مشاركون في جلسات منتدى الأعمال : نمو قياسي للاستثمارات البينية والتبادل التجاري بين الإمارات والصين
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
مصطفى عبدالعظيم (دبي)
كشف مشاركون في جلسات منتدى الأعمال الإماراتي الصيني، الذي انطلقت فعالياته في دبي اليوم، عن تسارع وتيرة نمو الاستثمارات والتجارة البينية بين البلدين، في ظل الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، متوقعين أن تشهد السنوات القليلة المقبلة مزيداً من الزخم للوصول بحجم التبادل التجاري إلى نحو 200 مليار دولار في 2030 مقارنة مع 81 مليار دولار في 2023 وفق بيانات وزارة الاقتصاد في الإمارات.
وأشاد الدكتور وو فولين، رئيس بنك الصين للتصدير والاستيراد، بالنتائج الإيجابية للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الإمارات والصين والتي انعكست بشكل مباشر على زيادة الاستثمارات الصينية في الإمارات خلال العام الماضي بنحو 6.8% ومضاعفة الاستثمارات الإماراتية في الصين بنسبة 100%، مقارنة مع عام 2022.
ويأتي المنتدى الذي تنظمه غرف دبي وغرفة الصين للاستيراد والتصدير للمنتجات الكهربائية والميكانيكية، وباستضافة كل من وزارة الاقتصاد بالدولة ووزارة التجارة بجمهورية الصين الشعبية،على هامش الزيارة الرسمية لمعالي لي تشيانغ، رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية إلى الدولة، ويهدف لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتحفيز الاستثمارات المشتركة بين مجتمعات الأعمال في كلا البلدين.
جهود مشتركة
وقال محمد علي راشد لوتاه، مدير عام غرف دبي، خلال كلمته ضمن فعاليات المنتدى: إن الجهود المشتركة بين البلدين تساهم في دعم أهداف مبادرة الحزام والطريق، مشيراً إلى أن دولة الإمارات، تشكل من خلال موقعها الاستراتيجي على خريطة طريق الحرير الجديد بوابة حيوية للأسواق في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.
وأوضح أن الشراكة الوثيقة والمتنامية مع الصين يمكن تلعب دوراً هاماً في تحقيق مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية (D33) لمضاعفة حجم اقتصاد دبي خلال العقد القادم، وترسيخ موقعها ضمن أفضل 3 مدن اقتصادية حول العالم. كما يساهم التعاون التكنولوجي بدور فعال في دعم خطط التنويع الاقتصادي لدولة الإمارات، لذا ستتسارع وتيرة التعاون مع الصين في هذا القطاع الحيوي. كما تمتلك الشركات الصينية المتخصصة في قطاع التكنولوجيا كل الإمكانات اللازمة للمساهمة في تحقيق مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية (D33) لتوليد قيمة اقتصادية جديدة من التحول الرقمي نحو الاقتصاد الجديد بمتوسط 100 مليار درهم سنوياً سيضيفها لاقتصاد دبي.
منصة هامة
بدورها قالت ليو تشون نائب رئيس غرفة الصين للاستيراد والتصدير للمنتجات الكهربائية والميكانيكية: إن المنتدى يشكل منصة هامة لتعزيز التعاون والتواصل بين قادة القطاع الخاص والشركات والمستثمرين في البلدين، مشيرة إلى أن المستقبل يزخر بالفرص المشتركة التي من شأنها توسيع التعاون في العديد من القطاعات الاستثمارية والمالية والصناعية والتجارية.
وأشارت في كلمتها إلى حرص عدد كبير من الشركات الصينية على المشاركة في المنتدى لاستكشاف فرص الاستثمار في دولة الإمارات في مجالات الطاقة المتجددة والاتصالات والخدمات المالية والسيارات التي تشكل سوقاً مهما لها، وأيضاً نقطة انطلاق رئيسية إلى أسواق المنطقة، مؤكدة حرص الغرفة على دعم وتعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
استثمارات مبادلة
وتناولت الجلسة الأولى من المنتدى كيفية قيام صناديق الثروة السيادية ومؤسسات الاستثمار بدفع الاستثمارات المتبادلة، وإنشاء منصة حضانة للمشاريع التعاونية، والذي يقود بدوره إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات والصين، كما سلطت الجلسة الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه «لجنة الاستثمار المشتركة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي» في تطوير إطار قوي للتعاون الاقتصادي والتجاري الدائم بين الصين ومجلس التعاون الخليجي.
