المولد النبوي في الصعيد.. زفة وسهرات ليلية وموائد وجلسات ذكر
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
يحرص الأهالى فى قرى الصعيد على الاحتفال بذكرى المولد النبوى كل عام، وسط تنوع مظاهر تلك الاحتفالات ما بين مسيرات تجوب الشوارع وطهى الطعام وتوزيعه على الأهالى، تزامناً مع اهتمام الطرق الصوفية بعقد جلسات للذكر وسهرات ليلية تتضمن قراءة القرآن الكريم وإلقاء القصائد والتواشيح والابتهالات، بمشاركة كبيرة من العوام وأتباع الطرق الصوفية.
فى قنا مثلت «زفة المولد» أحد أشهر الطقوس للاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف أو موالد أولياء الله الصالحين المنتشرة بجنوب الصعيد، ويحضرها الآلاف من المواطنين، وهى عبارة عن مسيرة ضخمة تتضمن فقرات استعراضية بالخيول والجمال التى تحمل الرايات الخضراء، فضلاً عن فقرات الإنشاد الدينى، ووفقاً لـ«محمد خميس»، أحد مشايخ الطرق الصوفية بقنا، تعد الزفة من أهم طقوس الطرق الصوفية فى محافظات الصعيد، ودائماً ما يتم تنظيمها فى صبيحة يوم مولد النبى صلى الله عليه وسلم: «عادة ورثناها منذ مئات السنين، وعرفناها منذ الصغر من أجدادنا وآبائنا، والإعداد لها يتطلب جهداً كبيراً من القائمين عليها، فهى تعتمد على التنظيم، والتزام كل الحاضرين بما هو متفق عليه بدايةً من السير فى خطى ثابتة منذ لحظة انطلاق الزفة، والتجول فى الشوارع المحددة دون الخروج عن المتفق عليه حتى النهاية».
طقوس خاصة للطرق الصوفية في شوارع المدن والقرى والنجوعوقال منتصر القرعانى، صوفى وصاحب جمعية «القنائى»، إن الزفة تنشر حالة من البهجة والفرحة بذكرى مولد النبى صلى الله عليه وسلم فى شوارع المدن والقرى والنجوع، حيث يخرج الجميع فى المسيرة ينشدون قصائد فى حب الرسول الله، تتقدمهم الجمال والخيول التى ترفع على ظهورها رايات خضراء مدوناً عليها الشهادتان.
وفى المنيا، يحمل الشباب الطبول والدفوف ويتقدمهم الكبار إلى الشوارع، مرتدين الجلابيب البيضاء للمشاركة فى مسيرات تضفى حالة من البهجة، وتتخللها زغاريد النساء وتوزيع الحلوى على الصغار، فضلاً عن تزيين الشوارع برايات ملونة، ويردد الجميع الصلاة على خير البرية إحياءً لذكرى مولد رسول الله، ويسبق «زفة المولد النبوى الشريف»، التى تقام يوم 12 ربيع الأول بقرى المنيا، أسبوع كامل من الأمسيات الدينية تستمر حتى ساعات الصباح الأولى، وفى يوم الزفة تزدحم الشوارع بالمسيرات، وسط التكبيرات والصلاة على النبى فى كل الأرجاء، وفقاً لما ذكره مصطفى حماد، من أهالى قرية زهرة، موضحاً أن محافظة المنيا لها طابعها الشعبى الأصيل فى إحياء ذكرى المولد النبوى، حيث يشارك فيها جميع أفراد الأسرة من الكبار والصغار، ويرتدى الأطفال الجلابيب، ويحملون السيوف الخشبية، تعبيراً عن فرحتهم بالمولد النبوى.
وقال محمد حمبولى، من مركز بنى مزار، إن لكل قرية طقوسها فى الاحتفال بالمولد النبوى، ففى قريتى «صندفا وأبا البلد»، تقام أكبر المسيرات وأكثرها تنظيماً، وفى قرية القيس تنظم العائلات ليالى قرآنية وحلقات ذكر تستمر طوال الليل، مؤكداً أن احتفالات المولد النبوى فى المنيا تمثل تجسيداً حياً للترابط الاجتماعى والتلاحم بين أبناء المجتمع، فهى مناسبة لتعزيز القيم الأخلاقية والفاضلة، لافتاً إلى أن ختام الاحتفالات فى قرية زهرة له طابع خاص جداً، حيث يتم تنظيم مسيرات حاشدة تطوف الشوارع، تعرف بـ«زفة المولد»، ليهلل ويكبر المشاركون فيها، وتتقدمهم الأعلام، وتقرع الطبول والدفوف.
