ما وراء طلب المدعي العام للجنائية الدولية الاستعجال بإصدار مذكرات الاعتقال؟
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
باريس– دعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان هيئة قضاتها للتعجيل في إصدار 4 مذكرات اعتقال "على وجه السرعة" بعد إسقاط المذكرة المتعلقة برئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية عقب اغتياله في طهران في يوليو/تموز الماضي في هجوم ألقي باللوم فيه على إسرائيل.
في المقابل، جددت إسرائيل حملتها الدبلوماسية لدفع حلفائها للتدخل نيابة عنها ومنع إصدار الوثائق التي ستجبر أكثر من 120 دولة، بما في ذلك حلفاء تل أبيب الأوروبيون، اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت لدورهما المباشر في ارتكاب جرائم حرب مستمرة في قطاع غزة.
وبينما يعتبر خبراء القانون الدولي أن طلب خان لا يحمل أي إضافة قانونية، يؤكدون أن الطعون التي تقدمت بها الدول المساندة لدولة الاحتلال لا تعتمد على أي سند قانوني وأن إصدار المذكرات "مسألة وقت".
يجمع خبراء على أن بيان خان بشأن استعجال المحكمة بإصدار مذكرات الاعتقال هو خطوة "رمزية" (رويترز) طلب الاستعجالوكتب كريم خان في مذكرته للدائرة التمهيدية للمحكمة يوم الاثنين أن أوامر الاعتقال "ضرورية لضمان عدم عرقلة أو تعريض التحقيق أو إجراءات المحكمة للخطر، ومنع استمرار ارتكاب الجرائم المزعومة و/أو ارتكاب جرائم أخرى منصوص عليها في نظام روما الأساسي".
وفي هذا الصدد، وصف أستاذ القانون الدولي بجامعة ميدلسكس في لندن ويليام شاباس المذكرة بـ"البيان الرمزي" لأنها لا تحمل أي معنى أو أهمية قانونية حقيقية لكن الهدف منها هو إقناع القضاة للتدخل بسرعة وإصدار مذكرة عاجلة حتى لا يفلت المسؤولون من اختصاص المحكمة.
واعتبر البروفيسور شاباس في حديث للجزيرة نت أن الاهتمام الدولي الكبير لما يحدث في غزة دفع المدعي العام إلى تحريك الملف بعد تأخره في القيام بذلك، موضحا أنه "من المقبول في المحكمة طلب إصدار أمر اعتقال عاجل، لكن لا يوجد أي دليل على وجود احتمال واقعي لاعتقال أي من الأشخاص المذكورة أسماؤهم على الفور".
يذكر أن القاضي الكندي شاباس كان رئيس لجنة التحقيق الخاصة في الحرب على قطاع غزة في عام 2014 لكنه قدم استقالته بعد تعرضه لانتقادات شديدة من إسرائيل لأنه كان يطمح لإحالة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للمحكمة الجنائية الدولية.
من جانبه، أكد الخبير في القانون الدولي عبد المجيد مراري عدم وجود أي فارق أو جديد قانوني بين مذكرة المدعي العام الأخيرة وبين ما أعلنه في 20 مايو/أيار الماضي، سوى مناشدة قضاة المحكمة من أجل تسريع إصدار المذكرات والمصادقة على طلبات الاعتقال.
وكعضو في الفريق القانوني لممثلي الضحايا أمام الجنائية الدولية، أشار مراري، في حديث للجزيرة نت، إلى تقديم الفريق رسالة للغرفة التمهيدية في المحكمة من أجل تأييد ودعم طلب التعجيل لمحاسبة مرتكبي الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم ومكانتهم أو سلطتهم.
التصدي للطعون
وبعد تقديم كريم خان مذكرة التوقيف في مايو/أيار، تقدمت نحو 53 دولة و7 منظمات حقوقية وهيئات بطعون في إطار ما يصطلح عليه بـ"صديق المحكمة" ووفق المادة 103 من قواعد الإجراءات أمام الجنائية الدولية، وكانت هذه الطعون سببا مباشرا في تأخر تعاطي القضاة مع طلب المدعي العام في إصدار المذكرات.
