منحت حكومة قبرص شركة الطاقة الأمريكية العملاقة "شيفرون" إشعاراً مدته ثلاثة أشهر لإنهاء اتفاقهما بشأن استغلال حقل الغاز الطبيعي البحري "أفروديت"، وذلك في 23 آب/ أغسطس الماضي، بينما تدّعي نيقوسيا أن الشركة قد تأخرت في الوفاء بالتزاماتها وعرضت مقترحات غير مرضية على مدى الأشهر القليلة الماضية. 

وقال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في تحليل له إن الطرفين سيسارعان في المستقبل إما إلى التوصل إلى حل وسط قبل الموعد النهائي، أو إرسال الأمر إلى التحكيم - وهو سيناريو قد ينطوي على تأخير طويل الأمد ويمنع قبرص من اختيار شركاء جدد للمشروع.

 

وأضاف أنه "تم اكتشاف حقل أفروديت في عام 2011، ويقع على بعد 150 ميلاً جنوب قبرص على حدود منطقتها الاقتصادية البحرية الخالصة، مع وجود جزء صغير من الحقل في المنطقة الاقتصادية الخالصة لإسرائيل، ومنذ البداية، كان استغلال الغاز يمثل تحدياً".

واعتبر أن "لقبرص عدد سكان صغير نسبيا، وبالتالي لا يوجد طلب كافٍ على الغاز، في حين أن تصديره إلى إسرائيل عبر خط أنابيب ليس منطقياً لأن إسرائيل ليست بحاجة إليه أيضا ولديها قدرة محدودة لنقل الغاز إلى دول أخرى".

وذكر أنه "تمت مناقشة سيناريوهين خياليين: ضخ الغاز القبرصي (إلى جانب احتياطيات شرق البحر الأبيض المتوسط الأخرى) إلى اليونان وبقية أوروبا عبر خط أنابيب، أو استخدامه لتوليد الكهرباء التي يتم نقلها بعد ذلك عبر كابل يمتد من إسرائيل إلى أوروبا. ومع ذلك، يقع الغاز عميقاً تحت قاع البحر في مياه يبلغ عمقها عدة أميال، مما يجعل الاستخراج والنقل و/أو التوزيع معقداً للغاية وربما غير مجدي من حيث التكلفة في كلا السيناريوهين".


وأكد أن الحل المقترح - من قبل اتحاد شركات يملك حقوق الإنتاج بقيادة شركة "شيفرون" - هو ضخ الغاز جنوباً إلى مصر عبر خط أنابيب بحري أقصر يبلغ طوله 150 ميلاً. وبمجرد نقله إلى الشاطئ، يمكن تسييله في أحد المصانع المصرية الحالية ثم تصديره إلى أي دولة في العالم بواسطة ناقلات خاصة لـ "الغاز الطبيعي المسال". 

ومع ذلك، فإن الطلب المحلي في مصر ضخم ويتجاوز العرض الحالي، وبالتالي يمكن استخدام غاز "أفروديت" لتلبية هذه الحاجة. 

وفي الثاني من أيلول/ سبتمبر، أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" أن نقص الغاز أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد، مما دفع القاهرة إلى استيراد "الغاز الطبيعي المسال"، الذي يُعد أكثر تكلفة من الغاز المنقول عبر الأنابيب.

وقال المعهد إن الشركاء الحاليين في اتحاد الشركات الذي تقوده "شيفرون" هم الشركة متعددة الجنسيات "شل" (بحصة مماثلة تبلغ 35 بالمئة) والشركة الإسرائيلية "نيو ميد" (بحصة 30 بالمئة). وتبلغ تكلفة خطة التطوير المقترحة 4 مليارات دولار. وإذا انفصلت قبرص عن هذه المجموعة، فإن الشركات الأخرى التي قد تكون مهتمة بالحصول على الرخصة هي شركة "بي بي" ("بريتيش بتروليوم") (بالشراكة مع "شركة أبوظبي الوطنية للبترول"، أو "أدنوك") وشركة "إنرجيان"، وهي شركة يونانية مدرجة في بورصة لندن تستخدم حالياً سفينة إنتاج عائمة لاستغلال حقل "كاريش" الإسرائيلي بالقرب من الحدود البحرية مع لبنان.

واعتبرت أن الاهتمام التجاري بأي حقل غاز يتطلب منظورا طويل الأجل. وعادة ما تكون التراخيص لمدة تتراوح بين خمسة عشر إلى عشرين عاماً، ويتعين على الشركات تغطية نفقاتها الرأسمالية الخاصة. وفي حالة "أفروديت"، ستحتاج أي شركة إلى أربع أو خمس سنوات لإكمال البنية التحتية قبل أن يبدأ تدفق الغاز، وبالتالي لن تكون الفوائد المتعلقة بالطاقة والتجارة فورية لأي من الطرفين.


وأضاف "قد تُغير السياسات الإقليمية المتسارعة الحسابات أيضاً، حتى بعيداً عن الاشتباكات المستمرة بين إسرائيل و"حماس" و"حزب الله". ففي الرابع من أيلول/سبتمبر، سافر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة للقاء نظيره التركي - وهي أول زيارة للسيسي منذ اثني عشر عاماً. وقد طغت رؤية تركيا الحازمة فيما يخص حدود "المناطق الاقتصادية الخالصة" في شرق البحر المتوسط على استغلال الغاز المحلي لسنوات عديدة. وتتأثر قبرص بشكل خاص لأن القوات التركية تحتل المنطقة الشمالية ذات الحكم الذاتي في الجزيرة (غير المعترف بها دولياً باستثناء تركيا). كما قدمت أنقرة حجة مشكوك فيها مفادها أن دولة الجزيرة لا يمكن منحها كامل حقوق "المنطقة الاقتصادية الخالصة" الممنوحة للدول ذات الأراضي القارية".

