لماذا يزداد التحذير من نشوب حرب عالميّة ثالثة؟
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
سرايا - أنّ الحديث عن نشوب حرب عالمية ثالثة أصبح معتاداً بعد أن كان نادراً. ومن هذا الحديث ما يعتبر توقعاً، ومنه ما يعدُّ تحذيراً، ومنه كذلك ما ينطوي على تلويح.
وقد بدأ هذا الحديث على استحياء إثر نشوب حرب أوكرانيا في شباط 2022، حين اضطرت روسيا إلى تنبيه حلف "الناتو" لمغبة التدخل فيها. وازداد حديث الحرب العالمية بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، بعد حصول كييف على إمدادات عسكرية نوعية غير مسبوقة من بعض حلفائها الغربيين.
وعندما شنت القوات الأوكرانية هجومها المباغت في إقليم كورسك في 6 اب الماضي، صدر عن موسكو ما يُعدّ أقوى تصريحاتٍ للتحذير مما قد يترتبُ على سماح دول غربية لكييف باستخدام أسلحة زوَّدتها بها لضرب العمق الروسي، واعتبرته لعباً بالنار.
وحملت تصريحات بعض المعاني التي تتراوح بين مراجعة العقيدة النووية الروسية، وتوجيه ضرباتٍ ضد أهداف في دول "الناتو" في حال تهديد العمق الروسي. وإن حدث ذلك، فالمفترض أن تفعَّل المادة 5 من ميثاق الحلف التي تنص على أن أي تهديد عسكري لدولة عضو فيه هو اعتداء على دوله جميعها. وعندئذ قد يفتح باب الشيطان الذي قد يقود إلى حرب أوسع، قد تتجاوز حدود أوروبا، ما لم يمكن تدارك الأمر بالسرعة الواجبة.
ليس غريباً، إذن، أن يزداد الحديث عن حرب ثالثة بعد أكثر من ثمانية عقود من انتهاء الحرب الثانية التي كان معتقداً أنها خاتمة الحروب الكونية. فقد بدا في الفترة التي أعقبتها أن العالم استوعب دروس الويلات التي ترتبت عليها. فقد تسارعت جهود تنظيم إدارة العلاقات الدولية، عبر تأسيس الأمم المتحدة ووكالاتها المتعددة، وعقد عشرات المعاهدات والاتفاقات التي وضعت مرجعيات ومعايير قانونية لضمان حل الصراعات بالطرق السلمية.
غير أن العالم تغيّر كثيراً منذ ذلك الوقت، فعاد شبح الحرب العالمية يلُوح في سماء العالم من بعيد مقترناً باستقطاب دولي حاد، إذ تسعى روسيا إلى تشكيل كتلة دولية في مواجهة التكتل الغربي.
ويبدو الاستقطاب الآن أخطر مما كان في مرحلة الحرب الباردة الدولية بسبب غلبة المعادلات الصفرية، وغياب التواصل المباشر، وإنهاء العمل باتفاقات وضعت سقوفاً لسباق التسلح التقليدي والنووي لفترة طويلة.
ولا توجد الآن مفاوضات مباشرة بين الطرفين، بخلاف الحال في مرحلة الحرب الباردة، حين حالت الاتصالات المباشرة دون نشوب حرب نووية على خلفية أزمة الصواريخ الروسية في كوبا عام 1960، وأتاحت أيضاً عَقد أهم المعاهدات في مجال الحدّ من التسلح.
ومع ذلك، لا يعني ازدياد الحديث عن حرب عالمية ثالثة تنامي احتمالات نشوبها، وخاصة إذا عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أو التزم بما تعهد به من العمل على حلّ أزمة أوكرانيا.
وحتى إن لم يعد ترامب، فمن شأن كثرة الحديث عن هذه الحرب أن يزيد َالاهتمام بها ويدفع إلى اتخاذ إجراءات واحتياطات لمنع نشوبها.
وفي كل الأحوال، يحسن أن يسعى عقلاء العالم من الآن لمعالجة العوامل المؤدية إلى ازدياد الحديث عن حرب عالمية ثالثة.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الحدیث عن نشوب حرب
إقرأ أيضاً:
إيران تساير أمريكا.. لماذا فضلت طهران الدبلوماسية في التعامل مع ترامب عن الحرب والدمار؟
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ، إن الاجتماع الإيراني الأمريكي في مسقط عاصمة سلطنة عمان ، يعد فرصة للدبلوماسية واختبار لجدية الولايات المتحدة، وفق ما ذكرت صحف إيرانية.
