باريس– دعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان هيئة قضاتها للتعجيل في إصدار 4 مذكرات اعتقال "على وجه السرعة" بعد إسقاط المذكرة المتعلقة برئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية عقب اغتياله في طهران في يوليو/تموز الماضي في هجوم ألقي باللوم فيه على إسرائيل.

في المقابل، جددت إسرائيل حملتها الدبلوماسية لدفع حلفائها للتدخل نيابة عنها ومنع إصدار الوثائق التي ستجبر أكثر من 120 دولة، بما في ذلك حلفاء تل أبيب الأوروبيون، اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت لدورهما المباشر في ارتكاب جرائم حرب مستمرة في قطاع غزة.

وبينما يعتبر خبراء القانون الدولي أن طلب خان لا يحمل أي إضافة قانونية، يؤكدون أن الطعون التي تقدمت بها الدول المساندة لدولة الاحتلال لا تعتمد على أي سند قانوني وأن إصدار المذكرات "مسألة وقت".

يجمع خبراء على أن بيان خان بشأن استعجال المحكمة بإصدار مذكرات الاعتقال هو خطوة "رمزية" (رويترز) طلب الاستعجال

وكتب كريم خان في مذكرته للدائرة التمهيدية للمحكمة يوم الاثنين أن أوامر الاعتقال "ضرورية لضمان عدم عرقلة أو تعريض التحقيق أو إجراءات المحكمة للخطر، ومنع استمرار ارتكاب الجرائم المزعومة و/أو ارتكاب جرائم أخرى منصوص عليها في نظام روما الأساسي".

وفي هذا الصدد، وصف أستاذ القانون الدولي بجامعة ميدلسكس في لندن ويليام شاباس المذكرة بـ"البيان الرمزي" لأنها لا تحمل أي معنى أو أهمية قانونية حقيقية لكن الهدف منها هو إقناع القضاة للتدخل بسرعة وإصدار مذكرة عاجلة حتى لا يفلت المسؤولون من اختصاص المحكمة.

واعتبر البروفيسور شاباس في حديث للجزيرة نت أن الاهتمام الدولي الكبير لما يحدث في غزة دفع المدعي العام إلى تحريك الملف بعد تأخره في القيام بذلك، موضحا أنه "من المقبول في المحكمة طلب إصدار أمر اعتقال عاجل، لكن لا يوجد أي دليل على وجود احتمال واقعي لاعتقال أي من الأشخاص المذكورة أسماؤهم على الفور".

يذكر أن القاضي الكندي شاباس كان رئيس لجنة التحقيق الخاصة في الحرب على قطاع غزة في عام 2014 لكنه قدم استقالته بعد تعرضه لانتقادات شديدة من إسرائيل لأنه كان يطمح لإحالة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للمحكمة الجنائية الدولية.

من جانبه، أكد الخبير في القانون الدولي عبد المجيد مراري عدم وجود أي فارق أو جديد قانوني بين مذكرة المدعي العام الأخيرة وبين ما أعلنه في 20 مايو/أيار الماضي، سوى مناشدة قضاة المحكمة من أجل تسريع إصدار المذكرات والمصادقة على طلبات الاعتقال.

وكعضو في الفريق القانوني لممثلي الضحايا أمام الجنائية الدولية، أشار مراري، في حديث للجزيرة نت، إلى تقديم الفريق رسالة للغرفة التمهيدية في المحكمة من أجل تأييد ودعم طلب التعجيل لمحاسبة مرتكبي الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم ومكانتهم أو سلطتهم.

التصدي للطعون

وبعد تقديم كريم خان مذكرة التوقيف في مايو/أيار، تقدمت نحو 53 دولة و7 منظمات حقوقية وهيئات بطعون في إطار ما يصطلح عليه بـ"صديق المحكمة" ووفق المادة 103 من قواعد الإجراءات أمام الجنائية الدولية، وكانت هذه الطعون سببا مباشرا في تأخر تعاطي القضاة مع طلب المدعي العام في إصدار المذكرات.

وقد سعت طعون الدول إلى عرقلة المذكرات الخاصة باعتقال المسؤولين الإسرائيليين، فيما عملت باقي التدخلات على الرد وتوضيح مدى سلامة طلب المدعي العام. وقد كانت حكومة المحافظين السابقة في بريطانيا أول من قدم هذه الطعون من خلال التمسك باتفاقية أوسلو، التي تنص على أنه "ليس للسلطة الفلسطينية ولاية قضائية أو جنائية على المواطنين الإسرائيليين في فلسطين وإسرائيل".

