بوابة الوفد:
2024-09-18@00:33:22 GMT

يوم الرحمة المهداة

تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT

مع دنو موعد المولد النبوى الشريف يشتعل من جديد الجدل البيزنطى حول شرعية الاحتفال الرسمى والشعبى. 

تاريخيا كانت الدولة العثمانية لعقود طويلة تقيم الاحتفالات وتعتبره مقاماً للفرح والبهجة حتى ظهرت الحركة الوهابية وانتشارها بسبب عصر النفط وهجرة الناس من كل فج عميق للبحث عن المال ليظهر فجأة هذا الجدل العقيم حول العديد من المسائل الدينية، ومن بينها الاحتفال بالمولد الشريف، وتمادى العلماءُ المنتمون لهذه الحركة إلى درجة تحريمه شرعاً، واعتباره بدعة ومن ثم فإن كل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ فى النار ويستندون إلى أدلة ظاهرها الصواب، لكن باطنها التلبيس على الناس، ادعوا انه لم يثبت عن الرسول أنه احتفل بيوم مولده ولا عن الصحابة، والتابعين، مع أن سبب الاحتفال بالمولد موجود، ومع ذلك لم يفعلوه ولو كان فى مثل هذه الاحتفالات خير لفعله الصحابة، ولأمر به النبى فدل هذا على أن هذه الاحتفالات ليست بمشروعة، وأنها من الأمور المحدثة، وان أول من أحدثها هم العبيديون فى القرن السادس الهجرى عند ظهور الدولة الفاطمية وقد كانت تصرفاتهم مشبوهة، ومن العلماء من أخرجهم من الملة ولا شك فى ضلالهم وبعدهم عن منهج السلف الصالح.

الحقيقة أن الاحتفال بالمولد النبوى هو تعبير انسانى فطرى عن المحبة والتقدير لمقام الجناب النبوى وليس له علاقة له بأحكام الشريعة، لان لم يدع أحد أن الإسلام أمرنا بذلك، بالاضافة انها لم تنقص أو تضيف لتعاليم الإسلام شيئا وهناك مغالطة تاريخية مقصودة وهى ان أول من أرسى الاحتفال بالمولد الشريف ليسوا الفاطميين كما يدعون وانما كما سطر جلال الدين السيوطى فى كتابه «حسن المقصد فى عمل المولد» أنّه أول من احتفل بالمولد بشكل كبير ومنظم هو الملك السنيّ المظفر أبوسعيد كوكبرى والى أربيل وصهر صلاح الدين الأيوبى وقد أثنى عليه كل من السيوطى وابن كثير بوصفه أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وصاحب آثار حسنة فى خدمة الإسلام وايضا ثمة علماء ومحدثون كثيرون ممن أجازوا الاحتفال بالمولد النبوي، فمن هؤلاء الإمام النووى وجلال الدين السيوطى وابن الجوزى وابن حجر العسقلانى وحتى المتأخرين امثال شيخ الأزهر حسنين مخلوف وعالم تونس الفاضل بن عاشور وسعيد البوطى ومتولى الشعراوى وبين ذلك الإمام السيوطي، عندى أنّ أصل عمل المولد الذى هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة فى مبدأ أمر النبى وما وقع فى مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التى يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبى وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف وذكر ابن الجوزي، الذى اعتبر أنّ من خواص المولد النبوى أنه أمان فى ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام، وكذلك ابن حجر العسقلاني، الذى اعتبر أنّ أصله بدعة، لم تنقل عن السلف من القرون الثلاثة، لكنه يستدرك بقوله مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى فى عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة. اختتم بشهادة النووى ومن أحسن ما ابتدع فى زماننا ما يفعل كل عام الموافق لمولده من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور وقد اغلقت دار الإفتاء المصرية باب الفتنة عندما افتت بأن الأقوال التى تحرم على المسلمين الاحتفال بنبيهم والتعبير عن سرورهم بمولده الشريف بشتى وسائل الفرح المباحة فإنما هى أقوال فاسدة وآراء كاسدة، لم يُسْبَقْ مبتدعوها إليها، ولا يجوز الأخذُ بها ولا التعويلُ عليها. وان شراء حلوى المولد والتهادى بها من باب إظهار الفرح والسرور بمولده أمرٌ جائز ومستحبٌ شرعًا. والخلاصة إنَّ من يريدُ الاحتفال بالمولد النبوي، أو يريد الامتناع عن ذلك فليفعل، وفى كلتا الحالتين فهذا ليس أمرا يستحقُ الجدل السنوى اعتقد أن الاولى هو استثمار هذة الفرصة الثمينة وجعلها يوماً عالمياً للتعريف بشخصية ومآثر هذا النبى الكريم لمن يجهلون فضله ويتطاولون عليه وذلك فرض عين على كل مسلم لأنه أسوة حسنة لمن آمن بالله واليوم الآخر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عصر النفط الدولة العثمانية الاحتفال بالمولد

إقرأ أيضاً:

