لجريدة عمان:
2024-09-18@00:36:27 GMT

المولد النبوي وطوفان الأقصى

تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT

المولد النبوي وطوفان الأقصى

تأتي ذكرى المولد النبوي على صاحبها أفضل الصلاة والسلام هذا العام والأمة الإسلامية والعالم بأجمعه يمر بتحولات كبيرة، على الصعيد السياسي والفكري والديني، وهذه التحولات مؤذنة ببشارات لانبعاث جديد في هذه الأمة، فكما أن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أخرج الناس من الظلمات إلى النور، فإن انتشار الإسلام في أصقاع الأرض بعد معركة طوفان الأقصى ووصول نور الإسلام إلى كل أرجاء المعمورة، والتعرف عليه من خلال الواقع المشرف الذي سطره أبناء غزة وفلسطين، من نماذج غاية في الجمال من حيث الصبر والتعلق بالله عز وجل والرضا بما قدر لهم، ومعاني الشرف والعزة والكرامة التي تستقبل الموت بصدور رحبة وإقدام مشرف، وأن هذه الحياة فانية وهي مجرد معبر إلى الحياة الخالدة يوم القيامة وغيرها من المعاني التي صدمت العالم الغربي في فرادتها، فأخذوا يبحثون عن القرآن الكريم للتعرف على هذه العقيدة الراسخة والمعاني الخلاقة.

بل دفع بعضهم إلى البحث عن الدراسات المقارنة للأديان لمعرفة ما هو موجود في كتبهم المقدسة على الرغم ما فيها من تحريف وتبديل إلا أنهم وجدوا بشارات على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد أن أثبتها العلماء المسلمون في بحوثهم ودراساتهم وكتبهم، فقد كانت البشارات سابقة على الديانتين اليهودية والنصرانية، وهذا ما أثبته القرآن الكريم ففي دعوة إبراهيم عليه السلام وهو يرفع قواعد الكعبة مع ابنه إسماعيل دعا ربه أن يبعث في أهل مكة رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة، فقال ربنا تبارك وتعالى في سورة البقرة: "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" ولذلك عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه قال: "أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى". وقد اختاره الله أن يكون من ذرية إسماعيل عليه السلام.

ولو تتبعانا القصص التي أوردتها كتب السير لوجدنا أنها تثبت أن الأحبار والرهبان كانوا يعلمون بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم وزمانه ومكان بعثته، فكما يذكر كتاب الرحيق المختوم هذه الرواية أنه: "لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ارتحل به أبو طالب تاجرًا إلى الشام، حتى وصل إلى بُصْرَى وهي معدودة من الشام، وقَصَبَة لحُورَان، وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان‏ وكان في هذا البلد راهب عرف بَبحِيرَى، واسمه فيما يقال‏:‏ جرجيس، فلما نزل الركب خرج إليهم، وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك، فجعل يتخلّلهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال‏:‏ هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين‏.‏ فقال له ‏أبو طالب وأشياخ قريش‏:‏ ‏‏و‏ ما علمك ‏بذلك‏‏‏؟‏ فقال‏:‏ إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خرَّ ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل: التفاحة، ‏وإنا نجده في كتبنا‏، ثم أكرمهم بالضيافة، وسأل أبا طالب أن يرده، ولا يقدم به إلى الشام، خوفًا عليه من الروم واليهود، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة"‏.

وولنا في قصة سلمان الفارسي وتنقله بين بلدان الشام والعراق حتى وصوله إلى المدينة المنورة باحثا عن الحقيقة ووحدانية الله حتى أخبره الرهبان أن هذا الزمان هو زمان نبي يبعث في مكة وأعطوه علامات استدل بها على صدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن الروايات الواردة في كتب السير قصة عبدالمطلب مع الملك سيف بن ذي يزن الحميري الذي تغلب على الأحباش واستقر له ملكه في اليمن، وأتته وفود العرب مهنئة على هذه النصر، ومن ضمن الوفود كان وفد قريش بزعامة عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سيف بن ذي يزن يدين بالديانة اليهودية، وبعد أن أعجب ببيان ومنطق عبدالمطلب أخبره كما ذكر ذلك كتاب سيرة ابن هشام حيث دار هذا الحوار بين عبدالمطلب وسيف ابن ذي يزن، حيث قال الملك الحميري: "إني أجد في الكتاب المكنون، والعلم المخزون، الذي اخترناه لأنفسنا، واحتجناه دون غيرنا، خبرا عظيما، وخطرا جسيما، فيه شرف الحياة، وفضيلة الوفاة للناس عامة، ولرهطك كافة، ولك خاصة.

