جثث متناثرة بالصحراء.. تحقيق يكشف هويات قتلى فاغنر بمالي
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
كشف تحقيق لرويترز أن "مرتزقة" فاغنر الذين لقوا حتفهم في معارك بصحراء مالي، بينهم أفراد من قدامى المحاربين الروس الذين نجوا من جولات قتالية في أوكرانيا وليبيا وسوريا.
وحسب تحقيق رويترز، فإن فقدان هؤلاء المقاتلين ذوي الخبرة يكشف حجم المخاطر التي تواجهها فاغنر التي تعمل لصالح المجالس العسكرية في منطقة دول الساحل الأفريقية.
ونقلت رويترز أنها تمكنت من التعرف على 23 مقاتلا فقدوا أثناء القتال واثنين آخرين تم أسرهما من الطوارق بعد كمين بالقرب من تنزاواتن، وهي بلدة على الحدود الجزائرية.
وانتشرت لقطات "مروعة" للمقاتلين القتلى على الإنترنت، وقال بعض الأقارب لرويترز إن جثث أزواجهم وأبنائهم تركت في الصحراء.
وقالت مارغريتا جونشاروفا إن ابنها فاديم إيفسيوكوف (31 عاما) تم تجنيده لأول مرة في السجن حيث كان يقضي عقوبة تتعلق بالمخدرات في عام 2022.
وأوضحت أنه تدرج في الرتب في أوكرانيا ليقود فصيلا مكونا من 500 مقاتل، وبعد عودته كان يعمل خياطا لكنه كان يعاني من الذنب وسافر سرا إلى أفريقيا في أبريل/نيسان الماضي للانضمام إلى قائده السابق.
وأضافت "كان يريد السفر إلى أفريقيا عدة مرات. وحاولت إثناءه قدر المستطاع. قلت له: لقد أعطاك القدر فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في المليون. يمكنك أن تبدأ حياتك من جديد، لقد فزت باليانصيب المجنون".
وقال متمردو الطوارق -الذين يقاتلون من أجل الانفصال عن مالي- إنهم قتلوا 84 روسيا و47 ماليا. ولم تتمكن رويترز من تحديد عدد القتلى في المعركة بشكل مستقل.
وقالت الحكومة التي يقودها الجيش في مالي إن الهزيمة ليس لها تأثير على أهدافها. وشدد المتحدث باسم الجيش الكولونيل سليمان ديمبيلي إن القوات المسلحة المالية "ملتزمة باستعادة سلطة الدولة في جميع أنحاء البلاد".
واعترفت فاغنر بخسائر فادحة في الكمين الذي تعرضت له في مالي لكنها لم تذكر رقما. ولم يذكر الجيش المالي، الذي قاتل إلى جانب الروس أي خسائر.
وأظهر مقطع فيديو أرسله متحدث باسم متمردي الطوارق إلى رويترز ما لا يقل عن 47 جثة -معظمها لرجال بيض يرتدون زيا عسكريا- ملقاة في الصحراء. وتحققت رويترز من موقع وتاريخ الفيديو.
وعلى منصة ريتيوب، قال ميخائيل زفينشوك -وهو مدون بارز مقرب من وزارة الدفاع الروسية- إن الهزيمة أظهرت أن مقاتلي فاغنر الذين وصلوا من أوكرانيا قلّلوا من قوة المتمردين الطوارق ومقاتلي تنظيم القاعدة.
وذكرت حسابات تليغرام مرتبطة بفاغنر أن اثنين من القتلى هما نيكيتا فيدياكين، مدير The Gray Zone، وهي قناة شهيرة على تليغرام تركز على فاغنر ولديها أكثر من نصف مليون مشترك، وسيرغي شيفتشينكو، الذي وصفته الحسابات بأنه قائد الوحدة.
وحددت رويترز بشكل منفصل 23 من مقاتلي فاغنر المفقودين في مالي عبر أقاربهم الذين نشروا في مجموعة دردشة رسمية تابعة لفاغنر على تليغرام، وفحصوا الأسماء في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي والبيانات المتاحة للجمهور وبرامج التعرف على الوجه.
الإبلاغ بالفقدوقالوا في مجموعة الدردشة إن جميع الأقارب تلقوا مكالمات من مسؤولي التجنيد في فاغنر في 6 أغسطس/آب الماضي لإبلاغهم بفقدان رجالهم أثناء القتال.
وقالت ليوبوف بازينوفا إن ابنها فلاديمير أكيموف (25 عاما) خدم لفترة وجيزة في قوات النخبة الروسية المحمولة جوا كمجند، وإنها لم تكن لديها فكرة عن انضمامه إلى الخدمة (في فاغنر).
وكانت غاضبة من فاغنر لعدم الكشف عن أي معلومات أخرى حول مصيره أو مكان وجود جثته. وقالت إن الرسائل الموجهة إلى مكتب المدعي العام ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية لم يتم الرد عليها.
وتم استخدام برنامج التعرف على الوجه للتعرف على رجلين آخرين أسرهما مقاتلو الطوارق، بناءً على صور ومقاطع فيديو لموقع الكمين نشرتها مصادر من الطوارق.
وقالت ليودميلا كوزكمايفا إن زوجها أليكسي كوزكمايف (47 عاما) أحد المفقودين، وأوضحت أنه ليست لديه خبرة عسكرية. وأضافت "لم تساعدني نوبات الهستيريا ولا الدموع ولا الإقناع. لم يساعدني شيء. لقد واجهني قبل شهر من مغادرته المنزل. وقال: اشتريت تذكرة وسوف أغادر".