وأوضح على مخلوف، من أبناء مركز المنيا، أن الاحتفال بذكرى المولد النبوى أمر ضرورى فى القرى، ويهتم به الأهالى أكثر من الاحتفالات بالأعياد، موضحاً أنها تستمر لمدة 11 ليلة متصلة، تقام خلالها حلقات ذكر ومديح وتواشيح دينية مساء، وتبدأ عقب صلاة العشاء وتستمر حتى الساعات الأولى من الصباح، ويتم توزيع المشروبات والحلوى على الحضور ومعظمهم من كبار السن والشباب.
واحتفظت قرى ومدن محافظة سوهاج بعادات وتقاليد مختلفة متوارثة فى ذكرى المولد، وتختلف مظاهر الاحتفال باختلاف المناطق والأماكن والأشخاص، فهناك من يهتم بحلقات الذكر والحضرات، فيما يحرص آخرون على تجهيز موائد الطعام المختلفة، من الخضراوات واللحوم، والفول النابت والعدس، فضلاً عن توزيع المشروبات كالعصائر والشاى والترمس.
وتُعرف محافظة سوهاج بتنظيم مسيرات بالخيول والسيارات والسيوف والطبول، ويعد هذا الاحتفال أكثر الاحتفالات المحببة للأهالى بمراكز وقرى ونجوع المحافظة، حيث تجوب تلك المسيرات الشوارع، ويُردد المشاركون فيها أناشيد دينية يمدحون فيها النبى عليه أفضل الصلاة والسلام: «صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم»، ثم يعقب المسيرات أُمسيات وسهرات دينية تستمر طوال أيام الاحتفال بالمولد.
الشيخ سعد صادق، أحد أشهر مشايخ الطرق الصوفية فى سوهاج، أكد أن شراء حلوى المولد النبوى وتقديمها للأقارب والجيران والأصدقاء عادة متأصلة فى المحافظة، إلى جانب تنظيم ليال تلقى فيها القصائد والأناشيد التى تمدح النبى «صلى الله عليه وسلم»، خاصة فى مراكز أخميم والبلينا والمنشاة، مضيفاً أن هناك العديد من العادات والتقاليد القديمة، من بينها تنظيم زفة ومسيرة لـ«جمل» عليه «هودج»، مغطى بالقماش الأخضر، يطوف الشوارع والأضرحة القريبة من المسيرة، ومن خلفهم الأهالى ينشدون فى حب النبى.
وقال سيد كمال، بناحية مركز المنشاة جنوب محافظة سوهاج، إنه اعتاد على تحضير الأطعمة كالفول النابت والأرز بلبن والخضراوات وتوزيعها على الأهالى، وهى عادة ورثها عن والده منذ 40 عاماً: «نستعد قبل قدوم المولود بـ10 أيام، وهى من أكثر الأيام سعادة وفرحة لنا».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المولد النبوى صلى الله علیه وسلم المولد النبوى الطرق الصوفیة
إقرأ أيضاً:
برنامج ثقافي عُماني حافل وجلسات حوارية بمعرض القاهرة للكتاب
أكد سعيد بن سُلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة بسلطنة عمان أن مشاركة السلطنة في معرض القاهرة الدولي للكتاب تأتي تجسيدا للروابط التاريخية والعلاقات الأخوية المتينة التي تربط بين كل من سلطنة عُمان و مصر، وتعكس عمق التبادل الثقافي والتعاون المعرفي بين البلدين الشقيقين، إلى جانب ما يتمتع به معرض القاهرة الدولي للكتاب من أهمية كبيرة لدى القُراء العرب والدول الصديقة، وما يحظى به من مكانة مرموقة بين المعارض الإقليمية والعربية.
وتحل سلطنة عُمان ضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ 56 التي تقام خلال الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير القادم.