فقال عبد المطلب: أيها الملك مثلك سر وبر، فما هو فداؤك أهل الوبر زمرا بعد زمر؟ قال: إذا ولد بتهامة غلام به علامة، بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة. قال عبد المطلب أبيت اللعن: لقد أبت بخير ما آب به وافد، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه، لسألته من بشارته إياي، ما ازداد به سرورا.

قال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه، أو قد ولد، واسمه محمد، يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه، ولدناه مرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا، يعزبهم أولياؤه، ويذل بهم أعداؤه، ويضرب بهم الناس عن عرض، ويستبيح بهم كرائم أهل الأرض، يكسر الأوثان، ويخمد النيران، يعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.

فقال عبد المطلب: أيها الملك عز جدك، وعلا كعبك، ودام ملكك، وطال عمرك - فهذا نجارى، فهل الملك سار لي بإفصاح، فقد أوضح لي بعض الإيضاح. فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النقب، إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب، فخر عبد المطلب ساجدا فقال: ارفع رأسك، ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك؟

فقال: أيها الملك كان لي ابن، وكنت به معجبا، وعليه رفيقا، فزوجته كريمة من كرائم قومه آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام سميته محمدا، فمات أبوه وأمه، وكفلته أنا وعمه.

قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت، فاحتفظ بابنك، واحذر عليه اليهود، فإنهم له أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك، فإني لست آمن أن تدخل لهم النفاسة، من أن تكون لكم الرياسة، فيطلبون له الغوائل، وينصبون له الحبائل، فهم فاعلون أو أبناؤهم، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه، لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مملكته.

فإني أجد في الكتاب الناطق، والعلم السابق، أن بيثرب استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أني أقيه الآفات، وأحذر عليه العاهات، لأعلنت على حداثة سنه أمره، ولأوطأت أسنان العرب عقبه، ولكني صارف ذلك إليك، عن غير تقصير بمن معك".

ونحن نستذكر هذا الحدث العظيم ونعلم علم اليقين أن اليهود هم أعداء الله ورسوله منذ ولادة هذا النبي العظيم فهم يحيكون الدسائس والغوائل لإطفاء نور الله على هذه البسيطة، ولذلك هم يطغون في القتل والتنكيل بأبناء فلسطين الصامدين، ولكن كما أرسل الله النبوؤات والبشارات التي أنبأت بمقدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإننا نستبشر بنصر الله الذي هو آت لا محالة ببشارة القرآن الكريم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم عبد المطلب

إقرأ أيضاً:

المولد النبوي الشريف: احتفاء بالقيم النبوية

المولد النبوي الشريف، يعتبر المولد النبوي الشريف من أعظم المناسبات التي يحتفل بها المسلمون في شتى أنحاء العالم، فهو يوم ميلاد خاتم الأنبياء والمرسلين، النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 تحل هذه الذكرى في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام، وهي فرصة لاستذكار سيرته العطرة وإحياء القيم النبوية التي تركها لنا إرثًا خالدًا.

أهمية المولد النبوي الشريف

يوم المولد النبوي الشريف ليس مجرد احتفال عابر، بل هو مناسبة عظيمة للتأمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومواقفه التي كان يجسد فيها أسمى معاني الرحمة، العدل، والإنسانية.

المولد النبوي الشريف: احتفاء بالقيم النبوية 

 فقد كان النبي قدوة حسنة في أخلاقه وتعامله مع الناس، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين. 