أما ألكسندر لازاريف (48 عامًا) فهو من أكثر المقاتلين خبرة، وهو من قدامى المحاربين في الجيش الروسي وخدم في حروب الشيشان، بحسب منشورات زوجته في قناة فاغنر.
يظهر لازاريف في العديد من الصور على موقع فيسبوك الروسي وهو يرتدي الزي العسكري، مع رموز مرتبطة بالعديد من أقسام الجيش.
حسابات خاطئةولا تنشر فاغنر أرقاما عن عدد عناصرها في أفريقيا، لكن المحلل في المعهد البولندي للشؤون الدولية يدريزيج تشيريب يقول إن "حوالي 6 آلاف مرتزق روسي يخدمون في أفريقيا"، بينما قالت 3 مصادر دبلوماسية إن حوالي 1500 إلى 2000 من فاغنر يتواجدون في مالي.
وقال تشيريب "عندما بدأ الفيلق الأفريقي في الترويج والتجنيد، غمرته الطلبات". وأضاف: "كان يُنظر إلى الذهاب إلى إحدى البعثات الأفريقية على أنها أكثر أمانًا من أوكرانيا".
وقال محمد المولد رمضان المتحدث باسم الطوارق إن تحالف المتمردين في شمال مالي يستعد لمزيد من الاشتباكات.
وتوقع تيبور ناجي -وهو مبعوث أميركي سابق إلى أفريقيا- إن المزيد من الخسائر قد يؤدي في النهاية إلى خروج روسيا من القارة، مذكرا بأن مجموعة فاغنر خرجت من شمال موزمبيق بعد أشهر من مقتل حوالي عشرة من رجالها خلال صراع مع إحدى الجماعات التابعة لتنظيم الدولة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی مالی
إقرأ أيضاً:
صعود الإمبراطورية الروسية في أفريقيا
لفت مقال بموقع ناشونال إنترست إلى أن القارة الأفريقية أصبحت محطة مركزية في إستراتيجية روسيا العالمية، إذ استغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انشغال الولايات المتحدة بالصراع في أوكرانيا ووسّع نفوذ بلاده في أفريقيا عبر بناء قواعد عسكرية وتوقيع اتفاقيات دفاعية وتغيير موازين القوى من البحر الأحمر إلى غرب أفريقيا.
وأوضحت كاتبة المقال زينب ربوع أن انسحاب واشنطن من النيجر، إلى جانب طرد فرنسا من دول مثل السنغال ومالي وبوركينا فاسو، شكّل تراجعا واضحا للحضور الغربي في منطقة الساحل، مما سمح لروسيا بملء هذا الفراغ بسرعة عبر التعاون الأمني.
محور عدائي جديدوأضافت ربوع وهي مديرة برنامج بمركز السلام والأمن في الشرق الأوسط في معهد هدسون مختصة في التدخل الصيني والروسي في الشرق الأوسط ومنطقة الساحل وشمال أفريقيا، أن موسكو لم تكتف بالتمدد السياسي، بل أصبحت المورد الأول للسلاح في أفريقيا، وتُشكّل صادراتها 40% من واردات السلاح في القارة.
وحذرت الكاتبة من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إذا لم تتصرف لاستدراك التوسع الروسي، فإن الكرملين سيحافظ على قاعدة إستراتيجية أخرى في الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ويزيد الأمرَ خطورة -حسب ربوع- أن روسيا تعمل على التنسيق مع الصين وإيران لتشكل محورا عدائيا عازما على تحدي الهيمنة الغربية برا وبحرا وجوا.
إعلان إستراتيجية أمنيةوأوضحت ربوع أن هذا التوسع الروسي جزء من إستراتيجية بوتين للحرب "غير المتكافئة"، وتقوم هذه الإستراتيجية على تسليح الأنظمة العسكرية ودعم الانقلابات واستثمار الفوضى لتعزيز النفوذ الروسي في القارة.
وكشفت ربوع عن خطط روسية لنشر قوة قوامها 5 آلاف جندي في منطقة الساحل، لتعزيز النفوذ الروسي وتقويض الهياكل الأمنية المدعومة من الغرب.
وأكدت أن النفوذ الروسي المتزايد في دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي شكلت تحالفا جديدا يُعرف باسم "تحالف دول الساحل" يعكس هذه الديناميكية.
فمنذ عام 2020 وحتى 2023، شهدت هذه الدول انقلابات مدعومة من موسكو، تخلت بعدها عن علاقاتها العسكرية والدبلوماسية مع الغرب، وبدأت بالتنسيق الأمني تحت إشراف روسيا.
فاغنر أداة عسكريةوأشارت الكاتبة إلى أن روسيا تستخدم مجموعة "فاغنر" كأداة إستراتيجية، تتجاوز كونها مليشيا مسلحة، بل تمثل وسيلة لإعادة تشكيل منظومة الأمن في القارة. وتلعب "فاغنر" دورا محوريا في دعم الأنظمة وتوفير الحماية مقابل الولاء لموسكو.
ووفق المقال فإن أكبر مثال على دور فاغنر ظهر جليا في غينيا الاستوائية، حيث أُرسلت قوات روسية لحماية نظام الرئيس أوبيانغ مباسوغو، مقابل النفوذ في منطقة حيوية وغنية بالنفط.
وخلص المقال إلى أن تجاهل الغرب لهذه التحركات قد يؤدي إلى إعادة تشكيل ميزان القوى العالمي لصالح محور موسكو-بكين-طهران.