وفيما يبدو تفضيلا للحلول الدبلوماسية ، عن الدخول في حرب مدمرة، ذكر وزير الخارجية الإيراني، إن محادثات مسقط ستقتصر على الملف النووي ورفع العقوبات، مشيرًا إلى إن هناك تشيك في نيات واشنطن وليسوا واثقين أنها تملك إرادة لإجراء مفاوضات منصفة وجادة.
ولفت عراقجي قائلا: إلا أن طهران لن تجري مفاوضات مباشرة مع واشنطن طالما استمرت الضغوط القصوى والتهديدات عليها من أمريكا.
وقال عراقجي: إن طلب واشنطن بعدم امتلاكنا سلاحا نوويا قابل للنقاش لكن إذا سعت لأهداف أخرى فقد لا تحققها والإدعاء بأننا نسعى لامتلاك سلاح نووي اتهام لا أساس له فنحن مستعدون لإزالة أي مخاوف بشأن برنامجنا النووي عبر الدبلوماسية".
إيران تفضل الدبلوماسية
كما سبق قبل هذه التصريحات، أن أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن إيران تفضل الدبلوماسية، لكنها تعلم جيدا كيف تدافع عن نفسها، فيما وصف دونالد ترامب بأنه "رئيس السلام".
وكتب عراقجي في مقاله: "خلال الأسابيع الأخيرة، جرى تبادل الرسائل والاتصالات بين إيران والولايات المتحدة، وعلى عكس بعض القراءات السطحية، فإن هذه الاتصالات على الأقل من جانبنا لم تكن رمزية ولا شكلية، بل نعتبرها محاولة حقيقية لتوضيح المواقف وفتح نافذة على الدبلوماسية".
وأضاف: "إيران مستعدة للدخول في تفاعل جاد وإجراء حوار بهدف التوصل إلى اتفاق، حيث سنجتمع السبت في سلطنة عُمان لإجراء محادثات غير مباشرة"، مبينا أن "هذا الاجتماع يمثل فرصة واختبارًا في آن واحد".
وتابع وزير الخارجية الإيراني: "السعي إلى المفاوضات غير المباشرة ليس تكتيكا ولا يعكس توجها أيديولوجيا، بل هو خيار استراتيجي تم اتخاذه بناء على الخبرة".
وواصل : "نحن نواجه جدارا كبيرا من انعدام الثقة ولدينا شكوك جدية بشأن صدق النوايا. شكوك تفاقمت بإصرار الولايات المتحدة على استئناف سياسة الضغط الأقصى قبل أي تفاعل دبلوماسي".
وأردف قائلا: "للمضي قدما نحو المستقبل، يجب علينا أولا التوصل إلى فهم مشترك لهذه الحقيقة المبدئية بأنه لا يمكن أن يكون هناك خيار عسكري، فضلا عن حل عسكري، والرئيس الأمريكي يدرك ذلك".
وأضاف عراقجي: "لا يزال اقتراحنا ببدء محادثات غير مباشرة مطروحا على الطاولة. نحن نؤمن بأنه إذا كانت هناك إرادة حقيقية، فهناك دائما طريق للتقدم".
وتابع: "كما أظهرت التجارب الأخيرة، كانت الدبلوماسية مثمرة في الماضي ولا يزال بإمكانها أن تكون فعالة، منوها بأن إيران على استعداد لتوضيح نواياها السلمية واتخاذ الإجراءات اللازمة من اجل تبديد أي مخاوف منطقية، وفي المقابل، يمكن للولايات المتحدة أن تُظهر جديتها في مسار الدبلوماسية من خلال الالتزام الحقيقي بأي اتفاق توقع عليه. إذا تم احترامنا، فسوف نرد بالمثل".
وأكمل وزير الخارجية الإيراني: "الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة، فإذا كانت تبحث عن حل دبلوماسي حقيقي، فقد أظهرنا لها المسار بالفعل. ولكن إذا كان هدفها فرض إرادتها من خلال الضغط، فيجب أن تعلم بأن الشعب الإيراني سيرد بشكل موحد وحاسم على لغة القوة والتهديد".
وأردف: "توجد الآن فرصة للولايات المتحدة بان يكون لديها رئيس السلام وما إذا كانت ستغتنم هذه الفرصة أم لا، فهو خيارها".