وأكد وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة البوسعيدي أنه فيما يتعلق بالفعاليات الثقافية تم إعداد برنامج ثقافي شامل، يغطّي طيلة أيام عقد معرض القاهرة الدولي للكتاب، ويشتمل على مختلف المجالات والمفردات الثقافية من المحاضرات الفكرية والتاريخية، والأمسيات الشعرية والموسيقية والفنون الشعبية، والندوات وحلقات العمل والجلسات الحوارية والنقاشات حول الرواية وغيرها من الموضوعات الاجتماعية والأدبية.
وذكر أن البرنامج الثقافي العُماني حافل بالعديد من الندوات منها ندوة (العلاقات العُمانية المصرية الحديثة.. مرتكزات ومواقف) وندوة ("الخطاب الثقافيّ.. ومُتغيّر العصر)، وندوة (عباقرة عُمانيون.. من الفراهيدي إلى ابن ماجد)، وندوة عن (التراث العُماني المخطوط)، وندوة (عُمان ومصر.. الوئام الأزلي)، وندوة (الدور العُماني والمصري في دعم الثقافة والإنتاج الفكري بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية)، كما يضم البرنامج ندوة موسيقية بعنوان (فهارس المقامات والألحان: موسيقيون مصريون في عُمان).
كما أشار وكيل الوزارة للثقافة إلى أن البرنامج الثقافي سيشهد جلسات حوارية، منها جلسة حوارية بعنوان (جامعة السُّلطان قابوس في عيون الأكاديميين المصريين) وجلسة حول (واقع صناعة النشر في سلطنة عُمان) وأخرى حول (أثر الثقافة العُمانية في الشرق الأفريقي)، كما يشتمل البرنامج على جلسة حوارية بعنوان (من القاهرة، هنا مسقط: الفضاءات الثقافية العُمانية في القاهرة)، وجلسة بعنوان (صعوداً على السفن المبحرة: الثقافة العُمانية في تجلياتها المعاصرة).
وأوضح أن البرنامج يشتمل كذلك على أمسيات شعرية مشتركة وعدد من المحاضرات الفكرية التي تُقدمها نخبة من المتخصصين، من بينها محاضرة عن البيئة والإنسان في عُمان عبر العصور: قراءة في السجل الأثري.
وتشارك سلطنة عُمان في هذه التظاهرة بعدد من الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والأهلية، وهي وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ووزارة الإعلام، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وزارة التراث والسياحة، وجامعة السُّلطان قابوس، والنادي الثقافي، والجمعية العُمانية للكُتّاب والأدباء، ومركز ذاكرة عُمان، وبيت الزبير، بالإضافة إلى مشاركة ثلاث عشرة من المكتبات ودور النشر العُمانية التي ستقدم إصداراتها للقُراء ومرتادي المعرض.
وأكد سعيد بن سُلطان البوسعيدي أن سلطنة عُمان تولي أهمية كبيرة لهذه المشاركة، وتبذل كافة المساعي الممكنة لإظهارها في المستوى الذي يلبّي طموحات كلا البلدين، ويقدم رؤية واقعية عن المشهد الثقافي العُماني للجمهور المصري الشقيق، مشيرًا إلى أن الوزارة سعت منذ فترة مبكرة للاستعداد للمشاركة في هذا الحدث الثقافي المهم، حرصًا منها على ضرورة إنجاح هذه المشاركة في تقديم الصورة المثلى للثقافة العُمانية في مختلف مجالاتها وتجلياتها.
وبين البوسعيدي أن الجناح العُماني الموحد سيشتمل على عدة مفردات تتمثل في معرض المخطوطات العُمانية النادرة، ومعرض الفنون التشكيلية، والعروض الفنية والموسيقية، إلى جانب شاشة لعرض أفلام ترويجية وسياحية قصيرة عن سلطنة عُمان، ومجلس لتقديم الضيافة العُمانية، وركن خاص لتقنية (VR).
وأكد أن الوزارة حرصت على مشاركة الجانب المصري في البرنامج الثقافي من خلال مشاركة نخبة من الكُتّاب والأدباء والشعراء والمفكرين المصريين البارزين، الذين سيشاركون المنصة جنبا إلى جنب مع أشقائهم من الجانب العُماني.
وفي ختام حديثه أكد وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة أن التعاون الثقافي بين البلدين يقوم على رؤية وأهداف مشتركة يسعى الجانبان لتعزيزها وتطويرها، مشيدا بالتعاون البناء الذي يبذله الأشقاء في جمهورية مصر العربية لتحقيق الأهداف والغايات المرجوة من هذه المشاركة.