محمد الرحمة المهداة

نبيلة سلطان خزاعلة

خطر في بالي أن أكتب عنه بحيادية، فكرت مليا كيف ستبدأ حروفي المحايدة في حط نفسها وتصفيف ذاتها؟! كيف تتساقط جزيئات الحبر على الورق لتصفه بحيادية؟!
وهل يستطيع المحب إلا أن يحيد عن الحادية؟ وهل يقدر من يُقدّر بقوة إلا أن يكون منحازا؟ أليس هذا طبيعيا في دستور الحب؟
ظلت الأفكار تتلاطم حتى مر في الذاكرة قول بلال لأبي ذر حين عايره “يا ابن السوداء” سأرفعك لرسول الله.
الله الله يا بلال حتى عندما تجرعت جرعة جارحة ذهبت إليه، كيف لا؟ وهو أول من أخبرك أنك إنسان لا فرق بينك وسيدك إلا بالتقوى، فاحتملت بذلك عناء صخرة فوق صدرك وتحت ظهرك رمال حارقة.
إنها الحرية التي فُطر الإنسان عليها، إنها الإنعتاق من سطوت البشر وحلاوة التوجه لرب البشر.
محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، القائد الذي قاد مرحلة الإنتقال من العبودية إلى الحرية والتغير من ظلام الجاهلية إلى أنوار الفهم، في حقبة الفساد فيها حتى عِنان السماء، وأكل القوي الضعيف، وفشى الإستبعاد والجهل، وطغى المال على كل جميل.
فكان العربي وقتها جاهليا أميّا
أميّ حياة وازدهار، يجلسفي ظل عبائته مختالا متخيلا أنه هزم عقباته وعبّد طريقه على طريقته متناسيا مرور ثعلب يبول فوق كومة تمر كان يعتقدها ربه.
كان ضائعا تائها يبحث عن بذور فطرته التي طالما شدته لوجود شدته لوجود خالق يوحده، ويلجأ إليه كلما بعثرته الحياة.
عربي جاهلي أعتقد أنه بماله وفخر نسبه يجوز فوق البشر، فيشتري من يعجبه ويجعله عبدا مملوكا لا يقدر على شيء.
فجاءت الرسالة المهداة والنفحة الطيبة والنسمة العليلة لتنقذ المجتمع والإنسان من كل هذا، وتنقله إلى عدل رب السماء الذي شرع القوانين لإصلاح الدنيا وحال البشر.
محمد وكلمة اقرأ الناطقة ببوح السماء والمرسلة رسائل النور التي لا بد أن ترافق المعرفة والعلم فتزدهر الحياة ويتقدم البشر ويخترع العقل اصنافا من المخترعات ويكتشف كما من القوانين المودعة في الكون والتي تمنح الإنسان رفاهيته وتكفل سعادته وصلاح دنياه.
محمد والموءدة السائلة عن سبب وئدها، في الوقت الذي أكدت رسالة السماء أن الصغيرة والموءدة تلك ملاك محبوبة جميلة، آنسة مؤنسة لهافي قلب أبيها عرش حب لن تساومها عليها الدنيا باسرها.
هي الإنسانة المستحقة للحياة، لها اختياراتها وميراثها وأهليتها، ولها قوامة الرجل التي تتربع على عرش قلبه مهديا إياها الإصلاح والرعاية والحب.
محمد وخديجة التي رُزق حبها باعترافه كرجل وقائد، فالإعتراف بالحب لا يضيع هيبة المُعترِف، ولا يُنقص من قدره وشأنه، فقد كانت السند والعون ومانحة الحب اللامشروط، وصاحبة الإعجاب بالخلق والأمانة قبل المظهر والهيئة، فكيف بمن جمعها جميعا؟
محمد واستوصوا بالنساء خيرا، حيث بر الوالدة وحسن معاشرة الزوجة وملاطفة الإبنة والبر المسبق للولد فصارت أسرا صالحة ولبنات طيبة في جدار نهضة المجتمعات، وريادة الأمة بسمو الخلق بعيدا عن تفاهات ما نعانيه من التافهين، سامية تلك الأسر عن مسميات النسوية والمساواة التي لم تأت إلا بكل غريب، ولم تفتح على مجتمعاتنا إلا جبهات خلعت أبواب الطمأنينة وكشفت أغطيتنا الدافئة، وعرتنا عن مفاهيمنا الأصيلة.
محمد ودولة الإقتصاد والزكاة، فلا فقير ولا جائع، ولا مال مستباح من غير استحقاق، حتى نُثر القمح في أعالي الجبال فأكل الطير وشبع.
محمد ودولة السلم والسلام، فلا نزاع مع الجانحين للسلام، ولا قتال مع غير المقاتلين المعتدين، والأمن للأمنين والحرية للإعتقاد والسلامة للشجر والحجر َالبناء فنمت الحضارة وانتشر الإسلام بجمال الخُلق وحلاوة التعامل وصفاء حاملي رسالته الصادقين.
محمد وفي حضرته لا أملك أن اصفه بحيادية ، الإنحياز هنا من سمات المحب لروح اختارها البارئ لتكون حاملة رسالة السماء ووحي الخالق
صلى الله عليه وسلم.

مقالات مشابهة

  • كيف احتفل المصريون قديما بالمولد النبوي الشريف؟.. قراءة في كتب التاريخ
  • اليمن مع الدول الإسلامية تحتفي بذكرى المولد النبوي الشريف
  • الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لعام 2024.. أجمل صور المولد النبوي
  • هل شراء حلاوة المولد النبوي بدعة؟.. الإفتاء تحسم الجدل
  • مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2024.. «تاريخ من المواكب والتواشيح»
  • بتلاوة القرآن وإنشاد الأشعار والمدائح.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
  • الاحتفال بالمولد النبوي الشريف: فرحة الأطفال وحلوى المولد بين البهجة والمخاطر الصحية
  • محمد الرحمة المهداة
  • تامر أمين يرد على منتقدي الاحتفال بالمولد النبوي: "فين البدعة في كده؟"
  • أقباط مصر يوزعون حلوى المولد النبوى والشربات بشوارع الإسكندرية