الثورة نت:
2024-12-22@13:46:51 GMT

المولد والنسق القيمي

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

 

 

في حياة الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام محطات لم يقف عندها الفكر متأملا أو متبصرا كالهجرة مثلا، فالهجرة لم تكن إلا انتقالا من حال دل عليه المكان بكل دلالاته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ولذلك غفل الفكر العربي عن تفسير الحالة تفسيرا منطقيا يتسق ورسالة الإسلام كرسالة سماوية خاتمة للبشرية، ذلك أن إيماننا المطلق بالله يرى أن الله قادر أن يزرع المحبة في قلوب كفار قريش ويجعل منهم أمة تتقبل الرسالة وتبشر بها العالم من حولها، لكن حدث العكس، فقد كانت قريش بكل مدلولات المكانة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بيئة طاردة للرسالة وغير قابلة للتحولات وحالات الانتقال التي يحملها الرسول الأكرم للبشرية، لذلك كانت الهجرة تعبيرا عن المناخ الملائم للإسلام بدلالة اسم المكان الجديد « المدينة « وتعبيرا عن رفض المحمول الثقافي للقرية، ومثل ذلك ثابت بالنص، فالقرآن حين يتحدث عن مكة فهو لا يتجاوز ملفوظ القرية إلى غيره، وحين يتحدث عن يثرب كمكان جديد حاضن للرسالة المحمدية فهو يسميها بالمدينة، وفي ذلك دلالة حضرية ذات بعد نظري عميق لم يقف عنده أرباب المذاهب ولا علماء الكلام كما وقفوا عند باب الطهارة والنجاسة وباب النكاح .


ما يميز الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام هو التزامن مع فكرة التغيير والبناء والوعي بضرورات الإصلاح، فالإصلاح نسق فكري ثقافي حضاري تقدم عليه الأمم لإنجازه بخطاب وتقنيات ومعطيات قادرة على التفاعل مع الواقع لا القفز على شروطه الموضوعية وقادرة على فرض طابعها الخاص الذي تتسم به المرحلة أو يتسم به المستوى الحضاري الحديث .
ما يحدث اليوم في عموم الجغرافيا اليمنية هو عملية ثقافية تحفيزية تهدف إلى إكساب المجتمع هوية إيمانية مضافة وهي تعتمد اعتمادا متزايدا على مختلف الجماعات بهدف الوصول للوحدة المشتركة أو الإحساس بها في ظل ما يتعرض له الإسلام من هجوم ومن تشويه متعمد ويحمل شلال الإيحاء المتدفق من بين حروفها مشروعا نهضويا كبيرا يصنع من الفكرة الدينية مشروعا سياسيا واعيا وقادرا على إحداث التحولات وتحريك عجلتها، وهذا ما تدل عليه رموز وإشارات خطاب السيد قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي.
ولا بد من التأكيد على فكرة أن رسالة الإسلام جاءت لتستكمل البعد القيمي والأخلاقي عند البشر بعد أن بلغت الرسالات كمالها في الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ولذلك عبر الرسول الأكرم عن ذلك بقوله: « إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق « بل مدح الله رسوله في محكم الذكر الحكيم بقوله : وإنك لعلى خلق عظيم « في إشارة إلى حالة التكامل التي أرادها الله كما تشير آخر آية نزلت على الرسول الأكرم وهي قوله تعالى : « اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» .
هذا البعد القيمي والأخلاقي غاب عن البحث والتنظير والتأصيل في مسارنا الثقافي التاريخي، بل لم يتم التأليف فيه إلا نادرا قديما وحديثا، والسؤال الأخلاقي أثاره وبسط عنه القول الجابري في مشروعه النقدي «نقد العقل العربي « وفصل القول عنه في كتابه « العقل الأخلاقي العربي « .
ولعلنا نستبين الخلل البنيوي في مسارنا الثقافي والسياسي من خلال هذا الغياب أو التغييب، فالإسلام الذي هدم منظومة الثقافات الكبرى في زمنه، وهي الثقافة الفارسية والرومانية، والثقافة الفارسية هي ثقافة وثنية « مجوسية « لا تلتقي مع الإسلام في نقاط، بعكس الثقافة الرومانية التي تشترك في كثير من محدداتها مع الإسلام، ولذلك حاولت الثقافة الفارسية مقاومة عوامل الفناء من خلال إعادة إنتاج نفسها في الثقافة الإسلامية فتركت أثرا واضحا في نظرية الحكم وعلاقة الحاكم بالمحكوم، وفي اللغة والآداب، وفي الحياة الاجتماعية، والقارئ لكتب الأخبار كـ»العقد الفريد « لابن عبد ربه، و «أخبار الزمان « للمسعودي، وغيرهما، يكتشف ذلك الأثر للثقافة الفارسية، كما يكتشف الرؤية المنهجية التي حاولت صرف العقل العربي عن الغوص في نظرية الأخلاق العربية وهو بالتالي تعبير عن انحراف في مسار الرسالة المحمدية وقد كان من نتائج ذلك حالة الهوان والضعف التي وصل إليها العقل العربي والمجتمع العربي منذ العصر العباسي الثاني إلى اليوم .
ولذلك فالاحتفاء بالرسول الأكرم لا بد أن يكون بعثا وبحثا وتحقيقا وتصويبا للمسارات ، ويفترض بنا أن نحاكم التاريخ ونحاكم واقعنا محاكمة عادلة لنعيد ترتيب نسقنا، ونعيد بناء الحيوات وفق قيم ومبادئ الإسلام لا غيره ووفق المستوى الحضاري والفكري للبشرية، فالإسلام رسالة متجددة وليس قالبا جامدا، وهو فكرة ثورية، والفكرة الثورية التي قادها الرسول الأكرم أحدثت تحولا وتبدلا ما زال يذهل المفكرين إلى اليوم والذين جعلوا الإسلام كهنوتا وحالة تسلط جماعات على أخرى تأثرا بما دخل على الإسلام من ثقافات لم يفلحوا بل ساهموا في تراجع فكرة الثورة وأثرها في واقع البشر بل كانوا سببا جوهريا ومباشرا في حالة التخلف والتراجع الحضاري للعرب والمسلمين وهو حال من الذل والهوان يعانونه اليوم كما هو مقروء في الواقع .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

