إسحاق فضل الله: (..) هؤلاء فكروا فى بيع جثتي للإمارات وخرجت من العيلفون على متن “درداقة”
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
(نجوم في الحرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمد جمال قندول
الكاتب الصحفي إسحاق أحمد فضل الله لـ(الكرامة):
(…..) هؤلاء فكروا فى بيع جثتي للإمارات…
خرجت من العيلفون على متن “درداقة”
المخابرات السعودية حاولت فى استدراجي بهذه الطريقة(…….)
هاجمني 3 من الميليشيا بالرشاشات وهذا ما حدث ……
“تقدم” شعبيًا انتهت
فقدت مكتبتي التي كنت أجمع فيها 50 عامًا
لما رأيتُ الجنجويد عرفت معنى الآية (….
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
ضيف مساحتنا لهذا اليوم هو الكاتب الصحفي إسحاق أحمد فضل الله، الذي كان مُريضا وأخرجه صديقه من منطقة العيلفون على متن “درداقة”:
أين كنت اليوم الأول؟
كنت في المنزل مريضا وخرجت.
لحظة اندلاع الحرب؟
من قبل الحرب بأسبوعين بدأوا انتشارًا كثيفًا في مناطق شرق النيل، وبالتالي لم أتفاجأ أبدًا باندلاع هذه الحرب، ولكن لم يكن الناس يتخيلون كل هذا العدد والسلاح الذي لديهم، فهم مائة مرة ضعف ما كان يتصوره الناس.
كيف علمت بنبأ الحرب؟
كانوا جاهزين و”خشوا” علينا بالرشاشات.
متى غادرت العيلفون؟
ثاني يوم مباشرة.
كيف غادرتها؟
كما ذكرت لك كنت مريضا وغادرت على متن “درداقة”، حيث أقلني صديق عبرها وأخرجني من العيلفون.
أين كانت الوجهة؟
مشينا الحصاحيصا.
كم مكثت في الحصاحيصا؟
شهرانِ.
ثم ماذا؟
جينا كسلا.
الحرب طالت؟
طالت لأنّ الإمارات فوجئت هي والميليشيا بعكس ما توقعوه بوجود جيش قوي وصلب أحبط المؤامرة، حتى أمريكا نفسها أوهمت الإمارات والتمرد بأن يوقعوا في جدة لأنهم (بعد شوية ما حيلقوا الجيش ذاتو)، ولكنّ الجيش كان قويًا ومازال يدافع عن الوطن وسينجح في مبتغاه.
ماذا خسرت في الحرب؟
الحمد لله ما خسرنا أرواحًا لكن خسرنا البيت و”الموبايلات” لكن ما في قروش ذاتو يسرقوها.
عادة فقدتها مع الحرب؟
مكتبتي التي أجمع فيها منذ 50 عامًا.
مأساة عايشتها أيام الحرب؟
حجم المأساة التي أصابت البلاد والعباد لا يستطيع حتى المؤرخين تدوينها، لأنّه (إذا في مليون نازح أو لاجئ معناها دي براها مليون قصة معاناة).
الموت هل أقترب منك؟
الموت اقترب مني “زمان، وهسي وكتير”، عادي أنا والموت “بقينا أكتر من قرايب”، لكنّ الأجل ما تمّ.
تفاصيل اليوم الأول؟
القصف من اليوم الأول دمر محول الكهرباء الذي يقع بالقرب من منزلي، وفي ذات اليوم دخل عليّ 3 من الميليشيا وهم مدججون بالسلاح ولكنّ الأجل ما تمّ.
يعني خلوك؟
كان همهم يطلعوا الناس من البيوت “الزمن داك”.
ما عرفوا هُويتك؟
لم يعلموا، ولكن بعد أسبوعٍ جاءوا يفتشوا عني بالاسم في العيلفون.
قراءتُك للمشهد على ضوء المتغيرات التي تطرأ بين الحين والآخر؟
لو في اليوم في 40 هجومًا بمناطق مختلفة بتلقى 37 للجيش، (الناس ديل منسحبين بشكل عجيب وشوية شوية ما حيقدروا يتحركوا) ، اليوم الثلاثاء، ومثلًا في آخر هجوم والطيران الآن مرتاح جدًا، و(يحاولوا يدخلوا أسلحة، والسعودية رسلت دعم للجنجويد الكنا بندافع عنها أمام الحوثي) .
أيامٌ صعبة؟
(أنا بعرف حاجة واحدة بس الناس لازم يصدقوا ربهم، الآن أي زول يقول أنا مسلم، لكن عمليًا يكذبون ربهم ويقول صدق الله العظيم بلسانه ولكن عمليًا يكذبون القرآن، والله الناس ما مصدقين الله يصدقوا إسحاق أحمد فضل الله).
ما يجري ابتلاءات؟
ما يحدث الآن أنّ الله يريد إرجاع السودانيين لدينهم.
“السودانيون” هل فقدوا الثقة في النخب والقوى السياسية؟
(هسي” ما في سيرة لها على الإطلاق، واللذيذ الكان بشتموا الكيزان “هسي ما لقوا غير الكيزان والجيش البدافعوا عن البلد، العندو جهة تانية يورينا).
الكتابة أيام الحرب؟
كل يوم يومين بكتب في “الواتس”، ولكن فقدنا ورق الجرائد ما في جرائد.
هل سيعود الوطن قريبًا؟
نعم سيعود قريبًا جدًا، لأنّ طبيعة الحرب التي تدور الآن تتميز بالحسم والإبادة.
مجموعة “تقدم”؟
نعم شعبيًا انتهت، وحتى الدول التي كانت تدعمهم نفضت أياديها منهم، لأنها اكتشفت بأنّهم بلا قيمةٍ أو تأثير.
