنيين على حمل السلاح لمواجهة قوات مدججة بأسلحة ثقيلة، دون إدراك أن الكلاشنكوف لن يصمد أمام المدرعات والدبابات.

يُعد الدكتور محمد جلال هاشم مثالًا صارخًا لهذا الدور السلبي؛ فهو يتحمل، مثل الجيش والدعم السريع، مسؤولية مقتل الآلاف من المدنيين بخطابه التحريضي. إن هؤلاء الداعمين للحرب، مهما حاولوا الاختباء وراء شعارات براقة، هم شركاء في هذه المأساة المستمرة.

خاتمة: السودان على أعتاب تحولات كبرى

يبدو أن السودان مقبل على مرحلة جديدة من التحولات السياسية والعسكرية، حيث تتفكك التحالفات القديمة، وتتشكل قوى جديدة على أنقاض الجيش المركزي. ما نشهده اليوم ليس سوى بداية لانفجار كبير قادم، حيث ستتصاعد الصراعات وتُعاد صياغة موازين القوى في البلاد.

الأيام القادمة ستكون مليئة بالتطورات التي قد تعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في السودان. مع تفكك التحالفات الهشة وانقلاب المصالح، سيشهد السودان انقلابات دراماتيكية وصراعًا عنيفًا سيطبع هذه المرحلة بدماء وخيانة لا مفر منها.

   

مقالات مشابهة

  • هكذا تستهدف قوات الدعم السريع المساجد في السودان
  • والٍ بشمال السودان يؤكد خلو ولايته من ميليشيات الدعم السريع
  • غوتيريش يدين هجمات قوات الدعم السريع في السودان
  • تقرير تحليلي: الليبيون فهموا أخيرًا أن الحرب انتهت وحان وقت قلب هذه الصفحة وإعادة بناء بلادهم
  • السودان على حافة الانفجار: تحالفات سرية بين الدعم السريع والحركات وانقلابات تقود إلى كسر العظم
  • روسيا وأمريكا ولعبة النفوذ في السودان في ظل الصراع المسلح!
  • منى صفوان : ايقاف الحرب.. تلاقي المصالح
  • السودان .. القبض علي قيادات كبيرة في ميليشيا الدعم السريع
  • ماذا حدث بعد انضمام أبو عاقلة كيكل إلى الجيش السوداني؟
  • العدوان الأمريكي البريطاني يشن غارة على محافظة الحديدة