فضل كفالة اليتيم وإكرامه في الإسلام

أكد الدكتور إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، أن كفالة اليتيم أمر رغبنا به النبي صلى الله عليه سلم وقال “انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة واشار بأصبعيه السبابة والوسطى”.

الإحسان إلى اليتيم

الإحسان إلى اليتيم خلق إسلامي رفيع حثنا الإسلام عليه وندبنا إليه , بل وجعله من أفضل الأعمال وأزكاها , قال تعالى : " لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) سورة : البقرة.

ذكر نبوي لقضاء الديون: دعاء يعينك على التوفيق

وكفالة اليتيم المراد بها التقرب إلى الله من خلال التربية والإنفاق وتقديم للمجتمع نبتة صالحة يستطيع أن يفرق بين الحلال والحرام والخير والشر.

لكفالة اليتيم وإكرامه فوائد كثيرة منها :

(1) صحبة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في الجنّة، وكفى بذلك شرفا وفخرا.

(2) كفالة اليتيم صدقة يضاعف لها الأجر إن كانت على الأقرباء (أجر الصّدقة وأجر القرابة).

(3) كفالة اليتيم والإنفاق عليه دليل طبع سليم وفطرة نقيّة.

(4) كفالة اليتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره يرقّق القلب ويزيل عنه القسوة.

(5) كفالة اليتيم تعود على الكافل بالخير العميم في الدّنيا فضلا عن الآخرة.

 

دعاء نزول المطر المستحب والمنقول من السنة

(6) كفالة اليتيم تساهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهيّة، وتسوده روح المحبّة والودّ.

(7) في إكرام اليتيم والقيام بأمره إكرام لمن شارك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في صفة اليتم، وفي هذا دليل على محبّته صلّى اللّه عليه وسلّم.

(???? كفالة اليتيم تزكي المال وتطهّره وتجعله نعم الصّاحب للمسلم.

(9) كفالة اليتيم من الأخلاق الحميدة الّتي أقرّها الإسلام وامتدح أهلها «1».

(10) كفالة اليتيم دليل على صلاح المرأة إذا مات زوجها فعالت أولادها وخيريّتها في الدّنيا وفوزها بالجنّة ومصاحبة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في الآخرة.

مقالات مشابهة

  • فضل كفالة اليتيم وإكرامه في الإسلام
  • أحفاد الرسول الثمانية.. تعرف على جانب من مواقف النبي معهم
  • دعاء قبل الأكل.. ماذا كان يقول الرسول قبل تناول الطعام؟
  • حدث في مثل هذا اليوم| ٧٢ عاما على ميلاد أمير الغناء العربي
  • سوريا ومحنة النموذج
  • برج الحوت.. حظك اليوم السبت21 ديسمبر: الحب هو اللغة التي نفهمها جميعًا
  • في ختام الدورة الثالثة لموظفي وزارة الشباب والجهات التابعة: المولد يؤكد أهمية دورات طوفان الأقصى لتعزيز الوعي والصمود
  • وصايا الرسول في تربية الأبناء.. فيديو
  • أهم أنواع الخط العربي التي تزين أرجاء المسجد الحرام
  • لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. حكم التكاسل عنهما