وعند سؤاله عما إذا كان الاستناد على الاتفاقية "قويا" أمام المحكمة، أوضح المحامي مراري أن ذلك "تم نسفه من قبل المدعي العام في مذكرة موجهة للغرفة التمهيدية في 23 أغسطس/آب لأنه غير مبني على أساس قانوني سليم وأكدنا أنه لا يمكن لبريطانيا وباقي الدول الاعتماد في طعنها على اتفاقية بينية لأنها تُلزِم حصرا الدول التي اتفقت عليها ولا تلزم أي جهة قضائية".

وأضاف الخبير في القانون الدولي أنهم أرادوا "تقويض الأساس القانوني الذي اعتمد عليه كريم خان، والمتمثل في الولاية القضائية للجنائية الدولية ويشمل النطاق الإقليمي لذلك الاختصاص غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفق قرار الخامس من فبراير/شباط 2021".

ومن الناحية القانونية، فإن المرجعية القضائية الوحيدة للمحكمة الجنائية الدولية هو نظام روما ومبادئ القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف ولوائح لاهاي وقواعد الإجراءات داخل المحكمة.

أما البروفيسور ويليام شاباس المعروف بمواقفه الجريئة ضد إسرائيل، فقد أشار إلى تقديمه اقتراحا سابقا حثّ فيه القضاة على إصدار مذكرة اعتقال وضرورة تشجيعهم للمدعي العام على النظر في توجيه اتهامات بالإبادة الجماعية لأن ذلك من شأنه مساعدة قضية جنوب أفريقيا كثيرا إذا ما أقدم على ذلك فعليا، لكن خان لم يفعل ذلك.

وعلى الرغم من أن القاضي الكندي لا يرى أن قضية جنوب أفريقيا مرتبطة قانونيا بطلب الاعتقال "لأن الأولى تستند إلى ادعاء ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة" فإنه يؤكد أن القضيتين تناقشان الحقائق نفسها في المذكرات التي قدمتها العديد من الأطراف بشأن مذكرة التوقيف، كما لا يستبعد أن تدفع جنوب أفريقيا الثمن على يد الأميركيين الذي يمارسون ضغوطا كبيرة لإسقاط القضية.

مراوغات الاحتلال

وفي إطار المراوغات التي تسعى إليها إسرائيل، سلط مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "أفدي" الدولية عبد المجيد مراري الضوء على محاولة تل أبيب فتح تحقيق داخلي لمحاسبة كل من يخرق قواعد القتال والحرب في القانون الدولي الإنساني، وهذا الأمر بحسب مراري، إذا تم بشكل مهني، سيغلق الباب أمام الجنائية الدولية.

ولتوضيح ذلك، أضاف الخبير القانوني "إذا أعلنت إسرائيل أن كبير القضاة استدعى المسؤولين الإسرائيليين للتحقيق معهم، سيؤدي ذلك إلى إسقاط أي متابعة من قبل الجنائية الدولية تحت ما يسمى بمبدأ التكامل القضائي، ويعني أن تولي الدولة المعنية التحقيق مع مواطنيها المتهمين بارتكاب انتهاكات، سيمنع أي تحقيق كيفما كان نوعه حتى وإن كان من الجنائية الدولية".

لكن مراري استدرك ما شرحه بالتأكيد على أن هذه الإمكانية انتهى أجلها بعد أن طالب كريم خان الجهة المعنية بفتح تحقيق أثناء زيارته لمعبر رفح، لكن عدم استجابتها أدى إلى إصدار المدعي العام للمذكرات "وبالتالي حتى إذا أعلنت تل أبيب أنها ستفتح تحقيقا في احتمال ارتكاب مسؤوليها جرائم، فلن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار ولن يتبقى لها سوى مسلك التهديد".

وفي سياق متصل، لا يعتقد أستاذ القانون الدولي ويليام شاباس أن تولي السنوار رئاسة حماس دفع إلى تحريك عجلة هذا الملف، لأن المدعي العام يريد بوضوح إثبات عدم انحيازه إلى أي طرف وأنه يلاحق كلا الطرفين في الصراع، وفق المتحدث.

ومتوقعا تعرض القضاة والمدعي العام لضغوط أكبر في الفترة المقبلة لتوليهم قضية غزة، أوضح البروفيسور أنه "من غير المعروف إلى أي حد يمكن أن تصل جرأة الإسرائيليين في تهديداتهم، فقد هددوا من قبل المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا وحاولوا ابتزازها، حتى إنهم حاولوا ملاحقة زوجها".

