ملحان "أ.ف.ب": قرب منزله المهدّم، يبكي أبو إبراهيم ابنه وأحفاده السبعة الذين قضوا جراء فيضانات ضربت مؤخرا اليمن حيث تتسبب الأمطار "غير المسبوقة" في زيادة الازمات في بلد فقير مزقته الحرب.

يشير الرجل الذي غزا الشيب لحيته، إلى جدران منهارة، هي كلّ ما تبقى من المنزل الجبليّ الذي اجتاحته سيول عارمة، ويحاول حبس دموعه وهو يستذكر انهيار منزل ابنه.

ويقول أبو ابراهيم الذي يعيش على مقربة من المكان مع زوجته، لوكالة فرانس برس، "كنا نسمع أصوات الانهيارات والأمطار بكثافة. بعد ذلك، رأت زوجتي أن منزل ابراهيم لم يعد موجودا، فصرخت بصوت عال: إبراهيم جرفته السيول هو وأولاده".

وليست هذه العائلة الوحيدة التي قضت أو تشرّدت بسبب الأمطار الموسمية هذا العام والتي يقول خبراء إنها تزداد شدّة سنة بعد سنة نتيجة التغيّر المناخي.

وقُتل نحو مئة شخص في أنحاء اليمن في الأسابيع الأخيرة، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا الى أرقام نشرتها الأمم المتحدة.

ونهاية أغسطس، اجتاحت فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة محافظة المحويت في غرب اليمن ما أسفر عن فقدان أو مقتل أكثر من 40 شخصا، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الذي أشار إلى أن عشرات المنازل دُمّرت في المنطقة ما أرغم 215 عائلة إلى النزوح.

وكان 60 شخصا لقوا مصرعهم في فيضانات بدأت أواخر يوليو، بحسب الأمم المتحدة.

وأثّرت الأمطار والسيول على أكثر من 560 ألف شخص في أنحاء البلاد منذ أواخر يوليو، وفق المنظمة الدولية للهجرة التي أطلقت نداء عاجلا لجمع 13.3مليون دولار للاستجابة لحاجات المتضررين.

وقال القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن مات هوبر إن "حجم الدمار مروّع، ونحن بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي".

وتشهد المرتفعات الغربية في اليمن هطول أمطار موسمية غزيرة، لكن الظروف الجوية هذا العام كانت "غير مسبوقة"، بحسب هوبر.

ففي ملحان، جرفت السيول والانهيارات الأرضية المنازل ودفنت عددا من سكانها.

ويقول عبدالله الملحاني، وهو جار ابراهيم المحويتي الذي قضى مع أبنائه، "سمعنا أصوات الانهيارات من الجبال".

ويستذكر كيف سأله أبو ابراهيم عما إذا كان رأى ابنه وأولاده، فقال "خرجنا ولم نجد أحدا، اختفوا جميعا. جرفتهم السيول والصخور".

وكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن على منصة "إكس" أن إيصال المساعدات للمتضررين كان "شبه مستحيل" بسبب "الطرق المتضررة والعائمة"، مرفقا المنشور بصور تُظهر جِمالا تحمل صناديق مساعدات على طرق جبلية وعرة.

وتسبّبت فيضانات اليمن بتدمير منازل ونزوح آلاف الأسر وألحقت أضرارا بالبنية التحتية الحيوية بما في ذلك المراكز الصحية والمدارس والطرق.

ويعاني أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية أصلا من زيادة معدلات سوء التغزية وأعداد الإصابات بالكوليرا نتيجة السيول.

ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا اندلع مع سيطرة جماعة انصار الله على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء. في العام التالي، تدخّل تحالف عسكري دعما للحكومة اليمنية، ما فاقم النزاع الذي أوقع مئات آلاف القتلى. وأدّت الحرب إلى إغراق البلاد في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي من أن الوضع قد يتفاقم في الأشهر المقبلة. وتوقّعت أن "تشهد المرتفعات الوسطى والمناطق الساحلية على البحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية مستويات (متساقطات) غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم".

وقالت الباحثة مها الصالحي في مؤسسة "حلم أخضر"، وهي منظمة بيئية يمنية، إن "تغيّر المناخ لا يؤدي إلى زيادة وتيرة الفيضانات فحسب، إنما يجعلها أكثر شدة".

وشرح الوكيل المساعد لقطاع الأرصاد الجوية بالهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد لدى سلطات الحوثيين محمد حميد أن زيادة وتيرة الأمطار وشدّتها في اليمن تكشفان بوضوح تداعيات التغير المناخي.

وقال لفرانس برس "منذ مايو 2015 وحتى هذا العام، شهدت البلاد حوالى تسعة أعاصير، وهذه ظاهرة لم تكن موجودة من قبل في اليمن".