وشدد محمد البدر، رئيس قسم الاستثمارات في الصين في شركة مبادلة «على الأهمية الكبيرة للصين التي تشكل قوة اقتصادية عالمية، باقتصاد يتراوح بين 17 إلى 18 تريليون دولار، ومعدل نمو يصل إلى 5% حالياً، الأمر الذي يوفر فرصاً واعدة أمام الاستثمارات الإماراتية في العديد من القطاعات لاسيما قطاعات الرعاية الطبية والصناعات الدوائية والتكنولوجيا والتجزئة والذكاء الاصطناعي.
وأكد البدر خلال الجلسة على ما تتمتع به دولة الإمارات من فرص استثمارية أمام الشركات ورؤوس الأموال الصينية خاصة في مجالات التصنيع والتكنولوجيا المتقدمة.
الإمارات للتنمية
من جهته، قال شاكر زينل، رئيس إدارة الأعمال المصرفية في مصرف الإمارات للتنمية: إن الصين تعد أحد أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، متوقعاً أن تشهد العلاقات الثنائية مزيداً من الانفتاح والتعاون الاستراتيجي في العديد من القطاعات، مؤكداً ترحيب المصرف بتوفير التمويل والدعم للاستثمارات الصينية في المجالات الصناعية.
وأشار زنيل إلى الدور الذي يقوم به مصرف الإمارات للتنمية في تقديم الدعم الشامل للمستثمرين الصينيين، والذي يتجاوز حدود المساعدة المالية لتأهيلهم وتسهيل رحلتهم في الاستثمار وتطوير الأعمال.
قوة الشراكة
في السياق ذاته، أكد الدكتور وو فولين، رئيس بنك الصين للتصدير والاستيراد، النتائج الإيجابية للشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والصين والتي انعكس بشكل مباشر على زيادة الاستثمارات الصينية في الإمارات خلال العام الماضي بنحو 6.8% مضاعفة الاستثمارات الإماراتية في الصين بنسبة 100%، مقارنة مع عام 2022.
وأشار إلى الفرص الواعدة لتعزيز وتوسع نطاق التعاون بين البلدين في مجالات التجارة والبنية التحتية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والابتكار والطاقة المتجددة، لاسيما بعد انضمام دولة الإمارات إلى «بريكس» في يناير الماضي، لافتاً إلى حرص بنك الصين للتصدير والاستيراد على دعم التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين في كافة المجالات لاسيما قطاعات التجارة البينية والطاقة والمعادن والرقائق ومساعدة الشركات الصينية للاستثمار في الإمارات ودعم بناء قدرات التصنيع في البلدين
فرص واعدة
قال ما يونج شنج، رئيس مجلس الإدارة لمجموعة «سينوبك» في الصين خلال الجلسة الثانية للمنتدى: إن دولة الإمارات شريك استراتيجي شامل ومهم للصين، وهناك أرضية صلبة للتعاون والاستفادة من الفرص المستقبلية لتعزيز العلاقة وتطويرها في مجال الطاقة، وبما يعود بالفائدة للبلدين والعالم بأسره، كما أن هذه الشراكة المتميزة ستقود إلى توفير نماذج تطور تكنولوجي مستقبلي يسهم في تحسين الأداء وتطويره، وبما يسهم كذلك في تطور العلاقات في قطاع الطاقة، حيث إن لدينا شراكات قوية مع عدد من الشركات في دولة الإمارات كشركة «أدنوك».
بدوره أكد جمال صالح، المدير العام لاتّحاد مصارف الإمارات أن التعاون بين المصارف الصينية والإماراتية هو قائم بالفعل ويتمتع بآفاق واعدة للارتقاء والازدهار في المستقبل نتيجة للتطور المستمر في العلاقات بين البلدين.
تعزيز الشراكة
وتحدث هو تشيون رئيس مؤسسة النفط الوطنية الصينية عن الجهود المستمرة لتعزيز الشراكة الشاملة مع دولة الإمارات، وقال: على مدى سنوات حرصنا على تقديم الحلول وتعزيز التعاون في مجال النفط عالمياً، وذلك من خلال الحضور الكبير للشركة على مستوى العالم.
