لجريدة عمان:
2025-03-01@03:41:30 GMT

المولد النبوي وطوفان الأقصى

تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT

المولد النبوي وطوفان الأقصى

تأتي ذكرى المولد النبوي على صاحبها أفضل الصلاة والسلام هذا العام والأمة الإسلامية والعالم بأجمعه يمر بتحولات كبيرة، على الصعيد السياسي والفكري والديني، وهذه التحولات مؤذنة ببشارات لانبعاث جديد في هذه الأمة، فكما أن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أخرج الناس من الظلمات إلى النور، فإن انتشار الإسلام في أصقاع الأرض بعد معركة طوفان الأقصى ووصول نور الإسلام إلى كل أرجاء المعمورة، والتعرف عليه من خلال الواقع المشرف الذي سطره أبناء غزة وفلسطين، من نماذج غاية في الجمال من حيث الصبر والتعلق بالله عز وجل والرضا بما قدر لهم، ومعاني الشرف والعزة والكرامة التي تستقبل الموت بصدور رحبة وإقدام مشرف، وأن هذه الحياة فانية وهي مجرد معبر إلى الحياة الخالدة يوم القيامة وغيرها من المعاني التي صدمت العالم الغربي في فرادتها، فأخذوا يبحثون عن القرآن الكريم للتعرف على هذه العقيدة الراسخة والمعاني الخلاقة.

بل دفع بعضهم إلى البحث عن الدراسات المقارنة للأديان لمعرفة ما هو موجود في كتبهم المقدسة على الرغم ما فيها من تحريف وتبديل إلا أنهم وجدوا بشارات على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد أن أثبتها العلماء المسلمون في بحوثهم ودراساتهم وكتبهم، فقد كانت البشارات سابقة على الديانتين اليهودية والنصرانية، وهذا ما أثبته القرآن الكريم ففي دعوة إبراهيم عليه السلام وهو يرفع قواعد الكعبة مع ابنه إسماعيل دعا ربه أن يبعث في أهل مكة رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة، فقال ربنا تبارك وتعالى في سورة البقرة: "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" ولذلك عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه قال: "أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى". وقد اختاره الله أن يكون من ذرية إسماعيل عليه السلام.

ولو تتبعانا القصص التي أوردتها كتب السير لوجدنا أنها تثبت أن الأحبار والرهبان كانوا يعلمون بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم وزمانه ومكان بعثته، فكما يذكر كتاب الرحيق المختوم هذه الرواية أنه: "لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ارتحل به أبو طالب تاجرًا إلى الشام، حتى وصل إلى بُصْرَى وهي معدودة من الشام، وقَصَبَة لحُورَان، وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان‏ وكان في هذا البلد راهب عرف بَبحِيرَى، واسمه فيما يقال‏:‏ جرجيس، فلما نزل الركب خرج إليهم، وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك، فجعل يتخلّلهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال‏:‏ هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين‏.‏ فقال له ‏أبو طالب وأشياخ قريش‏:‏ ‏‏و‏ ما علمك ‏بذلك‏‏‏؟‏ فقال‏:‏ إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خرَّ ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل: التفاحة، ‏وإنا نجده في كتبنا‏، ثم أكرمهم بالضيافة، وسأل أبا طالب أن يرده، ولا يقدم به إلى الشام، خوفًا عليه من الروم واليهود، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة"‏.

وولنا في قصة سلمان الفارسي وتنقله بين بلدان الشام والعراق حتى وصوله إلى المدينة المنورة باحثا عن الحقيقة ووحدانية الله حتى أخبره الرهبان أن هذا الزمان هو زمان نبي يبعث في مكة وأعطوه علامات استدل بها على صدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن الروايات الواردة في كتب السير قصة عبدالمطلب مع الملك سيف بن ذي يزن الحميري الذي تغلب على الأحباش واستقر له ملكه في اليمن، وأتته وفود العرب مهنئة على هذه النصر، ومن ضمن الوفود كان وفد قريش بزعامة عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سيف بن ذي يزن يدين بالديانة اليهودية، وبعد أن أعجب ببيان ومنطق عبدالمطلب أخبره كما ذكر ذلك كتاب سيرة ابن هشام حيث دار هذا الحوار بين عبدالمطلب وسيف ابن ذي يزن، حيث قال الملك الحميري: "إني أجد في الكتاب المكنون، والعلم المخزون، الذي اخترناه لأنفسنا، واحتجناه دون غيرنا، خبرا عظيما، وخطرا جسيما، فيه شرف الحياة، وفضيلة الوفاة للناس عامة، ولرهطك كافة، ولك خاصة.

فقال عبد المطلب: أيها الملك مثلك سر وبر، فما هو فداؤك أهل الوبر زمرا بعد زمر؟ قال: إذا ولد بتهامة غلام به علامة، بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة. قال عبد المطلب أبيت اللعن: لقد أبت بخير ما آب به وافد، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه، لسألته من بشارته إياي، ما ازداد به سرورا.

قال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه، أو قد ولد، واسمه محمد، يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه، ولدناه مرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا، يعزبهم أولياؤه، ويذل بهم أعداؤه، ويضرب بهم الناس عن عرض، ويستبيح بهم كرائم أهل الأرض، يكسر الأوثان، ويخمد النيران، يعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.

فقال عبد المطلب: أيها الملك عز جدك، وعلا كعبك، ودام ملكك، وطال عمرك - فهذا نجارى، فهل الملك سار لي بإفصاح، فقد أوضح لي بعض الإيضاح. فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النقب، إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب، فخر عبد المطلب ساجدا فقال: ارفع رأسك، ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك؟

فقال: أيها الملك كان لي ابن، وكنت به معجبا، وعليه رفيقا، فزوجته كريمة من كرائم قومه آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام سميته محمدا، فمات أبوه وأمه، وكفلته أنا وعمه.

قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت، فاحتفظ بابنك، واحذر عليه اليهود، فإنهم له أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك، فإني لست آمن أن تدخل لهم النفاسة، من أن تكون لكم الرياسة، فيطلبون له الغوائل، وينصبون له الحبائل، فهم فاعلون أو أبناؤهم، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه، لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مملكته.

فإني أجد في الكتاب الناطق، والعلم السابق، أن بيثرب استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أني أقيه الآفات، وأحذر عليه العاهات، لأعلنت على حداثة سنه أمره، ولأوطأت أسنان العرب عقبه، ولكني صارف ذلك إليك، عن غير تقصير بمن معك".

ونحن نستذكر هذا الحدث العظيم ونعلم علم اليقين أن اليهود هم أعداء الله ورسوله منذ ولادة هذا النبي العظيم فهم يحيكون الدسائس والغوائل لإطفاء نور الله على هذه البسيطة، ولذلك هم يطغون في القتل والتنكيل بأبناء فلسطين الصامدين، ولكن كما أرسل الله النبوؤات والبشارات التي أنبأت بمقدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإننا نستبشر بنصر الله الذي هو آت لا محالة ببشارة القرآن الكريم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم عبد المطلب

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد النبوي: شهر رمضان أفضل الأوقات وأعظم مواسم الطاعات

أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي ،الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان، المسلمين بتقوى الله تعالى في ما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، مستشهدًا بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

موسم عتق.. خطيب المسجد النبوي: رمضان ميدان سباق وروضة إيمان لهؤلاءلاحت بشائر رمضان.. خطيب المسجد النبوي: تاج الشهور ومعين الطاعات فاغتنموه

وقال خطيب المسجد النبوي، في خطبة الجمعة اليوم، إن من نعم الله وفضله، ومنحه وعطائه، أن شرع لعباده مواسم للخير والطاعات، وضاعف لهم فيها الثواب والأجر على العبادات، وحثهم على اغتنام الفرص وإعمار الأوقات، والتعرض للنفحات، والمسارعة إلى الطاعات، فاستبقوا الخيرات، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها الأرض والسماوات، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا» رواه الطبراني.

وأضاف: قد أقبل عليكم شهر رمضان، أفضل الأوقات، وأعظم مواسم الطاعات، شهر عبادة وتوبة واستغفار، شهر طاعة وإنابة وانكسار، شهر عزوف عن الدنيا، وإقبال على الآخرة، شهر عزوف عن الشهوات والملذات، وإقبال على العبادة والطاعات، فجددوا العهد مع الله، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.
ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين إلى استقبال شهر رمضان المبارك بما يستحقه من التعظيم والتوقير، استقبال الفرحين بفضل الله ونعمته، الراجين لمغفرته ورحمته، لا استقبال العابثين المستهترين المستهزئين بحرمته، مشيرًا إلى أن استقباله يكون بالتوبة، والطاعة، والدعاء، والقرآن، والجود، والرحمة.

وبيّن، أن شهر رمضان فيه تحطّ الرحال، وتعلق الآمال، داعيًا إلى الاجتهاد في الأعمال الصالحة، وتجديد العهد مع الله تعالى، ومحاسبة العبد نفسه، مستشهدًا بقولة تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

وتابع قائلًا: إن الشيطان عدو لكم فاتخذوه عدوًا، وإنه ليبذل وسعه في مواسم الخير وفضائل الأوقات ليضل الناس عن الهدى، ويحول بينهم وبين نفحات الرحمة والمغفرة، ويصدهم عن طاعة ربهم، ويفوت عليهم الخير الكثير، فالكيس من دان نفسه وحاسبها، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

وأكّد الشيخ البعيجان أن رمضان شهر طاعة وعبادة، شهر توبة وإنابة، يتطلب استقباله تنظيم الوقت، وتهيئة النفس، والاستعداد، والإخلاص والعزم والجهاد، مبينًا أن أهم ما يستعان به على استقبال رمضان، التوبة من الزلات، والاستغفار من الذنوب، والتخلص من الحقوق والتبعات، والابتعاد عن الشبه والشهوات، داعيًا إلى حسن الظن بالله، فإنه تعالى كريم منّان، واسع الفضل والإحسان، ذو الجود والفضل والامتنان.

وختم الخطبة محذرًا من الغفلة فإنها داء عضال، ومقت ووبال، مبينًا أنها تقطع الصلة بين العبد وربه، فلا يشعر بإثمه، ولا يقلع عن وزره، ولا يتوب من ذنبه، تمر به مواسم الخير وفضائل الأوقات وهو في سبات الغفلة، يبصر فلا يعتبر، ويوعظ فلا ينزجر، مستشهدًا بقولة تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين).

مقالات مشابهة

  • كيف نجعل من رمضان موسمًا للسعادة الأسرية؟
  • كيف نستقبل شهر رمضان المُبارك؟
  • بالفيديو.. كيف كان يستقبل سيدنا النبي شهر رمضان؟.. أمين مجمع البحوث الاسلامية يجيب
  • دعاء رؤية هلال شهر رمضان.. 16 كلمة رددها النبي تقضي الحوائج وتفتح أبواب الخيرات
  • خطيب المسجد النبوي: شهر رمضان أفضل الأوقات وأعظم مواسم الطاعات
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي
  • دعاء هلال رمضان 2025.. كلمات كان يرددها النبي في هذا الوقت
  • تأملات قرآنية
  • أفضل دعاء في آخر شعبان.. النبي أوصى بـ8 كلمات تجمع لك الأرزاق
  • فضل شهر رمضان المبارك