وأضاف "ندخل في شهر أكتوبر قريبا وعلينا أن نستعد لظاهرة الأعاصير".

وأشار الباحث في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني كريم الجندي إلى أن تهالك البنية التحتية في اليمن وضعف قدرات الاستجابة للكوارث نتيجة سنوات من النزاع، يزيدان من التهديد الذي يمثّله تغير المناخ.

وقال خبير المناخ لفرانس برس "واقعة تساقط أمطار أكثر غزارة مقرونة ببلد غير مستقر نتيجة الحرب، يعرّضان اليمن بشكل استثنائي لهطول أمطار غير مسبوقة، ما أدى إلى فيضانات كارثية في العديد من المحافظات".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأمم المتحدة غیر مسبوقة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

تحذيرات دولية: أزمة غذاء تهدد اليمن حتى منتصف العام

شمسان بوست / متابعات:

نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء. وبيَّنت أن المواني الخاضعة لسيطرة الحوثيين فقدت 70 في المائة من قدرتها التشغيلية؛ نتيجة الضربات الإسرائيلية.

وفي أحدث تقارير الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة، ذكرت أنه في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، تفرض أسعار المواد الغذائية فوق المتوسطة والدخل غير الكافي – بما في ذلك مدفوعات الرواتب الحكومية غير المنتظمة – ضغوطاً على القدرة الشرائية للأسر؛ مما يؤدي إلى نتائج أزمة واسعة النطاق في «المرحلة 3» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وفي عدد من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، من المرجح – وفق الشبكة – أن تمنع المساعدات الغذائية الإنسانية انعدام الأمن الغذائي الحاد الأكثر شدة، مما يؤدي إلى نتائج أزمة.

كما بيَّنت الشبكة أن مجموعة من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة. وذكرت في تقريرها أنه وعلى الرغم من أن ضوابط الأسعار لا تزال ساريةً مع تلقي هذه المناطق مساعدات غذائية إنسانية إضافية في أوائل هذا العام، فإن نطاق التغطية المتوقع ليس مرتفعاً بما يكفي لمنع نتائج هذه المرحلة نظراً لندرة مصادر الغذاء والدخل الأخرى للأسر.

وفق ما جاء في التقرير، فإن الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على البنية التحتية الأساسية للمواني أدت إلى زيادة خطر نقص الوقود والغذاء، وعودة السوق السوداء للوقود، خصوصاً إذا ظلت القدرة التشغيلية محدودة بشكل كبير في الأمد المتوسط إلى الطويل، وإذا لم يتم استخدام استراتيجيات التخفيف.

وأكدت الشبكة أن تلك الغارات أدت إلى تدمير خزانات الوقود؛ وإتلاف 8 زوارق بحرية ضرورية لعمليات الشحن في مواني الحديدة والصليف ومنشآت النفط في رأس عيسى؛ وإلحاق أضرار بمحطتين للطاقة في مدينة صنعاء.

الشبكة بيَّنت أنه في 26 ديسمبر (كانون الأول)، ألحقت جولة ثانية من الغارات الإسرائيلية أضراراً بمطار صنعاء الدولي، ومحطات الطاقة في حزيز (جنوب المدينة)، ورأس كثيب، وميناء الحديدة، وميناء رأس عيسى النفطي، وميناء الصليف البحري.

وقالت إن هذا التصعيد، إلى جانب الهجمات الأخيرة لقوات الحوثيين على مواقع قوات الحكومة الشرعية على طول الخطوط الأمامية الرئيسية في محافظات تعز والضالع ولحج، أدى إلى تقويض جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة للتوصُّل إلى حل سياسي للصراع، وهو ما يزيد من المخاوف بشأن مزيد من التصعيد واحتمال زيادة النزوح الداخلي.

ونقلت الشبكة أن هناك مخزونات من الحبوب والوقود تكفي لمدة شهرين على الأقل في المواني الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتوقَّعت أن تلبي الطلب في الأمد القريب. إلا أنها عادت وقالت إن التقارير الإخبارية المحلية أظهرت أن الهجمات قللت من القدرة التشغيلية في المواني المتضررة على تلقي إمدادات جديدة بنسبة 70 في المائة، ولا تزال عملية تقييم المدى الكامل للضرر – بما في ذلك التأثيرات الأطول أجلاً على العرض والأسعار – قائمة.