ومع اقتراب موعد انتهاء مهلة طرد "شيفرون" من قبل قبرص، فمن المرجح أن تشهد الأسابيع المقبلة مفاوضات متوترة ومحاولات للتلاعب والمراوغة، حيث يتخذ وزير الطاقة القبرصي جورج باباناستاسيو موقفاً أكثر حزماً من أسلافه. ومن الصعب التنبؤ بالنتيجة، ولكنها لا تبشر بالخير للمستثمرين في المستقبل في احتياطيات الغاز التي تطالب بها قبرص.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية قبرص الغاز إسرائيل تركيا البحر المتوسط إسرائيل تركيا الغاز البحر المتوسط قبرص المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

واتساب تكشف انهيار أخلاق السياسة العراقية

1 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: شهدت الساحة السياسية العراقية تصعيداً غير مسبوق، حيث تحول نقاش عبر تطبيق “واتساب” بين سياسيين بارزين إلى مواجهة عنيفة انتهت باقتحام مسلح لمكتب أحد الأطراف، مما كشف عن تدهور خطير في مهنية الخطاب السياسي وأخلاقياته.
بدأت الشرارة داخل مجموعة محادثة تضم نخب سياسية وإعلامية، حين علّق السياسي حيدر الملا على قضية حساسة تتعلق بالوقف السني، ليرد عليه رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بكلمات قاسية، وصلت حد التهديد المباشر.

وتصاعدت حدة التراشق بين الطرفين، لتتحول المجموعة إلى منصة للشتائم والإهانات، ما أثار استياء واسعاً بين الأعضاء الآخرين الذين عجزوا عن احتواء الاشتباك اللفظي.

و تخلل الجدل عبارات نارية من قبل رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي مثل  ”السـ.ـاقط” و”الناقص”، وتهديد من مثل: “تأدب لا أطيح حظك، اليوم أسويك عبرة”،  ليرد عليه النائب السابق حيدر الملا: “أريد أشوف منو يطلع وراك، لن أنزل لهذا المستوى”، في إشارة مباشرة إلى استعداده لمواجهة أي تصعيد.

الأجواء في المجموعة تحولت إلى ساحة تصفية حسابات، وشهدت تبادل شتائم حادة، وعبارات مليئة بالتخوين والإهانة الشخصية، وسط صدمة باقي الأعضاء، الذين حاولوا عبثًا تهدئة الموقف دون جدوى

وأثارت المحادثات المسرّبة، التي انتشرت كالنار في الهشيم على منصات التواصل، موجة غضب شعبية، حيث عبّر ناشطون عن خيبتهم من مستوى القادة السياسيين. وكتب ناشط: “من يقود البلد لا يملك أدنى مسؤولية، واتساب صارت ساحة لتصفية الحسابات بدل حل مشاكل الشعب”.

وأشار آخرون إلى أن هذا السلوك يعكس أزمة أعمق في النخب الحاكمة.

وأفادت تقارير ميدانية لاحقاً بأن مجموعة مسلحة، يُعتقد أنها مرتبطة بالحلبوسي، اقتحمت مكتب الملا في بغداد، وحطمت محتوياته بالكامل، في خطوة اعتبرها المراقبون محاولة لفرض الهيمنة السياسية بالقوة.

وتساءل محللون عما إذا كانت هذه الحادثة تُنذر بتحول الصراعات السياسية إلى أعمال ميدانية تهدد الاستقرار الهش أصلاً.

ويرى متابعون أن الحادث يكشف انهياراً في القيم المهنية لدى بعض السياسيين، الذين بدلاً من قيادة البلاد نحو التنمية، يغرقون في صراعات شخصية تُظهرهم بمظهر من لا يصلح حتى لمسؤوليات أدنى.

منصات التواصل تحولت  إلى أدوات لتأجيج الصراعات بدلاً من الحوار ، ومع استمرار تدني أخلاقيات الخطاب السياسي، يخشى العراقيون من تفاقم الفوضى التي تهدد ما تبقى من استقرار.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • شيفرون تبيع أصول في إيست تكساس مقابل نصف مليار دولار
  • واتساب تكشف انهيار أخلاق السياسة العراقية
  • 14 الإسرائيلية: المستهدف بغارة بيروت كان يخطط لعملية ضد طائرة إسرائيلية في قبرص
  • الهلال بين السياسة والدين!
  • النفوذ الإيراني في العراق يصمد رغم ضغوط واشنطن
  • السفير المصري في نيقوسيا يقيم حفل عشاء على شرف رئيس جمهورية قبرص
  • أردوغان يدعو PKK لحل نفسه ونزع سلاحه “دون مزيد من التأخير”
  • السياسة الأمريكية تجاه السودان: من صراعات الماضي إلى حسابات الجمهوريين الباردة
  • إدارة ترامب تُنهي خدمات معظم موظفي معهد السلام الأمريكي في واشنطن
  • بعد شيفرون..ترامب يأمر غلوبال أويل تيرمنالز بمغادرة فنزويلا