وأضاف شاباس "نحن متيقنون أن إسرائيل قادرة على خوض معركة شرسة للغاية في هذا الصدد، فهي لا تحترم المؤسسة ولا نزاهة واستقلال القضاة والعاملين في المحكمة الجنائية الدولية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجنائیة الدولیة القانون الدولی المدعی العام کریم خان

إقرأ أيضاً:

اعتقال شون "ديدي" كومبس في نيويورك بتهم فدرالية غير محددة

تم اعتقال مغني الراب الشهير شون "ديدي" كومبس في مدينة نيويورك بتهم فدرالية غير محددة، وفقًا لما ذكرته السلطات الفدرالية لشبكة CBS.

جاء هذا الاعتقال في مانهاتن بعد مداهمات على ممتلكاته في لوس أنجلوس وميامي في مارس كجزء من "تحقيق مستمر" حول الاتجار بالبشر.

قال محامي كومبس، مارك أغنيفيلي، إنهم "محبطون" من الاعتقال وأن موكلهم "رجل بريء". يواجه كومبس سلسلة من الادعاءات تتراوح بين الاعتداء الجنسي والإساءة، بما في ذلك من شريكته السابقة كاسندرا "كاسي" فنتورا. وقد نفى جميع الادعاءات ضده.

تم الاعتقال في إطار التحقيق الذي تجريه السلطات الفدرالية، وأكد المدعي العام للمنطقة الجنوبية من نيويورك، داميان ويليامز، الاعتقال في بيان يوم الاثنين. وأوضح أن مكتب المدعي العام يعتزم الكشف عن لائحة الاتهام يوم الثلاثاء.

يواجه كومبس عددًا من الدعاوى المدنية، بما في ذلك ادعاءات باغتصاب فتاة قاصر ومحاولته "تربية" منتج وإجباره على ممارسة الجنس مع رجل آخر. وأعرب محاميه عن أمله في "تطهير اسمه في المحكمة".

بدأت مشكلات كومبس القانونية في نوفمبر 2023 عندما قدمت السيدة فنتورا دعواها. تبعها دعوتان من امرأتين أخريين تتهمانه بالإساءة والاعتداء، بما في ذلك واحدة تقول إنه خنقها حتى فقدت الوعي ، وقد نفى جميع الادعاءات في ذلك الوقت.

في ديسمبر، قُدمت دعوى مدنية أخرى تتهمه بتجارة الجنس لامرأة تم استغلالها عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها. في فبراير من هذا العام، ظهرت ادعاءات جديدة من منتجه السابق، رودني جونز جونيور، الذي قال إن كومبس قام بتوجيه تحرشات جنسية غير مرغوب بها له.

تمت مداهمة ممتلكاته الشهر الماضي، وتم إيقافه في مطار ميامي أثناء استعداده لمغادرة البلاد. العديد من الدعاوى قدمت قبل انتهاء قانون الناجين البالغين في نيويورك، الذي سمح للأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي بتقديم دعاوى حتى بعد انتهاء فترة التقادم.

في مايو، ظهرت لقطات CCTV تظهر كومبس وهو يهاجم السيدة فنتورا، وهو حدث تم توثيقه في دعواها المدنية. يُعتبر كومبس، الذي عُرف أيضًا بأسماء عديدة مثل بافي، بوف دادي، وP Diddy، أحد أنجح رجال الأعمال في عالم الراب.

مقالات مشابهة

  • عاجل.. قرار صادم ينتظر رمضان صبحي من المحكمة الدولية
  • اعتقال شون "ديدي" كومبس في نيويورك بتهم فدرالية غير محددة
  • بالمستندات.. رد التوأم على هجوم المصري والتهديد بالشكوى في المحكمة الدولية
  • بالمستندات.. رد حسام وإبراهيم حسن على هجوم المصري والتهديد بالشكوى في المحكمة الدولية
  • المدعي العام الأمريكي: نستخدم كل الموارد المتاحة للتحقيق في محاولة اغتيال ترامب
  • غادة والي تدعو المجتمع الدولي لمساندة جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • المصري يشكو حسام حسن في المحكمة الرياضية الدولية.. عاجل
  • رجب عبدالقادر: المصري سيتقدم بشكوى ضد حسام حسن في المحكمة الرياضية الدولية 
  • المحكمة الدولية تختار المستشار أحمد عزت قاضياً لها
  • عباس منحها نجمة القدس.. السلطة تشكو إسرائيل للجنائية الدولية بسبب عائشة نور