ونبَّه التقرير إلى أنه ونظراً لتفضيل الحوثيين القوي للحفاظ على استقرار الأسعار، فمن المرجح أن يستخدموا تدابير تخفيفية لضمان استمرار توريد السلع الأساسية. وقد تشمل هذه الاستراتيجيات شراء واستخدام زوارق سحب إضافية، وتعديل أنظمة التفريغ للسفن في البحر، وإعادة توجيه الواردات الرسمية وغير الرسمية عبر المواني والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية في اليمن.

ومع ذلك تقول الشبكة إنه إذا لم يتم تنفيذ استراتيجيات التخفيف هذه أو إذا حدثت ضربات إضافية تحد من استعادة القدرة التشغيلية، فهناك احتمال أن يؤدي نقص الإمدادات إلى زيادات حادة في الأسعار مماثلة لتلك التي حدثت بين عامَي 2015 و2022.

طبقاً لبيانات الشبكة الدولية، بدأ برنامج الأغذية العالمي توزيع الدورة الأخيرة من المساعدات الغذائية لعام 2024 على المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية في أوائل ديسمبر الماضي. وفي إطار مرحلة تحديد الأولويات في عملية إعادة الاستهداف والتسجيل، تم تقليص عدد المستفيدين المستهدفين من 3.6 مليون إلى 2.8 مليون شخص.

وينبه التقرير إلى أن 800 ألف شخص يفقدون القدرة المباشرة على الحصول على المساعدات الغذائية، يمثلون 8 في المائة فقط من السكان الذين يزيد عددهم على 10.2 مليون نسمة في 8 محافظات، وأجزاء من الحديدة وتعز ومأرب والجوف، التي تشكِّل مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

وبحسب التقرير الأممي، فإنه ونظراً للوضع الاقتصادي الكلي المتدهور، فمن المرجح أن يبدأ بعض المستفيدين السابقين الذين لم يعودوا يتلقون المساعدات في مواجهة فجوات أكبر في استهلاك الغذاء؛ مما يؤدي إلى وقوع بعض الأسر في حالة طوارئ في المرحلة الرابعة من التصنيف. ومع ذلك، لا تتوقع «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» حدوث تغيير في النتائج على مستوى المنطقة.

نتيجة نقص التمويل أوقف برنامج الأغذية العالمي المساعدات عن 1.4 مليون طفل يمني (الأمم المتحدة)

وفي المناطق التي يديرها الحوثيون، أكمل برنامج الأغذية العالمي الدورة الأولى من برنامج المساعدات الغذائية الطارئة المستهدفة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من خلال تقديم المساعدة إلى 1.4 مليون شخص في 34 منطقة.

وتوقَّع برنامج الأغذية العالمي زيادة المساعدات في الدورة المقبلة لتصل إلى 2.8 مليون شخص، كما توقَّع أن تبدأ دورة إضافية واحدة على الأقل من توزيعات المساعدات الغذائية الطارئة المستهدفة في أوائل عام 2025، ولكن التفاصيل المتعلقة بالتوقيت وعدد المستفيدين ليست متاحة للجمهور بعد.

وذكر التقرير أن موسم الصقيع هذا العام كان بارداً في اليمن بشكل غير معتاد، وتوقَّع أن تكون التأثيرات في دخل المزارعين، والخسائر الاقتصادية المرتبطة بذلك أسوأ من المعتاد في كثير من محافظات المرتفعات.

وتوقَّع أن تتأثر محاصيل المزارعين خارج الموسم، مثل الخضراوات و«القات» والحمضيات، سلباً، مؤكداً أن لدى المزارعين خيارات محدودة للغاية للتكيُّف بعد سنوات من الصراع وعدم الاستقرار الاقتصادي الكلي.

وذكر التقرير الأممي أن المَزارع في محافظتَي البيضاء وإب قد شهدت بالفعل خسائر في محاصيل الخضراوات، ومن المتوقع ارتفاع الأسعار في الأسابيع المقبلة.

مقالات مشابهة

  • ما الذي تقترحه الصين على ترامب لتجنب حرب تجارية؟
  • تحذيرات دولية من نقص الغذاء حتى منتصف العام الحالي في اليمن
  • الأمم المتحدة: 50% من الولادات في اليمن غير آمنة
  • تحذيرات دولية: أزمة غذاء تهدد اليمن حتى منتصف العام
  • تفاقم العنف والاختطاف في اليمن يعصف بالمساعدات الإنسانية
  • فيضانات غزيرة تجتاح شمال أستراليا
  • حدث ليلا: أمريكا تستهدف داعش.. ولقاء مرتقب بين نتنياهو وترامب.. والعالم على أعتاب حرب تجارية.. عاجل
  • تبسة.. إنقاذ 3 أشخاص حاصرتهم سيول الأمطار
  • وصول شاحنة الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم وسط فرحة عارمة
  • «ملاح» العطية يتعرض لـ«حادث خطير»