وقد سعت طعون الدول إلى عرقلة المذكرات الخاصة باعتقال المسؤولين الإسرائيليين، فيما عملت باقي التدخلات على الرد وتوضيح مدى سلامة طلب المدعي العام. وقد كانت حكومة المحافظين السابقة في بريطانيا أول من قدم هذه الطعون من خلال التمسك باتفاقية أوسلو، التي تنص على أنه "ليس للسلطة الفلسطينية ولاية قضائية أو جنائية على المواطنين الإسرائيليين في فلسطين وإسرائيل".
وعند سؤاله عما إذا كان الاستناد على الاتفاقية "قويا" أمام المحكمة، أوضح المحامي مراري أن ذلك "تم نسفه من قبل المدعي العام في مذكرة موجهة للغرفة التمهيدية في 23 أغسطس/آب لأنه غير مبني على أساس قانوني سليم وأكدنا أنه لا يمكن لبريطانيا وباقي الدول الاعتماد في طعنها على اتفاقية بينية لأنها تُلزِم حصرا الدول التي اتفقت عليها ولا تلزم أي جهة قضائية".
وأضاف الخبير في القانون الدولي أنهم أرادوا "تقويض الأساس القانوني الذي اعتمد عليه كريم خان، والمتمثل في الولاية القضائية للجنائية الدولية ويشمل النطاق الإقليمي لذلك الاختصاص غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفق قرار الخامس من فبراير/شباط 2021".
ومن الناحية القانونية، فإن المرجعية القضائية الوحيدة للمحكمة الجنائية الدولية هو نظام روما ومبادئ القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف ولوائح لاهاي وقواعد الإجراءات داخل المحكمة.
أما البروفيسور ويليام شاباس المعروف بمواقفه الجريئة ضد إسرائيل، فقد أشار إلى تقديمه اقتراحا سابقا حثّ فيه القضاة على إصدار مذكرة اعتقال وضرورة تشجيعهم للمدعي العام على النظر في توجيه اتهامات بالإبادة الجماعية لأن ذلك من شأنه مساعدة قضية جنوب أفريقيا كثيرا إذا ما أقدم على ذلك فعليا، لكن خان لم يفعل ذلك.
وعلى الرغم من أن القاضي الكندي لا يرى أن قضية جنوب أفريقيا مرتبطة قانونيا بطلب الاعتقال "لأن الأولى تستند إلى ادعاء ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة" فإنه يؤكد أن القضيتين تناقشان الحقائق نفسها في المذكرات التي قدمتها العديد من الأطراف بشأن مذكرة التوقيف، كما لا يستبعد أن تدفع جنوب أفريقيا الثمن على يد الأميركيين الذي يمارسون ضغوطا كبيرة لإسقاط القضية.
مراوغات الاحتلال
وفي إطار المراوغات التي تسعى إليها إسرائيل، سلط مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "أفدي" الدولية عبد المجيد مراري الضوء على محاولة تل أبيب فتح تحقيق داخلي لمحاسبة كل من يخرق قواعد القتال والحرب في القانون الدولي الإنساني، وهذا الأمر بحسب مراري، إذا تم بشكل مهني، سيغلق الباب أمام الجنائية الدولية.
ولتوضيح ذلك، أضاف الخبير القانوني "إذا أعلنت إسرائيل أن كبير القضاة استدعى المسؤولين الإسرائيليين للتحقيق معهم، سيؤدي ذلك إلى إسقاط أي متابعة من قبل الجنائية الدولية تحت ما يسمى بمبدأ التكامل القضائي، ويعني أن تولي الدولة المعنية التحقيق مع مواطنيها المتهمين بارتكاب انتهاكات، سيمنع أي تحقيق كيفما كان نوعه حتى وإن كان من الجنائية الدولية".
لكن مراري استدرك ما شرحه بالتأكيد على أن هذه الإمكانية انتهى أجلها بعد أن طالب كريم خان الجهة المعنية بفتح تحقيق أثناء زيارته لمعبر رفح، لكن عدم استجابتها أدى إلى إصدار المدعي العام للمذكرات "وبالتالي حتى إذا أعلنت تل أبيب أنها ستفتح تحقيقا في احتمال ارتكاب مسؤوليها جرائم، فلن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار ولن يتبقى لها سوى مسلك التهديد".
وفي سياق متصل، لا يعتقد أستاذ القانون الدولي ويليام شاباس أن تولي السنوار رئاسة حماس دفع إلى تحريك عجلة هذا الملف، لأن المدعي العام يريد بوضوح إثبات عدم انحيازه إلى أي طرف وأنه يلاحق كلا الطرفين في الصراع، وفق المتحدث.
