د. أميرة رضا مسعد تكتب: طلاب الجامعات هم قادة المستقبل
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
طلاب المدارس والجامعات هم النواة الأساسية التى يعتمد عليها أى مجتمع، وهم قادة المستقبل فى أى مجتمع، وفى ظل التغيرات السريعة للمجتمعات، وبخاصة المجتمعات العربية، والأتمتة التى تجتاح الشعوب، حيث أصبحت التكنولوجيا ضرورة ملحة لجميع المجالات.
لذا وجب على الدول الآخذة فى النمو والتطور العمل على دمج التكنولوجيا بصورة أكثر فاعلية فى العملية التعليمية بمحوريها، سواء التعليمى من خلال توفير آليات التكنولوجيا والحوسبة وتسخيرها فى نقل المحتوى التعليمى المتنوع، أو على مستوى المحور الأكثر أهمية وهو توفير الخريجين المتخصصين والمبدعين فى مجال الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات.
وهو ما يصب فى مصلحة المجتمع على مستوى الدولة وعلى مستوى الأفراد، وهو ما نوه عنه سيادة الرئيس فى أكثر من مناسبة ولمح إلى ما يعود على مُتقن لغة العصر من عائد مادى كبير وكذا عائد معنوى، حيث سيعيد المجتمع تشكيل وترتيب وظائف القمة وتخصصاتها، ما سوف يضع التخصصات التكنولوجية والمعنية باستخدامات الحاسب والتعامل مع البيانات، العادية منها والضخمة، فى نصاب يفوق ما اعتمده المجتمع لفترة طويلة مثل الطب والهندسة بتخصصاتها التقليدية.
وبنظرة عابرة على الدول المتقدمة والدول التى سبقتنا بعدد من الخطوات فى مجال الحوسبة والتكنولوجيا المعلوماتية نرى مدى رُقىّ المشتغلين بمجال الكمبيوتر والإنترنت وتكنولوجيا المعلومات، وعليه وجب أن نلفت نظر أولياء الأمور، وأبنائنا الطلاب كذلك، إلى أهمية تعلم كل ما هو ذو علاقة بهذه المجالات لأنها المستقبل وبها نصنع مستقبلاً أكثر جودة وأعلى رفاهة.
وبشىء من التفاؤل يلاحظ القاصى والدانى ما فطنت إليه الجامعات المصرية بجميع أنواعها، حيث أولت مزيداً من الاهتمام بتأسيس برامج أكاديمية جديدة معنية بتدريس علوم الحاسب ومعالجة البيانات والبرمجة، وقد جاء ذلك كانعكاس طبيعى للإقبال الكبير من جموع طلاب العصر على تعلم تلك العلوم.
أضف إلى كل ما سبق كون مصر بموقعها المتميز الذى وهبها الله إياه تمتلك أيضا المنفذ الرئيسي والمدخل العمومي لكابل الإنترنت الدولي العابر لقارات العالم، ما يحتم على مصر امتلاك بنية تحتية تكنولوجية متطورة، وهو ما تسعى إليه مصر برغبة وعزيمة من القيادة السياسية والحكومة.
ولعل هذا من أكبر الدوافع التى دفعت بمصر وحكومتها للعزم على امتلاك جيش جرار من الكوادر التقنية والتكنولوجية الماهرة والمتقنة للغات البرمجة ونُظم الحاسب ومعالجى البيانات لتصبح قادرة على التعامل مع مقتضيات العصر وما يجلبه من تطور وحداثة، وما يمثله هذا التطور من إيجابيات فى بعض الأحيان يجب اغتنامها والعمل على اقتناصها، وسلبيات يجب الانتباه لها واليقظة والحيطة فى مجابهتها والعمل على تلافى أضرارها ومخاطرها قدر الإمكان.