هل تعرضت للتهديد والوعيد في هذه الحرب؟
“الخلايا” كانوا قد فكروا فى أن يبيعوا جثمان إسحاق أحمد فضل الله للإمارات، لكن كثيرًا من إخواننا شكلوا لي حمايةً، (واحد من أصدقائي في مخابرات السعودية ما عارف دفعوا له ليعمل لي دعوة للسعودية وطلع الجواز وكل التكاليف قام بها، واكتشفت لاحقًا أنها شرك لاستدراجي للمخابرات السعودية).
ألم تفكر في مغادرة البلاد؟
أبدًا.. وأنا آخر من يغلق الباب (لمن الناس يطلعوا كلهم).
هذه حربٌ مختلفة؟
بكل ما فيها.
عاصرت حرب الجنوب ثم هذه التجربة الآن؟
ما عرفت معنى الآية (ثم رددناه أسفل سافلين) إلّا لما رأيتُ الجنجويد، وحرب الجنوب كانت أخفّ قدرًا بما لا يقاس.إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: على متن
إقرأ أيضاً:
“بيرييلو” ومآلات الحرب السودانية
لعل من غير المستغرب أن يهرول المبعوث الأمريكي “توم بيرييلو” إلى “بورتسودان”، التي رفض من قبل أن يزورها، بحجة القلق على حياته جراء اضطراب الأمن.
ولم يَمضِ وقت طويل قبل أن يجد نفسه في مأزق؛ يائساً، محروماً من أي فرص ، بعد فشله في تقديم الإفادات الصحيحة غير المنحازة حول الأزمة السودانية ، بل ظهر كوسيط منحاز تماماً للطرف الآخر من الصراع ، هو الآن محروماً من الأموال بعد الاستثمار في قضية مشبوهة وإنفاق مبلغ ضخم في محاولة “جنيف ” الفاشلة.
في موازاة ذلك وسَّعت مليشيات “ال دقلو” حربها التدميرية، هدفُها واضح، تدفيع السودانيين ثمناً رهيباً رداً على مساندتهم للجيش الوطني ، تريد المليشيات إغراق السودان في الركام وقلق النزوح وتوتراته، حتى يتسنى لرعاتها الدوليين استصدار قرار أممي باحتلال بلادنا عبر ما يسمى ب “قوات حماية المدنيين” ، ولكن المفاجأة .. الحليف القوي “روسيا” أحبطت المحاولة باستخدام حق النقض “الفيتو” .
في الجانب الآخر ، لا يعلم “بيرييلو” ان السودان ينتظر انتقالَ المقاليد في البيت الأبيض إلى يد “دونالد ترمب” بعد شهرين، عندها مصير مهمة المبعوث الأميركي لن تنفصل عن الحديث الدائر عما سيكون عليه وضع ملف السودان في عهد ترمب الثاني، وغالب ظني سيدفع “ترمب” بملف السودان الى وكلائه في الخليج ، وستعود نغمة “منبر جدة ” من جديد .
بغض النظر عن تحالفات السودان الجديدة مع القطب الشرقي ، والتي بدأت باستئناف الشراكة الاقتصادية مع الصين ، إستعادة العلاقات مع “إيران” ،وتفاهمات ناجحة مع روسيا ظهرت جلياً في موقفها امس، فإن مماطلة الامريكان كثيراً في إدانة واتخاذ موقف حاسم يساهم في إنهاء معاناة السودانيين ، جعلت حكومة السودان غير آبهة بزيارة المبعوث الأمريكي ولم توليها الاهتمام الكافي .
في ذات السياق ، حتى وإن استئنف “منبر جدة” مرة أخرى، من يفاوض السودان؟ ، هل يملك “حميدتي” أي سيطرة على عصابات النهب التي تحارب المدنيين في الجزيرة ، سنار ، دارفور ؟ ، بالطبع (لا) ،خرجت تلك العصابات عن إمرة قادة الدعم السريع ، ولن تنتهي إلا بالقتال، إذا ما الذي يجبر “البرهان” على الخضوع لإملاءات الغرب؟ .
الرئيس “البرهان” رجل ذكي ، نجح في إنقاذ السودان من الاحتلال الأجنبي، سوى كان عبر حرب الوكالة التي يخوضها “حميدتي” أو عبر مؤامرات الغرب وامريكا التي فشلت أمس بواسطة الموقف الروسي .
أنتصر “البرهان” على الغرب ، ومن حسن الحظ أن جروحَ السنوات الماضية لم تقتلع من نفوس السودانيين بقايا مشاعر التضامن الوطني والإنساني، لذلك يجد شعبه يسانده في كل المواقف التي يتخذها.
الفترة التي تفصلنا عن تسلم “ترمب” مهامه شديدة الخطورة، وحشية المليشيات بلا حدود أو روادع.
إذا رغبت “أمريكا” في الحفاظ على قدر متوازن من مصالحها في السودان عليها اتخاذ قرارات حاسمة بشأن “ال دقلو” وحربهم ضد المدنيين ، اتخاذ القرارات الحاسمة اليوم أفضل من اتخاذها بعد الانهيار الكامل للعلاقة بين السودان والولايات المتحدة .
حسم المليشيات عبر قرارات ومواقف دولية واضحة يساهم في عودة الدولة السودانية ، الدولة وحدها التي تملك الحق في المنح والرفض ، وايضاً وحدها تستطيع تضميد جروح السودانيين وتبديد مخاوفهم وليست القوات الأممية.
محبتي واحترامي
رشان اوشي
إنضم لقناة النيلين على واتساب