ومتوقعا تعرض القضاة والمدعي العام لضغوط أكبر في الفترة المقبلة لتوليهم قضية غزة، أوضح البروفيسور أنه "من غير المعروف إلى أي حد يمكن أن تصل جرأة الإسرائيليين في تهديداتهم، فقد هددوا من قبل المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا وحاولوا ابتزازها، حتى إنهم حاولوا ملاحقة زوجها".
وأضاف شاباس "نحن متيقنون أن إسرائيل قادرة على خوض معركة شرسة للغاية في هذا الصدد، فهي لا تحترم المؤسسة ولا نزاهة واستقلال القضاة والعاملين في المحكمة الجنائية الدولية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجنائیة الدولیة القانون الدولی المدعی العام کریم خان
إقرأ أيضاً:
مخلفات كيماوية سامة وراء إحالة صاحب مصنع بالغربية للمحاكمة الجنائية العاجلة
شهدت قرية كفر سنباط التابعة لمركز زفتي في محافظة الغربية استمرار حالة من الحزن والوجيعة علي رحيل اثنين من كبار العائلات وإصابة 15 اخرين جراء تصاعد أبخرة وأدخنه سامه عثر عليها في أوائل شهر يناير من العام الجاري ملقاة بضفاف مياه الترع والمصارف بنطاق عزبة عويس وتم الدفع بسيارات الإسعاف لنقل حالات الضحايا والمصابين إلي طوارىء مستشفي زفتي العام .
وتعود أحداث الواقعة حينما تلقت الاجهزه الامنيه بمديرية أمن الغربية إخطارا من مأمور مركز شرطة زفتي يفيد بوصول عدد ثلاث مصابين من أهالي قرية كفر سنباط يعانون من الإصابة بالتسمم وحالات اختناق مفاجىء جراء انبعات غازات وادخنه سامه داخل منازلهم عقب عثورهم علي ماده شبه أسمنتيه بضفاف مياه المصارف والترع بنطاق دائرة المركز .
وأفاد شهود عيان من أسر المصابين أن بعض أقاربهم حصلوا علي تلك المادة شبة الاسمنتية (بيضاء اللون ) داخل جوالات بلاستيكية واستخدموها في بناء حظائر المواشي واعتمادها كالمادة طلاء جيرية .
وتابع شهود العيان في أقوالهم أمام جهات التحقيق ان تصاعد الأبخرة السامة تسبب في نفوق الطيور والمواشي و الدواب فضلا عن كشفهم عن استخدام جرار زراعي في حمل تلك المواد والتخلص منها بمداخل عزبة عويس التابعة لقرية كفر سنباط .
وأشار شهود العيان أن السيارة الجرار تخلص من المواد والنفايات السامة ولم نعلم مصدرها واستخدمت بأيدينا في طلاء غرف منازلنا وهو ما تسبب في تدهور الحالة الصحية للعشرات من أسر وعائلات القرية واصابتهم بالشلل حركي وعدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي .
في المقابل كشف تقرير لجنة فنية برئاسة المهندس ياسر بدر الدين خليل مدير إدارة المواد الخطرة بجهاز تنظيم إدارة المخلفات بالوزارة البيئة وعضوية متخصصين من رجال إدارة الحرب الكيمائية لوزارتي الصحة والدفاع فيما تبين أن المواد الملقاة بضفاف مياه الترع والمصارف عبارة عن مواد ونفايات خطرة عبارة عن (كربيد الكالسيوم ومركبات كبريتية وما ينتج من تفاعلاتهم الكيمائية) وغير مرخص وتورط أحد أصحاب المصانع (المتهم الأول ) بنقل تلك المواد من المنشأة الصناعية المملوكة للمتهم الثاني وإلقائها في أماكن غير مصرح بالتخلص منها وهو ما تسبب في وفاة ضحيتين وإصابة آخرين دون مراعاة اللوائح والقوانين كما تسبب في إصابة 13 شخص بينهم سيدات ورجال ونفوق مواشي مملوكة للمزارعين بنطاق عزبتي عويس وكفر شبرا قلوج بنطاق دائرة مركز زفتي .