وقال خالد القاضي العضو المنتدب للخدمات المصرفية الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في بنك إتش إس بي سي بدولة الإمارات: تشهد العلاقات بين الصين والإمارات نمواً مستمراً وباتت الفرصة مناسبة جداً للعمل المشترك لتحقيق المزيد من الازدهار في العلاقة، ولابد هنا من التأكيد أن مستوى الاستثمار من الشركات الصينية كان كبيراً جداً، وتركز في جميع القطاعات».
مليون مسافر سنوياً
كشف نبيل سلطان، النائب التنفيذي للرئيس لمبيعات المسافرين والإدارة الدولية في طيران الإمارات، أن طيران الإمارات ينقل سنوياً أكثر من مليون مسافر من وإلى الصين، إما لغرض الأعمال أوالسياحة والترفيه، لافتاً إلى أن هناك مناقشات جارية مع مجالس السياحة الصينية في العديد من الاتفاقيات لتسهيل نقل السياح من وإلى الصين عبر الناقلة الإماراتية.
وأكد أن طيران الإمارات يعتبر أول طيران في المنطقة لديه رحلات بلا توقف إلى الصين منذ العام 2008، وخاصة فيما يتعلق بعمليات الشحن الجوي، حيث يتم نقل أكثر من 100 ألف طن من البضائع من الصين إلى دبي وتنقل بعد ذلك إلى أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا.
وقال النائب التنفيذي للرئيس لمبيعات المسافرين والإدارة الدولية في طيران الإمارات: إن نقل البضائع من الصين إلى دبي يشهد نمواً سنوياً بنسبة 10%، خاصة فيما يتعلق بنقل السلع الفاخرة والتجارة الإلكترونية، والتي يتم شحنها عبر طيران الإمارات من الصين إلى دبي ومن ثم توزع إلى باقي الدول من دبي، باعتبار الأخيرة منصة ممتدة للصين من أجل نمو تجارتها الخارجية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
عُمان والصين.. نحو مزيد من الشراكات
محمد بن علي العريمي
mahaluraimi@gmail.com
تتمتع سلطنة عُمان بموقع جغرافي استراتيجي يُتيح لها الاستفادة من علاقاتها مع الصين؛ حيث تُعد عُمان الأسهل جغرافيًا بين الدول العربية في الوصول إلى الصين عبر المسار البحري، وهذا الموقع الجغرافي الفريد يُتيح لعُمان فرصًا كبيرة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الصين، خاصةً في ظل تنامي دور الصين كقوة اقتصادية عالمية وزيادة حجم التبادل التجاري بين الدولتين.
وفي هذا السياق، يُمكن لعُمان الاستفادة من موقعها لتعزيز شراكتها مع الصين في مختلف المجالات، مما يؤدي إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة وتنمية مستدامة. وتمتلك عُمان شبكة موانئ قوية مثل ميناء صلالة، ميناء الدقم، وميناء صحار، التي تتمتع بموقع استراتيجي على المحيط الهندي. ميناء صلالة وحده استقبل أكثر من 4.3 مليون حاوية نمطية في عام 2022، وهو ما يجعله من أبرز الموانئ الإقليمية. كما يُعتبر ميناء صحار من بين الموانئ المتطورة؛ حيث يحتوي على مرافق حديثة ويعد مركزًا رئيسيًا لاستيراد وتصدير البضائع. وفقًا لتقارير اقتصادية، بلغ إجمالي استثمارات تطوير الموانئ العُمانية حوالي 20 مليار دولار خلال العقد الماضي. هذه الموانئ قادرة على استقطاب البضائع الصينية العابرة إلى إفريقيا وأوروبا، مما يعزز موقع السلطنة كمركز لوجستي عالمي.
إضافةً إلى ذلك، يُمكن لعُمان الاستفادة من التكنولوجيا والخبرة الصينية في تطوير موانئها. على سبيل المثال، يُمكن التعاون مع شركات صينية رائدة مثل "تشاينا هاربور" و"تشاينا كوسكو" لتوسيع المرافق اللوجستية وزيادة الطاقة الاستيعابية؛ مما يدعم حركة التجارة المتزايدة. ومن خلال هذا التعاون، يُمكن للموانئ العُمانية أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من مبادرة "الحزام والطريق" التي تهدف إلى تعزيز الربط التجاري بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.