* خبيرة تكنولوجيا التعليم ودكتوراه تكنولوجيا التعليم جامعة القاهرة
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الجامعات التكنولوجية التعليم العالى كوادر قادرة على المنافسة
إقرأ أيضاً:
د.نجلاء شمس تكتب: بسواعدهم تُبنى الحضارات
تخيل معي، لو استيقظنا يومًا فلم نجد عمالًا!
لن نجد مدارس تُبنى، ولا مستشفيات تُجهز، ولا مصانع تدور، ولا جسور تمتد، ولا حقول تُثمر، ولا مدن تنهض ، ستتحول الحياة إلى ركام، وستغدو الطرقات مهجورة، والمزارع جرداء، والمرافق بلا حياة، وستكون الحضارة مجرد حبرٍ على ورق، لا يسنده ساعدٌ، ولا يرفعه جهدٌ هكذا، ببساطة، تنهار الحياة عندما يغيب عنها عرقُ العامل ،والعمل في جوهره رسالة سامية، اختص الله بها الإنسان، فقال تعالى:
{هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]، أي طلب منكم أن تعمروها بالعمل والبناء والإنتاج ،فالعمل ليس مجرد وسيلة للرزق، بل هو عبادة وشكر لله على نعمة الحياة والوجود،
وقد كانت سيرة الأنبياء عليهم السلام خير شاهد على شرف العمل؛ فقد عمل نبي الله داود عليه السلام حدادًا يصنع الدروع، قال تعالى:
{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ} [الأنبياء: 80].
وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم في صغره، ويشارك في التجارة، ويساهم بنفسه في البناء، وقد رفع مع أصحابه أحجار بناء المسجد النبوي بيديه الشريفتين، وحين نتصفح صفحات التاريخ، نرى أن وراء كل حضارة عظيمة أيادي عمال مخلصة صنعت المجد بصبرٍ وإتقان ،ففي مصر القديمة، لم تكن الأهرامات مجرد أحجار ضخمة رُصت فوق بعضها، بل كانت ثمرة سواعد آلاف العمال المصريين الذين حملوا الحجارة على ظهورهم، ورصفوا بها مداميك الخلود التي ما تزال تقاوم عوادي الزمن، شاهدة على أن البناء الأعظم لا تصنعه الحجارة بل تصنعه الأيدي المؤمنة بالعمل، وفي بغداد العباسية، كانت قصور الخلافة وأسواقها المزدحمة تشيَّد بحرفية أيدٍ عاملة تفننت في نقش الجمال على جدران الزمن ،وفي الأندلس، حيث ازدهرت الحضارة الإسلامية، كان العمال المهرة يبنون القصور والمدارس والمساجد بروحٍ فنية أذهلت العالم، وكما كان العمال أساس حضارات الأمس، فإنهم اليوم يشيدون صروح العلم الحديثة، والمصانع العملاقة، والجسور المعلقة، والمدن الذكية؛ فلا يُكتب اسمهم على الواجهات، لكن آثار أيديهم باقية تروي قصة المجد لكل من يفهم أن الحضارة تبنى بالعرق قبل أن تدون في الكتب
لقد أدرك الإسلام مكانة العامل فرفع قدره وأعلى منزلته؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده" [رواه البخاري].
أيها العامل: لست ترسًا خفيًا في آلة كبرى، بل أنت نبضها الحقيقي، وقلبها النابض بالحياة،
أنت الذي تبني المدارس لتُعلّم الأجيال، وتُعمر المستشفيات لتداوي المرضى، وتُشيّد الجسور لتربط بين المدن، وتزرع الحقول لتُطعم الأمم ،
كل قطرة عرق تذرفها على أديم الأرض، تُنبت مجدًا، وتُزهِر حضارةً، وتُخلّد اسم الإنسان،
وفي يوم العمال، نقف لك إجلالًا واحترامًا، اعترافًا بأنك أنت العمود الفقري الذي يشد أوتاد الحياة إلى الأرض؛ فتنهض عليها الحضارة سامقة، لا تهزها العواصف.