ولهذا، يُعدّ الاحتفاء بالمولد النبوي تعبيرًا عن حب المسلمين لنبيهم وتأكيدًا على أهمية اتباع سنته.

 الاحتفالات بالمولد النبوي

تتنوع طرق الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من دولة إلى أخرى، إلا أن الهدف المشترك بين الجميع هو إحياء ذكرى ميلاد النبي وإبراز مكانته في قلوب المسلمين. 

تشمل الاحتفالات إقامة مجالس الذكر والصلاة على النبي، تلاوة القرآن، توزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين، وتنظيم ندوات علمية ودينية تسلط الضوء على سيرة النبي وأخلاقه.

كما تشهد المساجد تزيينها بالأنوار والزهور، وتقام فيها الصلوات الجماعية والدروس الدينية التي تتناول حياة النبي صلى الله عليه وسلم. 

ويحرص الكثير من المسلمين على التذكير بالقيم الإنسانية التي دعا إليها الإسلام، مثل التسامح، التراحم، والعدالة الاجتماعية.

أدعية مستحبة في ذكرى المولد النبوي الشريف 2024 استلهام القيم النبوية

المولد النبوي الشريف هو مناسبة عظيمة للوقوف عند قيم النبي محمد صلى الله عليه وسلم والعمل على تجسيدها في حياتنا اليومية.

 فالصدق، الأمانة، التواضع، والصبر هي بعض من القيم التي تمثل ركائز أساسية في أخلاق النبي، والتي نحن بأمس الحاجة إلى تطبيقها في مجتمعاتنا اليوم.

النبي صلى الله عليه وسلم كان مثالًا للتعايش السلمي مع الآخرين، فقد تعامل مع الجميع بالاحترام والتقدير، بغض النظر عن ديانتهم أو مكانتهم الاجتماعية.

 لذا، يُعدّ المولد النبوي فرصة لتجديد الالتزام بهذه القيم النبيلة والعمل على نشرها في المجتمع.

 فضل الصلاة على النبي

من أبرز الأعمال التي يُحث عليها في المولد النبوي الشريف هي كثرة الصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال الله تعالى في كتابه الكريم: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (الأحزاب: 56). 

الصلاة على النبي لها فضل عظيم، فهي سبب في زيادة الحسنات ومحو السيئات، كما أنها تقرب المسلم من الله عز وجل.

ما هو حكم عمرة المولد النبوي؟

 الدعاء في المولد النبوي

في هذه المناسبة المباركة، يحرص المسلمون على الدعاء وطلب الخير لأنفسهم ولأمتهم. 

فالدعاء في هذا اليوم المبارك قد يكون مستجابًا بإذن الله، خاصة إذا كان مقرونًا بالصلاة على النبي وبالأعمال الصالحة.

فالمولد النبوي الشريف هو مناسبة عظيمة لإحياء ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتذكير أنفسنا بالقيم النبيلة التي دعا إليها.

 من خلال الاحتفاء بهذه المناسبة، نعبر عن حبنا وتقديرنا لنبي الرحمة ونستلهم منه الدروس والعبر التي تنير حياتنا.

 

مقالات مشابهة

  • احتفالية المولد النبوي: إحياء لرسالة النبي وتكريم للعلماء
  • السيسي: المولد النبوي فرصة للتأمل في سيرة النبي واستحضار مفاهيم الإسلام
  • نص كلمة وزير الأوقاف في احتفالية المولد النبوي الشريف
  • فضل زيارة مقام النبي عليه السلام وروضته الشريفة
  • ذكرى المولد النبوي الشريف تسطع أنوارها في الولايات
  • المولد النبوي الشريف: احتفاء بالقيم النبوية
  • في ذكرى المولد النبوي.. كيف كان رسول الله أبًا؟
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • في ذكرى مولده.. هل قصة المولد النبوي لها أصل في الدين؟
  • أفضل دعاء يردده المسلم يوم المولد النبوي الشريف.. احرص عليه