التجارة البحرية بين عُمان والصين تشهد تطورًا ملحوظًا. في عام 2021، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 21.2 مليار دولار أمريكي؛ مما يجعل الصين الشريك التجاري الأكبر لعُمان. وعلى الرغم من أنَّ غالبية هذا التبادل تتركز في قطاع الطاقة، فإنَّ هناك فرصًا واعدة لتوسيع نطاق التعاون ليشمل الصناعات التحويلية والمنتجات الزراعية والسمكية. وتشير التوقعات إلى أنَّ تعزيز الاتفاقيات التجارية وتسهيلات النقل قد يؤدي إلى زيادة التبادل التجاري بنسبة 10% سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة.
ويمكن لعُمان استقطاب الاستثمارات الصينية في قطاعات مختلفة مثل البنية الأساسية، والصناعات الثقيلة، والطاقة المتجددة، والسياحة، والزراعة. وعلى سبيل المثال، تُعد منطقة الدقم الاقتصادية وجهة استثمارية مثالية.
عُمان تُعد شريكًا مثاليًا للصين في مجال الطاقة؛ حيث إنَّ الصين واحدة من أكبر مستوردي الطاقة في العالم. وفي عام 2021، صدّرت السلطنة حوالي 80% من إنتاجها النفطي إلى الأسواق الآسيوية، مع حصة كبيرة موجهة إلى الصين. وهذا التعاون يعكس تكاملاً طبيعيًا بين احتياجات الصين وموارد عُمان. إضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وفقًا لتقارير منظمة الطاقة الدولية، تُعتبر الصين من أكبر المستثمرين في تقنيات الطاقة النظيفة، مما يوفر فرصة لعُمان للاستفادة من الخبرة الصينية في هذا المجال لتطوير مشاريع مستدامة داخل السلطنة.
وفي مجال السياحة، تُعد الصين سوقًا واعدة لعُمان، وفي عام 2019، زار السلطنة أكثر من 50 ألف سائح صيني، ومع استئناف حركة السفر العالمية، من المتوقع أن يرتفع هذا العدد بشكل كبير. وتُعد المواقع التاريخية في عُمان عوامل جذب رئيسية للسياح الصينيين، إضافة إلى الصحاري والشواطئ الجميلة التي توفر تجربة فريدة. وهنا يتعين تعزيز الجهود الترويجية وتنظيم حملات إعلامية على المنصات الصينية الشهيرة مثل "وي تشات" و"ويبو"، بما يساعد على زيادة أعداد السياح الصينيين.
كما إنَّ التبادل الثقافي بين عُمان والصين يُعد ركيزة أساسية لتعزيز العلاقات الثنائية. يمكن تنظيم مهرجانات ثقافية ومعارض فنية وبرامج تعليمية لتقريب الثقافات بين الشعبين. على سبيل المثال، يمكن إنشاء برامج لتدريس اللغة العربية للصينيين، واللغة الصينية للعُمانيين لتعزيز التواصل. علاوة على ذلك، يمكن إقامة فعاليات رياضية مشتركة تُبرز الترابط الحضاري بين البلدين.
ومن ناحية تطوير الصناعات المحلية، فإنَّ الصين سوق رئيسية للرخام العُماني؛ حيث بلغت صادرات الرخام العُماني إلى الصين حوالي 20 مليون دولار في عام 2020. وتعزيز هذه الصناعة وتوسيع قاعدة العملاء في الصين يمكن أن يزيد من إيرادات السلطنة بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، فإنَّ المنتجات الزراعية مثل التمور والأسماك لديها إمكانيات كبيرة للدخول إلى السوق الصينية بفضل الطلب المتزايد في هذا القطاع. تُشير بيانات وزارة الزراعة والثروة السمكية العُمانية إلى أن صادرات الأسماك العُمانية إلى الصين زادت بنسبة 15% في السنوات الثلاث الأخيرة.
ويمكن القول إن أمام سلطنة عُمان والصين فرص استراتيجية يمكن استغلالها لتحقيق فوائد اقتصادية وتجارية واجتماعية كبيرة. ومن خلال التعاون المشترك واستقطاب الاستثمارات الصينية، تستطيع عُمان تعزيز مكانتها كمركز لوجستي وتجاري في المنطقة. ومشروع "الحزام والطريق" يُعد بوابة ذهبية للسلطنة لتنويع اقتصادها وتحقيق التنمية المستدامة؛ بما يخدم الأهداف الوطنية على المدى البعيد. التعاون الوثيق بين البلدين ليس فقط فرصة اقتصادية؛ بل إنه جسر ثقافي يُسهم في بناء علاقات مستدامة تعود بالنفع على الشعبين.