كما أفاد تقرير اللجنة أن المواد الخطرة الكيماوية ووفق قانون الإجراءات الجنائية ومصادرة الأدوات المستخدمه في تداول ونقل تلك المخلفات .
وكان المحامي العام الأول لنيابات شرق طنطا الكلية بمحافظة الغربية أصدر توجيهاته العاجلة إلي رئيس نيابة مركز زفتي في القضية التي تحمل رقم 20748 لستة 2023م جنايات مركز زفتي والمقيدة برقم 3348 لسنة 2023م كلي شرق طنطا بإحالة كل من "ه.ا .ع" (مخلي سبيله) وصاحب مصنع الألومنيوم وكيماويات مقيم بمركز ميت غمر بنطاق محافظة الدقهلية والمدعو "ا.م.ي" (مخلي سبيله) مقيم بقرية كفر حانوت بمركز زفتي والمدعو "خ.ع.ي" (هارب) مقيم بدائرة مركز زفتي إلي المحاكمة الجنائية العاجلة بتهمه التسبب في الإهمال وقتل أشخاص وإصابة آخرين بسبب استخدام مواد كيماوية سامه والقاءها والتخلص منها بالضفاف مياه المصارف والترع المجاري المائية بزمام دائرة مركز زفتي .
وأفادت جهات التحقيق في قرارها أن المتهم الأول تداول المواد والنفايات الخطرة(كربيد الكالسيوم ومركبات كبريتية وما ينتج من تفاعلاتهم الكيمائية) بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة مع علمها بخطورتها بأن قام بنقل تلك المواد المار بيانها من المنشأة الصناعية المملوكة للثاني وإلقائها بأماكن غير مصرح بالتخلص منها بمثل تلك المخلفات محل ارتكاب واقعة ترتب علي ذلك الجريمتين محلا الوصف الثاني والثالث وتسبب في خطئه في وفاة المتوفيين إلي رحمه مولاهما المجني عليهما كل من (أحمد أبو المعاطي حجازي ومحمود أبو المعاطي ) بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح الصارمة .
كما تسبب بخطئه في إصابة كل من عبد الستار عبد المعطي وصفاء فوزي عبد الواحد وهبة عباس بيومي وثناء السيد أبوالمعاطي ومحمود أبوالمعاطي حجازي وهندية هنداوي إبراهيم وإبراهيم أبوالمعاطي حجازي ورضا حسن النجار وفاطمة سلام الأشقر ونورا السيد النجار ودعاء الحسيني احمد حسن وليد السيد أبو المعاطي ومحمد إبراهيم عابد وبثينه أحمد حجازي وابتسام عبد الحكيم مندور بأن كل ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترامه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن ارتكاب الجرم محل الوصف الأول والتسبب في رمي المواد والنفايات والخطرة علي بيوت وبساتين وحظائر ملك المجني عليه "عبد الستار عبد المعطي عبد الرازق " والتسبب في موت مواشي ملك المجني عليه بإهماله وعدم مراعاته اللوائح.
بينما جاء المتهم الثانى بصفته صاحب منشأة صناعية مصنع (مسبك) محل ارتكاب الواقعة ينتج عنها نشاطها مخلفات خطر تداولها دون اتخاذ الاحتياطات لمنع أحداث أضرار بالبيئة ويعد المتهمان الاول والثاني تخلصا من المواد والنفايات الخطرة في غير الاماكن المحددة بمعرفة الجهه الاداريه المختصة بالمخالفة للشروط والمعايير المحددة .
كما أوصت النيابة في قرارها أن المتهمان الثاني والثالث حيث اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم من الأول في ارتكاب الجرائم محل الاتهامات السابقة بأن أوعز الثاني والثالث ارتكابها للأول نظير مبلغ مالي تحصل عليه مقدما وأمداه بميقات ومحل تلك تواجد النفايات مع علمهما بطبيعتها كونها خطرة قاتلة باستنشاقها فوقعت جرائم بناء علي ذلك الاتفاق وتلك المساعدة مع علمهما بأمر ارتكابها مع الأضرار بصحة المواطنين .
كما وجهت النيابة العامة بإحالة المتهمين الثلاثة ومعاقبتهم بالمحاكمة الجنائية وندب المحامي صاحب الدور للدفاع عن المتهمين وبإرفاق صحيفة الحالة الجنائية للمتهمين وبإعلان المتهمين بالقرار المذكور .